اعتمد مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة في دورته التاسعة عشرة، المنعقدة في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في 5 كانون الأول (ديسمبر) 2007، الإعلان الوزاري العربي حول التغير المناخي، الذي يعتبر أساساً للتحرك المستقبلي ويعكس وجهة النظر العربية في التعامل مع قضايا تغير المنـاخ. وجـاء هذا بعدما أقر المجلس أن يكون شعار يـوم البيئـة العـربي لسنـة 2008: ''المناخ يتغيّر... فلنستعـد''. وكـان المنتدى العربي للبيئـة والتنمية قـد اقترح هذا الشعـار، الـذي حظي بإجمـاع الـوزراء.
وبعدما ذكّر البيان بأن الدول المتقدمة ''تتحمل عبء المسؤولية التاريخية الناشئة عن مشكلة تغيّر المناخ''، أشار الى التقرير التقييمي الرابع الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية للتغير المناخي، ''الذي حدد إجماعاً علمياً على أن تغير المناخ حقيقة، وأن درجة الحرارة ارتفعت في المتوسط بمقدار 0,76 درجة مئوية خلال القرن العشرين، كما ارتفع مستوى سطح البحر 17 سنتيمتراً خلال الفترة نفسها، وأن ارتفاع مقدار زيادة درجة الحرارة بمعدل درجتين يشكل المرحلة الحرجة، وأن المنطقة العربية الواقعة في نطاق المناطق الجافة والقاحلة ستكون من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية، من تهديد للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر وشح الموارد المائية، وزيادة ملوحة المياه الجوفية، وانتشار الأوبئة والآفات والأمراض على نحو غير مسبوق''.
وأكد البيان أن التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية ''قد يكون لها انعكاسات سلبية على التنمية في المنطقة العربية، مثل تراجع في الانتاج الزراعي والغطاء النباتي وفقدان التنوع البيولوجي ونقص في تأمين الغذاء، وتهديد استثمارات اقتصادية حيوية. كما قد يكون لها تداعيات اجتماعية بسبب زحف المواطنين وهجرتهم من المناطق المتأثرة الى مناطق أخرى داخل الدولة الواحدة أو دول الجوار أو دول أخرى، مما سينتج عنه ضغوط متزايدة على البيئة والموارد. كذلك قد يكون لها تداعيات على الصحة العامة بسبب تنامي تلوث الهواء وموجات الحرارة الشديدة واتساع نطاق الأمراض المعدية''.
وبعدما أكد الوزراء ادراكهم ''أنه لا بديل في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين عن التكيف مع تغيّر المناخ''، أعلنوا التزامهم العمل على:
- إدراج سياسات التعامل مع قضايا تغير المناخ في كل المجالات ضمن السياسات الوطنية والاقليمية للتنمية المستدامة على نحو لا يؤثر على النمو الاقتصادي المستدام وجهود القضاء على الفقر.
- تبني خطط عمل وطنية وإقليمية للتعامل مع قضايا تغير المناخ لتقييم تأثيراتها المحتملة ووضع برامج المجابهة والتكيف، يكون للحكومات دور محوري في تنفيذها بالتنسيق والتعاون مع مراكز الأبحاث العلمية والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص.
- أن تركز برامج المجابهة على إنتاج الوقود الأنظف وتحسين كفاءة استخدام الطاقة في جميع القطاعات، وتنويع مصادر الطاقة وفقاً للظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة، والتوسع في استخدام تقنيات الانتاج الأنظف والتقنيات الصديقة للمناخ، والتوسع في استخدام الحوافز الاقتصادية وتشجيع استخدام المنتجات الأكثر كفاءة وكذلك رفع القيود الجمركية على التقنيات ذات الانبعاثات المنخفضة، والاستفادة من تجارة الكربون وأسواقه.
- أن يكون التكيف مع تدابير التصدي لتغير المناخ متسقاً اتساقاً كاملاً مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، على نحو يحقق النمو الاقتصادي المستدام والقضاء على الفقر، وذلك من خلال استحداث ونشر منهجيات وأدوات لتقييم آثار التغير المناخي ومدى التأثر به، وتحسين التخطيط للتكيف وتدابيره وإجراءاته، والإدماج في التنمية المستدامة. والعمل على فهم واستحداث ونشر تدابير ومنهجيات وأدوات تحقق التنوع الاقتصادي، بهدف زيادة مرونة القطاعات الاقتصادية القابلة للتأثر بتغير المناخ.
- أن تركز برامج التكيف بصفة خاصة على توفير البنية التحتية اللازمة للحد من المخاطر المتوقعة، بما في ذلك الآليات للتأمين من مخاطرها وتحسين كفاءة إدارة الموارد الطبيعية باستخدام نظم الرصد والمراقبة المتطورة والتقنيات المناسبة، والاستعداد لمواجهة الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية، وبناء القدرات، وإتاحة وتحسين وتبادل المعلومات، ورفع مستوى التوعية العامة وتكوين الشراكات.
كما طالب البيان ''بأن تكون الدول المتقدمة أكثر التزاماً في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأن تشمل اتفاقية مرحلة ما بعد كيوتو أهدافاً كمية محددة قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد، وترتيبات خاصة لتمويل ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة التي تتحمل المسؤولية التاريخية لتغير المناخ، وأن يرتفع تحركها لفائدة الدول النامية لمستوى الالتزامات الدولية المتفق عليها والتحديات التي تطرحها التغيرات المناخية.
وأكد على ضرورة دعم الآليات المتوفرة حالياً وخاصة آلية التنمية النظيفة، وأن توفر الدعم اللازم لنقل التكنولوجيا وبناء القدرات والتمويل لإجراء تقييم أعمق وأشمل للتأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية على الدول النامية الأكثر تأثراً ومنها الدول العربية''.
