"لقد قال الجمهور كلمته، وأعدكم أن الحكومة اللبنانية ستأخذ برأيه جدياً". بهذا تعهَّد رئيس مجلس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة في افتتاح المؤتمر الاقليمي حول "الرأي العام العربي والبيئة"، مشيراً الى نتائج الاستطلاع البيئي الذي أجرته مجلة "البيئة والتنمية" والتي أظهرت أن 71 في المئة من المشاركين يعتقدون أن الأوضاع البيئية تتدهور و99 في المئة يطالبون الحكومة بعمل أكثر من أجل حماية البيئة. واعتبر "انها أرقام مقلقة تضعنا أمام مسؤوليات، لكنها تعبر بصراحة عن رأي الناس".
عقد المؤتمر في فندق بريستول في بيروت يومي 16 و17 حزيران (يونيو). ونوقشت خلاله أولويات البيئة العربية وسبل التواصل بين الجمهور والمسؤولين من أجل وضع سياسات بيئية تستجيب لتطلعات الناس، وذلك من خلال التقرير التحليلي للاستطلاع البيئي الذي شمل 18 بلداً عربياً. وقد نظمته مجلة "البيئة والتنمية"، بالاشتراك مـع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة وصندوق أوبك للتنمية الدولية، الذي كان الراعي الرئيسي للمؤتمر.
شارك في المؤتمر مسؤولون حكوميون، ورؤساء منظمات بيئية وانمائية تعمل على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية، إلى جانب خبراء وأكاديميين ومسؤولين من القطاع الخاص، وممثلين عن منظمات المجتمع الأهلي، ورؤساء مؤسسات إعلامية وإعلانية.
وعقب اختتام المؤتمر، أعلن عن تأسيس "المنتدى العربي للبيئة والتنمية".
في ما يلي عرض موجز لجلسات المؤتمر. وسوف تنشر مضامينها مفصّلة، مع الآراء والمناقشات التي تخللتها، في الأعداد المقبلة من "البيئة والتنمية".
جلسة الافتتاح
افتتح المؤتمر بكلمة ترحيب من ناشر ورئيس تحرير "البيئة والتنمية" نجيب صعب، الذي أشار الى أن الاستطلاع بيّن أن السبب الرئيسي للتدهور البيئي، وفق الجمهور العربي، هو عدم الالتزام بالتشريعات والقوانين، يليه ضعف برامج التوعية وسوء ادارة شؤون البيئة وقصور المؤسسات البيئية. وقد اختار الجمهور تلوث الهواء والنفايات والأسمدة والمبيدات الزراعية وضعف الوعي ومصادر المياه كأبرز المشكلات البيئية.
وقال المدير الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الدكتور حبيب الهبر انه، "على رغم ازدياد عدد الجمعيات الأهلية والهيئات الوطنية لحماية البيئة في الوطن العربي من الخليج الى المحيط، فإن غالبية الناس يجدون أنفسهم إما مبعدين عن المشاركة في اتخاذ القرار بشأن القضايا البيئة التي تمس وجودهم، أو ينظرون بأعينهم الى التجاوزات التي يقوم بها بعض المتنفذين، الأمر الذي ينتج عنه إما عدم المبالاة بالبيئة عند فريق من الناس أو الرفض الكامل لجميع برامج التنمية عند فريق آخر". وأشار إلى الدور الهام الذي يُمكن أن تلعبه وسائل الاعلام في تغيير سلوك الناس تجاه القضايا البيئية ليكونوا قوى ضاغطة على الحكومات لتصويب سياساتها البيئية. أضاف الهبر أن "برنامج الأمم المتحدة للبيئة سيضع نتائج الاستطلاع والمؤتمر نصب عينيه عند تحديد أولويات خططه الاقليمية للمساهمة في تطوير وضع البيئة نحو الأفضل".
وتوقعت مديرة ادارة البيئة والاسكان والتنمية المستدامة في جامعة الدول العربية السيدة فاطمة الملاح، التي مثلت أمين عام الجامعة عمرو موسى، "أن تستفيد المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية في مجال البيئة من نتائج الاستطلاع في تطوير برامجها ونشاطاتها، وفي العمل على تطوير ادراك المواطن العربي وسلوكه تجاه القضايا البيئية". وعرضت برنامج عمل مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، مشيرة الى أن جامعة لدول العربية ستولي اهتمامها خلال المرحلة المقبلة لالتزام أكثر بمبادرة التنمية المستدامة في المنطقة العربية ولانشاء مرفق البيئة العربي وتوجيه موارده لمواجهة المشاكل البيئية ذات الخصوصية العربية.
مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية (OFID) سليمان الحربش عرض تجربة الصندوق الذي يقدم خدمات الى 120 دولة، ثمانون في المئة منها منخفضة الدخل، وهو قدم نحو 8 مليارات دولار قروضاً ومنحاً خلال 30 سنة. وأكد أن المحافظة على استدامة البيئة هي من أولويات المشاريع التي يمولها الصندوق، مشيراً الى أن مكافحة التصحر وشح المياه هما في صميم مشاريع يدعمها في المنطقة العربية. وتطرق الحربش الى مفهوم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة التي "لا يمكن أن تتحقق الا بتحول موضوع البيئة الى قضية شعبية، بدءاً بالمناهج الدراسية والاعلام"، منبهاً الى أن رص الأبحاث على الرفوف لا يفيد. ودعا الى "الاستفادة من دخل النفط في تنمية تكنولوجيات الطاقة المتجددة والمستقبلية".
واعتبر أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية أن "المداولات في مؤتمر الرأي العام والبيئة ستكون ذات تميز وأهمية خاصة للجميع لأنها مستوحاة من نبض الشارع". وقال ان قطاع شؤون الانسان والبيئة في المجلس قام بجهود حثيثة لوضع الأسس لسياسات بيئية متناسقة بين الدول الأعضاء، أدت الى تطوير كثير من المعايير والبرامج المشتركة، وقد ساهم ذلك في تدعيم العمل العربي البيئي المشترك، كما ساهم في تدعيم موقف المنطقة في المفاوضات البيئية الدولية. وأضاف: "قد يعتبر البعض أن الدول المصدرة للنفط مصدر للتلوث. لكن الحقيقة ان الثروة النفطية التي أنعم الله بها على هذه الدول كانت مصدراً أساسياً لتنمية مجتمعاتها ومنطقتها، ولدعم التنمية على المستويين الاقليمي والدولي. ان الدول المصدرة للنفط مسؤولة عن العرض فقط بينما الدول المستهلكة هي المسؤول الرئيسي عن الطلب".
