البيان الذي اتفق عليه ممثلو المنظمات الأهلية من جميع أنحاء العالم يتحدى الحكومات لتثبت مدى جديتها في الكلام على التنمية المستدامة ورعاية البيئة. هنا أبرز ما جاء في هذا البيان الذي سيرفع الى المنتدى البيئي الوزاري العالمي الذي سيعقد في دبي في شباط (فبراير) 2006
الطاقة والمواد الكيميائية والسياحة هي القضايا الرئيسية المطروحة على اجتماع المنتدى الوزاري البيئي العالمي الذي يعقد في دبي الشهر المقبل. المنظمات الأهلية العالمية تطرح رؤيتها لادارة مستدامة لهذه القطاعات، في بيان بدأ إعداده خلال اجتماعها في البحرين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، وتم انجاز صيغته النهائية مؤخراً. وقد اجتمع ممثلو أكثر من 300 منظمة غير حكومية وهيئات مدنية في ست جلسات استشارية عقدت في أقاليم مختلفة حول العالم للمشاركة في صياغة هذا البيان.
يقتبس بيان منظمات المجتمع المدني من أجندة 21 فقرة تقول: ''ان السبب الرئيسي لاستمرار تدهور البيئة العالمية هو النمط غير المستدام للاستهلاك والانتاج، خصوصاً في البلدان المصنعة، مما يشكل عامل قلق شديد ويفاقم الفقر واختلالات التوازن''. وفي ضوء محدودية الموارد المتاحة لدعم رفاه الانسان، يرى البيان ضرورة لمزيد من انماط ترشيد الانتاج والاستهلاك، ما يتطلب تقدماً علمياً وتقنياً، والأهم من ذلك تغيرات أساسية في القيم التي تعزز التنمية المجتمعية، اضافة الى الارادة السياسية اللازمة لتنفيذ هذه التغيرات. ويطالب بتطوير رؤية أوسع للرعاية تهدف الى تلبية الحاجات بدلاً من زيادة الاستهلاك. لكن السياسات الحكومية وآليات التمويل المتعددة الأطراف التي توجهها فقط مبادئ مرتبطة بالسوق لنتضمن تحقيق هذه الرؤية الأوسع.
يرحب البيان بالتزام برنامج الأمم المتحدة للبيئة تسهيل مشاركة ذات معنى للمجتمع الأهلي في نشاطاته، وفي العمليات والبرامج والمبادرات العالمية والوطنية. ويلاحظ ان حقوق هذه المشاركة تحسنت في عدة منتديات دولية، رغم ان بعض الحكومات تواصل معارضتها أو حتى تحديها. لذلك يحث المنتدى البيئي الوزاري العالمي وجميع الحكومات على مراجعة التزامها المبدأ العاشر من اعلان الريو حول البيئة والتنمية من خلال عدة تدابير، منها التزام مبدأ ''موافقة المجتمعات المتأثرة بعد علم مسبق''، وتعزيز مشاركة الشعوب الفطرية والاقليات والجماعات الأخرى القاصرة التمثيل في صنع القرارات المتعلقة بالتنمية المستدامة، وضمان المشاركة الفعالة لجميع الجهات المعنية في النشاطات البيئية والصحية والتنموية المستدامة المتعددة الأطراف. كما ان مشاركة الشباب، بما في ذلك تأمين عمل لهم، ضرورية لايجاد حلول للمشاكل البيئية العالمية.
ويرى البيان أن حلول المشاكل البيئية العالمية يجب ان تبنى على مقاربات تسهل الانسجام بين القطاعات المتعددة والجهات المعنية. ويدعو برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومجلسه التنفيذي والمنتدى البيئي الوزاري العالمي وجميع الحكومات الى اعادة تنشيط الجهود لتعزيز ثقافة التنمية المستدامة، من خلال ابتكار واستخدام أدوات فعالة تشجع السلوك الصديق للبيئة من قبل جميع الهيئات الفاعلة. وهناك ضرورة لمقاربة علمية موضوعية من اجل تعزيز فهم قيمة خدمات النظم الايكولوجية للمحافظة على مقومات دعم الحياة وتخفيف الفقر.
والمجتمع المدني قلق الى أبعد الحدود من تزايد وتيرة الدمار الذي تسببه الكوارث الطبيعية. لذلك تدعو المنظمات الاهلية برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالسرعة الممكنة وبالتنسيق مع وكالات الغوث والعون والمنظمات الحكومية المشتركة، الى تطوير وتعزيز استعداد الهيئات المعنية لتنفيذ خطط للخدمات الطارئة واعادة البناء إثر وقوع الكوارث، والتي تشمل مقاربات مستدامة وسليمة بيئياً تتعلق بالتخلص من النفايات وأعمال التنظيف، واعادة بناء شبكات النقل والطاقة والبنى التحتية الأخرى، واستعادة القدرة الزراعية والصناعية، وتوفير المساكن الطارئة والدائمة، وتجديد النشاطات التجارية بما في ذلك السياحة.
