Tuesday 23 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
رائد الرافعي (طوكيو)، ربيع أبي غانم (ديترويت) عماد فرحات (بيروت) سيــارات 2005 "الـخضراء"   
كانون الثاني (يناير) 2005 / عدد 82
 وسط ضغوط تلوث الهواء من وسائل النقل وارتفاع أسعار الوقود، تواصل شركات صنع السيارات مساعيها لانتاج سيارات أنظف وأقل مصروفاً. وفي حين يركز اليابانيون والأميركيون على تطوير سيارات هجينة تعمل على البنزين والكهرباء، وسيارات تعمل على خلايا الوقود، يعوّل الاوروبيون على ريادتهم في تكنولوجيا الديزل لاستغلال الأسواق الخارجية. السيارات الهجينة باتت على الطرقات وتزداد أعدادها يومياً، فهل يكون الغد لسيارة الهيدروجين النظيفة التي لا تنفث الا بخار الماء؟ رئيس شركة ''نيسان'' كارلوس غصن قال مؤخراً أنه اذا لم يستخدم ابنه سيارة تعمل على الهيدروجين سنة، 2015 فسوف يقودها بالتأكيد سنة 2020.
في هذا التحقيق من عواصم صناعة السيارات آخر ما توصلت اليه تكنولوجيا السيارات الصديقة للبيئة.
السيارة التي حصلت على جائزة الابتكار من مجلة ''تايم'' عام 2002 عرضت في دبي في كانون الأول (ديسمبر) 2004. سيارة المستقبل هاي- واير (Hy-Wire) من جنرال موتورز تسير بالكهرباء، وهي تعمل بخلايا الهيدروجين مع تقنيات الأسلاك الكهربائية. وقد جمعت ميزات الدفع وأنظمة التحكم في سيارات السيدان ضمن شاسي لا تتعدى سماكته 28 سنتيمتراً، ما أتاح الوصول الى مساحة داخلية مريحة لخمسة ركاب مع أمتعتهم. ولا وجود لدواسات، بل هناك وحدة تحكم مركزية يسيطر بها السائق يدوياً على كل تجهيزات السيارة. وقد حصلت جنرال موتورز خلال تصميم هاي ـ واير على 30 براءة اختراع، تستعمل بعضها في سياراتها المنتجة تجارياً. وهي تأمل انتاج سيارات تعمل بخلايا الوقود يمكن للناس شراؤها مع نهاية العقد الحالي.
للمرة الاولى تحضر جنرال موتورز الى أسواق المنطقة العربية سيارة تعمل على غير الوقود التقليدي، ولو للعرض فقط. ولعل هذه بداية مرحلة الاعتراف بأن هذه المنطقة سوق مهمة وبأن سكانها يهتمون بالتعرف الى التكنولوجيات الجديدة والمستقبلية.
وكان سبق أن شهدت دبي في شباط (فبراير) 2001 إطلاق أول ''اسطول'' سيارات هيدروجينية من انتاج شركة بي.إم. دبليو الألمانية. والفارق أن محركها يعمل بالاحتراق الداخلي، لذا فهو سريع مثل المحرك التقليدي ولا يزيد عنه حجماً، وهو هجين يعمل على مشتقات النفط في الوقت نفسه. وبكبسة زر يمكن تحويله من خزان الهيدروجين المضغوط الى خزان البنزين أو الديزل. والانبعاثات من محرك الهيدروجين تقتصر على بخار الماء.
على البنزين والكهرباء
كم سترتفع أسعار البنزين قبل أن يتخلى الناس عن سياراتهم المسرفة ويبدلوها بأخرى مقتصدة؟ هذا السؤال مطروح بقوة حالياً، بعدما بلغت أسعار النفط رقماً قياسياً تجاوز الـ50 دولاراً للبرميل. ازاء هذا الوضع، تواصل شركات صنع السيارات مساعيها لانتاج سيارات مقتصدة بالوقود هي في الوقت نفسه أقل تلويثاً. كما تعمل فرق الأبحاث فيها على تطوير تكنولوجيات ثورية لبدائل الوقود التقليدي ومصادر الطاقة المتجددة.