ورأى العطية أن الوصول الى سياسات طاقة متوازنة يتطلب من الأساس ادارة الطلب لما يتناسب مع متطلبات حماية البيئة، "وقد قامت الدول المنتجة للنفط في الخليج بتدابير حثيثة لتطوير أساليب انتاج نظيفة، فأنفقت آلاف الملايين على تحويل صناعاتها النفطية الى تكنولوجيات تحترم المعايير البيئية. وعلى الدول المستهلكة أن تقوم بدورها في تطوير انماط استهلاكية تحترم البيئة أيضاً". وأشار الى أن جميع دول المنطقة غنية بمصادر متنوعة للطاقة، خاصة في مجال الطاقة الشمسية، "وهي تعمل جاهدة للاستفادة من دخل النفط في تنمية قدراتها العلمية والتكنولوجية، التي هي الثروة الحقيقية للمستقبل".
كلمة رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ألقاها نيابة عنه وزير البيئة المهندس يعقوب الصراف. وهو اعتبر المؤتمر "انطلاقة لعمل في الاتجاه الصحيح، بحيث يتعاون جميع الأطراف المعنيين في مناقشة المشاكل البيئية ووضع حلول لها والمساهمة في تنفيذها". ولاحظ السنيورة أن المشتركين اللبنانيين في الاستطلاع الذي أجرته مجلة "البيئة والتنمية" حددوا الأسباب الرئيسية للتدهور البيئي بالتقصير في تطبيق التشريعات والقوانين، وضعف ادارة الشؤون البيئية، وقلة الانفاق الحكومي على برامج حماية البيئية أو عدم تناسب الجدوى أو المردودية المحققة مع ما يجري انفاقه في هذا المجال، مضيفاً: "لكن ما لفتني أكثر في نتائج الاستطلاع أن غالبية كبرى من المشاركين أبدت في المقابل الاستعداد للمساهمة الشخصية في حل المشاكل البيئية، وصولاً الى دفع ضرائب مخصصة لحماية البيئة. وهذا مؤشر ايجابي جداً، اذ أن الحكومة وحدها لن تنجح في معالجة المشاكل ما لم يشارك الناس المعنيون في صنع الحل وتنفيذه والتثبت من الالتزام به". وهنأ الرئيس السنيورة مجلة "البيئة والتنمية" بعيدها العاشر، "هذه المبادرة الخاصة التي تحولت الى مؤسسة بيئية عربية نعتز بها".
وكان بين الحضور في جلسة الافتتاح النائب عمّار حوري ممثلاً رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، والنائب ياسين جابر ورئيس المجلس الأعلى السوري اللبناني نصري خوري والسفير السعودي عبدالعزيز الخوجة ومدير عام وزارة البيئة الدكتور برج هتجيان. ومن المشاركين في المؤتمر الدكتور عدنان بدران رئيس الحكومة الأردنية السابق ورئيس الأكاديمية العربية للعلوم وتنمية المجتمع، والدكتور عبدالرحمن العوضي أمين عام المنظمة الاقليمية للبيئة البحرية، والدكتور مصطفى كمال طلبه رئيس المركز الدولي للبيئة والتنمية، والسفير عبدالمحسن السديري الرئيس السابق للصندوق الدولي للتنمية الزراعية، والمدعي العام المصري السابق المستشار عبدالعزيز الجندي الذي اشتهر بدفاعه عن قضايا البيئة وسوق المخالفين الى المحاكم. وشارك من قطر الدكتور سيف الحجري نائب رئيس مؤسسة قطر للعلوم والتربية إلى جانب مسؤولين في المجلس الأعلى للبيئة والمحميات ومركز أصدقاء البيئة. ومن السعودية مدراء تنفيذيون من هيئات البيئة، ووكيل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة أحمد عاشور. كما حضر مسؤولون من هيئات حماية البيئة في الكويت والبحرين والشارقة ومصر والأردن، وعدد كبير من رؤساء تحرير ومسؤولي صحف عربية.
استطلاع الرأي العام والبيئة: النتائج والتحاليل
بعد الافتتاح الرسمي، تحول المؤتمر الى طاولة مستديرة موسعة تم تسجيل المشاركين فيها وفق معايير التوازن الجغرافي وتنوع الاختصاصات.
في الجلسة الأولى، عرض الدكتور مصطفى كمال طلبة، رئيس المركز الدولي للبيئة والتنمية والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ونجيب صعب، التقرير النهائي للاستطلاع البيئي العربي الذي أجرته مجلة "البيئة والتنمية" في 18 بلداً عربياً، بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة. وهو يُظهر الاتجاهات البيئية في جميع أنحاء العالم العربي، وسيكون أداة مهمة تساعد الحكومات والمنظمات الاقليمية والدولية لتخطيط برامجها البيئية.
وجد ثلثا المشاركين في الاستطلاع ان وضع البيئة في بلدهم يسوء، بينما رأى الثلث انه يتحسن. وكانت نسبة الذين رأوا ان الوضع يتدهور أعلى في بلدان المشرق مما هي في مناطق أخرى. وهذا لم ينحصر بالعراق وفلسطين، وانما ينطبق أيضاً على سورية ولبنان. وقد لوحظ أن التقييم السلبي لوضع البيئة يزداد مع ارتفاع مستويات الدخل والتحصيل العلمي.
وكانت الأسباب الرئيسية الأربعة للتدهور البيئي التي اختارها المشاركون كالآتي: عدم التقيد بالقوانين، عدم كفاءة برامج التوعية، سوء ادارة شؤون البيئة، ضعف مؤسسات حماية البيئة. وفي بعض بلدان المشرق، اعتبر معظم المشاركين ان الانفاق الحكومي غير الكافي على البيئة هو من المشاكل الرئيسية.
