افتتح المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) بنكاً جديداً للجينات الزراعية في بلدة تربل في منطقة البقاع اللبنانية، يحوي ثروة من الموارد الوراثية النباتية لأهم المحاصيل الغذائية والأعلاف في الأراضي الجافة في العالم.
البنك الجديد هو واحد من بنكين استحدثا في لبنان والمغرب، بعد سحب كميات من البذور المخزنة في قبو سفالبارد العالمي للبذور في النروج، الذي يحفظ 80 في المئة من "نسخة الأمان" التابعة للمورثات الزراعية الموجودة في المقر الرئيسي للمركز في حلب، في مقابل 20 في المئة نقلت إلى لبنان والمغرب. وقد تم إيداع المورثات البرية في بنك الجينات التابع للجامعة الأميركية في البقاع، ريثما تنتهي التجهيزات المطلوبة في البنك المُنشأ في تربل.
وأشار مدير عام "إيكاردا" الدكتور محمود الصلح إلى أن البنك الجديد "يوفر مجموعات من الموارد الوراثية يمكن لجميع البلدان وبرامج الاستيلاد العالمية استخدامها لتطوير محاصيل جديدة تحسّن الإنتاجية وتساعد المزارعين الفقراء في الكفاح لمواجهة انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ".
وتحفظ البنوك الوراثية التابعة لإيكاردا مجموعات نشطة من المواد الوراثية لنحو 154 ألف نوع من المحاصيل. ويتم استنساخها في البنوك الوراثية الشريكة التابعة لمراكز البحوث الدولية، وتحديداً المجموعة الاستشارية حول البحوث الزراعية العالمية (CGIAR) والمركز الدولي لتحسين الذرة والقمح (CIMMYT) والمعهد الدولي لبحوث المحاصيل في المناطق المدارية شبه القاحلة (ICRISAT)، وفي البنوك الوراثية السويسرية والهندية، مع إرسال نسخة أيضاً إلى قبو البذور العالمي في سفالبارد. ومازال العمل جارياً في البنك الوراثي الرئيسي التابع لإيكاردا قرب مدينة حلب، ولكن يتعذر الوصول إليه حالياً.
ويحوي مرفق تربل الجديد مجموعة فريدة من الموارد الوراثية للمحاصيل، مثل بذور المراعي والأعلاف والفول، وفيه كنز من الأقارب البرية لمحاصيل منطقة الهلال الخصيب، وأكبر مجموعة من الحبوب البرية في العالم مثل الشعير والقمح والعدس. وهي مهمة بشكل خاص للأمن الغذائي في البلدان الفقيرة بالموارد وفي الأراضي الهامشية.
البنوك الوراثية التابعة لـ "إيكاردا" رائدة في جمع أنواع المحاصيل العالمية. ومن أصل 2.5 مليون عينة محفوظة في 447 بنكاً وراثياً للمحاصيل الرئيسية في العالم، تأتي "إيكاردا" في المرتبة الأولى أو الثانية من حيث عدد الموارد الوراثية التي تقدمها لمحاصيل أساسية مثل الشعير والحمص والفول والعدس، وفي المرتبة الثالثة بموارد القمح.
هذه الأصول هي الركيزة الأساسية لتحسين الأصناف الغذائية المتوارثة، ولخلق أصناف جديدة مقاومة للجفاف والملوحة والأمراض.
والبنوك الوراثية مهمة جداً للبلدان الغارقة في النزاعات والمتأثرة بالتغيرات المناخية. يقول الصلح: "عندما فقدت أفغانستان بنك الجينات التابع لها، وفرت لها ايكاردا 1400 مُخرج. وكذلك وفرت نحو 2000 عينة لإعادة زرعها في العراق الذي فقد بنك جيناته بسبب الأحداث. وتحتفظ إيكاردا بصناديق سوداء لا يمكن مسها تتضمن المورثات الجينية لهذه البلدان، وقد نقلت من حلب بدقة". ويؤكد الصلح أن نجاح المهمة عموماً يرتبط بحسن تأمين التمويل والدعم اللازمين، واللذين توافرا عبر المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية العالمية.