في اليابان، التي تعتمد كلياً على الموارد النفطية الأجنبية، يطور صانعو السيارات تكنولوجيات أوفر وأنظف سنة بعد أخرى. فباتت السيارات اليابانية اليوم تستهلك وقوداً أقل وتنفث كميات أقل من ثاني اوكسيد الكربون وتصدر ضجيجاً أقل. واستثمروا أيضاً في سيارات تستخدم مصادر طاقة ''خضراء'' بديلة، بما فيها الوقود الهيدروجيني. ولكن، بما أن هذه لم تصبح بعد حقيقة يومية على الطرقات، فان السيارات الهجينة (hybrids) العاملة على الوقود النفطي والكهرباء تشهد نجاحاً متسارعاً بصفتها الأكثر رفقاً بالبيئة المتوافرة في السوق. وفضلاً عن طرازاتها المتوافرة في السوق، الفرصة متاحة دائماً لركوب احدى الحافلات الهجينة التي بدأت تجوب العاصمة طوكيو.
قصة السيارات ''الخضراء'' اليابانية لا بد من بدئهامع ''بريوس'' الجديدة. فسيارة الركاب الهجينة هذه، التي أطلقتها تويوتا في أيلول (سبتمبر) ،2003 تمثل ما تصفه الشركة بأنه ''انصهار البيئة والطاقة''. خلال سنة، كانت بريوس نجمة السيارات الصديقة للبيئة التي فازت بجوائز تقديرية كثيرة وضرائب تفضيلية في اوروبا والولايات المتحدة، واختيرت مؤخراً ''السيارة الاوروبية لسنة .''2005 وساعدت مبيعاتها السنة الماضية في أن تتفوق تويوتا على فورد لتصبح ثاني أكبر صانع سيارات في العالم. هذه السيارة التي يبلغ ثمنها نحو 20,000 دولار في اليابان، أثبتت حسن أدائها البيئي نتيجة كفاءتها العالية في استهلاك الوقود التي تبلغ 35,5 كيلومتراً بالليتر، وانخفاض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون والملوثات المكونة للضباب الدخاني مثل أكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات، وهي أدنى بما يصل الى 90 في المئة من انبعاثات سيارات البنزين العادية.
الجيل الأول من بريوس أطلقته تويوتا في 1997 على أنه الطراز الأول من السيارات الهجينة للانتاج التجاري. وهو مبني على نظام يجمع بين محرك احتراق داخلي للسرعة العالية كفوء من ناحية النظافة، وموتور كهرباء للسرعة المنخفضة. ففي حالات تتطلب استهلاك كمية كبيرة من الوقود، مثـل بدء تشغيل المحرك والقيـادة داخل المدينة، يزود موتور الكهربـاء الطاقة اللازمة لدفع العجلات. وأثناء السير العادي، يعمـل الموتور والمحرك متعاونين. والميزة الكبرى لهذا النظام أن البطارية لا تحتاج الـى اعادة شحن كمـا فـي السيارات الكهربائية الصرفة. وبفضـل نظام الفرملة المتجدد (regenerative braking system) فان الطاقة الحركية التي تُستهلك عادة أثناء تزايد السرعة والفرملة تُستردّ كطاقة كهربائية. كما يمكن للمحرك أن يعيد شحن البطارية مباشرة عند الحاجة.