لدى تقييم مستوى إلحاح المشاكل البيئية في البلد، سجل تلوث الهواء أعلى النقاط على الاطلاق، اذ اعتبره 80٪ من المجموع مشكلة رئيسية. وهذا لا يصح فقط على المعدل الاقليمي، وانما في بلدان بعينها وداخل المناطق الفرعية. اما المشاكل الرئيسية التي تلت تلوث الهواء مباشرة فهي: النفايات الخطرة، الأخطار الصحية الناتجة عن المبيدات والأسمدة، ضعف الوعي البيئي، النفايات الصلبة. كما سجلت موارد المياه العذبة والتلوث من الصناعة مرتبة عالية في سلم الأولويات. وكان من الواضح ان الجمهور هو أكثر تحسساً للمشاكل التي لها علاقة مباشرة بصحة الانسان. والجدير بالتنويه أن ضعف الوعي البيئي جاء في المرتبة الرابعة كمشكلة بيئية رئيسية (71٪)، بعدما جاء ضعف برامج التوعية البيئية في المرتبة الثانية كأهم أسباب التدهور.
ولوحظ أن هناك شبه اجماع (95٪) بين المشاركين من جميع البلدان والمناطق والطبقات الاجتماعية والاقتصادية على ان بلدانهم يجب ان تفعل المزيد لحماية البيئة.
قال معظم المشاركين ان المصدر الرئيسي لمعلوماتهم حول البيئة هو من الصحف، يليها التلفزيون والمجلات المتخصصة والانترنت. وفيما قال 95٪ انهم مستعدون للتقيد بقوانين بيئية مشددة، أبدى 68٪ استعداداً لدفع ضرائب تساعد في حماية البيئة.
هل تستجيب الحكومات والمنظمات الدولية لطموحات الشعوب العربية وأولوياتها؟
الاستجابة الوطنية والاقليمية والدولية لمطالب الجمهور كانت محور الجلسة الثانية للمؤتمر، التي أدارتها السيدة فاطمة الملاح، مديرة ادارة البيئة والاسكان والتنمية المستدامة في جامعة الدول العربية.
الدكتور عدنان بدران، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم ورئيس وزراء الأردن السابق،تكلم عن تعامل الحكومات مع طموحات الجمهور في مجالات البيئة والتنمية المستدامة. فأعرب عن اعتقاده " بأن الحكومات لن تستجيب لمطالب الجمهور إلا من خلال العمل ضمن المؤسسات الدولية". وأشار الى أن معظم عمليات تطور أسس الإدارة البيئية في العالم العربي تمت من خلال الاستجابة لعملية ريو دي جانيرو ومنتجاتها من السياسات والخطط والاتفاقيات الدولية، وذلك عبر إنشاء الدوائر والمؤسسات البيئية العامة وصولاً إلى مرحلة إنشاء وزارات البيئة. وأضاف أنه "على رغم تطور التشريعات البيئية في العالم العربي، فإن معظمها واجه ضعفاً في التطبيق. كما أن مشاكل تنموية رئيسية تسببت في التدهور البيئي ـ مثل الزيادة السكانية ـ لم تتم مواجهتها بجدية". وأكد أن أهم عوامل صون البيئة في معظم الدول العربية هو النشاط الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية.
وتحدث الدكتور عبدالله الهاشم، الأمين العام المساعد لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن استجابة المنظمات الاقليمية لتطلعات الرأي العام، من خلال تجربة مجلس التعاون. وأكد على أن المجلس معني بجوانب العمل المشترك في القضايا البيئية والتنموية، ويحرص على اعطاء التنمية المتوازنة أهمية خاصة من خلال تفهم عناصرها والوعي بمتطلباتها والنظر بعمق الى آفاق مستقبل الأجيال القادمة والعمل على توفير احتياجاتها، والاستفادة من معطيات التقدم العلمي والسعي الدائم الى استحداث انماط رشيدة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وأمل "أن يتمخض المؤتمر وما يتبعه عن استراتيجية شاملة تشخص الداء وتصف له الدواء، من أجل صنع بيئة سليمة غير معتلة وتنمية شاملة مستمرة، تكون وسائل تحقيقها التشريعات البيئية والادارة البيئية السليمة والتربية البيئية من خلال التعليم وأنشطة البحث العلمي".
وعرض مدير عام صندوق أوبك للتنمية الدولية (OFID)، سليمان الحربش تجربة الصندوق كمنظمة تنمية دولية رائدة في التعامل مع احتياجات المجتمعات المحلية. وقال: "إننا بحاجة إلى معرفة الأولويات الحقيقية لمتلقي المعلومات البيئية، كما أن هناك حاجة ماسة إلى تكييف الخطاب البيئي ليتناسب مع الحاجات التنموية". وأشار إلى أن هناك بعض الاعتراضات لدى الدول المنتجة للنفط على عملية ريو نتيجة "تسييس" هذه القضايا ضمن سياق الطاقة والتغير المناخي.
الاعلام والبيئة والجمهور
أدار أحمد منصور، من تلفزيون الجزيرة، الجلسة الثالثة التي تناولت الاعلام والبيئة والجمهور. وهو تحدث عن الدور الذي تقوم به- أو لا تقوم - المحطات الفضائية، والتلفزيون عامة، في التوعية البيئية واسماع صرخة الجمهور. فأشار، من خلال تجربته في عرض بعض الحلقات ذات الطابع البيئي في برنامج "بلا حدود"، إلى "حالة السلبية لدى المشاهدين والمتلقين العرب تجاه قضايا البيئة، من خلال اللامبالاة بمضمون هذه الحلقات على رغم خطورة القضايا التي تطرحها، وخاصة التلوث باليورانيوم في العراق والتلوث الغذائي". بل ان الكثير من المشاهدين طالبوه بالكف عن متابعة القضايا البيئية والتركيز الدائم على السياسة. وأعرب عن قلقه من أن "المتلقي العربي ليس مهتماً كثيراً بالحصول على المعرفة والثقافة في الشؤون البيئية مقارنة بالقضايا السياسية التي تشكل الهم الرئيسي".
