المشاكل المرتبطة بندرة المياه، وانعدام الأمن الغذائي، والمستوطنات غير النظامية في المدن، هي تحديات أساسية في العالم العربي، تزداد سوءاً بفعل تغير المناخ واستمرار النزاعات العنيفة بصورة شبه دائمة. هذه بعض الاستنتاجات الواردة في سلسلة أبحاث أطلقتها الجامعة الأميركية في بيروت أمس بعنوان "الصحة في العالم العربي: نظرة من الداخل". وقد أعدها فريق من الباحثين المتعددي الاختصاصات في المنطقة، تحت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة بيرزيت ومجلة لانسيت الطبية العالمية. وكانت لانسيت نشرت السلسلة نفسها في 20 كانون الثاني (يناير) الجاري خلال حفل أقيم في لندن.
أطلقت السلسلة في بيروت بحضور رئيس تحرير مجلة لانسيت ريتشارد هورتون. وتتضمن ستة مقالات حول الصحة والحكم في العالم العربي، فضلاً عن مقالات وتعليقات وآراء حول مواضيع متنوعة، مثل تأثير الاستعمار على الوضع الحالي للصحة العامة وصولاً إلى دور الحراك الناشط والأبحاث في تحقيق العدالة الاجتماعية.
وقال عميد كلية علوم الصحة في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور إيمان نويهض: "السلسة التي نشرتها مجلة لانسيت عن الصحة في العالم العربي إنجاز ريادي إضافي للجامعة الأميركية في بيروت والمنطقة التي تعاني من نقص التمثيل في المحافل الصحية العالمية". وأضاف: "نلتزم في كلية العلوم الصحية، بالتعاون مع مؤسسات أكاديمية شقيقة في لبنان والمنطقة، بالعمل من أجل التأثير في الخطاب العالمي حول الصحة العامة".
واعتبرت هدى زريق، أستاذة علم الأوبئة والصحة السكانية في الجامعة الأميركية ورئيسة لجنة التنسيق في مشروع سلسلة "لانسيت"، أنه "نظراً إلى المخاض السياسي الذي تشهده المنطقة العربية، فإن بلداناً كثيرة تراجعت في مجال المعايير الصحية والاقتصادية، لكن المنطقة لا تزال تحمل وعوداً كبيرة للمستقبل، الأمر الذي يتطلب منا عملاً دؤوباً والتحلي بالمثابرة والصبر".
وأشارت مديرة معهد الصحة العامة والمجتمعية في جامعة بيرزيت نيفين أبو رميلة إلى أن "كثيرين يرددون أن العالم العربي لا يملك القدرة على إعداد أبحاث قيمة حول الصحة والطب، لكن السلسة التي نشرتها مجلة لانسيت أثبتت العكس".
كشف المشروع البحثي بعض الوقائع حول الصحة في العالم العربي، بما في ذلك زيادة نسبة المصابين بالاكتئاب والقلق والأمراض المزمنة وارتفاع الوفيات الناجمة عن حوادث السير. ولا تزال مسائل الحكم وغياب الالتزام السياسي تطرح عراقيل أمام تحسين الصحة العامة في المنطقة. ومن الظواهر المقلقة في هذا الإطار تحول الرعاية الصحية تكتيكاً يستخدم في الحروب، والتأثيرات الخطيرة التي تترتب على صحة الشعوب في المنطقة جراء تزايد معدلات التدهور البيئي.
أما عناوين الأبحاث الستة فهي كالآتي: وضع الصحة في العالم العربي، الحكم والصحة في العالم العربي، الأمراض غير السارية في العالم العربي، الطريق نحو تغطية صحية شاملة، تغيير الجغرافيات العلاجية في العراق والحرب السورية، الصحة والاستدامة البيئية في العالم العربي. واسنتجت أن "ثمة حاجة ملحة إلى وضع خريطة للقطاع الصحي في العالم العربي".