Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
نسرين عجب لبنان يحترق  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 / عدد 116
 لم يكن مفاجئاً مسارعة مسؤولين حكوميين الى اعتبار الحرائق التي اجتاحت غابات لبنان ليل 1 – 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2007 عملاً تخريبياً مدبراً. فهذا ما حصل في اليونان قبل أسابيع، حين اتهم رئيس الوزراء اليوناني عناصر مخربة أيضاً بمؤامرة اشعال الحرائق في الأحراج. وكانت اتهامات مشابهة انطلقت اثر حرائق في البرتغال واسبانيا واوستراليا والولايات المتحدة. انها التهمة التقليدية التي يطلقها المسؤولون الحكوميون عادة لتبرير تقصيرهم في اتخاذ الاجراءات الوقائية لمكافحة الحرائق ومنع انتشارها. فالتبرير الأسهل هو وضع المسؤولية على عاتق "مجهول".
ما كان مستهجناً بالفعل هو أن يستغل بعض السياسيين فظاعة الحرائق لاطلاق تصريحات "شعبوية" في اطار صراع سياسي محتدم، من نوع: "ما فشلوا بأخذه في السياسة لن يأخذوه بالحرائق". فمن هم هؤلاء المجهولون الذين فشلوا في السياسة ويتهمهم السياسي بإشعال حرائق الغابات؟ اذا كان يعرفهم، فلماذا لا يسميهم؟
وكان مستغرباً أيضاً أن تشارك جمعيات أهلية ووسائل اعلامية محترمة في حملة التشكيك هذه، معتبرة أن الحرائق مؤامرة مدبرة. وهي تساءلت: "من أحرق لبنان؟"
في غياب المعلومات الدقيقة والسريعة والموثوقة من مراجع علمية، فإن هذه التساؤلات تبقى مشروعة. لكنها يجب الا تحجب الجواب الصحيح، وهو أن من أحرق لبنان هو الجهل وسوء الادارة والتعامل مع البيئة بعقلية الهواية وعدم اتخاذ الاحتياطات الوقائية، وغياب خطط الطوارىء لمواجهة الكوارث. فكأنه محتوم على لبنان أن يستمر في الانتقال من كارثة الى أخرى، ناسياً الأولى حين تجيء الثانية.
لو وضع مطلقو الاتهامات الهاربون من المسؤوليات بعض الجهد في جمع المعلومات وتحليلها، لوجدوا أن كل العوامل الطبيعية كانت مهيأة في تلك الليلة الحمراء لاشعال نيران الحرائق. فالرطوبة وصلت الى أدنى مستوياتها عند 14 في المئة، وفي حين غابت شمس يوم الاثنين على حرارة بلغت 32 درجة مئوية، كانت الحرارة قبل طلوع شمس الثلاثاء 28 درجة. أما أثناء الليل، فقد هبت رياح شرقية جافة وصلت سرعتها الى 55 كيلومتراً في الساعة. واجتماع كل هذه العناصر في آن واحد مسألة نادرة الحدوث في هذا الوقت من السنة. عدا عن أن المزارعين يعمدون خلال هذه الفترة الى تجميع العشب اليابس وحرقه. وما زالت النفايات ترمى وتحرق في الطبيعة في أماكن متعددة. ويعمد كثيرون خلال هذا الفصل الى صنع الفحم في المشاحر. ان اجتماع الحرارة المرتفعة والجفاف والرطوبة المنخفضة وهبوب الرياح العاتية ليلاً، أدت كلها الى تحويل بقايا الجمر الى نار وامتدادها بسرعة مسافات شاسعة، حارقة كل ما وقف في طريقها.
بالطبع لا بد من ادارة متكاملة للغابات، ومراقبة النشاطات فيها، وايجاد الأجهزة الفاعلة للقيام بهذا العمل. ولكن لا بد أيضاً من ايجاد برامج فعّالة لمواجهة حالات الطوارىء، على الصعيدين المحلي والوطني. ومن المستغرب أنه في حين تم صرف عشرات ملايين الدولارات على برامج تطوير محميات طبيعية وتشجير، لم يتم تطوير أي برنامج جدي لادارة الغابات وحمايتها من الحرائق.
المساحة التي احترقت في ليلة واحدة تفوق كل ما تم تشجيره في لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990. ويتخوف المراقبون من أن يتخذ البعض من هذه الحرائق حجة لتغطية الفشل والهدر في بعض مشاريع التشجير التي لُزمت الى احدى شركات القطاع الخاص قبل سنوات على نحو مشبوه، فتم استغلال العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006 لفسخ العقد الفاشل أصلاً، بعدما تم دفع القسم الأكبر من قيمته، بحجة عدم امكانية الاستمرار بسبب القصف الاسرائيلي، مع أن الحرب كانت قد انتهت، وهي لم تشمل في الأساس 90 في المئة من المناطق التي كان من المفترض تشجيرها.
نأمل ألا تتم تغطية العقود المشبوهة مرة أخرى الآن، بادعاء أن المساحات التي تم تشجيرها احترقت.
