نفذت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) مشروعاً لتزويد مجتمعات الصيد الصغيرة بالأدوات والمعرفة والتدريب لتجفيف الأسماك على رفوف بسيطة بدلاً من فرشها أرضاً فوق الرمل. وأسفر ذلك عن تغيير مثير في نوعية الحياة على امتداد شواطئ بحيرة تنجانيقا في بوروندي وحولها.
درجت النساء تقليدياً في تلك المناطق على تجفيف صيدهن من الأسماك الفضية الصغيرة الأشبه بالسردين، بفرشها أرضاً لتصبح طعاماً سهلاً للحيوانات العابرة وعرضة للدوس والتلوث. وخلال موسم الأمطار، تتعرض للتعفن أو الانجراف مع جريان المياه. وفي المجموع، كان يفقد نحو 15 في المئة منها على هذا النحو أو يفسد أثناء عملية التجفيف.
وبالتعاون مع هيئة بوروندي لمصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، شرعت «فاو» بمشروع أولي صغير في قرية مافوغو قبل عشر سنوات، بنصب 48 رفاً منخفض الكلفة من شباك الأسلاك المعدنية المعلقة على ارتفاع متر فوق سطح الأرض، وتقديم التدريب وتوزيع المنشورات حول كيفية بناء هذه الرفوف. وما لبث السكان أن لاحظوا مدى الفوائد، مع تقليل الوقت المطلوب للتجفيف من ثلاثة أيام إلى ثماني ساعات فقط، ما يعني تجفيف دفعات متعددة من الأسماك في اليوم الواحد، ووضعها بعيداً عن متناول الحيوانات والأمطار.
وسرعان ما انتشرت الأنباء ، فتوزعت الرفوف على طول شواطئ البحيرة لتتسع المساحة المخصصة لتجفيف الأسماك بالقرب من قرية مافوغو، من فدان واحد عام 2004 إلى خمسة فدادين اليوم، وزاد عدد المجففين في كل مواقع الصيد الرسمية على طول شواطئ بحيرة تنجانيقا من 500 إلى أكثر من 2000.
وبينما انخفضت كمية التالف من الأسماك بمقدار النصف، تحسنت نوعية الأسماك المجففة لترتفع أسعار بيعها بما يتجاوز الضعف، من دولارين ونصف دولار للكيلوغرام عام 2004 إلى ما يعادل 5 دولارات في 2013.
وقالت إحدى المجففات التي تركت السلاح جانباً كمتمردة سياسية سابقاً: «أصبح بإمكاني الاعتناء بطفلي بفضل العمل بالأسماك. إنه النشاط الوحيد الذي يوفر لي لقمة العيش».
وبفضل تقنية التجفيف الجديدة لم يعد ثمة حاجة إلى الكدح اليومي بالنسبة للمجففات من النساء، اللواتي اعتدن على الانحناء لفرش الصيد كل يوم ومرة أخرى لقلب الأسماك على جانبها الآخر.
وسرعان ما بدأت تنتشر أيضاً عمليات تجارية صغرى لتوفير مواد صنع للرفوف وإنتاجها، ما ساعد على تحسين سبل المعيشة في صفوف مجتمعات الصيد والنهوض بالاقتصادات المحلية. وبفضل هذه الرفوف تسمح فترة الحفظ الأطول للأسماك المجففة بنقل المنتج من نوع محلي يعرف باسم «نداغالا»، ويحتوي على نسبة عالية من البروتين، ليس فقط داخلياً بل أيضاً إلى أسواق عابرة للحدود وإقليمية، والمساهمة في تغذية المجتمعات المحلية البعيدة عن مصادر الأسماك الطازجة.
ولا يتسنى لنحو 60 في المئة من سكان بوروندي، الحصول على ما يكفيهم من البروتين إلى هذا اليوم.
وتواصل المنظمة الترويج لاستخدام رفوف التجفيف المعلقة في بلدان أخرى من القارة منها كينيا وأوغندا وزامبيا، حيث أدى نجاح هذه التقنية حتى الآن، إلى تصدير المنتجات بسهولة وبيعها في زمبابوي ورواندا وجمهورية الكونغو الديموقراطية.