فـي محاولة لادخال مزيد مـن التحسينات على تكنولوجيتها، زودت تويوتا سيارة بريوس الجديدة بنظام هجين مستقبليّ(THS II)  يزيد قدرة المحرك مرة ونصف مرة ويسمح بتعاون أكبر بين قدرتي الموتور والمحرك. ونتيجة لذلك باتت أقوى وأمتع قيادة، وفي الوقت نفسه ذات أثر أخف كثيراً على البيئة. وقد باعت تويوتا حتى الآن أكثر من 280 ألف سيارة بريوس في اليابان والولايات المتحدة واوروبا، وتتوقع زيادة انتاجها بنسبة 50 في المئة سنة .2005 والتحدي المقبل هو تطبيق هذا النظام الهجين على طرازات أخرى مثل الميني فان والسيارات الرياضية (SUV).
''هجائن'' من اليابان الى أميركا
تويوتا ليست الصانع الوحيد للسيارات الهجينة. فقد نجحت هوندا في ان تفرض على الأسواق اليابانية والأميركية طرازاتها الهجينة الثلاثة إنسايت وسيفيك وأكورد، وتتوقع بيع 50 ألفاً منها سنة 2005. وكانت إنسايت أول سيارة هجينة تطلقها هوندا في الأسواق عام 2000. وهي ذات بابين، وشكلها الذي يشبه الدمعة يوفر لها انسيابية هوائية عالية. وقد استخدمت فيها مجموعة تكنولوجيات تجعلها حالياً من أكثر السيارات المتوافرة اقتصاداً بالوقود. وهي على الطرق السريعة لا تستهلك إلا 3,3 ليترات بنزين لتقطع مسافة 100 كيلومتر، بفضل محركها الخفيف جداً الذي يحوي ثلاث أسطوانات ويعمل على البنزين، مقروناً بموتور كهرباء صغير وخفيف الوزن. وكشفت هوندا النقاب في الخريف الماضي عن سيارتها أكورد الهجينة التي تنطلق من الصفر الى سرعة 100 كيلومتر في الساعة خلال 6,5 ثوان، ومع ذلك تقطع مسافة كبيرة بالغالون على الطريق السريعة.
صانعو السيارات اليابانيون الآخرون ما زالوا مترددين في تطوير طرازاتهم الهجينة الأصلية. فقد قررت نيسان، مثلاً، شراء تكنولوجيا تويوتا الهجينة، ولن تطلق طرازها ''ألتيما'' الهجين في الأسواق قبل سنة 2006. وهي ترغب في التركيز أساساً على إنتاج هجائن تتمتع بأداء وتسريع السيارات غير الهجينة.
الشركات الأميركية الثلاث الكبرى، فورد وجنرال موتورز وكرايزلر، أصابت نجاحاً في فئات معينة. فهجينة فورد الجديدة ''إسكيب'' هي السيارة الرياضية الأكثر اقتصاداً بالوقود، اذ تقطع نحو 50 كيلومتراً بالغالون على الطريق السريعة. فقد دخلت الخدمة الفعلية على الطرقات في أيلول (سبتمبر) الماضي وبلغ سعرها 27,000 دولار. و''رينجر'' من فورد هو البيك ـ أب الأكثر اقتصاداً بالوقود، اذ يقطع نحو 45 كيلومتراً بالغالون على الطريق السريعة. وتصنع شيفروليه سيارة السيدان الكبيرة الأكثر اقتصاداً بالوقود من طراز ''ماليبو ماكس''، فضلاً عن فانات الشحن والركاب المقتصدة.
