تظهر آثار تغيُّر المناخ بوضوح متزايد في كل قارة. وسوف يشكل انخفاض الإنتاجية الزراعية في المستقبل عاملاً رئيسياً في قرارات السكان بالهجرة داخل بلدانهم، وذلك بحسب ما ورد في تقرير Groundswell الجديد الصادر عن البنك الدولي، والذي يقدّر أن 216 مليون نسمة في ست مناطق في العالم يمكن أن يصبحوا مهاجرين داخل بلدانهم بسبب تغيُّر المناخ بحلول عام 2050.
وتمثل الزراعة والغابات واستخدام الأراضي نحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة التي تؤدي إلى تغيُّر المناخ، إذ تأتي أكبر الانبعاثات الزراعية من تحويل الأراضي، مثل إزالة الغابات لتحويل أراضيها إلى مزارع، وانبعاثات غاز الميثان من إنتاج الثروة الحيوانية والأرز، وانبعاثات أوكسيد النيتروز من استخدام الأسمدة الصناعية.
كما تُعدّ الزراعة أكبر نشاط مستهلك للأراضي والمياه، بالإضافة إلى ما لها من تأثيرات على الغابات والأراضي العشبية والأراضي الرطبة والتنوُّع البيولوجي. وينجم عن الأنظمة الغذائية وأنظمة استخدام الأراضي تكاليف بيئية وصحية، بالإضافة إلى أعباء الفقر، تُقدَّر تقريباً بنحو 12 تريليون دولار سنوياً.
وتُعدّ الزراعة وإنتاج الغذاء مصادر رئيسية لتوفير الوظائف وسبل كسب الرزق لأعداد كبيرة من السكان حول العالم، ومع ذلك نجد أن هناك 3 بلايين شخص غير قادرين على تحمُّل تكاليف أنظمة الحمية الغذائية الصحية، وذلك وفقاً للتقديرات الأخيرة. ويسهم كل من المدخول المنخفض والأسعار المرتفعة والنظام الذي يفضّل المواد الغذائية الأساسية كالقمح والأرز والذرة على حساب الفواكه والخضروات في إبقاء الأطعمة الطازجة والغنية بالمغذيات بعيداً عن متناول الكثيرين.
وغالباً ما تؤدي السياسات الزراعية الحالية والدعم الحكومي إلى تفاقم المشكلة. فعندما تفضل الحكومات تقديم الإعانات للمستلزمات الزراعية أو دعم الأسعار على الاستثمار في البحوث الزراعية أو الخدمات البيئية، يمكن أن تكون النتائج سلبية، ومنها: الاستخدام الزائد للأسمدة، أو الإفراط في ضخ المياه الجوفية باستخدام كهرباء رخيصة أو مجانية، أو الاستخدام غير الكفوء للمياه ذات الأسعار المتدنية، أو الأنظمة الزراعية التي تركّز على محصول واحد. (عن "الشروق" المصرية)