أزهار من كل شكل ولون تزين الربوع اللبنانية، يضمها كتاب صدر مؤخراً عن منشورات الجامعة اللبنانية. انه كناية عن "أطلس" في أكثر من 300 صفحة بالألوان، لأنواع من نباتات لبنان البرية. وهو من تأليف الدكتور جورج طعمه والدكتورة هنرييت طعمه، اللذين أخذا الصور وجمعا النباتات على امتداد أربعين عاماً من العمل البحثي الميداني. فتكوّن لديهما معشب، أي مجموعة تضم 1650 نوعاً من نباتات لبنان و6120 صورة شفافة ملونة (سلايد).
المؤلفان من أساتذة العلوم الطبيعية في الجامعة اللبنانية ومن الباحثين القدامى المتعاقدين مع المجلس الوطني للبحوث العلمية. وهما أيضاً من المهتمين بحماية الطبيعة، والمولعين بأخذ صور لثرواتها الجميلة من حيوان ونبات. ولذا تجولا في ربوع لبنان المتنوعة، من الساحل إلى أعلى القمم، وتمنيا دائماً أن يشاطرهما سائر المواطنين محبة الطبيعة.
تسهيلاً لعمل من يرغب بالتعرف على أسماء النباتات، تُظهر كل صورة أبرز الصفات التي تميز نبتة عن غيرها. وقد استند المؤلفان على مراجع عدة، أهمها مجلدات بول موترد (1966،1970،1983) التي جمعت ولخّصت ما كتب سابقاً عن الثروة النباتية في لبنان وقدّمت آخر المعلومات التي توافرت عنها. ويمكن استعمال هذا الكتاب من قبل الاختصاصيين وهواة الطبيعة والسياح على السواء، من عمر عشر سنوات وما فوق. فالهدف منه، كما جاء في مقدمته، "المساعدة في التعرف على الثروة الطبيعية الجميلة لبلدنا ومنطقتنا، انطلاقاً من قناعتنا بأن من عرف بلده أحبه أكثر وحماه".
فكّر المؤلفان بنشر كلّ الصور التي جمعاها. لكنهما وجدا صعوبة في تنفيذ رغبتهما نظراً لصعوبة طباعة كتاب ضخم ومكلف. لذا قررا انتقاء 1030 صورة تمثل مختلف فصائل الثروة النباتية البرية. فوقعا في حيرة عند الاختيار. لم يعطيا الأولوية لجمال الصورة، بل فضّلا انتقاء الصورة التي تساعد في عملية التعرّف على أكثر الأنواع شيوعاً، ثم الزهور التي تتفرد بها منطقة شرق البحر المتوسط والأنواع الخاصة بلبنان، ثم الخاصة بلبنان وسورية.
تُركت جانباً الأشجار الحرجية والسرخسيات وكثير من النجيليات لضيق المجال. نُشرت جميع أصناف عائلة السحلب (أوركيديا) وعددها 41 في لبنان، وكذلك جنس الأسطراغالوس وهو أغنى الأجناس تنوعاً وينفرد لبنان بهذا الغنى. كما أن جنس السوسن ممثل بمعظمه، ولا سيما الأنواع النادرة منه. وهذا ما يمكن قوله عن مجمل الزنبقيات، وعن عائلة النرجس الممثلة بكاملها، ومعظم النباتات الطبية والعطرية المعروفة، وغيرها مما يطول شرحه. هناك صور عديدة تنشر لأول مرة بالألوان، وبينها 16 صورة لأنواع اكتشفها الباحثان في لبنان ولم تذكر سابقاً من هذا البلد. وقد ورد في آخر الكتاب فهرس أبجدي بالأسماء العلمية للصور المنشورة، مع اسم العائلة التي ينتمي إليها النوع المذكور.
وُضعت إلى جانب كل صورة معلومات موجزة (سطران) بلغة إنكليزية تستعين برموز يمكن أن يفهمها متكلمو العربية والفرنسية أو غيرهما من اللغات، وهي التالية: السطر الأول: الاسم العلمي مقروناً باسم المؤلف والموقع الجغرافي لأخذ الصورة. السطر الثاني: طول النبتة أو طول ورقتها أو زهرتها، نوعية المحيط البيئي الذي تعيش فيه (رطب، جاف، معشب، جبلي، ساحلي، صخري، ترابي، الخ...). تدل الأحرف EMRعلى وجود النبتة في منطقة شرق البحر المتوسط، وتدل أحرف End (Leb)على كونها وحيدة من نوعها ومتفردة في لبنان،أو في لبنان وسورية End (Leb+Syr)، أو في لبنان وفلسطين End (Leb+Pal)، أو في جبال لبنان وتركيا End (Leb+Tur). ليس هناك من إشارة خاصة في حال انتشار النبتة في حوض البحر المتوسط أو عالمياً. في الأخير أُشير إلى زمن الإزهار المعرّف عنه برقمين، كما يتبين من المثل التالي: Fl: 2 – 5 ، يعني أن الإزهار يبدأ في الشهر الثاني أي شباط (فبراير) وينتهي في الشهر الخامس أي أيار (مايو). والمعلومات هذه مأخوذة من مشاهدات المؤلفين الحقلية. كما أشير إلى الأنواع الواجب حمايتها بعلامة (*). ويدل حرف M على النباتات الطبية أو العطرية.
تسلسل الصور خاضع لموقعها العلمي ضمن مختلف العائلات النباتية، وذلك بهدف وضع الأنواع المتشابهة جنباً إلى جنب مما يسهل التعرف عليها. استعملت فقط الأسماء العلمية. وينصح المؤلفان من يحب معرفة اسم النبتة باللغة العربية أو الإنكليزية أو الفرنسية باستعمال قاموس الدكتور مصطفى نعمه (منشورات مكتبة لبنان) أو غيره من القواميس المماثلة.
في آخر المقدمة يشكر المؤلفان الجامعة اللبنانية لنشرها هذا الإنتاج العلمي، والمجلس الوطني للبحوث العلمية لتشجيعه هذا المشروع. كما يشكران كل من ساعدهما في إغناء مجموعتهما النباتية، ولا سيما حفيدهما جاد الذي رافقهما مراراً في جولاتهما خلال السنتين الأخيرتين.
"ألف زهرة وزهرة من لبنان" كتاب فريد يعبق بجمالات براري هذا البلد الصغير المتميز.
|