وفي حديث الى ''البيئة والتنمية''، أوضح آندي آشو، مدير الاستراتيجية البيئية في شركة فورد، أن مصانع الشركة حول العالم مصممة بما يحافظ على سلامة البيئة، ''فمصنع روج في ديربورن مثال التصنيع المستدام في القرن الحادي والعشرين، حيث سيكون لدينا أكبر سطح ''حي'' في العالم. وهو سطح مساحته 40,000 متر مربع يعمل بمثابة حديقة تنمو فيها الأشجار والنباتات، ولا يحتاج الى صيانة تذكر، ونظام امتصاص الماء فيه يجمع الماء ويوفر المال من خلال مضاعفة عمر السقف وتخفيض الحمل الحراري في المصنع، مما يقلل استهلاك الطاقة. ولدينا موقف نفّاذ للسيارات يمتص الماء، حيث تجمع المياه وتُنقّى قبل ان تصرف في النهر كمياه نظيفة. ولدينا طريقة لجمع ابخرة الطلاء من مرفق الدهان وتحويلها الى هيدروجين نستعمله في ما بعد في خلايا الوقود للمساعدة في تزويد مصانعنا بالطاقة. ويعمل مصنع تابع لفورد في بريطانيا بالطاقة الشمسية بنسبة كبيرة. وقد بدأنا استخدام طاقة الرياح في بعض المصانع، وأحدها يستخدم الطاقة من غاز الميثان الذي يتم استخراجه من مطمر للنفايات".
وتخطط جنرال موتورز لانتاج طرازات هجينة من '' جي إم سي سييرا'' و''شيفي سيلفرادو''. وقد دخلت كرايزلر السوق مؤخراً. وبلغت المبيعات الأميركية للسيارات الهجينة (hybrid cars) العاملة على البنزين والكهرباء 42,425 سيارة عام 2003، بنسبة 0,26 في المئة فقط من السيارات المبيعة والبالغ عددها 16,7 مليون سيارة. ولكن قدِّر وصول المبيعات الى 87,000 سيارة عام 2004 والى 183,000 سيارة في 2005، على أن تشكل 5 الى 10 في المئة من المبيعات بحلول سنة 2015.
وثمة تجارب أيضاً لانتاج سيارات ديزل هجينة، فيها محرك ديزل تقليدي موصول بموتور كهرباء وبطارية لتخزين الطاقة غير المستهلكة، مما يوفر قيادة نظيفة وهادئة في السرعات المنخفضة. لكن ارباب الصناعة يستبعدون أن تتحرك هذه السيارات قريباً خارج مختبر الأبحاث. المشكلة الرئيسية هي أن انتاج سيارات الديزل الهجينة باهظ الكلفة، يزيد آلاف الدولارات عن انتاج هجائن البنزين والكهرباء. فشاحنة الديزل الهجينة التي تنتجها تويوتا، والتي نزلت الى السوق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003، تكلف أكثر من شقيقتها العاملة على الديزل وحده بنحو 10 آلاف دولار، أي بمقدار الثلث.
وتوقعت مؤسسة CSM Worldwide البحثية في ديترويت أنه، بحلول سنة 2007، سيكون هناك نحو 22 خياراً هجيناً من الطرازات الرائجة.
ديزل اوروبا وبنزين أميركا
مع ان صانعي السيارات الاوروبيين شغلوا أنفسهم بتكنولوجيا السيارات الهجينة في المختبرات طوال عقود، فقد فضلت رائدة المبيعات المكثفة فولكسواغن تكنولوجيا أقدم هي الديزل. وتبعها معظم المنافسين الأوروبيين بسرعة، على رغم مخاوف الاتحاد الأوروبي حول التلوث. ومن المقرر ان يسير نصف السيارات الاوروبية على وقود الديزل سنة 2005. وفي حين يطلق الديزل جزيئات أكثر من البنزين، إلا أن انبعاثاته الأخرى أقل، ومحركات الديزل الجديدة أصبحت أكثر نظافة. وتصل حصة الديزل في أوروبا إلى نحو 10 في المئة. وكان صانعو السيارات في أوروبايعولون على ريادتهم في تكنولوجيا الديزل لاستغلال الأسواق في الخارج. لكن الولايات المتحدة فرضت بموجب قانون الهواء النظيف مقاييس انبعاثات صارمة هزَّت سوق سيارات الديزل فيها.