ويلفت البيان الى مناطق أخرى سريعة التأثر في العالم، مثل المنطقة القطبية الشمالية التي قد تعاني قريباً من كارثة بيئية، اذ تتحمل عبئاً غير متكافئ نتيجة الآثار الضارة لبعض النشاطات الصناعية، خصوصاً تلك المتعلقة بانتاج الطاقة والمواد الكيميائية واستعمالها والتخلص منها.
وترفض المنظمات الأهلية انتشار الأسلحة النووية واستمرار تخزينها، علماً ان قضايا التخلص من نفايات الطاقة النووية لم تحل بعد، مما يجعلها تهديداً للأمن والصحة. لذلك تعارض اقامة محطات نووية جديدة واستمرار تشغيل المحطات القائمة. وتطالب الحكومات بأن تعالج فوراً التأثيرات الضارة التي تصيب الانسان والبيئة في كثير من مناطق العالم نتيجة انتاج وتخزين الأسلحة والنفايات النووية.
ادارة المواد الكيميائية
يرى البيان أن المواد الكيميائية توفر فوائد اجتماعية كثيرة، لكن ادارتها بشكل غير صحيح أو غير مناسب، بما في ذلك المواد الموجودة في المنتجات الاستهلاكية والنفايات والناتجة عن حوادث وتسربات، تهدد حقوق الانسان في الحياة والصحة والرفاه، خصوصاً الأطفال والسكان السريعي التأثر والأجيال المقبلة. فالقرارات التي تصدر حالياً حول انتاج المواد الكيميائية أو التصريح باستخدامها غالباً ما تكون مبنية على تقييم تأثيراتها على البالغين الأصحاء، في حين يجب أن توجه لحماية الجماعات الأكثر حساسية خصوصاً الأطفال في طور النمو.
ويحث البيان الحكومات على معالجة الفجوات والنواقص الكثيرة التي تتضمنها خطة عمل المقاربة الاستراتيجية للادارة الدولية للمواد الكيميائية (SAICM)، بما فيها تلك المتعلقة بالمستحضرات الصيدلانية والمضافات الغذائية والمواد الكيميائية المشعة.
وتحث المنظمات الأهلية جميع الحكومات والجهات المشاركة في المفاوضات حول خطة عمل SAICM على اعتبارها التزاماً سياسياً ومعنوياً واخلاقياً بالعمل على تحقيق هدفها الذي يقضي بأن يتم إنتاج المواد الكيميائية واستعمالها بطرق تقلل من تأثيراتها الضارة على صحة الانسان والبيئة بحلول سنة .2020 ويطالب البيان بأن يشمل تنفيذ خطة العمل اجراءات للتخلص على مراحل من مواد كيميائية معنية وايجاد بدائل وحلول أكثر أماناً، عندما تتسبب بتأثيرات ضارة على صحة الانسان أو البيئة في الظروف العادية لانتاجها أو استعمالها أو التخلص منها. ويرى أن خطة العمل لن تنجح الا اذا اشتملت على آلية تمويل توفر أموالاً جديدة واضافية وافية للبلدان النامية والبلدان التي تمر اقتصاداتها في مرحلة تحول، وفقط اذا استخدمت هذه الأموال بفعالية.
وترحب المنظمات بتبني المجلس التنفيذي للقرار 23/9 حول ادارة المواد الكيميائية، والذي يطلب من برنامج الأمم المتحدة للبيئة تطوير برنامجه الخاص بالزئبق، ومن الحكومات والجهات المعنية الأخرى اتخاذ اجراءات فورية لتخفيف الأخطار التي تهدد صحة الانسان والبيئة والناتجة عن استعمال الزئبق على نطاق عالمي. كما تدعو الى وقف انتاج وبيع واستعمال البنزين المحتوي على رصاص، على مراحل.