ودعا الاعلان مؤتمر الأطراف الثالث عشر لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ الى ''التعجيل في تنفيذ الصناديق الثلاثة المنصوص عليها في اتفاق مراكش، والتأكيد على حق الدول النامية بما فيها الدول التي تعتمد اقتصادياتها على الوقود الأحفوري، في الاستفادة من الآليات المالية للاتفاقية وبروتوكول كيوتو، وبشكل متوازن''. كما طالب ''بالإسراع في تشغيل صندوق التكيف، وأن تتسم إدارته بالاستقلالية والمصداقية وأن تمثل فيها الدول النامية وفقاً للتقسيم الجغرافي المعمول به في الأمم المتحدة، وأن تكون له موارد ثابتة أو متوقعة، وأن يعمل وفقاً لمعايير وضوابط تتسم بالشفافية والعدالة وتراعي مصالح مواطني وشعوب الدول النامية المتضررة من التغيرات المناخية''.
وانتهى الاعلان بالدعوة إلى ''إنشاء مراكز بحوث ودراسات للتغيرات المناخية في أقاليم الدول النامية بما فيها إقليم الوطن العربي، تعنى بدراسة التأثيرات والتحديات التي يعاني منها مواطنو وشعوب الدول النامية من جراء التغيرات المناخية''.
كادر
مؤتمر بالي يؤسس لبديل كيوتو ما بعد 2012
بعد عشر سنين على بروتوكول كيوتو بشأن تغير المناخ الذي تنتهي مهلة التزاماته الأولى سنة 2012، تجاوز زعماء العالم انقساماتهم العميقة في شأن تبني مسودة اتفاق جديد لمكافحة الاحتباس الحراري بحلول 2009. وأمكن انتزاع الاتفاق في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الذي عقد في جزيرة بالي الاندونيسية في كانون الأول (ديسمبر) 2007، بعد تخلي الولايات المتحدة عن معارضتها اقتراحاً قدمته الدول النامية، وإن يكن البيت الأبيض أبدى لاحقاً ''قلقاً بالغاً'' حيال الاتفاق، خصوصاً مدى التزام الدول النامية في جهود تقليص انبعاثات غازات الدفيئة.
وبعد محادثات ماراتونية اعتمد المؤتمر رسمياً ''خريطة طريق بالي'' تجمع للمرة الأولى الدول الصناعية والنامية في تقليص الانبعاثات الملوثة، بعدما أسقطت واشنطن معارضتها للمطالب الهندية بتخفيف التزامات الدول النامية في إطار اتفاق جديد. فقد دعا الاتفاق الولايات المتحدة الى اتخاذ ''أفعال'' لا التزامات، مع ابقاء وضعها الخاص على انها الدولة الصناعية الوحيدة التي لم توقع بروتوكول كيوتو (وقعته اوستراليا في اليوم الأول من المؤتمر في 3 كانون الأول (ديسمبر).
وعلى رغم أن الخبراء والجمعيات اعتبروا طموحات الاتفاق متواضعة ودانوا ''غياب المضمون'' فيها، أبدى الجميع ارتياحهم لتفادي الفشل المحدق.
''خريطة طريق بالي'': تنص على بدء المفاوضات في شأن استكمال بروتوكول كيوتو في نيسان (ابريل) 2008 كأقصى حد وانتهائها في .2009 وتشدد على الطابع ''الطارئ'' للتحرك الدولي لمواجهة الاحتباس الحراري، من دون ذكر تركيبة واضحة للجهود التي ينبغي بذلها. وورد سيناريوهان اثنان: الأول يعرض تقليص انبعاثات الدول الصناعية بين 10 و30 في المئة عما كان عام 1990، بينما تبذل الدول النامية جهوداً ''هامشية''. والثاني الأكثر طموحاً يطرح تقليص انبعاثات الدول الصناعية بين 25 و40 في المئة قبل سنة 2020 و50 في المئة لكل العالم قبل .2050 وتعد خريطة الطريق بتعزيز عمليات التمويل والاستثمارات لدعم اجراءات تقليص الانبعاثات.
التأقلم: تناط ادارة صندوق التأقلم مع تغير المناخ بمجلس ادارة من 16 عضواً يشكل في اطار الصندوق العالمي للبيئة، ومقره في واشنطن. ويمول باقتطاع 2 في المئة من آليات التنمية النظيفة، التي تسمح للدول الصناعية بتمويل مشاريع للطاقة ''النظيفة'' في دول الجنوب لتخفيف حدة انتاجها من غازات الدفيئة واحترام التزاماتها في كيوتو.
الغابات: أخذ مؤتمر بالي في الاعتبار انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن تدمير الغابات وتدهور نوعية التربة (20 في المئة من الانبعاثات الشاملة)، مما يملأ فراغاً في بروتوكول كيوتو ويلاقي تطلعات الدول الغنية بالغابات. وحض على انشاء مشاريع نموذجية قبل 2009، وتم اطلاق نداء للمساهمة فيها.
تجميع الكربون وتخزينه: ينبغي أن تسمح هذه التكنولوجيا التي لا تزال في طور التجربة بتقليص جزء من الانبعاثات الناجمة عن محطات توليد الكهرباء بالغاز أو بالفحم. وطلب المؤتمر من جهازه العلمي والتقني صياغة تقرير من أجل مؤتمر بونزان (بولونيا) في كانون الأول (ديسمبر) 2008 في شأن امكانات ضم مشاريع تجميع وتخزين الكربون في آليات التنمية النظيفة لما بعد 2012.