تلقى الديزل دفعة في اوروبا عندما أصبح الاحترار العالمي قضية بيئية ساخنة، وبات ينظر الى محركات السيارات على انها المصدر الرئيسي لثاني اوكسيد الكربون، الذي هو غاز الدفيئة الأكثر انبعاثاً من صنع الانسان. ومبرِّر ''كفاءة الديزل'' في اوروبا ان السيارات العاملة عليه تحرق وقوداً أقل بمعدل 25 في المئة وتنتج كمية من ثاني أوكسيد الكربون أقل 25 في المئة مما تنتجه السيارات العاملة على البنزين. وقد فرضت البلدان الاوروبية ضرائب عالية على البنزين، ومنحت تخفيفات ضريبية للديزل الذي يباع حالياً أرخص بنسبة 15 الى 20 في المئة.
لقد اختارت اوروبا الديزل ليكون الوقود الأنظف والأكفأ. أما في الولايات المتحدة، فمازالت السياسة الحكومية تدعم تفضيل المستهلك الأميركي للسيارة الرياضية  (SUV)، التي هي عامل رئيسي وراء استمرار تصاعد الطلب على النفط. وهناك غموض في الأنظمة الأميركية يسمح باعتبار هذه السيارات ''شاحنات خفيفة''، وبذلك لا تخضع لمتطلبات انبعاثات سيارات الركاب. ومعدل الضريبة الاجمالية على البنزين في الولايات المتحدة هو 25 في المئة، بالمقارنة مع 50 في المئة في اليابان وأكثر من 70 في المئة في اوروبا الغربية، مما يفسر جزئياً لماذا يستهلك الأميركي ضعفي الطاقة التي يستهلكها الأوروبي.
الصدور الوشيك لأنظمة أكثر صرامة حول تلوث الهواء في الولايات المتحدة وأوروبا دفع سيارات الديزل لكي تصبح أنظف. وتنتج فولكسواغن نحو 30 ألف سيارة ديزل في السنة من طرازات مثل ''بيتل'' و''غولف''، وهذه تباع بيسر في الولايات المتحدة. وفي نيسان (ابريل) الماضي، أدخلت مرسيدس سيارتها من طراز E سعة 3,2 ليتر الى السوق الأميركية، وهي تعمل على الديزل وسرعتها تتزايد أكثر من سيارة البنزين المعادلة لها وتقطع مسافة أفضل بنسبة 30 في المئة.
خلايا الوقود واقتصاد الهيدروجين
مع هيمنة السيارات الهجينة على ''القطاع الأخضر'' حالياً، يستحسن أن نتذكر أنها ليست الأكثر رفقاً بالبيئة. فالسيارات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني تمثل أنظف دفع، اذ لا تصدر عنها أي انبعاثات ضارة. فهي، مثالياً، تعمل على الأوكسيجين والهيدروجين المأخوذ من مصدر نقي أو من مركّب غني بالهيدروجين مثل الميثانول، ولا تنفث إلا بخار ماء.
وقد حصلت هوندا FCX 5002 مؤخراً على ترخيص للاستعمال التجاري في الولايات المتحدة، وأثبتت أن نظم خلايا الوقود ليست بالضرورة معقدة وباهظة الثمن، وهي قد تمهد الطريق أمام تسويق مكثف.
وباستخدام تكنولوجيا مختلفة، ابتكرت مازدا سيارة RX-8 التي يمكن أن تعمل إما على الهيدروجين أو علىالبنزين لتشغيل محرك الاحتراق الداخلي. وهناك مفتاح تحويل يدوي يتيح للسائق أن يقرر مصدر الوقود الذي يريد استعماله. وتسير السيارة على الهيدروجين مسافة تصل الى 100 كيلومتر داخل المدينة حيث لا تصدر عنها أي انبعاثات ضارة.
