هناك احتمال ضئيل أن رحلتك القادمة ستعمل بواسطة زيوت الطهي المستعملة، أو النفايات الزراعية، وذلك بشكلٍ جزئي على الأقل.
وهذه من بين مكونات وقود الطيران المستدام (SAF)، وهو نوع جديد من وقود الطائرات الذي يَعِد بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 80 في المئة في المتوسط، وفقاً لاتحاد النقل الجوي الدولي (IATA).
انطلقت أولى الرحلات الجوية التجارية باستخدام وقود الطيران المستدام في عام 2011، وأصبح منذ ذلك الحين عنصراً رئيسياً في جعل النقل الجوي أكثر استدامة.
وتعهدت صناعة الطيران أن تكون انبعاثات الكربون العالمية الخاصة بها نصف ما كانت عليه في عام 2005 بحلول عام 2050، وتأمل بعد ذلك أن تصل إلى صافي الصفر، أو الغياب التام للانبعاثات، في أقرب وقت بعد عقد من ذلك.
وهذه خطة طموحة للغاية، ويمثّل فيها وقود الطيران المستدام نسبة تبلغ 50 إلى 75 في المئة من إجمالي الانخفاض في الانبعاثات، وذلك اعتماداً على السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تحدث من حين إلى آخر.
ومع ذلك، فإنه في عام 2019، أي العام الأخير من العمل كالمعتاد قبل الجائحة، لم يشكّل وقود الطيران المستدام سوى نسبة 0.1 في المئة فقط من جميع وقود الطائرات المستخدم في جميع أنحاء العالم، بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي.
فلماذا لا تستخدم شركات الطيران المزيد منه؟
زيادة الإنتاج
يمكن استخدام وقود الطيران المستدام الآن، وفي الطائرات الحالية، مع تعديلات قليلة أو معدومة.
وبحسب أستاذ الطاقة والنقل في كلية لندن الجامعية، أندرياس شيفر، إن ذلك "أمر بالغ الأهمية، ومفيد جداً لصناعة الطيران، لأنه لا توجد حاجة للاستثمار في بنية تحتية جديدة، أو طائرات جديدة، وهو أمر رائع للمطارات أيضاً، إذ يمكنها استخدام البنية التحتية ذاتها للتخزين، والتزوّد بالوقود. ومن هذا المنظور، يُعتبر وقود الطيران المستدام أمراً جيداً".
ويتمتع وقود الطيران المستدام ببصمة كربونية منخفضة لأنه مصنوع من منتجات النفايات، حيث تم انبعاث الكربون بالفعل، أو من النباتات التي تستخدم ثاني أوكسيد الكربون للنمو.
وتكمن المشكلة في أن إنتاجه حالياً أغلى بكثير من وقود الطائرات العادي، حتّى مع ارتفاع أسعار النفط اليوم.
ولجعل السعر ينخفض، هناك حاجة إلى وجود زيادة كبيرة في الإنتاج، ويجب طرح أنواع جديدة من هذا الوقود في السوق.
التشغيل بواسطة القمامة
وفي المستقبل القريب، سيكون من المحتمل إنتاج وقود حيوي عالي التكلفة من منتجات النفايات الزراعية، مثل سيقان النباتات أو قشورها، والمخلفات الناتجة من معالجة الأخشاب، والنباتات غير الصالحة للأكل.
ولدى النفايات البلدية حتّى، أي النفايات المنزلية التي غالبا، ما تُرمى في مكب النفايات، القدرة على التحول إلى وقود طيران مستدام.
وفي المستقبل أيضاً، سنتمكن من صنع نوع آخر من وقود الطيران المستدام يُدعى "وقود السائل".
وتستخدم هذه الطريقة الطاقة المتجدّدة لاستخراج الهيدروجين من الماء، ثم مزجه مع ثاني أوكسيد الكربون المأخوذ من الهواء مباشرة.
والنتيجة عبارة عن وقود سائل اصطناعي محايد للكربون من المحتمل أن يأتي بإمدادات لا نهاية لها، وبشكلٍ يكفي لتلبية طلب صناعة الطيران بأكملها.
وبحسب تحليل التكاليف الذي أجراه شيفر وفريقه، تُعدّ كلفة وقود الطيران المستدام الحالي المصنوع من زيوت النفايات أعلى بـ50 في المئة على الأقل من وقود الطائرات العادي.
ويمكن أن يصل سعر النوع الثاني، وهو الوقود الحيوي الأعلى تكلفة، إلى ثلاثة أضعاف، بينما تبلغ كلفة الوقود السائل أربعة أضعاف سعر وقود الطائرات تقريباً.
ولكن، كيف يمكننا خفض هذه التكاليف؟ يقول شيفر: "نحن بحاجة إلى توسيع إنتاج الوقود الحيوي منخفض التكلفة، ثم الاستثمار في إنتاج الوقود عالي التكلفة، وذلك الذي يحوّل الطاقة إلى سائل".
مستقبل مليء بالتحديات
تم تشغيل أول رحلة تجارية تستخدم مزيجاً من الوقود الحيوي ووقود الطائرات العادي بواسطة KLM في عام 2011، ولكن بدأت الرحلات التجريبية منذ عام 2008، مع كون "فيرجين أتلانتيك" و"إير نيوزيلاند" من بين أوائل الشركات المتبنية له.
ومنذ ذلك الحين، استخدمت العديد من شركات الطيران الكبرى وقود الطيران المستدام في الرحلات التجارية، بما في ذلك الخطوط الجوية الاسكندنافية (SAS) و"لوفتهانزا" و"كانتاس" و"ألاسكا" و"يونايتد".
وأشارت IATA إلى إطلاق أكثر من 370 ألف رحلة جوية استخدمت وقود الطيران المستدام في مزيج الوقود منذ عام 2016 وحده.
ويقوم مصنّعو الطائرات والمحركات أيضا، بالاختبارات، ما يشير إلى وجود اهتمام عالمي.
إلا أن التقدم تباطأ بسبب الجائحة. ويبدو أن هدف الصناعة قبل "كوفيد-19"، الذي تمثّل بالوصول إلى استخدام وقود الطيران المستدام بمقدار 2 في المئة بحلول عام 2025، من 0.1 في المئة في عام 2019، غير مؤكّد الآن.
وقال محلل الطيران في شركة "Aerodynamic Advisory"، غلين ماكدونالد: "نحن متأخرون بالتأكيد عن هدف 2025، وأعتقد أنه من غير المحتمل أن نصل إلى هناك بشكل طبيعي".
وذكر ماكدونالد أن التدخل الخارجي ضروري لجعل وقود الطيران المستدام أكثر جاذبية، إما عن طريق الإعانات التي تجعلها أرخص، أو من خلال ضريبة الكربون التي تجعل وقود الطائرات التقليدي أكثر تكلفة. (عن "CNN بالعربية")