أسامة سرايا، رئيس تحرير "الأهرام"، وهي كبرى الصحف العربية، تطرق الىدور الاعلام في التواصل بين الجماهير والمجتمع العلمي والمسؤولين في مجالات البيئة. قال ان الإعلام البيئي في العالم العربي يسير في طريق التطور المهني، على رغم أن معظم القراء والمشاهدين والمستمعين العرب يعتبرون البيئة قضية هامشية مقارنة بهموم الحياة اليومية، وأنها مسألة علمية متخصصة. وأشار سرايا الى أن "العالم العربي، الذي يواجه أخطاراً داخلية وخارجية، ما زال في مرحلة تحديد الأولويات، وهو يواجه انهيارات سياسية وتحولات اقتصادية عميقة، وبالتالي تبقى البيئة في مرحلة متأخرة من سلم الأولويات". لكنه رأى أنه في حال توصلت المنطقة إلى حالة استقرار، فإن مسائل البيئة سوف ترتقي في سلم الأولويات العربية الإعلامية. وقارن سرايا بين الصحافة البيئية ومثيلتها الاقتصادية التي مرت بمراحل تطور طويلة وجذرية، خصوصاً في سياق التوفيق بين التخصص الاقتصادي والموهبة الإعلامية والحاجة إلى دورات تدريبية في الصحافة المتخصصة. ونبه الى أن الاعلام البيئي يجب أن يركز على طريقة "تقديم المعلومة البيئية بشكل يرتبط مع الحاجات اليومية للمواطن، ليصبح الخطاب البيئي مبسطاً ويصل الى الانسان العادي".
وتناول غسان شربل، رئيس تحرير "الحياة"، دور وسائل الاعلام في تعميق التواصل بين الشعوب في الدول العربية، متحدثاً عن تجربة "الحياة" كجريدة يومية اقليمية تخاطب كل العرب. قال: "لو طلب صحافي الحديث مع مسؤول عربي حول البيئة، فسيجد هذا المسؤول نفسه في حرج. فهو يعتبر أن الموضوع ليس مهماً، لأن التركيز هو دائماً على القضايا السياسية التي تقتحم مكانها في الصفحة الأولى، وأنه قد تم إرسال صحافي من الدرجة الثانية اليه، وبالتالي سيبدو هو سياسياً من الدرجة الثانية". أضاف أن المشكلة ليست فقط في المسؤول، بل أيضاً في الجمهور غير المهتم، وفي الإعلاميين، "اذ سيشعر أي صحافي جديد أنه محكوم عليه بصحافة من الدرجة الثانية في حال تم تكليفه تغطية قضايا البيئة". ورأى شربل، هو أيضاً، أنه في حال تحقيق المجتمع العربي والشعوب العربية حداً أساسياً من الاستقرار فسوف تتقبل زيادة التركيز على القضايا البيئية.
وتحدث إدمون صعب، رئيس التحرير التنفيذي لجريدة "النهار"،عن مدى استجابة وسائل الاعلام لصرخة الناس، خاصة في مجال البيئة. وعرض لتجربة "النهار" التي خصصت ملاحق وصفحات لقضايا التنمية منذ أربعة عقود. فوصف الإعلام البيئي بأنه "قضية انتماء وطني"، ذاكراً بعض الأمثلة عن تصدي "النهار" لمجموعة من الانتهاكات البيئية التي مارستها قوى متنفذة، وذلك بزرع مفهوم "صحافة الانتماء" لدى الاعلاميين المتابعين لقضايا البيئة. واعتبر أن النهار "مرتبطة عضوياً بالاعلام البيئي من خلال بث روح وطنية وخلق وعي عام بأن الحفاظ على البيئة ومكوناتها هو عملية حفاظ على وطن نريد أن يستمر لنا ولأبنائنا". وأكد صعب أن نجاح الصحافة البيئية يتطلب شروطاً ذاتية وموضوعية، ومنها أن تكون حرة في وجه الجهات التي تقوم بالتلويث والتدمير البيئي، وأن يصبح الصحافي البيئي "خبيراً" بما يقوم به وغنياً بالمعلومات.
المجتمع الأهلي البيئي
الجلسة الخامسة عقدت صباح اليوم التالي وتناولت المجتمع الأهلي البيئي، وأدارها الدكتور محمد الصيرفي من مركز أصدقاء البيئة في قطر.
قدم المستشار عبدالعزيز الجندي، المدعي العام المصري السابق ورئيس جمعية أصدقاء البيئة في الاسكندرية،عرضاً توثيقياً لعمل الجمعية وحملاتها الشعبية التي ساهمت في إنقاذ الكثير من المعالم البيئية، ومقاومة توجهات استثمارية لم تأخذ البعد البيئي بعين الاعتبار، وخاصة في مجالات النقل وتوسعة الشوارع. وقال ان الجمعية تلجأ عادة الى المفاوضات والضغط الاعلامي، ولكن في حال إخفاق المحاولات "نلجأ إلى القضاء الذي أنصف قضايا الجمعية في معظم الحالات". وذكر الجندي أن الجمعية استفادت من نصوص فريدة في القانون المصري تتيح للمواطنين والجمعيات حق التمثيل في مجلس إدارة جهاز شؤون البيئة، "وهذا يدل على رغبة المشرّع باشراك المنظمات البيئية في صناعة القرار والابلاغ عن الجرائم البيئية لوضع أحكام القانون قيد التنفيذ".
وتناول الدكتور سيف الحجري، نائب رئيس مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع ورئيس مجلس ادارة مركز أصدقاء البيئة، التربية البيئية وأهمية تطوير وتطبيق مفهوم "المواطنة البيئية" في الدول العربية. وقال ان السلوك يأتي في المقام الأول كمؤشر لرقي الشعوب، معتبراً أن "حماية البيئة تكليف شرعي ومسؤولية أخلاقية وواجب قومي". وركز على أهمية التعلم بالممارسة واكتشاف المهارات الاجتماعية الهادفة الى حماية البيئة. كما طالب بالتركيز الثقافي على جماليات الطبيعة، وتحسين روابط المواطنين بها.
