Sunday 22 Dec 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
فتيحة الشرع ـ دمشق صيدلية الطبيعة ثروة للاقتصاد  
تشرين الأول (أكتوبر) 2003 / عدد 67
 خلال تجوالي مع مجموعة من الاعلاميين في شوارع دمشق وحلب، لاحظنا وجود محلات خاصة بالنباتات الطبية. ولمسنا التحول الكبير في طريقة عرضها والتعامل معها. وعند زيارتنا لبعض العائلات والإدارات قدمت إلينا "زهورات" كضيافة. أما عسل الزلوع "فلا يمكن أن تغادر سورية دون أن تشتريه"، كما أكد لنا أصدقاء مسافرون التقيناهم في مطار دمشق.
هذه العودة الى الطبيعة، وإن كانت حاضرة دائماً في الموروث الشعبي السوري، أصبحت اليوم موجهة بشكل مدروس، لتصحيح المفاهيم السائدة في التعامل مع النباتات الطبية. واتسع ذلك ليخترق الحدود ويمد جسور التعاون العلمي والفني مع جهات علمية مختصة في الصين، تلك البلاد المعروفة بعراقتها في ميدان طب الأعشاب، ومع بعض المؤسسات الطبية والعلمية في أوروبا.
الحاجة أمّ الابتكار
عام 1985، انطلقت سورية في تجربة رائدة لتثمين التراث النباتي والحيواني المحلي، بهدف تأمين جزء من الغذاء الصحي القليل الكلفة للقوات المسلحة بادئ الأمر، ضمن إستراتيجية وطنية شاملة. قبل هذا لم يكن التداويبالأعشاب الطبية موضع بحوث علمية عصرية، وهذه هي الحال في غالب البلدان، حيث يترك هذا الجانب للمعرفة المحلية المتوارثة التي اندثر بعضها ولم يسلم البعض الآخر من التحريف والشعوذة والتحايل.
ولأنَّ للأدوية مؤسساتها التي تنتجها وتراقب مواصفاتها وتحدد طريقة تداولها، بات هذا مطبقاً أيضاً على النباتات الطبية. فهناك لجنة طبية فنية عليا تشرف على مؤسسات انتاجها وتضم نخبة من الباحثين، وهي مشكلة بقرار من النائب العام وزير الدفاع، وتعمل بالتنسيق مع كليات الزراعة والصيدلة والطب في الجامعات. وهذه اللجنة لا تخطو أي خطوة من دون الرجوع الى وزارة الصحة في ما يتعلق بالتحقيق العلمي. أما المسائل الإدارية فيبت فيها القطاع العسكري باعتباره الجهة صاحبة المبادرة.
الحاجة هـيالتي كانت وراء التفكير في بدائل طبيعية اقتصادية استراتيجية، وهذا ما يفسره تبني شعار "الحماية بهدف الاستخدام". هذا الشعار يلخص الخطة الحكيمة التي تبدأ بتأمين الحماية المناسبة لمناطق الأعشاب الطبية البرية المتواجدة في المناطق الجافة والمناطق الغابيّة، ومنع الجمع العشوائي عن طريق فرض رخص، مع تشجيع المزارعين على زراعة هذه الأعشاب.
والملاحظ في التجربة السورية أنَّ جمع النباتات الطبية يكاد ينحصر بالنباتات المزروعة. وهذه أصلاً نباتات برية تمَّ إكثارها داخل نطاقات محمية كمستودعات حيوية، يعمل فيها الفلاح والطالب والباحث لتحسين زراعة النباتات الطبية كنباتات معتمدة (نباتات دستورية) يشترط فيها توفر صفات معينة.
نباتات شافية
أثمرت سنوات من البحث والتجربة إنشاء معملين لتصنيع النباتات الطبية. المصنع الأول يتعامل بشكل واسع مع النباتات الطبية من داخل سورية وخارجها. وكمرحلة أولى، أنتج نباتات تستهلك كشاي، أو زهورات، ممهداً لتقبل فكرة تداول النباتات الطبية في كل الأوساط. ثم طرح في الفترة بين 1992 و1994 شكلاً جديداً هو عبارة عن كبسولات، وما زالت البحوث العلمية والمخبرية متواصلة لتطوير الإنتاج وتنويعه.
وكمثال للمستحضرات التي ينتجها المصنع، هناك نحو 30 صنفاً من خلطات الأعشاب الطبية ذات التأثيرات المختلفة والفوائد الجمة، منها خلطة مهدئة للسعال، وخلطة مساعدة على تخفيف نسبة السكر في الدم، وخلطة ملينة للجهاز الهضمي. هذه الخلطات تحضّر عادة حسب الموسم والطلب، ضماناً لتسويقها وعدم بقائها في المخازن. ففي فصل الشتاء يزيد الإقبال على النباتات الطبية المعالجة للزكام والتهاب المجاري التنفسية، وهي لطيفة في تأثيرها متدرجة في فعاليتها، تحقق الوقاية والشفاء دونما تأثيرات جانبية ضارة.
ومن النباتات التي تستعمل في تحضير الخلطات الصحية: الورد، الصعتر، النعناع، شقائق النعمان، الزنجبيل، المردكوش، ورق الزيتون، قرون الفاصوليا، جذور البلان، القنطريون، الشمرة، ثمار السنامكي، ثمار اليانسون، أوراق المريمية، زهر البابونج، وغيرها كثير.