ن. ص.
 خسائر يطول تعويضها
ليلة 1-2 تشرين الأول (أكتوبر) حلّت الكارثة بأحراج نحو 190 بلدة لبنانية، من الشمال الى الجنوب مروراً بالجبل. وفي ظل النقص في عديد الدفاع المدني وتجهيزاته، شارك الجيش وقوى الأمن الداخلي والأهالي في اخماد النيران التي تجددت في اليوميين التاليين. واذ استعصى الوصول الى بعض المواقع، تمت الاستعانة بطوافات الجيش اللبناني وطوافات وطائرات متخصصة باطفاء الحرائق أرسلتها قبرص وايطاليا والأردن.
أتت الحرائق على نحو 15,5 مليون متر مربع من الأحراج والأراضي الزراعية، بحسب مسح أجرته جمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFDC). كما أفاد مسح أجرته دائرة التنمية الريفية في وزارة الزراعة أن الحرائق التي اندلعت في جبل لبنان التهمت 6 ملايين متر مربع من الغابات، أكبرها في رشميا حيث احترق 3 ملايين متر مربع، وفي دير القمر حيث احترق مليونا متر مربع. وأفادت الدائرة أن أكبر قسم من الصنوبر البروتي (غير المثمر) الذي احترق في رشميا لا يفرخ مجدداً لأن ارتفاعه لا يتعدى 30 سنتيمتراً، وهو كان قد فرّخ بعد أربع حرائق سابقة.
كان للعوامل الطبيعية الدور الأبرز في اشعال معظم الحرائق. لكن هذا لم يبرىء من افتعالها في بعض المناطق، كما في القبيات وعندقت حيث التهمت 2,5 مليون متر مربع من الأحراج، 80 في المئة منها أشجار صنوبر. ورجح رئيس "مجلس البيئة في القبيات" الدكتور انطوان ضاهر أن تكون حرائق كثيرة هناك أضرمت بغاية توسيع الملكيات الخاصة قبل وصول عمليات المسح المقررة قريباً. ولفت الى أن حريقاً شبّ في تموز (يوليو) الماضي في وادي عودين وعندقت، وتبين أنه مفتعل وتم القاء القبض على الفاعل، "لكنه أطلق بعد 24 ساعة بتدخل سياسي". وأشار الى أن الحرائق التي تتكرر سنوياً في أحراج عكار تهدد بالتصحر، داعياً الجهات المعنية الى وضع حد للتعديات.
النيران أيقظت دير القمر
بلدة دير القمر الشوفية شهدت أفظع الحرائق، حيث اجتاحت النيران نحو 70 في المئة من مساحتها الاجمالية، وبما في ذلك الأحياء السكنية. وأفاد رئيس بلديتها دوري شمعون أن معظم المساحات المحترقة كانت تحوي أشجار زيتون وصنوبر وسنديان، لافتاً الى أنها تشكّل نحو 50 في المئة من أحراج البلدة. وأشار الى أن العشب الجاف ساهم كثيراً في امتداد النيران، محمّلاً أصحاب الأملاك الخاصة مسؤولية اهمال تنظيف أراضيهم، لافتاً الى أن حرج البلدية لم تأتِ عليه النيران، اذ يتم تنظيفه سنوياً من الحشائش الجافة والأغصان اليابسة. كما أشار الى النقص في تجهيزات الدفاع المدني، "فكان للأهالي دور كبير في عمليات الاطفاء".
"البيئة والتنمية" جالت في "عاصمة الأمراء" التي رسمت الحرائق زناراً أسود حولها. بدا الذهول واضحاً على كل من توقف ليتأمل الكارثة. وقال كارل بستاني الذي شارك في عمليات الاطفاء: "بدأ الحريق الساعة الثامنة مساء في منطقة نبع الديب تحت قلعة موسى، وتمكن الدفاع المدني والأهالي من السيطرة عليه، لكنه ما لبث أن تجدد في منتصف الليل. وبفعل الرياح العاتية امتد الى تلة الرام، الواقعة بين دير القمر ومعاصر بيت الدين. كانت النيران تنتشر بسرعة جنونية، فطالت معظم البلدة، وتم ايقاظ الأهالي لاخلاء منازلهم".
لم يتمكن الدفاع المدني من الوصول الى بعض المواقع، مثل عينوريت حيث قال عبدو سمعان الذي يملك مزرعة للمواشي: "حاصرَنا الحريق بعد أن التهم كل ما يحيط بنا من أشجار الصنوبر والشربين والكينا والزيتون. ولم يتمكن الدفاع المدني من اعانتنا، فعمل نحو 50 شاباً من البلدة على اخماد الحريق قبل أن يصل الى حرج البلدية".
