موقع جغرافي متميز وتنوع بيولوجي فريد وإعادة توطين للحيوانات الصحراوية التي باتت على شفير الانقراض
محمد التفراوتي (الرباط)
عرف المغرب خلال العقود القليلة الماضية انقراض عدد كبير من الحيوانات بفعل الظروف الطبيعية والبشرية. وبعض الحيوانات هي اليوم على حافة الزوال، من قبيل الفهد والنمر والفقمة وأسد الأطلس والبح والمها الحسامي والحيرم.
ولإعادة هذه الحيوانات الى مناطقها الأصلية، أعدت المندوبية السامية للمياه والغابات برنامجاً خاصاً باستيطان الحيوانات المنقرضة، مع توفير الظروف الملائمة لتناسلها. وفي هذا السياق أعيد توطين المها الحسامي والمها وغزال مهر والنعامة ذات العنق الأحمر في المنتزه الوطني لسوس ماسة، لتوفير القطيع الأساسي الذي سيساعد على تعمير المنتزهات الوطنية الصحراوية التي هي في طور الاعداد، كالمنتزه الوطني للداخلة ودرعة السفلى وإيريقي.
على امتداد الشريط الساحلي بين مدينتي أكادير شمالاً وتزنيت جنوباً، أنشئ المنتزه الوطني لسوس ماسة عام 1991 على مساحة 33800 هكتار. وهو يتميز بموقعه الجغرافي الجنوبي وتنوع مواطنه ووفرة نباته وحيوانه. وتكسوه نباتات محلية واستيطانية من أصل مداري وصحراوي وآسيوي ومتوسطي ومن جزر الكناري.
يحوي المنتزه أوساطاً طبيعية تشمل الكثبان الرملية والسهوب الساحلية والداخلية. وفيه نباتات التلال والأجراف الساحلية وأشجار الأركان، فضلاً عن نباتات تعيش في الماء كالتيفا والقصب التي تغطي الضفاف الغربية لوادي ماسة.
ويؤوي المنتزه 275 نوعاً من الطيور، و40 نوعاً من الثدييات، و40 نوعاً من الزواحف والضفادع، وأنواعاً وفيرة من الأسماك، ومئات الأنواع من الحشرات. ومن أهم خاصياته وجود أبومنجل الأصلع الذي يعد من الطيور المهددة على الصعيد العالمي. وفيه منطقتان رطبتان لهما أهمية عالمية بالغة لاستضافة الطيور المهاجرة بين أوروبا وغرب أفريقيا، تتمثلان في مصبات وادي سوس ووادي ماسة، وقد تم تصنيفهما ضمن مواقع رامسار.
وتتكاثر في المنتزه بعض أنواع الحيوانات الصحراوية المنقرضة، كغزال مهر والمهاة والمها الحسامي والنعامة. وقد عملت المديرية الجهوية للمياه والغابات في سوس ماسة مؤخراً على ترحيل وإعادة إدخال عدد مهم من النعام ذي العنق الأحمر الى تونس، في اطار التعاون المشترك ووفق برنامج خاص باستيطان الحيوانات المنقرضة وتوفير الظروف الملائمة لتكاثرها.
يعيش 3000 نسمة داخل المنتزه، يتوزعون في ستة دواوير ويزاولون الاقتصاد الفلاحي التقليدي كالرعي وزراعة الحبوب وانتاج العسل، وكذلك الصيد البحري التقليدي.
محميتا الركين والروايس
داخل المنتزه الوطني لسوس ماسة محميتان هما الركين (2000 هكتار) والروايس (1200 هكتار). وهما مسيجتان ومحروستان على الدوام، مما يسهل نمو الغطاء النباتي الملائم لتغذية الحيوانات ويضمن حمايتها، كما تساهمان بشكل فعال في حماية وإعادة إدخال بعض الحيوانات الصحراوية المهددة الى أماكنها الأصلية. ويشكل قطيع الظباء في هاتين المحميتين أكبر مخزون عالمي، وأصبح المنتزه الوطني لسوس ماسة خلال سنوات قليلة عنصراً أساسياً في حماية الحيوانات المهددة بالانقراض على طول الشريط السهلاني ـ الصحراوي.
