شهدت تونس انقطاعاً متكرراً في المياه وتراجعاً في منسوب السدود، ونقصاً في الري خلال فصل الصيف، نتيجة جفاف غير مسبوق لم يحصل منذ سنوات، ما أثار توترات اجتماعية في مناطق كثيرة.
في ولاية باجة (شمال غرب)، تراجع منسوب الماء في سد سيدي سالم وهو أكبر سدود تونس، إلى أدنى مستوياته، وفق مدير السد شريف القاسمي. وبلغ مخزون مياه السد حتى مطلع الشهر الجاري 192 مليون متر مكعب، في مقابل 451 مليون متر مكعب في الفترة ذاتها من 2015، وفق وزارة الزراعة. وأدى الجفاف إلى نضوب سدود بكاملها ونفوق أسماكها.
وتشهد مناطق في تونس منذ منتصف أيار (مايو) الماضي، انقطاعاً متكرراً لمياه الري والشرب. وقال منسق المرصد الوطني للمياه (منظمة غير حكومية) علاء المرزوقي إن "المياه انقطعت في بعض المناطق الداخلية لفترات قاربت الشهر". وحذر المرصد من "انتفاضة العطش وتفاقم الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في مختلف أنحاء تونس، في حال لم تجد السلطات حلولاً عاجلة".
والأمطار هي المصدر الرئيسي للمياه في تونس. وأشار وزير الدولة المكلف الموارد المائية والصيد البحري عبدالله الرابحي إلى أن "كمية الأمطار في تونس هذا العام أقل بنحو 30 في المئة مقارنة بالعام السابق".
وكبد الجفاف قطاع الزراعة خسائر بنحو بليون دولار. وازداد استهلاك مياه الشرب في "تونس الكبرى" التي يقطنها 2.6 مليون نسمة بنسبة 12 في المئة بين عامي 2012 و2013 استناداً إلى تقرير للبنك الدولي، ما جعلها تشهد في 2013 "الانقطاع الأول لمياه الشرب". ودعت شركة المياه الحكومية المواطنين إلى "الاقتصاد في استهلاك المياه، الذي يرتفع بنسبة 30 في المئة في الصيف".
وقال المرزوقي إن دراسات أعدها البنك الدولي منذ أكثر من عشر سنوات "حذرت من وصولنا إلى هذا الوضع بسبب التغيرات المناخية، لكن الدولة لم تضع ما يتعين من استراتيجيات تحسباً لذلك". وأوضح أن "نسبة كبيرة من المياه تضيع بسبب تقادم شبكة القنوات البالغ طولها وفق وزارة الزراعة 70 ألف كيلومتر".
وعندما تسلمت الحكومة السابقة برئاسة الحبيب الصيد مهماتها مطلع شباط (فبراير) 2015، بلغت قيمة المشاريع المائية "المعطلة أو التي كانت تسير ببطء كبير" نحو 400 مليون دولار. إلا أن الوزير الرابحي أكد استئناف العمل في معظم هذه المشاريع في الفترة الأخيرة. وقال: "يضاف إلى بناء سدود وحفر آبار عميقة جديدة بناء محطات لتحلية مياه البحر في جربة والزارات (جنوب) وصفاقس (وسط)". ("أ ف ب")