وكشفت شركة بي.إم. دبليو النقاب مؤخراً عن أسرع سيارة تعمل على الهيدروجين في العالم هي H2R التي تسير بسرعة تزيد على 300 كيلومتر في الساعة. وبخلاف غالبية السيارات العاملة على الهيدروجين، لا تعمل H2R بخلايا الوقود وانما من خلال محرك احتراق سعة 6 ليترات ويحوي 12 اسطوانة. لكن الشركة تحذر من أنه، في حين أن السيارات العاملة على الهيدروجين لا تلوث، فإن انتاج الهيدروجين ينطوي على تلوث، اذ يتم الحصول عليه إما من أنواع الوقود الاحفوري مثل الغاز الطبيعي، واما من خلال تمرير طاقة كهربائية في جزيئات الماء. والعائق الرئيسي أمام استعمال خلايا الوقود الهيدروجيني في السيارات هو كلفتها، التي تبلغ 100 ألف دولار بالمقارنة مع 4000 دولار لمحرك بنزين ذي قدرة مساوية. ويقول بوركارد غوشل عضو مجلس ادارة بي.إم. دبليو: "ان مسيرتنا نحو المستقبل تدعى الهيدروجين، لكن بطريقة توفر تحولاً أخضر نحو تكنولوجيا المحركات الحالية".
ومن العوائق التي تعترض الانتشار الواسع لهذه السيارات البالغة النظافة عدم وجود بنية تحتية للتزود بالوقود. ولتجاوز هذه العقبة، تضافرت جهود الحكومة اليابانية والقطاع الصناعي للوصول الى استعمال عملي لسيارات خلايا الوقود. وهناك حالياً أكثر من عشر محطات في مدينة طوكيو وحولها لتزويد سيارات خلايا الوقود بالهيدروجين. وقد أنشأت شركة النفط اليابانية ''كوزمو'' احدى هذه المحطات في مدينة يوكوهاما عام ،2003 وفي سنة واحدة كانت 684 سيارة تتزود منها.
وكبادرة تفاؤلية، افتتح حاكم كاليفورنيا آرنولد شوارتزنغر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي محطة للتزود بالهيدروجين في مطار لوس انجلس الدولي، داعياً اياها المحطة الأولى في ''طريق هيدروجيني سريع''. وقد جال في المحطة في سيارة نموذجية زرقاء من طراز ''هامر'' تعمل بالهيدروجين، أعارتها شركة جنرال موتورز الى سلطات الولاية كوسيلة ترويجية. شوارتزنغر، الذي وقع في نيسان (ابريل) الماضي أمراً تنفيذياً بإنشاء شراكة لبناء شبكة من محطات الهيدروجين عبر كاليفورنيا بحلول سنة 2010، قال انه يريد انهاء جدل ''الدجاجة والبيضة'' في الصناعة حول ما سيأتي أولاً: محطات التزود بالوقود أم السيارات التي تستعملها؟ وستخدم المحطة في البداية أسطولاً صغيراً من السيارات العاملة على الهيدروجين في المطار، لكنها ستكون مفتوحة للجمهور خلال خمس الى عشر سنوات. ويهدف شوارتزنغر الى جعل ولاية كاليفورنيا رائدة في استخدام السيارات العاملة على الهيدروجين من خلال بناء 200 محطة وقود خلال هذاالعقد.
في دراسة حديثة لسياسة الطاقة الأميركية أجراها فريق من الخبراء في معهد روكي ماونتنز بولاية كولورادو، أن الولايات المتحدة، بعدما تلقَّت ''صدمات نفطية''، عمدت بين عامي 1977 و1985 الى زيادة كفاءة الوقود وخفض استهلاك النفط بنسبة 17 في المئة والمستوردات النفطية الصافية بنسبة 50 في المئة، في حين نما اقتصادها بنسبة 27 في المئة. وكان مفتاح تلك الثورة زيادة كبيرة في معدل المسافة التي يقطعها أسطول السيارات الأميركي بغالون البنزين.