وتعاني كل الحيوانات الموجودة داخل محميتي الركين والروايس تراجعاً في مناطقها الأصلية. وتعتبر المهاة والمارية مهددتين بالانقراض على المدى القريب. فقد كانت القبائل المحلية تصطاد هذه الحيوانات منذ القدم، كما يؤكد محمد أزنفار المدير الجهوي للمياه والغابات في الجنوب الغربي، لكن استعمال الأسلحة النارية وسيارات الدفع الرباعي في صيدها هو الذي سرع تراجعها في العقود الأخيرة. هذا فضلاً عن موجة الجفاف التي عرفتها المناطق الساحلية منذ أكثر من 50 سنة، ناهيك عن نسبة التوالد الضعيفة لهذه الحيوانات.
وتساعد ظروف المنتزه في توالد الحيوانات الفريدة بشكل طبيعي، وهكذا يتكون مخزون من حيوانات مولودة في ظروف شبيهة بتلك التي تميز الحياة الوحشية، فتكون سهلة الإدماج في الطبيعة.
كادر
منتزهات وطنية في المغرب
في إطار تنمية الشبكة الوطنية للمنتزهات في المغرب، تمت مؤخراً المصادقة على ستة مخططات تهيئة وأربعة مخططات للدراسة، في المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، بمشاركة جملة من الشركاء المحليين. وقد تم إنشاء محمية المحيط الحيوي للواحات في جنوب المغرب، ومحمية المحيط الحيوي لشجر الأركان على 2,5 مليون هكتار، إضافة الى محمية المحيط الحيوي البيقارية بين المغرب وإسبانيا والتي تمتد على مساحة مليون هكتار، كمبادرة رائدة ومجال للتعاون بين البلدين من أجل تدبير هذه المناطق البحرية والبرية ذات المواصفات الجيولوجية والايكولوجية المتشابهة، بالتشارك مع السكان المحليين لتحقيق التنمية المستدامة.
ومنذ نيسان (أبريل) 2008، بلغ عدد المنتزهات الوطنية المغربية عشرة، بعد إنشاء منتزه خنيفرة على مساحة 750 ألف هكتار. كما تم إنشاء أربعة منتزهات ذات تنوع بيولوجي فريد عام 2004، هي الحسيمة وتلسمطان وإفران والأطلس الكبير الشرقي. وفي 2006 أنشئ المنتزه الوطني لخنيفيس، وهو أول منتزه صحراوي في المغرب.
العرض (كاتريونا بارفيت ـ بريطانيا)
مشت هذه الزرافة الوحيدة ببطء نحو جب الماء في هوباتير لودج في ناميبيا، وكانت لا تحيد عينيها عن أربعة أسود على تلة مجاورة. ركض واحد منها نزولاً، وهو أسد يافع طموح، وطارد الزرافة لمسافة، فيما قطيع من المها يراقب الوضع".
الأسود هي المفترسات الرئيسية للزرافات، التي تتعرض للهجوم عادة وهي راقدة أو تشرب أو ترعى. وبعكس الإناث، تميل ذكور الزراف الى العيش وحيدة، مما يجعلها أكثر عرضة للافتراس.
النعامة ذات العنق الأحمر Struthio camelus هي أكبر الطيور على الإطلاق. لا تطير، لكن يمكنها الجري مسافة 50 كيلومتراً بسرعة 30 كيلومتراً في الساعة. لها أكبر عينين ضمن الفقاريات البرية (قطر 5 سنتيمترات). يتكون غذاؤها أساساً من النباتات، ويلزمها 3 الى 4 كيلوغرامات يومياً. وقد انقرضت من المغرب عام 1945، وصنّفها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ''في خطر".
تعتبر المارية أو المها الحسامي Oryx dammah أضخم ظبية تعيش في المناطق شبه الصحراوية. يتعدى طول قرنيها المتر ويصل وزنها الى 200 كيلوغرام. وهي تعيش في مجموعات متفرقة داخل منطقة توزيعها. تقطن المارية في الصحارى الرملية، وتهاجر بحثاً عن الكلأ. الأعداد المتوحشة منها قليلة ومتفرقة في جنوب الصحراء. وتعد مجموعات المارية في تشاد الوحيدة التي تبدو قابلة للحياة. وقد انقرضت في المغرب عام 1973، وصنفها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ضمن فئة ''في خطر الانقراض".
انقرضت مهاة أداكس Addax nasomaculatus من المغرب عام 1956 وصنفها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ''في خطر الانقراض".
شجرة أركان المتوطنة في المغرب
غزلان من نوع دوركاسفي منتزه سوس ماسة
أبو منجل الأصلع (فوق) وطيور مائية (تحت)