ويحث البيان المجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنتدى البيئي الوزاري العالمي والحكومات على دعم وتقوية قدرة قسم المواد الكيميائية التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة على تسهيل تنفيذ الاتفاقيات والمبادرات المتعددة الأطراف المتعلقة بالمواد الكيميائية، وعلى مساعدة الحكومات والمجتمع الأهلي في اتخاذ اجراءات لادارتها بطريقة سليمة. كما يطالب الحكومات باتخاذ اجراءات على المستويين الوطني والمحلي لكي تمنع، إلا لأغراض صحية وبحثية عامة صادقة، انتاج وتصدير مواد كيميائية وتكنولوجيات يحظر استعمالها داخل حدودها. ويدعو الى تبني استراتيجيات ''صفر نفايات''، مشدداً على الاسترداد في المصدر وتأمين فرص العمل وملكية المجتمعات المحلية.
الطاقة من أجل تنمية مستدامة
يرى البيان العالمي للمنظمات الاهلية أن الطاقة هي، في آن معاً، محرك التنمية ومصدر كثير من المشاكل التي يواجهها العالم اليوم. فهناك نحو 2,4 مليار شخص في البلدان النامية يفتقرون الى مشتقات نفطية عصرية لأغراض الطبخ والتدفئة، بينما لا يتسنى لنحو 1,6 مليار شخص الوصول الى الكهرباء. وعلاوة على ذلك، أدت نشاطات الانسان، وخصوصاً استهلاك الوقود الأحفوري، الى ارتفاع حرارة الأرض وتغير مناخها على المستويين العالمي والاقليمي منذ عصر ما قبل التصنيع، على أن معظم الاحترار حدث خلال السنوات الخمسين الأخيرة. ويشكل الاحترار العالمي قنبلة موقوتة تهدد وجود بلدان نامية قائمة على جزر صغيرة، ومناطق منخفضة، وثقافات فطرية، وشعوب أصلية تعتمد على الموارد الطبيعية في المنطقة المتجمدة الشمالية، وأنواع حيوانية ونباتية لا تحصى في أنحاء العالم.
ويشدد البيان على ان البنية التحتية الحالية للطاقة هي غير مستدامة، ومعرضة لكوارث طبيعية، وغير كافية على نحو محزن في كثير من البلدان النامية. وهدر الطاقة اثناء مرحلة الانتاج والنقل مشكلة خطيرة. ونصف الزيادة المقدرة في انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً يمكن اجتنابه من خلال استخدام أكفأ للطاقة.
ويطالب البيان باعادة هيكلة السياسات التسعيرية والضرائبية للبترول لتعكس كلفته الحقيقية كمورد ناضب، مع الأخذ في الاعتبار المخاوف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للبلدان المستهلكة والمنتجة. فعلى الحكومات أن تتبنى استراتيجيات طاقوية متكاملة ومترابطة، تشتمل على اجراءات حمائية، واصلاحات جذرية لسياسة دعم الأسعار، والتوعية وبناء القدرات حول الاقتصاد في استهلاك الطاقة واستخدام المصادر المتجددة. هذه الاستراتيجيات يجب أن تدمج سياسة الطاقة في مشاريع استخدامات الأراضي والتخطيط المديني والسكن الايكولوجي وتشجيع استعمال وسائل النقل العامة. أما الحكومات التي تجني مداخيل نفطية متزايدة، سواء من الانتاج أو من فرض الضرائب، فيجب أن تستثمر مبالغ وافية من هذه المداخيل في أبحاث الطاقة المستدامة والمتجددة وتنميتها.
وترى المنظمات أن على الحكومات تقديم حوافز، ضمن الأطر القانونية والسياسية، لاستهلاك أكفأ للطاقة ومزيد من استعمال التكنولوجيات الملائمة. والبلدان التي تعتمد نظماً تحفيزية يمكن أن تشكل قدوة في ما يتعلق بتشجيع تكنولوجياتالطاقة المتجددة، والحوافز الضريبية، ومنح قروض ميسَّرة لمروجي ومستهلكي الطاقة المتجددة، وآليات السوق، والسياسات التسعيرية مثل الاعفاء الضريبي على مشتريات بطاقات النقل العام. هذه الحوافز تشجع القطاع الخاص على ترويج استخدام الطاقة المتجددة، بما في ذلك طاقة الريح والشمس والمياه.
ويدعو البيان البلدان المتقدمة الى زيادة تعاونها الدولي من أجل نقل تكنولوجيات الطاقة المتجددة وبناء القدرات الى البلدان النامية. لكنه يدعو أيضاً الى معارضة جهودها الرامية الى انتاج الطاقة من حرق النفايات، لأن الحرق يطلق كميات كبيرة من السموم والمواد الأخرى الضارة بالبيئة وبالبشر. ويطالب الحكومات بتنفيذ الالتزامات الحالية المتعلقة بالطاقة من اجل تنمية مستدامة، وبتحديد وإقرار اجراءات في قطاع الطاقة لمعالجة مشكلة تغير المناخ، في الاجتماع الرابع عشر للجنة التنمية المستدامة حيث سيكون تغير المناخ على جدول الأعمال.
