روبرتو كورتيخو (ليما)
قد تكون جبال الأنديز أشهر معالم البيرو، لكن الواقع أن حوض الأمازون يغطي 60 في المئة من أراضيها. وهي ملاذ للحياة الفطرية وموطن لنحو 25 ألف نوع من النباتات، ما يشكل 10 في المئة من مخزون العالم الوراثي الأخضر.
بفضل حوض الأمازون، تحتل البيرو المرتبة الثانية عالمياً بأنواع الطيور اذ يعيش فيها 1800 نوع. وهي بين البلدان الخمسة الأولى من حيث أنواع الثدييات إذ تضم 515 نوعاً، والزواحف اذ تضم 418 نوعاً. وتكتشف في أنحائها كل سنة أنواع نباتية وحيوانية لم تكن معروفة من قبل. ومن الحيوانات المكتشفة حديثاً ضفدع صغير سام له قوائم خضراء ورأس أحمر بلون النار، وعصفور طنان ذو حنجرة بنفسجية، وعلقة عملاقة بثماني أسنان، ونوع جديد من البعوض.
وفق الصندوق العالمي لحماية الطبيعة (WWF)، اكتشف في حوض الأمازون خلال السنين العشر الأخيرة أكثر من 1200 نوع جديد من النباتات والحيوانات. لكن المفارقة أن معظم هذه الأنواع الجديدة اكتشفت أثناء القيام بأنشطة تهدد غابات الأمازون. وقال مايكل فالكي مدير برنامج الأمازون الذي ينفذه WWF في البيرو: «غالبية هذه الاكتشافات لم تأت ثمرة رحلات استكشافية علمية، بل خلال عمليات شركات تتولى التنقيب عن النفط أو المعادن أو استغلال الغابات. ان هذا النمط من الاكتشافات يشكل في الوقت ذاته تهديداً للنوع المكتشف في موئله الطبيعي الوحيد في العالم".
تؤوي البيرو إحدى أكبر الأراضي الغابية في العالم، اذ تبلغ مساحة غاباتها 700 ألف كيلومتر مربع. وهي أيضاً حقل جاذب لاستخراج الثروات الطبيعية، فقد تضاعف عدد الامتيازات الممنوحة منذ العام 2006ليغطي 16 في المئة من مساحة البلاد. وفي الوقت ذاته، تتباهى البيرو بأنها متقدمة في مجال حماية الطبيعة والحياة الفطرية، اذ تم تصنيف 15 في المئة من أراضيها مناطق محمية، «ونحن نسعى الى 30 في المئة» بحسب وزير البيئة أنطونيو براك. لكن البيئيين قلقون على مستقبل التنوع البيولوجي والأنواع التي تعيش خارج حدود المناطق المحمية. ويقول ممثل دائرة الشكاوى الحكومية إيفان لانيغرا: «لا توجد إشارات واضحة الى ما تنوي بلادنا القيام به لحماية التنوع البيولوجي".
ويرى جيرار هيراي من معهد IRD الفرنسي للأبحاث والتنمية في العاصمة ليما أن «شركات التنقيب عن المعادن أو النفط لا تقصد التدمير، لكن السؤال الأساسي هو: هل هي ’نظيفة‘ أم لا، وهل تستعمل طرقاً وتكنولوجيات أنظف؟"
ان الأنواع الحية التي تختفي حول العالم هي أكثر من الأنواع التي تكتشف، وفق إرنستو رايز رئيس مركز التنمية المستدامة في جامعة كايتانو هيريديا في ليما: «بكلمات أخرى، الأنواع تختفي قبل أن نكتشفها». لكن معهد IRD يعتـبر أن ظروف اختفائها تتيح تطوير استراتيجيات لحماية التنوع البيولوجي، مثل تلك التي استهدفت بنجاح سمكة أرابايمـا، إحـدى أضخم أسماك الميـاه العـذبة في العـالم.
وبحسب إحصاءات 2004، هناك 21 نوعاً في البيرو معرضة للانقراض بشكل خطير، بما في ذلك الشنشيلة القصيرة الذيل الشبيهة بالسنجاب والوطواط المستدق الأذنين. ويعتقد أن الفأر الورقي الأذنين اختفى فعلاً.
أما أبوبريص ليما، وهو سحلية ليلية صغيرة تتعرض لخطر كبير، فيوضح العلاقة المعقدة بين التهديد والحماية. لقد وجد ملاذاً في الزوايا المظلمة في المقابر والمعابد القديمة في ليما وعلى الساحل، التي تعود الى ما قبل اكتشاف أميركا. لكن أعمال الصيانة التي يقوم بها علماء الآثار هي التي تدمر موئله وتساهم في انخفاض أعداده. |