عسل الزلوع
المصنع الثاني تخصص في إنتاج عسل الزلوع، وفق خلطة صحية أساسها جذور نبات الزلوع الذي ينمو في الجبال السورية واللبنانية التي تعلو أكثر من 2000متر، كجبال بلودان في منطقة دمشق.
لماذا تستعمل جذور هذا النبات دون غيرها من الأجزاء؟ لأنه تبين أنها تحتوي على عصارة صمغية راتنجية مقوية للجملة العصبية المركزية ومخفضة للوهن العصبي، وهي منشط جيد للجسم. ولأنها سريعة العطب بعد الاستخلاص، يتم حفظها ضمن العسل الطبيعي وغذاء ملكات النحل. وبذلك يلعب العسل دور حافظ طبيعي، لأن تركيز المواد السكرية فيه مرتفع (300%) وهذا يمنع نموجراثيم أو خمائر أو فطور تؤدي الى الإضرار بنوعية العسل وقيمته.
ويعتبر استزراع نبات الزلوع عملية صعبة ومكلفة، تعززت في السنوات الأخيرة بإقامة محميات حفظ التنوع الحيوي. لكن استدامة هذا الحفظ لا تتأتى إلا بالاستثمار.
الصحة تبدأ من الفم، وتحديداً الأسنان، التي غالباً ما يعتريها التسوس. وتوجه أصابع الاتهام بالدرجة الأولى الى السكاكر، خاصة تلك المعقدة التي تصنع من مواد صلبة بطيئة الذوبان في الفم. الإدارة الإنتاجية للمشاريع تنبهت لهذا الأمر، فقدمت أنواعاً متعددة من السكاكر والكراميلات التي تمَّ مزجها بعسل الزلوع وبعصارات نباتات طبيعية أخرى خالية من أي مواد أو ملونات صناعية ضارة بالصحة، وخاصة بصحة الأطفال الذين يتناولون السكاكر أكثر من الكبار.
يخضع العسل المشترى من عند مربي النحل لجملة من التحاليل داخل مختبر، وسط ديكور من الزهور يضفي على المكان جواً خاصاً. بعد ذلكينقل العسل الذي تتوفر فيه المواصفات القياسية، والذي أخضع لاختبارات المعايير الدولية بشكل صارم، الى قسم الإنتاج حيث تجري تنقيته ثم يخلط مع الغذاء الملكي وخلاصة جذور الزلوع.
وتؤكد إدارة المشاريع الإنتاجيةفي المصنعين أن منتجاتها من النباتات الطبيعية وعسل الزلوع والشامبو تتوافق مع متطلبات الجودة وفق المواصفات الدولية ISO 9002. فتلك هي الطريق لارضاء الزبائن والمساهمة الفعالة في دعم الاقتصاد الوطني. وقد رفعت شعار "منتجاتنا فيها وقاية وعلاج"، ملتزمة المحافظة عليها طبيعية100% خالية من أي إضافات أو ملونات.
كادر
الزلوع في جبل حرمون
الزلوع نبات من الفصيلة الخيمية، اسمه العلمي Ferula hermonis، اكتشفه ووصفه العالم النباتي الفرنسي بواسيه Boissier، سنة 1846، في جبل حرمون بين سورية ولبنان ولا سيما في جبل الشقيف فوق بلودان. ولذا اطلق عليه اسم hermonis نسبة لحرمون. وجنس Ferula كغيره من الأجناس المنتمية الى الفصيلة الخيمية (أي الزهور على شكل خيمة) يفرز مادة صمغية ذات رائحة قوية، بعضها نتن كالنبات الطبي المعروف بالحلتيت وبعضها يستعمل صباغاً كالقنة وبعضها ذاع صيته كمنشط مثل "شلش الزلوع". وهذا الجنس منتشر في أرجاء حوض البحر المتوسط ولا سيما في جبال ايطاليا وفرنسا والنوع "حرموني" في أعلى السلسلة الشرقية التي تتفرد به.
جرت دراسة المواد الكيميائية التي يفرزها هذا النوع، من قبل الباحث الدكتور خريستو هيلان ومساعدته ربيعة صفير في مركز الأبحاث العلمية الزراعية في الفنار (قرب بيروت)، بتمويل من المجلس الوطني للبحوث العلمية، وأعلنت النتائج ونشرت منذ خمس سنوات. كما توصلت صفير الى انباته في المختبر انطلاقاً من البذور.
في كتاب "ألف زهرة وزهرة من لبنان" للمؤلفين جورج وهنرييت طعمه صورة واحدة لنبتة الزلوع (رقمها 598 ص 177) تبين الزهرة والثمار. في الزاوية اليمنى والسفلى للصورة يظهر جيب ورقي يلف عنق الزهرة عند نقطة انطلاقها من الجذع. نجد هذا الجيب عند كل الأنواع المنتمية الى هذا الجنس. ارتفاع النبتة يصل الى 150 سنتيمتراً.
الفصيلة الخيمية أعطت اليانسون والبقدونس والكرفس والجزر ومسواك النبي وغيرها من النباتات الطبية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.