تخطط الجزائر لاستثمار 70 بليون دولار لاستخراج الغاز الصخري من أجل زيادة مداخيلها من المحروقات، لكنها تواجه احتجاجات غير مسبوقة من سكان الصحراء في جنوب البلاد حيث توجد آبار النفط والغاز.
ومنذ اعلان وزير الطاقة يوسف يوسفي في 27 كانون الأول 2014 أن الجزائر نجحت في حفر أول بئر تجريبية للغاز الصخري، اندلعت في عين صالح وتمنراست (2000 كلم جنوب الجزائر)احتجاجات للسكان تعترض على ذلك في هذه المناطق الصحراوية حيث غالبية احتياطات هذه المحروقات غير التقليدية.
وامتدت الاحتجاجات الى مناطق أخرى مثل ورقلة والأغواط وأدرار وكلها صحراوية تنتشر فيها آبار النفط والغاز، ولم يسبق لها أن أثارت احتجاجات بالنسبة للسكان.
وعلقت صحيفة "ليبرتي" على ذلك: " ان وعي المواطنين فاجأ الراي العام كما الحكومة التي لا تعرف كيف تهدئهم من دون التراجع عن مشروعها".
وبعد اسابيع من الصمت وعدم الاكتراث لمطالب المحتجين الرافضين للغاز الصخري، خرج المدير التنفيذي لشركة النفط والغاز "سوناطراك" سعيد سحنون عن صمته الأحد معلناً استثمار "70 بليون دولار خلال العشرين سنة المقبلة لانتاج 20 مليار متر مكعب من الغاز الصخري سنويا". وأكد سحنون ان ذلك سيسمح بتوفير 50 ألف فرصة عمل، كما صرح للاذاعة الجزائرية.
وتسعى الجزائر الى مضاعفة انتاجها من الغاز خلال السنوات العشر المقبلة والمقدر حالياً بحوالى 80 بليون متر مكعب سنويا كما اعلنت الشركة. كما أنها تنتج 1.13 مليون برميل من النفط يومياً، بحسب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).
ومساء الأحد، عاد سحنون للحديث في نشرة الأخبار الرئيسية في التلفزيون الحكومي لكن بنبرة أقل حدة بعد اندلاع تظاهرات جديدة في تمنراست. وقال:"لن نقوم بأي عمل ولن نستغل هذا المورد قبل أن نتأكد من توفير كل الظروف لحماية البيئة وخصوصاً الناس". كما أعلن عن خطة للتواصل مع المواطنين لشرح كل ما يتعلق بهذه القضية، مشيراً الى أنه "يتفهم مخاوف المواطنين في منطقة عين صالح" من تلوث المياه الجوفية في هذه المنطقة الصحراوية.
وبحسب سحنون، فان البئر التجريبية في عين صالح "بدأت تنتج غازاً نظيفاً وأن الفضلات يتم التحكم فيها بشكل فوري" لان "سوناطراك شركة مواطنة تهمها حماية البيئة".
وحاول العديد من الوزراء الدفاع عن موقف الحكومة باستغلال الغاز الصخري وطمانة المواطنين، بينهم وزيرة البيئة دليلة بوجمعة التي أكدت أنه "لا توجد دولة في العالم تريد الضرر لمواطنيها". وأضافت: "لقد اشترطنا توفير التكنولوجيا اللازمة لاستخراج الغاز (دون أضرار) وأعتقد أنه عندما نصل الى هذه المرحلة ستكون التكنولوجيا جاهزة".
واتهمت الحكومة شخصيات في المعارضة بـ"إشعال نار الفتنة" واستغلال قضية الغاز الصخري في بلد يعتمد بشكل شبه كلي على تصدير المحروقات ويوفر وقودا ومحروقات لمواطنيه بأسعار مدعومة.
وبالنسبة لرئيس الحكومة الأسبق وأحد وجوه المعارضة أحمد بن بيتور، فإن "الغاز الصخري ليس سوى الشرارة التي ستشعل نار المطالب السياسية".
أما أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر الثانية توفيق قطوش فقال إن "سكان الجنوب أصبحوا أكثر وعياً بمسائل البيئة بفضل انتشار الجامعيين ووسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي". وأضاف أن "السلطات وسوناطراك تأخرت كثيراً في التجاوب مع مطالب المحتجين وفضلت استعمال القوة. وقد فشلت في ذلك".
والجزائر في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث احتياطات الغاز الصخري القابل للاستخراج، وفقاً للوكالة الأميركية للطاقة. وقدر المدير التنفيذي لسوناطراك هذه الاحتياطيات ب20 ألف بليون متر مكعب من الغاز الصخري.