Thursday 25 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
ماتيلدا خوري المواصفات الحرارية للأبنية في لبنان  
تشرين الأول (أكتوبر) 2004 / عدد 79
 يمكن توفير حتى 75 في المئة من مصروف الطاقة المستهلكة في الأبنية باعتماد مواصفات تحسّن خصائص الانتقالية الحرارية في غلاف البناء. وقد باشرت عدة دول عربية إعداد قوانين ومواصفات لتوفير استهلاك الطاقة في الأبنية. وفي لبنان، أطلق مشروع المواصفات الحرارية للأبنيةفي شباط (فبراير) 2002. وهو ممول من المرفق العالمي للبيئة (GEF). ويتولى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ادارة المشروع باشراف المديرية العامة للتنظيم المدني، وبالتعاون معشريكين محليين هما نقابة المهندسين في بيروت ومؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية.
يهدف هذا المشروع الى اعداد مواصفات حرارية للأبنية في لبنان وإتاحة تبنّيها وتطبيقها. وتتمحور المواصفات المقترحة حول تحسين خصائص الانتقالية الحرارية لغلاف البناء، وبالتالي تحسين شروط الراحة الحرارية في الداخل، والاقتصاد في الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد.
 يلعب غلاف البناء دوراًأساسياًفي تحديد كمية الحرارة المنتقلة من والى داخل البناء، وبالتالي في تحديد كمية الطاقة المستهلكة لهدف التدفئة والتبريد. فمن خلال وضع مواصفات تحسّن خصائص الانتقالية الحرارية لغلاف البناء، تتحسن شروط الراحة الحرارية للانسان في الداخل وتنخفض نسبة استهلاك الطاقة للتدفئة والتبريد.
وبالفعل، عمدت دول كثيرة، منذ السبعينات، الى وضع مواصفات لتحسين الخصائص الحرارية والطاقوية للأبنية الجديدة بما يؤمن شروط راحة حرارية أفضل للانسان وبما يؤدي الى توفير لاستهلاك الطاقة. وقد تطورت هذه المواصفات تباعاً، من معايير حرارية لكل عنصر من عناصر غلاف البناء، الى معايير حرارية لغلاف البناء بكامله، الى معايير طاقوية شاملة للبناء. وتعتبر مواصفات توفير الطاقة من أبرز الخطوات لحفظ الطاقة وترشيد استهلاكها في قطاع البناء. وقد استطاعت الدول التي باشرت تطبيق هذه المواصفات تحقيق نسب تصاعدية في توفير الطاقة تراوحت من 25 في المئة في الثمانينات الى 50 في المئة في التسعينات وصولاً الى ما يقارب 75 في المئة حالياً.
أما على الصعيد الاقليمي، فقد باشر العديد من الدول العربية منذ أوائل التسعينات اعداد قوانين ومواصفات لتوفير استهلاك الطاقة في الأبنية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، قام الاردن بوضع "كودة العزل الحراري". ووضعت الكويت والسعودية مواصفات توفير الطاقة في الأبنية. وحالياً تقوم دول عربية أخرى كلبنان ومصر وتونس وفلسطين باعداد مواصفات لتوفير استهلاك الطاقة في الأبنية الجديدة.
مشروع لبنان
كان أول تطرق شامل لموضوع المواصفات الحرارية للأبنية في لبنان سنة 1997، من خلال "دليل العزل الحراري للأبنية في لبنان" الذي أعدته مؤسسة المقاييس والمواصفات اللبنانية. الا أن هذا الدليل لم ينطلق من تقسيم مناخي مفصل للبلاد، ولم يأخذ بعين الاعتبار الجدوى الاقتصادية لمقترحات توفير الطاقة. ولكنه، على رغم ذلك، يعتبر خطوة جدية للتطرق الى موضوع الراحة الحرارية داخل الأبنية وموضوع ترشيد استهلاك الطاقة في قطاع البناء. وقد أتى مشروع المواصفات الحرارية للأبنية سنة 2002 كخطوة مكملة لهذه المبادرة.
لكي تأتي المواصفات الحرارية للأبنية متناسبة مع خصوصيات المناخ والبناء والاقتصاد في لبنان، تم اعداد دراسة التقسيم المناخي، ودراسة الانعكاس الاقتصادي والبيئي، ومستند المواصفات الحرارية للأبنية. وفي ما يأتي لمحة عن هذه الدراسات وأبرز ما جاءت به، علماً أنها حالياً في مرحلة المراجعة والتدقيق، والمعطيات الواردة فيها قابلة لبعض التعديل.