وتكلمت خولة المهندي، رئيسة جمعية أصدقاء البيئة في البحرين، عن جهود المجتمع الأهلي البحريني في حماية البيئة. وركزت في عرضها على حالتين نجحت فيهما الهيئات الأهلية في نصرة قضيتين بيئيتين، هما الحد من تدهور الحزام الأخضر، ومكافحة التدهور الساحلي وتدمير الشعاب المرجانية في فشت العظم. وقدمت المهندي أساليب عمل الجمعية وتعاونها مع الجهات المستهدفة، وخصوصاً صناع القرار والاعلام وطلاب المدارس، من خلال عمل مدني مشترك بين مؤسسات المجتمع الأهلي.
وعرض يحيى خالد شحادة، مدير عام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة في الأردن، مواجهة الجمعية والمجتمع المدني الأردني لقيام الحكومة بتغيير قانون الزراعة في بداية العام الحالي لتسهيل تفويض الأراضي الحرجية للاستثمار. وأوضح كيفية تنفيذ الجمعية لحملة توعية استندت الى التسويق واستثمرت معظم وسائل الاتصال البيئي، من استخدام أساليب الاعلان البيئي والتنسيق مع الاعلام وتنظيم المحاضرات وتوزيع البيانات الى جمع التواقيع والضغط على صناع القرار السياسي في الحكومة ومجلس الأعيان، حتى نجحت الحملة في إلغاء القانون، "رغم أن العلاقة بين الجمعيات والحكومة والاستثمار تكون دائماً غير متكافئة".
وعرض وائل حميدان، مسؤول حملات غرينبيس المتوسط في لبنان، آلية عمل المنظمة وبعضاً من أهم نشاطاتها في لبنان والمنطقة، وكيفية التنسيق مع شبكة المنظمة حول العالم. وشرح فلسفة غرينبيس في التركيز على قضايا بيئية استراتيجية طويلة الأمد، وكذلك إنشاء وحدات تدخل سريع في بعض القضايا ذات التأثيرات الفورية التي تحتاج الى استجابات سريعة.
وبعد مناقشة عامة، عقد مؤتمر صحافي ظهر السبت 17/6/2006 أعلن فيه إنشاء المنتدى العربي للبيئة والتنمية كمنظمة إقليمية أهلية يكون مقرها بيروت.
كادر
نجيب صعب وبيئة "بلا حدود"
مع أحمد منصور على قناة الجزيرة
الأوضاع البيئية في العالم العربي والاستطلاع الذي أجرته "البيئة والتنمية" كانت موضوع حوار على قناة الجزيرة في 14 حزيران (يونيو) 2006، أجراه الاعلامي أحمد منصور مع نجيب صعب في حلقة من برنامجه "بلا حدود". عرض صعب لاتجاهات الجمهور البيئية ودور الدولة والناس، وشرح مظاهر التراجع البيئي في العالم العربي وضرورة رفع مستوى الوعي. قال انه "لا يمكن حل مشاكلنا البيئية في عزلة عن حل مشاكلنا السياسية"، ودعا الى "انشاء أحزاب سياسية خضراء تدعم حق الناس في الحرية والديموقراطية لاسماع آرائهم وفرض معالجتها". كما طالب باستخدام الدخل المتزايد من أسعار النفط في اكتساب المهارات التكنولوجية" فنصبح شركاء في التطور لا مجرد مستهلكين".
وقد تفرد أحمد منصور خلال الفترة الأخيرة بتخصيص حلقات من برنامجه الجماهيري "بلا حدود" لمواضيع بيئية. وهو قدم للمقابلة مع صعب بما يلي:
أحييكم على الهواء مباشرة من العاصمة اللبنانية بيروت وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج بلا حدود. في الوقت الذي أغرق فيه العرب في مشكلات السياسة وهمومها، صُرفوا بشكل متعمد عن الاهتمام بكل ما حولهم من مشكلات البيئة، وأهمها الهواء الذي يتنفسونه والطعام الذي يأكلونه والشراب الذي يشربونه، حتى أصبحت حياتهم كلها ملوثة مثل السياسة التي ملأت حياتهم غماً وهماً. لكن نفراً ممن تفرغوا للبحث في مشكلات البيئة في العالم العربي قرروا أن يدقوا ناقوس الخطر بصوت مرتفع، ولكن بأسلوب مهني وعلمي يقوم على إشراك المواطن نفسه في التعرف على مشكلات البيئة المحيطة به واكتشاف حجم التدمير الهائل لسلامته الصحية والنفسية، وذلك من خلال استطلاع شامل لكل الدول العربية عن علاقة الإنسان العربي بالبيئة. وعلى مدى خمسة أشهر بين نوفمبر 2005 ومارس 2006 نُظم هذا الاستطلاع من قبل مجلة البيئة والتنمية بالتعاون مع المكتب الإقليمي لغرب آسيا في برنامج الأمم المتحدة للبيئة والأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، وشاركت الصحف العربية البارزة في توزيع الاستمارات على الراغبين في المشاركة. وقد كشف الاستطلاع عن نتائج مذهلة. وفي حلقة اليوم سنحاول الانفراد بتقديم أهم ما خلصت إليه نتائج هذا الاستطلاع ليعرف العرب أن السياسة ليست كل الهموم ولكن هناك هموماً أخرى خفية خطيرة تقوم على تدمير حياتهم وبيئتهم، وسنحاول اكتشاف ذلك من خلال حوارنا مع أحد المشرفين على الاستطلاع نجيب صعب، مع الدكتور مصطفى كمال طلبة الذي استضفناه قبل أسبوعين. وُلد نجيب صعب في بيروت عام 1953، درس الهندسة المعمارية والإعلام في الجامعة الأميركية في بيروت وتخرج منها عام 1977. وقد بدأ اهتمامه بالبيئة منذ التحاقه بالجامعة فكان يكتب عن قضايا البيئة بشكل منتظم في صحيفة "النهار"، مما دفع برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتعيينه فور تخرجه مسؤولاً إعلامياً عن منطقة غرب آسيا إلى العام 1979، حيث بقي مستشاراً للبرنامج حتى اليوم. لكنه باشر العمل كمستشار في الهندسة المعمارية مع عدد من كبريات الشركات العالمية، منها جنرال موتورز، كما عمل أستاذاً محاضراً في الجامعة الأميركية في بيروت. وظل يراوده حلم إصدار مجلة عربية متخصصة في البيئة، حتى أصدر البيئة والتنمية قبل عشر سنوات. ورغم ما تحققه من خسائر مالية وحرب من مخربي البيئة، إلا أنه لا زال مقتنعاً بمشروعه، الذي أقنع كبريات الصحف العربية بالمشاركة فيه عبر نشر أهم المقالات التي تُنشر في البيئة والتنمية بشكل دوري، في محاولة لصناعة وعي بيئي لدى المواطن العربي، يدرك من خلاله أن الهواء النظيف والطعام النظيف والشراب النظيف هي أولويات يجب أن يحرص المجتمع العربي على أن يحققها، لأنها ستكون المصدر للإنسان السليم ومدخلاً لصناعة سياسة نظيفة.
