للأزمة السورية أثرها على القطاعات الاقتصادية والبنى التحتية كافة في لبنان. وقد بدا أثرها واضحاً على البيئة، وفقاً لما بيّنته النتائج الأولية للتقييم الذي أعدته وزارة البيئة من خلال برنامج "دعم الاصلاحات والحوكمة البيئية" المموّل من الاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وسوف تنشر الدراسة الكاملة في نهاية آب (أغسطس).
تشير النتائج الأولية إلى أن كمية النفايات الصلبة التي ينتجها النازحون السوريون سوف تصل إلى نحو 324 ألف طن سنوياً في أواخر 2014، ما يوازي 15,7 في المئة من النفايات التي كان ينتجها اللبنانيون قبل بداية النزوح. وتسجل النسب الأعلى من هذه الكميات في المناطق التي تستضيف أعداداً مرتفعة من النازحين، ما يؤدي إلى ازدياد الضغط على معامل معالجة النفايات والمطامر الصحية وتوسع المكبات العشوائية. يترتب عن ذلك أعباء مالية إضافية، بحيث أشارت أرقام وزارة المال إلى أن إنفاق البلديات على إدارة النفايات الصلبة ارتفع بنسبة 11 في المئة بين العامين 2011 و2012، وبنسبة 40 في المئة بين العامين 2012 و2013.
وينعكس التلوث الناتج من تزايد كميات النفايات الصلبة على المياه السطحية والجوفية. كما يؤثر توسّع المكبات العشوائية في تلوث التربة وتدهورها، بالإضافة إلى تلوث الهواء من جراء حرق النفايات في هذه المكبات.
وتلفت الدراسة إلى أن معدّل استهلاك المياه للاجىء السوري يراوح بين 64 ليتراً و104 ليترات يومياً، ما يزيد الطلب على المياه بنسبة 8 إلى 12 في المئة على المستوى الوطني، ما من شأنه تسريع وتيرة النقص في المياه الذي يشهده لبنان هذه السنة خصوصاً. وهذا الازدياد في الطلب دفع بمؤسسات المياه الى حفر آبار جديدة، ما يساهم في ارتفاع الكلفة التشغيلية للمؤسسات. فعلى سبيل المثال، وبحسب مؤسسة مياه البقاع، تقدر زيادة الفاتورة السنوية لاستهلاك الكهرباء على مستوى المؤسسة بنحو بليون ليرة (670 ألف دولار) في السنة.
وبالنسبة الى المياه المبتذلة، تلفت الدراسة الى أن الكمية الناتجة من النازحين السوريين ستصل إلى 34-56 مليون متر مكعب مع نهاية 2014، بما يوازي ارتفاعاً في الكمية المنتجة على المستوى الوطني تراوح بين 8 و14 في المئة.
ويؤدي ازدياد كمية المياه المبتذلة إلى طفح شبكات الصرف الصحي وانسدادها، مما يتسبب في ارتفاع كلفة تشغيل هذه الشبكات وصيانتها، وذلك بنسبة وصلت إلى 40 و50 في المئة في العامين الماضيين.
وتساهم الأزمة السورية في زيادة تلوث الهواء من خلال الانبعاثات الصادرة عن قطاعات النقل والطاقة والتدفئة والنفايات الصلبة. فعلى سبيل المثال، يتبيّن من النتائج الأولية للدراسة زيادة 20 في المئة في انبعاثات ملوثات الهواء على المستوى الوطني، من جراء الارتفاع الكبير في حركة مرور السيارات في المدن الرئيسية وفي منطقة بيروت الكبرى.
وتلفت الدراسة إلى ازدياد انبعاثات أوكسيد النيتروجين بنسبة نحو 10 في المئة من جراء لجوء عدد كبير من النازحين إلى المولدات الكهربائية لتأمين حاجاتهم. أما الزيادة في انبعاثات أوكسيد النيتروجين من جميع القطاعات المذكورة فتصل إلى نحو 20 في المئة. ومن المتوقع أن يشهد عدد من المدن، كبيروت وزحلة وبعلبك وطرابلس وصيدا، تدهوراً في نوعية الهواء ما سيؤثر في الصحة خصوصاً لدى المسنين والأطفال وذوي الحالات المرضية الصدرية.
وبحسب إحصاءات المفوضية العليا للاجئين (31 أيار/ مايو 2014)، يعيش نحو 15 في المئة من النازحين في مخيمات غير رسمية لها أثر سلبي مهم على استخدام الأراضي والمناظر الطبيعية، بسبب توسع المخيّمات أفقياً على عكس التجمعات المدنية المحكومة بتوسعات غالباً ما تكون عمودية. وتستضيف هذه المخيمات حالياً نحو 85 في المئة من النازحين السوريين، مع الإشارة إلى ارتفاع وتيرة الطلب عليها بسبب ارتفاع الايجارات في التجمعات المدنية، فازداد عدد هذه المخيمات أكثر من أربعة أضعاف خلال عامين، من 282 مخيماً عام 2012 إلى 1224 مخيماً في 31 أيار (مايو) 2014.
وتشير الدراسة إلى أن عدداً من الأنظمة الايكولوجية يتأثر سلباً بالأزمة السورية، خصوصاً المناطق الحساسة بيئياً مثل ضفاف الأنهر والسهول وغابات السنديان والملول.
كلام الصورة: النفايات الصلبة التي ينتجها النازحون السوريون ستصل الى 324 ألف طن سنوياً.