ويدعو البيان الحكومات وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الى دعم الأبحاث في مجال تنموي جديد هو جمع الكربون وتخزينه، وفي الاستعمالات النظيفة المحتملة للوقود الاحفوري، على الا يتخذ ذلك ذريعة لتحويل الدعم عن أبحاث وتطبيقات الطاقة المتجددة.
الاعتماد الكبير للسكان على طاقة الكتلة الحيوية في بعض المناطق، خصوصاً افريقيا ومجتمعات مهمشة في بعض البلدان المتقدمة، مقروناً بتضائل سريع في توافر المنتجات الغابية بسبب عدم كفاءة الانتاج وتكنولوجيات الاستعمال النهائي، هو مصدر قلق للبلدان النامية والمتقدمة على حد سواء. لذا تدعو المنظمات الأهلية الحكومات الى ترويج أنواع الوقود المستدامة والمعدات الكفوءة من أجل التدفئة والاضاءة والطبخ، علماً أن الوقود الحيوي يمكن أن يؤدي دوراً هاماً في تلبية هذه الحاجات، خصوصاً في المناطق الريفية. ولئن تكن طاقة المياه توفر امكانات واعدة، فمن الضروري تفادي بعض تأثيراتها السلبية وادارتها من خلال تشجيع الحوار بين جهات معنية متعددة تشمل المجتمع الأهلي والحكومات وهيئات فاعلة أخرى، لضمان تنفيذ توصيات الهيئة الدولية للسدود في مجالات وطنية أو اقليمية محددة.
بيان المنظمات الأهلية يطالب المجلس التنفيذي والمنتدى البيئي الوزاري العالمي بتفويض برنامج الأمم المتحدة للبيئة تطوير وتوسيع وتنفيذ برنامج لتدريب صانعي السياسة الطاقوية على فهم ملابسات قضايا الطاقة، من خلال تقييم اداء تكنولوجيات الطاقة التقليدية والناشئة في ما يتعلق بالاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى ترويج أطر سياسية وقانونية فعالة لابتكار ونشر تكنولوجيات الطاقة المستدامة. وتفادياً لاستشراء الفساد في قطاع الطاقة أثناء عملية الخصخصة، يتوجب على الحكومات وشركاء التنمية ضمان تنفيذ آليات مناسبة لتأمين الشفافية والحكمية الجيدة كشرط مسبق للخصخصة. ويترتب على الحكومات تقوية دورها التنظيمي في ما يتعلق بالطاقة، لحماية الجمهور من استغلال النافذين في القطاع الخاص، خصوصاً الشركات المتعددة الجنسية. وعليها اشراك المجتمع الأهلي أثناء تعميم برامج الطاقة وتنفيذها ومراقبتها.
السياحة المستدامة
تجمع السياحة المستدامة بين الاعتبارات الاخلاقية والاقتصادية والبيئية بطريقة قابلة للتطبيق. وتؤدي السياحة دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي وفي استرزاق ملايين الأشخاص، ويرتبط أكثر من 8 في المئة من جميع الوظائف بالسياحة والسفر. ويمكن ان تكون للسياحة تأثيرات رئيسية في مساعي تخفيف الفقر والتقدم نحو الأهداف الانمائية للألفية. وبسبب اعتمادها على بيئة عالمية سليمة، فان الصناعة السياحية شديدة الحساسية للتغير والتدهور البيئيين، بما في ذلك ما ينجم عن المواد الكيميائية والنفايات وتزايد الضغط على الموارد المائية الشحيحةوتأثيرات تغير المناخ.
في ضوء ما تقدم، يرى بيان المنظمات الأهلية أن أي قيود بيئية تفرض على نمو السياحة يجب تحديدها وتنفيذها قبل حدوث أضرار لا يمكن عكس مسارها، مثل خسارة الأنواع والموائل. لذلك يجب على الحكومات التقليل من التدهور البيئي من خلال ضمان اجراء تقييمات وتدقيقات شاملة وموثوقة للأثر البيئي للنشاطات السياحية المقترحة والقائمة. وعليها أيضاً أن تبذل الجهود لايجاد بيئة متمكنة للسياحة المستدامة من خلال ادخال مبادئ الشراكات واللامركزية وصنع القرار التشاركي بين جميع الجهات المعنية.
