"لك أن تتخيل أننا بلا ماء كافٍ للشرب والتنظيف والاغتسال، وأن الكهرباء باتت لنا شيئاً من الماضي، وأننا منذ ثمانية أشهر لا نحصل على غاز الطبخ المنزلي". هكذا لخصت فتحية، وهي ربة منزل يمنية تسكن في صنعاء، حال سكان العاصمة صنعاء. وأضافت بتأثر: "نحن سكان العاصمة عدنا عشرات السنين إلى الوراء، رجعنا إلى استخدام الحطب للطهي والتدفئة. فما بالك بسكان الأرياف والقرى والمناطق النائية؟"
تلخص هذه الشكوى جزءاً من المعاناة الإنسانية الهائلة التي يواجهها ملايين اليمنيين من جراء الاقتتال الداخلي والقصف الجوي والحصار الشامل الذي تفرضه قوات التحالف على كامل حدود اليمن وأجوائها منذ 26 (مارس) الماضي.
وتظهر صور يلتقطها صحافيون وناشطون حزماً كبيرة من الحطب تنتشر في أسواق صنعاء وعدد من المدن اليمنية، ومشاهد للحمير والجمال محملة بأكوام الحطب لبيعه، بعد أن أخذ السكان يقبلون على شرائه واستخدامه بديلاً عن غاز الطبخ الذي يكاد ينعدم في الأسواق، وإذا وجُد يكلف أسعاراً لا قبل لغالبية الناس على تحملها.
يقول نبيل سعيد إنه لجأ إلى شراء الحطب بعد أن تعب من الوقوف بالتناوب مع زوجته وأطفاله الأربعة في طوابير لساعات طويلة وأحياناً لأيام أملاً في الحصول على أسطوانة غاز من دون جدوى.
أما ناصر الضبياني فيقول إن ثمن حزمة الحطب لا يتجاوز 400 ريال يمني، بينما يبلغ سعر أسطوانة الغاز 8000 ريال (نحو 50 دولاراً) وهذا مبلغ مرتفع مقارنة بمستوى دخل الناس وارتفاع تكاليف المعيشة.
ويحذر أطباء وخبراء من الاستخدام المتزايد للحطب كوسيلة للتدفئة في فصل الشتاء. فقد تم تسجيل العديد من حالات الحرائق والاختناق بالدخان في عدد من القرى. غير أن الضرر الأكبر لاستخدام الحطب يصيب البيئة. ويقول الدكتور عادل سلطان الهجامي الأستاذ في كلية الزراعة بجامعة صنعاء: "مع تقلص مساحة الغطاء النباتي ينخفض امتصاص التربة لمياه الأمطار، وهذا يؤثر على الزراعة والكائنات الحية والتوازن البيولوجي للبلاد". (بي بي سي)