يعكف علماء رياضيات فرنسيون على تسخير نظرياتهم لاستخلاص توصيات تنظم حركة المرور وتخفف من الازدحام الخانق الذي يضرب عددا من الطرق السريعة في البلاد. وباتت نظريات مثل ديناميات الاجسام المائعة، والمعادلات التفاضلية الجزئية، ونظرية الالعاب او تضارب المصالح، منطلقاً للبحث عن حلول تجنب السكان ساعات من التأخير بسبب الازدحام، وتزيح عبئا عن كاهل الاقتصاد الفرنسي.
فقد بلغت تكاليف الازدحام المروري على الاقتصاد الفرنسي 17 بليون يورو عام 2013، ويتوقع ان يرتفع هذا الرقم الى 22 بليوناً بحلول العام 2030. بإزاء ذلك، كلف الاتحاد الاوروبي عالمة الرياضيات باولا غواتين للبحث في طرق حل هذه الازمة.
تقول غواتين التي تعمل في المعهد الوطني للابحاث المعلوماتية: "انا ادرس المعادلات التي تفسر كيف ينتشر الغاز او السائل في قنوات متشابكة". وتضيف "من جهة نظر الرياضيات لا يوجد فرق كبير بين سيارات تنتشر في شبكة طرق، وبين جزيئات غاز او سائل تنتشر في انابيب"، ما عدا ان قوانين الفيزياء وحدها هي التي تحكم حركة السائل او الغاز، اما السلوك البشري فلا يمكن توقعه بدقة.
لذلك يركز الباحثون على ثلاثة او اربعة عوامل ثابتة، منها السرعة المحددة على الطرقات، وسرعة تمدد الازدحام المروري في نقطة معينة، والعدد الاقصى للسيارات التي يمكن استيعابها. بعد ذلك يوضع نموذج يتوقع السلوك العام لسائقي السيارات، وبالتالي الوقت الذي يتطلبه الانتقال من مكان الى آخر بالسيارة.
ومن العوامل التي يمكن تغييرها لمعالجة ازمات المرور السرعة وعدد الاشارات المرورية التي تتيح التحكم بتدفق السيارات الى طريق ما.
وتشير غواتين الى ان شق المزيد من الطرق لا يشكل حلا بالضرورة، ففي نهاية الستينات ادى توسيع شبكة الطرقات في شتوتغارت بألمانيا الى نتيجة معاكسة وخنق حركة المرور فيها. وتخلص إلى القول ان "البحوث التي نقوم بها توصي بحسن استغلال الطرقات الموجودة اصلا بدلا من الشروع في شق طرق جديدة، لكن يجب ايضا الاعتماد على عوامل اخرى، منها النقل العام، بحيث لا تكون السيارات الخاصة هي الخيار الاول للسكان".