ويدعو بيان المنظمات برنامج الأمم المتحدة للبيئة والحكومات الى تعزيز تطوير وتنفيذ منهجيات بحثية وتحليلية لتقييم خدمات النظم الايكولوجية، على أن تشكل نتائج هذه التحاليل الأساس لتخصيص الموارد اللازمة لادارة قاعدة الموارد الطبيعية بصورة مستدامة، وأن تشمل آليات تجبر مؤسسات القطاعين العام والخاص على تسديد كامل قيمة السلع والخدمات الناتجة عن النظم الايكولوجية.
ويشير الى وجود مبالغة في اعتماد الاقتصاد الوطني على السياحة في بعض البلدان النامية، مما يؤكد الحاجة للسعي الى نمو أكثر توازناً. فالسياحة غير المستدامة تؤثر سلباً على كثير من الناس، خصوصاً النساء والاطفال والشباب والمجتمعات الفطرية والمحلية وشعوب متحدرة من سلالات مختلطة وجماعات مهمشة أخرى. كما أن التحرر الاقتصادي غالباً ما عرض الثقافة المحلية والفطرية للخطر، وكثيراً ما تكون المجتمعات المتأثرة غير منخرطة في تنمية السياحة. فالسكان المحليون والشعوب الفطرية يجب أن يكونوا الأكثر استفادة من التنمية السياحية، وأن يؤدوا دوراً ريادياً فيها، وأن يكون لهم الحق في الموافقة عليها بعد علم مسبق، ويجب بذل الجهود لحماية ثقافاتهم والالتزام بحقوق الانسان.
واذ تنوه المنظمات الأهلية بالمساهمات في السياحة المستدامة التي تقدمها منظمة السياحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وتدعو الى تطبيق الممارسات البيئية السليمة التي نفذت خلال بعض النشاطات الضخمة الأخيرة، مثل الألعاب الاولمبية، على أحداث رياضية وترفيهية أخرى تجتذب حشوداً كبيرة من السياح.
على الصعيد الوطني، يحث بيانها الحكومات على ضمان تخطيط متكامل يتناول السياحة بالشكل المناسب ضمن استراتيجيات استدامة وطنية، من خلال تطبيق المبدأ الوقائي المبني على قدرة المناطق المضيفة سياحياً على التحمل من الناحيتين الوطنية والاجتماعية، ومن خلال تنفيذ ونشر تقييمات الأثر البيئي القطاعية والاقليمية، بما في ذلك مقاربة النظم الايكولوجية كما تنص عليها اتفاقية التنوع البيولوجي. وينبهها الى توخي الحذر في فتح أسواقها السياحية، وضمان التعاون بين الوزارات في ترويج السياحة المستدامة.
وعلى الصعيد الدولي، تدعو المنظمات الأهلية الحكومات الى تحديد وإقرار اجراءات في القطاع السياحي لمكافحة تغير المناخ خلال اجتماع لجنة التنمية المستدامة الرابع عشر. وتناشد جميع القطاعات في الصناعة السياحية استكشاف امكانية خفض وموازنة انبعاثات الكربون من الطائرات المدنية. ويترتب على الحكومات ادراك أثر السياحة على المهام المسندة الى وكالات الأمم المتحدة المختلفة، مثل برامج تخفيف الفقر، والدعوة الى انسجام وتنسيق أكبر بين المنظمات والوكالات بخصوص قضايا تتعلق بالسياحة. وترى المنظمات الأهلية أن السياحة يمكن ان تؤدي دوراً ايجابياً في ترويج استراتيجيات ''صفر نفايات'' وخفض استهلاك الطاقة، خصوصاً أثناء السفر، الى فوائد تنموية مستدامة أخرى.
ويطالب البيان برنامج الأمم المتحدة للبيئة بعقد اجتماع لوزراء البيئة والسياحة ومندوبي بلادهم الى منظمة السياحة العالمية، لمراجعة قضايا السياحة والبيئة. ويدعو المجلس التنفيذي الى ضمان توافر أموال كافية لتمكين البرنامج من تأدية نشاطات لها علاقة بالسياحة والبيئة.
وتؤكد المنظمات الأهلية على استعدادها للعمل عن كثب مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وجميع الحكومات على مواجهة التحديات المعقدة المفروضة على استدامة كوكب الأرض. وتطالب الحكومات، خصوصاً في البلدان المتقدمة، بأن تحترم تماماً وعودها في الهدف الانمائي الثامن للألفية، وخصوصاً ما يتعلق بوصول البلدان النامية الى أسواق التصدير ومعونات التنمية والاعفاء من الديون. وتدعو جميع الجهات المعنية في جميع القطاعات الى التضافر في جهد مشترك لضمان عالم أفضل وآمن للأجيال الحاضرة والمقبلة.