وقد اعلنت وزارة الطاقة الاميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عن خطط لاستثمار 350 مليون دولار في مشاريع علمية وبحثية تتعلق بالهيدروجين وخلايا الوقود، من شأنها أن تخفف اعتماد الولايات المتحدة على النفط وتوفر مصدراً أنظف للطاقة. وسوف يستثمر القطاع الخاص مبلغاً آخر قدره 225 مليون دولار في الأبحاث خلال السنوات الخمس المقبلة، ليساعد في جعل السيارات العاملة بخلايا الوقود أقرب الى الاستغلال التجاري في غضون خمس الى عشر سنوات. وهذه هي المرحلة الاولى من انفاق 1,2 بليون دولار تعهد بها الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش لجعل خلايا الوقود أقرب الى الحقيقة بالنسبة الى المستهلكين. وتريد ادارة بوش أن تكون السيارات العاملة على الهيدروجين متوافرة في السوق للمستهلكين بأسعار يمكن تحملها في موعد أقصاه سنة 2020. لكن دراسة أجرتها الاكاديمية الوطنية للعلوم، وهي مجموعة مستقلة تقدم نصائح وتوصيات علمية الى الكونغرس الاميركي، تقول انه "في السيناريو الأفضل، سوف يستغرق الانتقال الى اقتصاد الهيدروجين عدة عقود، وأي انخفاضات في المستوردات النفطية وانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون يتوقع أن تكون ضئيلة خلال السنوات الـ 25 المقبلة".
يقول فريتز هندرسون، رئيس الفرع الاوروبي لشركة جنرال موتورز: ان ''الوسيلة لاخراج السيارات من المعادلة البيئية هي اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود القائمة على الهيدروجين''. لكنه يعتقد أن السيارات العاملة على خلايا الوقود لن تحقق مبيعات ضخمة سريعاً. أما يورغن هيوبرت، رئيس مجموعة مرسيدس التابعة لشركة دايملر كرايزلر، فيرى أن رواج السيارات العاملة بخلايا الوقود سيستغرق 10 سنوات.
القرار في الصين!
لم يتحقق تقدم يذكر في طلب المستهلك للسيارات الكهربائية (EVs) خلال السنوات القليلة المنصرمة، مما خيب أمل كثيرين. ففي العام 1999، أوقفت هوندا صنع سيارتها الكهربائية EV Plus. وبعد سنة، توقفت جنرال موتورز عن انتاج EV1 وقررت عدم تجديد عقود سياراتها الكهربائية التي أجَّرتها لمدة ثلاث سنوات. وتوقفت تويوتا عام 2003 عن صنع سيارتها الرياضية RAV4 EV. أما الميني فان الكهربائية Epic من كرايزلر وRanger EV من فورد وAltra EV  من نيسان، وطرازات أخرى، فهي متوافرة للعرض فقط أو للاستعمال بأعداد محدودة ومن دون جداول زمنية لانتاج طرازات جديدة.
أي تكنولوجيا ستكسب قصب السبق؟ سؤال قد تجيب عليه الصين، التي يتوقع أن تتفوق على الولايات المتحدة كأكبر سوق للسيارات في العالم بحلول سنة 2020. وتمتلك الصين حالياً عدداً قليلاً نسبياً من السيارات لا يتجاوز 20 مليوناً، أي بمعدل نحو 7 سيارات لكل 1000 فرد، في مقابل 100 في البرازيل و940 في الولايات المتحدة. لكنها مهيأة للحاق بالركب سريعاً. فوفق معدل نموها الراهن، سوف تتجاوز اليابان وتصبح ثاني أكبر سوق للسيارات في العالم بحلول سنة 2011، حين تبلغ المبيعات السنوية 5 ملايين سيارة. وتشهد بيجينغ نمواً في عدد السيارات نسبته 15 في المئة سنوياً، مما يساهم في تكوين الغيمة الرمادية الضاربة الى الصفرة التي كثيراً ما تخيم على هذه المدينة.
