يحظى القنص باهتمام خاص في المغرب، الذي يتمتع بمؤهلات مهمة من حيث جودة الأماكن الطبيعية وشساعة مجالات القنص وتنوع الطرائد ووفرتها. ويحتوي المحيط الطبيعي المغربي على أربعين نظاماً ايكولوجياً تضم أكثر من 7000 نوع نباتي، منها 1350 محلية. وفيه أكثر من 24 ألف نوع من الحيوانات، بينها 92 من الثدييات، و334 من الطيور، و104 من الزواحف، وأكثر من 15 ألفاً من اللافقاريات.
وعملت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر منذ الثلاثينات على إنشاء متنزهات وطنية تغطي أهم النظم البيئية، وأقامت العديد من المحميات الطبيعية من أجل المحافظة على مواطن أحيائية ذات صبغة خاصة. كما بادرت إلى إعداد مخطط استراتيجي للمناطق المحمية كقاعدة للمحافظة على التنوع الأحيائي، بغية إقرار سياسة جديدة تأخذ في الاعتبار متطلبات السكان مع تدبير الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة تواكب التطور الاجتماعي والاقتصادي الذي عرفته البلاد خلال العقدين الأخيرين. ويرمي هذا المخطط إلى إقامة شبكة من المناطق المحمية تضم 154 منطقة ذات أهمية بيولوجية وإيكولوجية، تمثل كل النظم البيئية وأهم الأنواع الحيوانية والنباتية.
أداة للتوازن الطبيعي
للقنص مكانة رفيعة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والترفيهي في المغرب، بفعل إدماجه العملي في المخططات التنموية التي ترمي إلى تحسين شروط عيش السكان المحليين. ففضلاً عن كونه أداة للتدبير وحفظ التوازن العقلاني للطرائد، فإنه نواة سياسة تنموية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار حتمية التنمية الاقتصادية المحلية وضرورة احترام التوازنات الطبيعية للنظم البيئية والتنوع البيولوجي.
ويعتبر القنص وسيلة للتنمية المحلية، حيث تستفيد منه عدة قطاعات خصوصاً تجار معدات القنص وأرباب الفنادق والمطاعم والمواصلات ووحدات تربية الطرائد. ويساهم القنص في التنمية الاقليمية والمحلية والرفع من مداخيل الدولة، عبر خلق فرص عمل في الأرياف بمعدل 2500 عمل دائم و2500 عمل موقت في السنة، وتسويق المنتجات المحلية وتنشيط السياحة وخلق رواج اقتصادي بمعدل سنوي يصل إلى نحو 750 مليون درهم (97 مليون دولار). ويعد القنص هواية متجذرة في التقاليد والثقافة المغربية، يمارسه حالياً نحو 50 ألف قناص وطني و3000 قناص أجنبي من جنسيات مختلفة. وقد نظمته الدولة بحيث تتوجب ممارسته وفقاً لقوانين وتشريعات خاصة.
فمن خلال نظام الإيجار، عبر كراء حق القنص لفائدة جمعيات أو شركات القنص على أساس دفتر تحملات، تحدد الأعمال والتدابير المطلوبة لتحسين المقومات الطريدية للأراضي المكرية. ويتضمن القانون المنظم للقنص مبادىء أساسية لمزاولته. وتحدد القرارات السنوية تواريخ الافتتاح والاختتام الخاصة بكل الطرائد، وطرق القنص، والأنواع المصرح بها كطرائد، والأنواع المحظور صيدها، وعدد الطرائد المسموح قنصها.
وتنقسم الطرائد في المغرب إلى فئات: الطرائد الكبيرة (الخنزير البري)، والطرائد الصغيرة المستقرة (الأرنب البري، القنية، الحجل، التدرج، الحمام البري، والقبرة)، والطرائد المهاجرة البرية (السلوى، ترغلة الغابة، دجاجة الأرض، الحمام الأحمر البنفسجي، السمنة بأنواعها)، والطرائد المائية (الإوز، البط، الحذف، العفاس، شنقب المستنقعات).
القنص بنظام
أفاد مصطفى مراحة، رئيس مصلحة القنص وتربية الوحيش، أن المخطط العشري للمندوبية السامة للمياه والغابات ومحاربة التصحر (2005 – 2014) يدرج القنص ضمن رؤية التدبير المستدام للوحيش، الرامية الى الحفاظ على توازنات المنظومات الايكولوجية التي تتناسب مع اعادة هيكلة أصناف الطرائد وتجديدها. ويأخذ هذا المخطط بعين الاعتبار مبادىء التنمية البشرية لخلق مصادر جديدة مدرة للدخل تضمن تحسين الاطار الاجتماعي والاقتصادي للساكنة القروية.
يحدد القرار السنوي للمندوبية السامية في كل موسم أنواع الحيوانات التي تدخل في فئة الطرائد، والمحمية، والضارة. وتبيح القوانين تنظيم مطاردات إدارية في المناطق التي تضررت بفعل تكاثر الخنازير البرية غداة انتهاء الفترة المرخصة لهذا النوع، بعد اقتراح من السلطات المحلية والقيام بالمعاينة الميدانية للأضرار بواسطة لجنة مختصة وترخيص إدارة المياه والغابات. وعلى القناصة المشاركين في المطاردات الإدارية أن يكونوا حاملين لجميع الوثائق المنصوص عليها.
وأكد مراحة أن قانون القنص صنف بعض الحيوانات من بين الأنواع المحمية، يمنع قنصها في كل زمان ومكان لكونها ذات منفعة للزراعة فهي تلعب دوراً مهماً في التوازنات البيئية، خصوصاً تلك التي تتغذى بالحشرات أو القوارض، أو التي أصبحت نادرة او مهددة بالانقراض، أو أعيد توطينها وما زالت في طور التأقلم والتكاثر.
|