"البيئة الآن" المصرية
تكتب من كواليس المؤتمر
الدكتور خالد غانم، أستاذ علوم البيئة في جامعة الأزهر المصرية ورئيس تحرير جريدة "البيئة الآن" على الانترنت، شارك في مؤتمر "الرأي العام العربي والبيئة"، ونشر سلسلة مقالات عنه على الموقع. هنا بعض ملاحظات كتبها عن "كواليس" المؤتمر، ونشرها في "البيئة الآن" المصرية:
راغدة حداد، أمل المشرفية، ليليان يوسف، عماد فرحات، بوغوص غوكاسيان، ليا قاعي، نادين حداد، نسرين عجب، سحر فرحات، داليا الجوهري، وغيرهم من أعضاء فريق "البيئة والتنمية"، أسماء ربما تعرفنا عليها من قبل على الرغم من عدم رؤية أصحابها أبداً، والفضل طبعاً للانترنت.
ومع وجودي في بيروت في مؤتمر الرأي العام والبيئة، اقتربت كثيراً منهم ولاحظت أداءهم، الذي يشبه أداء النحل داخل الخلايا في دقته وفي نظامه، حيث يعرف كل وظيفته تماماً، وإذا احتاج أحد شيئاً ربما وجده من دون أن يطلبه.
وفي النهاية وجدت الاجابة عن السؤال "لماذا ينجح نجيب صعب في بناء أهم مؤسسة بيئية عربية بجهد خاص؟" لأنه عرف أن يختار مساعديه ويربي جيلاً إعلامياً جديداً في مؤسسته. وقد لفت الحضور أن نجيب لم يمنح جوائز عيد المجلة العاشر إلى المعلنين والرعاة فقط، بل خصّ أسرة "البيئة والتنمية" بجوائز وزعت عليهم في حفل العشاء، تقديراً لجهودهم.
لقد أجمع المشاركون أنه لم يكن ممكناً جمع هذه النخبة لولا "البيئة والتنمية". فقد استطاع نجيب صعب أن يجمع في المؤتمر الناجح جداً كل نجوم البيئة العربية من أكاديميين وأهليين واعلاميين وجمهور.
وهنا بعض الملاحظات من كواليس المؤتمر:
- أسامة سرايا رئيس تحرير "الأهرام" المصرية بدأ كلمته في جلسة الإعلام والبيئة بمجاملة اللبنانيين، حيث قال أن الأهرام أسسها قبل 130 عاماًً الأخوان اللبنانيان سليم وبشارة تقلا. وقال ان الأهرام سوت مؤخراً المشاكل التي كانت عالقة بينها وبين ورثة تقلا بعد التأميم، حيث عوضتهم بـ32 مليون جنيه، كما أعيد إليهم مبنى الأهرام بالاسكندرية ونصف مبنى آخر للأهرام على نيل القاهرة.
- في رد لمجاملة سرايا قال رئيس التحرير التنفيذي لجريدة "النهار" ادمون صعب ان العلاقات بين الصحافة المصرية واللبنانية وطيدة وقديمة، وتعود إلى جبران تويني مؤسس النهار، الذي غادر لبنان بسبب الضغوط التي كان يتعرض لها من العثمانيين. وهو ذهب إلى فرنسا ثم إلى مدينة المنصورة المصرية، ومنها تزوج لبنانية كانت تعيش بالمنصورة، وكان يعمل وقتها مراسلاً للأهرام والمقطم، الى أن عاد عام 1933 إلى بيروت وأسس جريدة النهار.
- حضور خليجي مميز ظهر في المؤتمر، سواء على المستوى الرسمي أو الأهلي. فمن قطر جاء الدكتور سيف الحجري نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر والدكتور محمد الصيرفي وأحمد حسين عبدالرحمن المستشار الإعلامي للمجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية. ومـن الكويت جاء د. عبدالرحمن العوضي، أبو البيئة الكويتية، وخالد الهاجري رئيس ومنسق جماعة الخط الأخضر، ود. شكري غانم مستشار لجنة البيئة في مجلس الأمة. ومن البحرين د. رياض حمزه والناشطة خولة المهندي. ومن السعودية د. أحمد عاشور وكيل الرئاسة العامة للأرصاد والبيئة وعبدالرحمن خوجا من المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية ونايف الشلهوب مدير الإدارة العامة للتوعية البيئية بالرئاسة العامة للأرصاد والمهندس رامي إسماعيل جلي مدير العمليات لمشروع نظافة جنوب جدة. ومن الإمارات حضرت حبيبة المرعشي رئيسة مجموعة الإمارات للبيئة وشبر ابراهيم الوداعي رئيس قسم التوعية والتثقيف البيئي بهيئة البيئة والمحميات الطبيعية في الشارقة ومريم علي الحمادي اختصاصية التوعية والإعلام البيئي بالهيئة الاتحادية للبيئة في أبو ظبي والإعلامي البيئي عماد سعد ومسؤول البيئة في جمعية الامارات للغوص ابراهيم الزعبي.