ضخت الصين أكثر من 200 مليون دولار في أبحاث خلايا الوقود خلال العامين الماضين، ومن المتوقع أن يزداد تمويلها عدة أضعاف في السنوات المقبلة. وقد بدأت تكوين اسطول حافلات يعمل بطاقة بديلة. ويشمل أسطول النقل العام في بيجينغ 120 حافلة تعمل بالبطارية فقط. وتخطط مدينتا بيجينغ وشنغهاي لبناء محطات للتزود بالهيدروجين السنة المقبلة، بانتظار تحويل معظم سيارات الأجرة والحافلات التي تعمل بالغاز الطبيعي في البلاد وعددها 190 ألفاً الى الهيدروجين.
صناعة السيارات تشهد حالياً دينامية وابداعاً في الكفاح لانقاذ البيئة. لكن عصر الكهرباء والهيدروجين والنقل النظيف لن يحلّ في القريب العاجل. والتركيز الأكبر حالياً هو على السيارات الهجينة. فاذا تكيفت مع عادات السائقين ومع البنية التحتية القائمة للتزود بالوقود، يمكن اعتبارها السيارات البيئية الأكثر ملاءمة حالياً وربما في العقدين المقبلين. ويقدر أن قطاع النقل سيكون مسؤولاً عن نحو 80 في المئة من نمو الاستهلاك النفطي العالمي خلال السنوات الـ25 المقبلة. ولعل مزيجاً من الزيادة الضريبية على المنتجات النفطية، وفرض مقاييس أكثر تشدداً على صانعي السيارات في ما يتعلق بالمسافة والانبعاثات، واعطاء حوافر تشجيعية لشراء سيارات ''خضراء''، هي الطريق الى مجتمع أنظف.
كادر
إعادة التدويرفي صناعة السيارات اليابانية
في تطوير عملي لاستراتيجية اقامة مجتمع موجَّه لاعادة التدوير، وضعت الحكومة اليابانية ''قانون اعادة تدوير السيارات'' الذي يسري ابتداء من سنة .2005 فأصبح لزاماً على صانعي السيارات الآن تجميع مركبات الكلوروفلوروكربون (CFC) والهيدروفلوروكربون (HFC) وأكياس الهواء والمخلفات الناتجة عن السيارات المنتهية الخدمة، والتخلص منها بطريقة ملائمة.
وقد ضفر صانعو السيارات في اليابان جهودهم لتطوير استراتيجيات فعالة لاعادة التدوير. ففي العام 2003، كشفت تويوتا عن نظامها الخاص بالتقييم البيئي (Eco-Vas) للسيارات التي تجمِّعها الشركة في اليابان للأسواق المحلية وللتصدير، في كل مراحل صناعتها واستخدامها والتخلص منها''. ومن المدهش في هذا المجال أن تويوتا تطور تكنولوجيا حيوية لانتاج بلاستيك حيوي (بيوبلاستيك) يستعمل في صنع قطع غيار قابلة للتحلل البيولوجي.
وثمة شريك ناشط آخر في الكفاح من أجل سيارات أكثر رأفة بالبيئة، هو شركة دنسو اليابانية التي تعتبر من الموردين الرياديين لقطع السيارات في العالم. فهي منذ سنوات تبتكر تكنولوجيات ومنتجات تخفض العبء البيئي للسيارات، مثل نظام القضبان المشترك الذي يزيد كفاءة الوقود في سيارات الديزل، وفلتر جسيمات الديزل، والضاغطة الكهربائية لبطارية تويوتا بريوس.
حتى الشركات التي تصنع الاطارات بدأت تفكر في النواحي البيئية. فشركة يوكوهاما للمطاط، مثلاً، طورت مؤخراً مجموعة الاطارات البيئية "DNA” التي تمكن السيارات من السير بسلاسة أكبر مع احتكاك أقل، وبذلك تحقق مزيداً من الوفر في استهلاك الوقود.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.