تحتاج الدول النامية والناشئة باستثناء الصين، استثمارات تتجاوز تريليوني دولار سنوياً بحلول 2030 إذا أراد العالم لجم الاحترار المناخي والتكيُّف مع تداعياته على ما جاء في تقرير مدعوم من الأمم المتحدة صدر أمس الثلثاء.
ويُفترض أن يأتي تريليون دولار من دول غنية ومستثمرين ومصارف تنمية متعددة الأطراف على ما جاء في التحليل الذي طلبته المملكة المتحدة مضيفة مؤتمر الأطراف حول المناخ العام الماضي في غلاسكو (كوب 26) ومصر التي تستضيف راهناً كوب 27 في شرم الشيخ على البحر الأحمر. أما بقية المبالغ، أي حوالي 1.4 تريليون، فينبغي أن تأتي من مصادر داخلية خاصة وعامة على ما جاء في التقرير. ويبلغ حجم هذه الاستثمارات في الدول الناشئة والنامية باستثناء الصين، راهناً 500 بليون.
وقدم التحليل الواقع في مئة صفحة والذي يحمل عنوان «تمويل من أجل التحرك المناخي» على أنه مسودة استثمار لإضفاء طابع أخضر على الاقتصاد العالمي بسرعة كافية لاحترام أهداف اتفاق باريس بحصر الاحترار المناخي العالمي دون الدرجتين المئويتين والعمل على أن يكون بحدود 1.5 درجة. ويحذّر الخبراء من أن تجاوز الاحترار هذا المستوى قد يدفع العالم إلى وضع غير قابل للحياة.
وقال أحد الخبراء الرئيسيين الذين أعدوا التقرير، نيكولاس ستيرن «ينبغي على الدول الغنية أن تقر بأن من مصلحتها الحيوية - فضلاً عن أنها قضية عدالة نظراً إلى التداعيات القاسية الناجمة عن المستويات العالية للانبعاثات الحالية والسابقة - الاستثمار في التحركات من أجل المناخ في الأسواق الناشئة والدول النامية». والتقرير هو من بين الوثائق الأولى التي تعطي صورة عن الحاجات على صعيد الاستثمارات في المجالات الثلاثة الواسعة التي تغطيها مفاوضات المناخ في الأمم المتحدة وهي: خفض غازات الدفيئة المسببة للاحترار، أي ما يعرف بتخفيف الآثار والتكيُّف مع تداعيات المناخ المقبلة، والتعويض على الدول الفقيرة والضعيفة على أضرار لا مفر منها بدأت تتعرض لها أي ما يعرف بـ«الخسائر والأضرار».
ودعا التقرير إلى مضاعفة التبرعات والقروض بنسب فائدة منخفضة من حكومات في دول متطورة لرفعها من 30 بليوناً سنوياً راهناً إلى 60 بليوناً بحلول 2025. وكتب معدّو التقرير «مصادر التمويل هذه حيوية للأسواق الناشئة والدول النامية لدعم التحرك من أجل إصلاح الأراضي والطبيعة، وللحماية من الأضرار والخسائر الناجمة عن تداعيات التغيُّر المناخي». وتشمل «الأسواق الناشئة» اقتصادات كبيرة في دول الجنوب شهدت نمواً سريعاً ترافق مع ارتفاع في انبعاثات غازات الدفيئة في العقود الأخيرة. ومن هذه الدول الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وڤيتنام.
والصين مشمولة تاريخياً بهذه الدول إلا أنها استُثنيت من التقديرات الجديدة بسبب وضعها الفريد والهجين على الأرجح. فاقتصاد بكين ثاني أكبر الاقتصادات العالمية، متطور على أصعدة عدة بينما طرحت الصين نفسها أيضاً مستثمراً عالمياً رئيسياً من خلال مبادرة الحزام والطريق والترويج للاستثمار بين دول الجنوب. وفي ظل التغيُّر المناخي، تشمل الدول النامية أفقر اقتصادات العالم والكثير منها في أفريقيا، وتلك الأكثر عرضة للمخاطر المناخية، مثل الدول الجزرية الصغيرة التي تواجه تهديدات وجودية بسبب ارتفاع مستويات البحار والأعاصير التي تزداد شدة.
وقال ستيرن بأن «غالبية النمو في منشآت الطاقة والاستهلاك الذي يتوقع أن يحصل خلال العقد المقبل سيكون في الأسواق الناشئة والدول النامية». وأضاف «إذا استمرت هذه الدول في دوامة الوقود الأحفوري والانبعاثات لن يتمكن العالم من تجنب تغيُّر مناخي خطر يلحق ضرراً ودماراً بملايين الأرواح وسبل العيش في الدول الغنية والفقيرة على حد سواء». (عن "الشرق الأوسط")