- الحضور الاعلامي اللبناني والعربي كان مميزاً، وتم إحصاء أكثر من 12 كاميرا تلفزيونية وميكروفوناً في بعض الجلسات، إلى جانب عشرات المصورين والمراسلين. وهذا نادر حتى في المناسبات السياسية. واللافت أن معظم الصحف، وبينها "الأهرام" و"النهار"، غطت أخبار المؤتمر والاستطلاع على صفحاتها الأولى، التي هي عادة محجوزة للسياسة والكوارث.
- حضر الدكتور ابراهيم عبدالجليل مدير برنامج الإدارة البيئية في جامعة الخليج العربي ورئيس جهاز شؤون البيئة السابق في مصر. كما حضرت الدكتورة عواطف عبدالرحمن أستاذة الإعلام المصرية الشهيرة، والمستشار محمد عبدالعزيز الجندي النائب العام المصري الأسبق ممثلاً لجمعية أصدقاء البيئة في الاسكندرية وخالد غانم.
- مشاركات المرأة الخليجية كانت واضحة من وجود خولة المهندي وحبيبة المرعشي ومريم الحمادي ونعيمة الشايجي وغيرهن.
- من الأردن شارك باتر وردم الباحث والكاتب في شؤون البيئة والتنمية والإعلام وخالد يحيى من الجمعية الملكية الأردنية لحماية الطبيعة وأحمد القطارنة من وزارة البيئة.
- من المغرب شارك محمد التفراوتي أمين نادي الصحافة ومندوب الشبكة الوطنية للمراسلين الصحفيين المهتمين بالبيئة. وقد نجح بعد مفاوضات شاقة مع راغدة حداد وأمل المشرفية في زيارة مقر مجلة "البيئة والتنمية"، مصطحباً معه خالد غانم، في يوم عطلة.
- حرص عدد من المشاركين، وخاصة من مصر والمغرب، على زيارة ضريح الشهيد الرئيس رفيق الحريري.
- منافسات طريفة بين مصر وقطر أشعلها الإعلامى التونسي حسان التليلي من راديو مونت كارلو على طاولة الغداء في اليوم الأخير.
- الكتب التي كانت تعرضها "البيئة والتنمية" للبيع في المعرض المصاحب للمؤتمر تعرضت جميعها للنهب، بعد أن ظن المشاركون أنها للهدايا. "البيئة الآن" أخذت نصيبها من النهيبة، من أجل التوعية!
- التفاح اللبناني الشهير كان السمة المميزة والواضحة في فندق البريستول. وقد كان اختيار البريستول مركزاً للمؤتمر موفقاً، لما يتميز به هذا الفندق العريق من خدمات وضيافة.
- أضفت المذيعة المتألقة مي متى من الفضائية اللبنانية جوّاً من الغبطة بتقديمها الرائع لبرنامج حفل عشاء العيد العاشر. والفيلم التسجيلي الذى عرضته "البيئة والتنمية" عن نشاطها خلال السنوات العشر أثار اعجاب المشاركين في المؤتمر.
- حصل المشاركون في المؤتمر على حقيبة متميزة تحوي التقرير والأوراق وأعداداً من المجلة وقلماً فخماً من "أوفيد".
- قدمت "البيئة والتنمية" هدايا لجميع ضيوف العشاء، بينها خريطة لشاطئ لبنان ولوحة لفأر الكومبيوتر عليها شعار العيد العاشر.
- نسي البعض أنهم في مؤتمر عربي، وظنوا أنهم في مؤتمر دافوس مثلاً، لدقة التنظيم وروعة تصميم قاعات الاجتماع واللوحات في أرجاء الفندق والالتزام بالمواعيد.
د. خالد غانم
"البيئة الآن" ـ القاهرة
كادر
التصحر وشح المياه أزمتان رئيسستان في المنطقة العربية
و"البيئة الآمنة" من أولويات المشاريع التي يدعمها "أوفيد"
بقلم سليمان الحربش، المدير العام لصندوق أوبيك للتنمية الدولية
هناك العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تنظر الى "البيئة الآمنة" كأحد الحقوق الرئيسية للانسان، بحيث تضمن الصحة والسلامة للأجيال الحالية، دون المساس بحقوق الأجيال المستقبلية. هذه البيئة الآمنة، حتى تؤتي ثمارها، لا بد أن تضمن للفرد العيش في مناخ خال من التلوث والتدهور البيئي، وأية نشاطات قد تؤثر سلباً على الحياة والصحة العامة ومستوى العيش الكريم.
من هنا، فإن على الدول مسؤولية وضع أولويات جديدة، وبلورة استراتيجيات ابتكارية تمنع الاستنزاف المتسارع للموارد، وخلق "تدابير قانونية" أكثر فعالية لحماية البيئة البشرية وتحسينها وخصوصاً على المستوى الاقليمي. ولعل الجدير بالاشارة هنا، أن صندوق أوبك للتنمية الدولية "أوفيد" وضع نصب عينيه أن تكون من أولويات المشاريع التي يمولها المحافظة على استدامة البيئة السليمة وعدم الاضرار بمقومات الطبيعة. والحقيقة أن مؤسستنا تهدف من خلال مشاريعها الانمائية أن تعيد تأهيل البيئة.
ان الحاجة الى وضع استراتيجية شمولية لبيئة أكثر أمناً تبدو لي أكثر الحاحاً في المنطقة العربية مع تفاقم مظاهر التدهور البيئي، متمثلاً في التصحر، وارتفاع نسبة التلوث في الماء والهواء، واستنزاف الموارد الطبيعية.
ولو أخذنا التصحر كمثال، لوجدنا أن مكافحة هذه الظاهرة التي تهدد خطط التنمية المستدامة تحتم على المجتمعين الاقليمي والدولي وضع خطط واضحة المعالم تتضمن أهدافاً مباشرة تتمثل في وقف هذه الظاهرة، واستصلاح الأراضي المتصحرة، وأخرى تشمل وقف تدهور الغطاء النباتي. ويتطلب الأمر تبني نهج شامل في تخطيط وتنفيذ وادراة قطاع الأراضي، وتشجيع البرامج الرامية الى تعزيز انتاجية الأرض وترشيد الموارد المائية في الزراعة.