دراسة التقسيم المناخي
تحدِّد هذه الدراسة مناطق مناخية كبرى في لبنان ذات خصائص حرارية مشتركة، بحيث يتم تحديد معايير لتوفير الطاقة تتناسب مع خصائص كل منطقة. وقد اعتمدت على المعطيات المناخية المتوفرة في "أطلس لبنان المناخي" (1952 – 1972) كمرجع أساسي، بالاضافة الى معطيات مناخية لسنوات التسعينات من مصلحة الأرصاد الجوية وبعض الجامعات في البلاد. وتضمنت الدراسة تحديد المناطق المناخية، وخصائصها، واعداد ملف سنة مرجعية لكل منطقة.
يرتكز التقسيم المناخي لمستلزمات المواصفات الحرارية للأبنية بشكل أساسي على عنصري الحرارة والرطوبة، وهما العنصران المناخيان المؤثران بشكل مباشر على الراحة الحرارية داخل البناء. وقد تبين من خلال دراسة عاملي الحرارة والرطوبة أنه يمكن بشكل عام تحديد ثلاث مناطق مناخية كبرى في لبنان هي: المنطقة "أ": ساحلية (دون 900متر) تتميز بصيف حار ورطب وشتاء معتدل. المنطقة "ب": جبلية (فوق 900متر) تتميز بصيف معتدل وشتاء بارد. المنطقة "ج": داخلية (فوق 900متر) تتميز بصيف حار وجاف وشتاء بارد.
وبشكل أدق تفصيلاً، تبين أن معدل انخفاض درجات الحرارة كان بنسبة 0،6 درجة لكل 100متر ارتفاع، بحيث تم تقسيم المنطقة "أ" الى قسمين: "أ-1" (0-500 متر) و"أ-2" (500-900 متر)، والمنطقة "ب" الى قسمين: "ب-1" (900-1500 متر) و"ب-2" (ما فوق 1500متر). وبالتالي تم تحديد خمس مناطق مناخية لمستلزمات المواصفات الحرارية للأبنية في لبنان. وتجدر الاشارة أيضاً الى أن التقسيم المناخي أخذ بعين الاعتبار حدود المناطق العقارية، بحيث تم تعديل حدود المنطقة المناخية بشكل لا يقسم المنطقة العقارية الواحدة ضمن منطقتين مناخيتين.
دراسة الانعكاس الاقتصادي والبيئي
تقيِّم هذه الدراسة تأثير الخصائص الحرارية لكل عنصر من عناصر غلاف البناء على نسبة توفير الطاقة للتدفئة والتبريد، كما تهدف الى تحديد الجدوى الاقتصادية والبيئية للمواصفات الحرارية المقترحة. وقد تضمنت الخطوات التالية: أولاً، تحديد أبنية تمثل قطاع البناء في لبنان، ومنها المباني السكنية والتجارية والمدارس والفنادق. ثانياً، استعمال برنامج المعلوماتية (visual DOE) لتحديد كمية الطاقة المستهلكة حالياً للتدفئة والتبريد في المناطق المناخية الخمس، ومن ثم تقييم انعكاس تغيير خصائص عناصر غلاف البناء على كمية الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد. ثالثاً، تحديد الجدوى المالية والاقتصادية في زيادة الكلفة الأولية للبناء مقابل توفير استهلاك الطاقة على الصعيد الفردي والوطني. رابعاً، تقييم الانعكاس البيئي. خامساً، اقتراح المواصفات الحرارية لأغلفة الأبنية.
بعض النتائج التي جاءت بها الدراسة أنه يمكن توفير 18 الى 43 في المئة من كمية الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد (تبعاً لنوع البناء والمنطقة المناخية)، مقابل كلفة اضافية في البناء لا تتعدى 5 في المئة للمتر المربع، واسترجاع الكلفة خلال فترة تتراوح بين سنتين وتسع سنوات.
أما بالنسبة الى الانعكاس الاقتصادي والبيئي على الصعيد الوطني، فقد قامت الدراسة باحتسابه خلال مدة عشرين سنة (مع افتراض 2 في المئة نمواً في قطاع البناء، وافتراض التطبيق في الأبنية الجديدة بشكل اختياري أول خمس سنوات والزامي بعد ذلك). فتبين أنه يمكن توفير كلفة محروقات تتراوح بين 40 و55 مليون دولار أميركي خلال عشرين سنة، أي بمعدل مليونين الى 2,75 مليون دولار في السنة. أما الافادة البيئية، فشملت تجنب انبعاث مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون خلال عشرين سنة، بمعدل خمسين ألف طن في السنة.
مستند المواصفات الحرارية للأبنية
تضع المواصفات المقترحة معايير للمباني الجديدة السكنية وغير السكنية في المناطق المناخية الخمس. وهي تهدف الى الحد من نسبة انتقال الحرارة (غير المرغوب فيها) عبر غلاف البناء، وتحسين شروط الراحة الحرارية داخل البناء وبالتالي توفير نسبة الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد. ومن المقترح أن تكون هذه المواصفات غير إلزامية في مرحلة اولى، ثم يصار الى تبنيها لتكون إلزامية بعد خمس الى سبع سنوات.