وبالتوجه صعوداً نحو تلة الصليب، وتلة التعمير السكنية، وتلة مارعبدا حيث الدير وفرع للجامعة اللبنانية وآخر لجامعة اللويزة، تظهر أحراج متفحمة بالكامل. وقال الياس داود، وهو موظف في الجامعة اللبنانية: "أتت الحرائق على مساحات شاسعة من التلة، وأسقطت الأعمدة الكهربائية. كنا خمسة أشخاص نطفىء النار بمطافىء الجامعة، ولكن في دقائق معدودة التهمت الأخضر واليابس". وقد تجددت الحرائق في اليوميين التاليين، فأرسل الجيش اللبناني طوافات لاخمادها.
استبعد أهالي دير القمر افتعال الحرائق في بلدتهم، لافتين الى أنها تشتعل سنوياً في منطقة نبع الديب بشكل خاص، ولكن هذه السنة ساهمت الرياح الجنونية الهوجاء في امتدادها.
جهزوا الدفاع المدني!
في حديث الى "البيئة والتنمية"، قال المدير العام للدفاع المدني العميد الطيار درويش حبيقة ان نحو ألف حريق اندلع بين 1 و8 تشرين الأول (اكتوبر) 2007، منها 125 حريقاً في أول الشهر و265 حريقاً في الثاني منه. ومن العوائق التي واجهت رجال الاطفاء صعوبة الوصول الى الحرائق، اذ ان معظمها اندلع في أسفل الأودية حيث لا طرق للسيارات. وقد واجه الدفاع المدني أعتى الصعوبات في دير القمر ورشميا وكفرنيس وصليما والعربانية وضهور الشوير وبولونيا في جبل لبنان، وعندقت وعودين والقبيات في الشمال، وراشيا في البقاع، وشبعا والكفير وعين جرفا وحاصبيا والمصيلح ووادي جيلو في الجنوب. وشهدت تلك المناطق أفدح الخسائر في الثروة الحرجية.
وأشار الى أن عدد الحرائق هذه السنة لم يتجاوز المعدل السنوي الذي يصل الى نحو 20 ألف حريق، ولكن البارز في حرائق الشهر الماضي أنها اندلعت في وقت واحد، وساهمت الرياح في امتداد النيران فخرجت عن السيطرة. ولفت الى النقص الذي يعاني منه الدفاع المدني في العناصر البشرية والتجهيزات، مشيراً الى أن عمله يعتمد على المتطوعين. وطالب بتأمين المعدات والآليات الحديثة، "وأولها طوافتان بسعة 7000 ليتر مياه على الأقل"، طارحاً معادلة: بقدر ما تزيد الآليات يخف الضرر. ولدرء المصيبة قبل وقوعها، طالب بإعادة دور مأموري الأحراج، الذين كانت مهمتهم في الماضي مراقبة الأحراج وحمايتها من التعديات.
 الكارثة وقعت، وقد أبدت بعض الجمعيات البيئية استعدادها للمساهمة في اعادة التحريج. ولكن، كما أفادت "اللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق"، كلفة التوعية أقل بكثير من معالجة الخسائر الاقتصادية الناتجة من حرائق الغابات، "اذ ان احتراق هكتار من الصنوبر يؤدي الى خسارة نحو 150 ألف دولار خلال 25 سنة، فكيف مع احتراق مئات الهكتارات سنوياً؟" وتجدر الاشارة الى أن وزارة البيئة قدمت عام 2001 خطة وطنية لمكافحة حرائق الغابات، أقرها مجلس الوزراء عام 2002 ورصد لها ملياري ليرة لبنانية (نحو 1,3 مليون دولار) وكلّف مجلس الانماء والاعمار تنفيذها. ولكن حتى الآن لم ينفذ منها شيء.
 كادر:
خطة وزارة البيئة لمكافحة حرائق الغابات
أقر مجلس الوزراء اللبناني عام 2002 خطة وضعتها وزارة البيئة لمكافحة حرائق الغابات، ورصد لها نحو 1,3 مليون دولار، وأوكل تنفيذها الى مجلس الانماء والاعمار. هنا أبرز بنود هذه الخطة التي لم يتم تنفيذها حتى اليوم:
* توفير مآخذ مياه خاصة في كل البلديات، بالتنسيق مع المديرية العامة للدفاع المدني.
* تكليف وزارة الدفاع الوطني تأهيل طوافتي "بوما" لاطفاء الحرائق بالمياه الحلوة العذبة.
* التنسيق مع وزارة الزراعة من أجل انشاء خزانات للمياه العذبة وتزويد الطوافات وآليات الدفاع المدني بها عند الحاجة، وتحديد مواقع لاقامة أبراج مراقبة.
* الطلب من وزارة العدل عدم اقفال ملف أي حريق قبل معرفة أسبابه.
* بعد حصول حريق، على البلدية المعنية ابلاغ مديرية الشؤون العقارية من أجل المحافظة على الحدود الطبيعية للأملاك والبلديات، والطلب من وزارة الزراعة اعادة تحريج المساحات المحروقة كي لا تستثمر لأغراض أخرى.
* وضع خطة للاعلام والتوجيه بشأن مكافحة الحرائق والوقاية منها ومعالجة نتائجها.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.