كان هنري ديفيد ثورو عالم طبيعة وفيلسوفاً ومؤلفاً شهيراً، أقام في شرق ولاية مساتشوستس الأميركية من 1817 الى 1862. وكان أيضاً نصيراً رائداً لإلغاء عبودية الزنوج وللعصيان المدني في وجه دولة غير عادلة. لكنه اشتهر أيضاً بأفكاره حول العيش البسيط الذي لا تنغصه التنمية المفرطة، في كتابه الشهير «والدن: الحياة في الغابات».
كعالم بالطبيعة، وضع ثورو سجلات لمواعيد إزهار عدد من النباتات الشائعة. والآن، بعد مضي 150 سنة، قام فريق من الباحثين في علم الأحياء من جامعة بوسطن بمقارنة سجلاته مع سجلات الإزهار حالياً. فوجدوا أن مواعيد إزهار 43 نوعاً شائعاً تقدم بمعدل سبعة أيام منذ زمن ثورو.
تبين للباحثين أن بعض النباتات القليلة الحظ، التي لم تكن قادرة على التكيف مع القدوم المبكر للربيع، اختفت عن هذه الأرض. فعلى سبيل المثال، كان هناك 21 نوعاً من الأوركيديا (السحلبيات) في كونكورد بولاية مساتشوستس في ستينات القرن التاسع عشر، لم يبق منها إلا ستة أنواع. وهم تفحصوا النباتات نفسها التي درسها ثورو، كما راجعوا سجلات عالم النبات ألفرد هوسمر الذي تتبع أيضاً خطوات ثورو في نهاية القرن العشرين.
يمكن للنباتات أن تتكيف مع تغير المناخ بطريقتين: فإما تعدل مجالاتها، فتنتقل شمـالاً إلى مناطق أبعد عن خط الاستواء أو إلى مرتفعات أعلى، وإما تبدّل توقيت الأحداث الموسمية مثل الإزهار والتورُّق. وقد وجد الباحثون أن 43 نوعاً شائعاً من النباتات كيفت توقيت نشاطاتها استجابة لارتفاع درجات الحرارة في منطقة كونكورد بمعدل درجة مئوية واحدة منذ زمن ثورو.
لقد وفرت سجلات ثورو لعلماء عصريين وسيلة لتتبع اتجاه تغير المناخ على المدى البعيد. وتتضح الاتجاهات البعيدة الأمد عادة من بيانات تعود للسنوات الثلاثين أو الخمسين الأخيرة. وللمرة الأولى، يمكن مقارنة البيانات الحالية ببيانات من منتصف القرن التاسع عشر.
|