حددت المواصفات النسب الدنيا لتحسين الخصائص الحرارية لغلاف البناء، واقترحت ثلاث طرق لتحقيق المطابقة مع هذه النسب: الطريقة الأولى، حيث على الخصائص الحرارية لكل عنصر من عناصر غلاف البناء المقترح (حائط، نافذة، سقف...) ألا تتعدى المعايير الحرارية المطروحة. والطريقة الثانية، حيث على معدل الخصائص الحرارية لغلاف البناء بمجمله ألا يتعدى المعايير الحرارية المطروحة. والطريقة الثالثة، حيث على الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد في المبنى المقترح ألا تتعدى الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد في مبنى مماثل يطابق غلافه المعايير المطروحة للطريقة الأولى أو الثانية.
تبنّي المواصفات وتطبيقها
المنهجية التي اتبعت لتمكين تبني وتطبيق المواصفات الحرارية للأبنية في لبنان تتضمن الركائز التالية: إعداد مراجع تقنية (دليل التطبيق، دليل التصميم، برنامج معلوماتي)، واعداد مراجع توعية عامة (شريط وثائقي، اعلان، موقع الكتروني)، وتنظيم ورش عمل تقنية وحملات لنشر المعلومات.
يشرح دليل التطبيق المبادئ التقنية والانشائية المتعلقة بتطبيق المواصفات. وهو يستهدف مرحلة انشاء البناء، وسوف يتضمن أمثلة ودراسات حالات. أما دليل التصميم، فيزود الممهندس بارشادات حول تأثير المناخ وشكل البناء وخصائص غلافه على الراحة الحرارية واستهلاك الطاقة. وهو يستهدف مرحلة تصميم البناء، وسوف يشمل المناطق المناخية الخمس. ويسهّل البرنامج المعلوماتي العمليات الحسابية لتطبيق طرق تحقيق المطابقة المقترحة في المواصفات الحرارية.
المواصفات الحرارية المقترحة سوف تحد من الكسب الحراري في الصيف، والفقدان الحراري في الشتاء، وسوف تحقق نسبة انخفاض في كمية الطاقة المستهلكة للتدفئة والتبريد تتراوح بين 18 في المئة في المنطقة المناخية "أ-1" و43 في المئة في المنطقة المناخية "ب-2".
وجدير بالذكر أن هنالك مبادرات فردية عديدة في لبنان باشرت بتصميم حراري للمباني قبل بدء هذا المشروع. والأمثلة قائمة في مختلف المناطق المناخية. ومن أجل الاسراع في عملية التبني والتنفيذ الواسع، لا بد من نشر المعلومات، وتسهيل التطبيق، والمباشرة بمرحلة انتقالية يكون فيها التطبيق اختيارياً لبيان الافادة بشكل موسع وموثق.
ماتيلدا خوري مهندسة معمارية مختصة بدراسات الطاقة والبيئة، وهي مديرة مشروع "المواصفات الحرارية للأبنية" الذي ينفذ في لبنان.
كادر
مواصفات حرارية وطاقوية للأبنية الجديدة في دول عربية
عقد في لبنان في تشرين الأول (اكتوبر) 2003 مؤتمر حول المواصفات الحرارية للأبنية، شاركت فيه دول عربية تقوم حالياً باعداد مواصفات حرارية وطاقوية للأبنية الجديدة، من خلال مشاريع ممولة جزئياً أو كلياً من قبل المرفق العالمي للبيئة. ومن التجارب الوطنية التي عرضت خلال المؤتمر:
- في مصر، يقوم مركز بحوث الاسكان والبناء بتنفيد مشروع المواصفات الموفرة للطاقة في المباني الجديدة. وقد تم اعداد مسودة مواصفات حرارية وطاقوية للأبنية السكنية لمنطقتين مناخيتين من أصل سبع مناطق مناخية في مصر. ويرمي المشروع في مراحل لاحقة الى اعداد مواصفات لتوفير الطاقة في الأبنية غير السكنية.
- في تونس، تقوم الوكالة الوطنية للطاقات المتجددة بتنفيد مشروع المواصفات الحرارية والطاقوية للأبنية الجديدة. وقد تم اعداد مسودة مواصفات حرارية وطاقوية للأبنية لمنطقتين مناخيتين من أصل ثلاث مناطق مناخية كبرى في تونس. وتقوم الوكالة حالياً بتطبيق هده المواصفات على مشاريع نموذجية تشمل 30 مبنى في قطاعي السكن والخدمات.
- تقوم وزارة الحكم المحلي في السلطة الفلسطينية بتنفيد مشروع المواصفات الحرارية للأبنية الجديدة. وقد تم اعداد المواصفات الحرارية للأبنية السكنية وتنمية القدرات الهندسية في الاعداد والتطبيق.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.