«ديستركت إس» هو مشروع تطوير حيّ سكني في بيروت، يستخدم مبادئ التخطيط والتصميم الخضراء في العمارة والمواد والنقل واستهلاك الطاقة والماء. ويستند تطوير هذا الحيّ إلى الفرضيّة القائلة إنّ المجمّعات السكنيّة المستدامة بيئياً توفّر لسكانها وزوّارها مستوى حياة وصحّة أفضل. ويجعل هذا المشروع لبنان خامس دولة في العالم مؤهّلة لشهادة القيادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي (LEED) بتطبيقها على تطوير حي بكامله واعتماد مبادئ الحياة الخضراء على مدى دورة الحياة. وسيكون «ديستركت إس» أوّل حيّ مستدام في لبنان والعالم العربي وحوض البحر المتوسّط وفقاً لنظام LEED.
يجمع هذا المشروع، بشكل متكامل، أسس التطوّر الحضري الحديث والعمارة الخضراء والتنمية الذكية. وقد روعي في اختيار موقعه أن يكون قريباً جداً من مرافق الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل المدارس والمتاجر وأماكن العبادة ومرافق الترفيه والمواصلات العامة، بحيث يمكن الوصول إلى هذه الأماكن سيراً على القدمين أو بواسطة دراجة هوائية، وهذا ما يساهم في تخفيف البصمة الكربونية لوسائل المواصلات.
ستكون البنى التحتيّة لهذا الحيّ خضراء، كما ستُستخدم في إضاءة الشوارع أنظمة ذات كفاءة عالية في استهلاك الطاقة. ومن المقرّر معالجة مياه الصرف وتظليل الطرق الداخلية بالأشجار وجمع جزء من مياه الأمطار. وسوف تزين جوانب مناطق المشاة بالأشجار والجنبات والمساحات الخضراء، ممّا يزيد إقبال السكان والزوار على المرور في تلك المناطق سيراً أو على دراجاتهم للوصول إلى المقهى أو صالة الألعاب الرياضية أو المدرسة أو المركز الاجتماعي. وستتوافر مسارات ومواقف خاصة بالدراجات. وفي مواقف السيارات، تُعطى الأفضلية للسيارات الهجينة (هايبريد) والكهربائية. وسيُراعى جعل سطوح المباني جميعاً خضراء. باختصار، سيكون حيّ «ديستركت إس» مثالاً للتطوير الحضري الأخضر في بيروت.
تعمل شركات تطوير «ديستركت إس» بالتعاون الوثيق مع مستشارين في التنمية المستدامة، لدمج المكوّنات والعناصر الملائمة للبيئة في كل مراحل المشروع. لذا ستكون لجميع الأبنية سطوح خضراء، لتقليل أثر «جُزُر الاحترار الحضرية» الناجمة عن امتصاص الحرارة واحتجازها في سطوح البنايات والأسفلت في المدن. وسيتمّ استخدام أخشاب من مصادر مستدامة في أعمال الإنشاء، ومواد بناء ذات عناصر أعيد تدويرها. وسيكون استهلاك الطاقة أقلّ بنحو 30 في المئة بالمقارنة مع أحياء مشابهة جرى تطويرها بالطرق التقليدية، وذلك نتيجةً لاستخدام تقنيات بالغة الفعالية في نظم التدفئة والتهوئة وتكييف الهواء والمواد العازلة الملائمة وأساليب توجيه المباني. وستستخدم في مكيّفات الهواء غازات صديقة للبيئة. كما ستستخدم فلترات متطورة للهواء ودهانات ذات محتوى منخفض من المركبات العضوية المتطايرة (VOC)، تضمن جودة الهواء داخل المباني.
ويراعي تصميم المباني تقنيات استيعاب ضوء النهار لزيادة الانتاجية إلى أقصى حدّ ممكن وتقليل استخدام الإنارة الاصطناعيّة. وتضمن أحدث تجهيزات الاقتصاد في المياه خفض استهلاكها بنسبة 40 في المئة تقريباً. وسيؤدي اعتماد فرز النفايات في المصدر إلى تحويل نحو 70 في المئة من النفايات الناتجة بعيداً عن المطامر.
لا يمكن لمشروع «ديستركت إس» منفرداً أن يكافح التغيير المناخي، ولكن يمكنه أن يساهم في حماية تراث بيروت وبيئتها، على أمل أن تحذو حذوه مشاريع أخرى عديدة تنطلق من مبادرات مشابهة لتحافظ على البيئة... أو ما تبقّى منها.