ورغم ادراك خطورة التصحر، الا أن وسائل مكافحته في بلداننا العربية لم ترقَ بعد الى مستوى التهديد الذي يمثله على الأصعدة البيئية والاقتصادية والاجتماعية والحضارية والسياسية والأمنية. لذا بات من الضروري اعطاؤها مكان الصدارة في خطط التنمية.
ينظر "أوفيد" الى التصحر على أنه أحد العوامل الرئيسة التي تعيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان النامية بشكل عام، والعربية منها بشكل خاص، وبالتالي تزيد تدهور المشهد البيئي. من هذا المنطلق، دعم الصندوق من خلال نافذته الاقتراضية وبرنامج المنح العديد من المشاريع التنموية والأنشطة البحثية والدراسات التي تعنى ببحث ظاهرة التصحر وتداعياتها الخطيرة على استدامة التنمية والأمن الغذائي والمائي في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. وقدم من خلال برنامج المنح مساعدات مالية تربو على 18 مليون دولار لدعم أكثرمن 40 مشروعاً تعنى بالبيئة المستدامة وشح الموارد المائية واستنفاد خصوبة التربة. وقد تم توظيف تلك المساعدات للمشاركة في تمويل استراتيجيات لخطط وبرامج تقنية المياه ومنع امتداد التصحر، وادخال تقنيات جديدة لانتاج بذور زراعية ذات جينات مقاومة للظروف الجافة، وبرامج لتحسين ادارة الموارد المائية النادرة في الزراعة، وبناء الطاقات واجراء بحوث في استخدام المياه المالحة في الزراعة.
كما ينظر الصندوق بكثير من الاهتمام الى مشكلة المياه. فالمنطقة العربية تقف اليوم على حافة أزمة مائية حرجة، حيث لا تتجاوز حصة الفرد السنوية 12 في المئة (940 متراً مكعباً) من متوسط استهلاك الفرد على النطاق العالمي البالغ 7650 متراً مكعباً. من هنا يقوم "أوفيد" بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الزراعية بتنفيذ "استراتيجية اعلامية" تنطوي على برامج تدريبية للنساء الريفيات والمزارعين بشأن الاستخدام الأمثل للموارد المائية المحدودة.
كما دعم الصندوق الأبحاث الهادفة الى ايجاد حلول للمشاكل التي يواجهها المزارعون في ظل شح الموارد، ومن ذلك المشاركة في تأسيس المركز الدولي للزراعة الملحية، الذي يدرس امكانات استخدام المياه المالحة لري المحاصيل العلفية الغذائية وزيادة الأمن الغذائي. كما ساهم في تمويل البحوث والتدريب وتقديم المساعدة التقنية الى شبكات البحوث الزراعية الوطنية بالتعاون مع الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية الدولية. كما يطمح "أوفيد" الى مساعدة الفلاحين لتطويع الأراضي القاحلة من خلال استنبات محاصيل قادرة على تحمل الظروف الاقليمية القاسية، كما في الأردن والمغرب ومصر وسورية، من خلال دعم بحوث برعاية المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا) والمركز الدولي لأبحاث البطاطا (سيب) والمعهد الدولي لأبحاث المحاصيل في المناطق المدارية شبه الجافة.
هناك العديد من التحديات والفرص المتاحة لتخطي الصعاب ولتحقيق التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة في الوطن العربي. فالتباين الشديد في مستويات الدخل يشكل تحدياً في عملية استدامة التنمية يفرض الاستغلال الرشيد للثروات المتاحة. واستنزاف الموارد الطبيعية، وخاصة المائية والطاقة، يتطلب رفع مستوى الوعي والادارة السليمة لتلك الموارد، وتشجيع أنماط الانتاج والاستهلاك المستدام، والتعاون والتكامل بين الدول العربية للمحافظة على هذه الموارد واستغلالها بما يحقق التنمية المستدامة. والعولمة وآثارها التي قد تحد من امكانية تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة تتطلب ترتيب المنطقة العربية لأوضاعها الاقتصادية والمؤسسية. كما يتوجب نقل التقنيات الحديثة وتوطينها وامتلاكها بما يتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في الدول العربية.
كادر
كيف يدعم الاعلان التنمية
"الاعلان في خدمة البيئة" كان محور الجلسة الرابعة التي أدارتها راغدة حداد، رئيسة التحرير التنفيذية لمجلة "البيئة والتنمية".
رأى مصطفى أسعد، الرئيس التنفيذي لـ "بوبليسيس ـ غرافيكس" والرئيس السابق للمنظمة الدولية للاعلان، أن الاعلان ليس فقط لترويج الاستهلاك، بل يمكن أن يكون له دور مهم في خدمة المجتمع ودعم أهداف التنمية. وأضاف أن "لقطاع الاعلان أيضاً رسالة في اقناع الشركات بتقديم إعلانات تحمل عبراً بيئية وتدعو الناس الى حماية البيئة". وأشار الى حملة التوعية الأهلية بعنوان "أنا لبنان" التي أطلقتها شركته بامكاناتها الذاتية بعد الحرب الأهلية. كما عرض لثلاث حملات تلفزيونية أعدتها "بوبليسيس غرافيكس" ونفذتها لوزارة البيئة في لبنان وكان محورها ممارسات الانسان غير الواعية المدمرة للبيئة.
وعرض فيليب سكاف، الرئيس التنفيذي لـ "غراي وورلد وايد"،في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أفكاراً ونماذج عن توظيف الاعلان في خدمة البيئة من دون أن يخسر قيمته الفنية. وذكر أن شركته "الملتزمة قضية البيئة الى الأعماق" أنتجت اعلانات عديدة لشركات ومؤسسات تهتم بحماية البيئة، "كما أصدرنا مانيفستو يطالب باعلان لبنان محمية طبيعية للشرق العربي وباعلان حالة طوارئ إعمارية وحالة طوارئ بيئية في البلد".