أكدت دراسة ميدانية أن معظم المنازل في سلطنة عُمان تعاني من مشكلة وجود حشرة الرمة أو النمل الأبيض. وتجرى في جامعة السلطان قابوس أبحاث للتوصل الى حلول ناجعة تحد من المشاكل الاقتصادية التي تسببها هذه الحشرة.
وشرح الدكتور فريد تالكودر، الأستاذ في كلية الزراعة والعلوم البحرية في الجامعة، أنه يمكن تصنيف النمل الأبيض في ثلاث فئات: النملة الرطبة، والنملة الجافة، والنملة تحت الأرضية. ويعيش النمل الأبيض في الأخشاب الرطبة النتنة أو في الأشجار، وهو ليس خطراً من الناحية الاقتصادية. أما النمل الجاف فيمكن العثور عليه داخل أثاث المنازل أو الأخشاب الجافة، حيث يستطيع الاختفاء لفترة طويلة من دون أن يكتشف. أما النمل الأبيض تحت الأرضي فهو الأخطر من الناحية الاقتصادية، ولا يعيش من دون رطوبة، فيبني مستعمراته الرئيسية في التربة أو تحت الأرض، ثم يغزو التراكيب الخشبية من مسافات معينة باعتبارها مصدر غذائه. وهذا النوع هو المسبب الرئيسي للأضرار التي تلحق بالأخشاب والمواد الورقية والسيلولوزية الأخرى داخل المباني وحولها.
ويقدر أن النمل الأبيض يتسبب بخسائر أكثر من ثلاثة بلايين دولار سنوياً للتراكيب الخشبية في الولايات المتحدة، 80 في المئة منها على الأقل بسبب النمل تحت الأرضي.
يدخل النمل الأبيض تحت الأرضي الى المباني من منافذ مختلفة، منها عبر البلاط. فحتى في المنازل الحديثة في السلطنة، التي تحتوي على حاجز مبيد للحشرات في طبقة الأساس أو تحتها، قد يتسبب البناء السيئ أو عدم كفاية العناصر الفعالة أو عدم ملاءمة المواد الكيميائية المستخدمة، في إضعاف طبقات مكافحته. كما أنه قد يدخل عبر الأنابيب ومواسير الخدمة إذا كانت تمر عبر حاجز الحشرات. وقد يدخل الى المباني خلال فترة الإنشاء، فمن الشائع بناء جدار خشبي موقت حول كل بيت، يكون بمثابة نقطة انطلاق لدخول النمل بمجرد الانتهاء من بناء المنزل.
وعن استراتيجيات إدارة النمل الأبيض تحت الأرضي قال الدكتور تالكودر: ''لا تضمن أي من المعالجات منع دخوله، ولكنها على الأقل تقلل احتمال الضرر. وقبل استخدام أي إجراء وقائي يجب تحديد نوع النمل للمساعدة في تحديد أساليب المكافحة. وهناك أنواع مختلفة من الكيماويات يمكن استخدامها وقد أثبتت نجاحاً على مستوى العالم. ومن الضروري أخذ عينة قياسية من التربة بعد تطبيق العلاج بواسطة فريق فحص مستقل لتحديد ما إذا كانت جرعة المبيدات مطبقة بشكل مناسب. كما يمكن تركيب أجهزة مراقبة في جوار المباني تكشف وجود النمل الأبيض. وينصح بفحص المبنى على يد فريق متمرس مرة في السنة على الأقل، بحثاً عن غزو النمل. ويجب التأكد من عدم وجود أشجار ميتة أو مخلفات مواد بناء خشبية في المكان، وإصلاح الأنابيب الراشحة داخل المبنى والقريبة منه بأسرع ما يمكن، وإزالة مصادر الرطوبة حول المبنى ومحيطه.
ولا يؤثر النمل الأبيض بشكل مباشر في صحة من يعيشون في منزل يغزوه. والواقع أن حشود النمل تلاحظ عادة بعد سنتين أو ثلاث سنوات من بدء الغزو، وخلال تلك الفترة لا يعلم سكان المنزل أنهم يعيشون مع النمل الأبيض. ولكن في بعض الحالات قد يشعر الأفراد المصابون بحساسية نتيجة كمية ضئيلة من الكيماويات أو الغازات الناتجة عن أنشطته. وكما ذكر سابقاً، عند إنشاء منزل أو مبنى جديد يتم وضع طبقة أو مواد مبيدة للحشرات في أساساته لمنع أضرار النمل الأبيض مستقبلاً، ولو حدث لأي سبب تسرب أبخرة من طبقة ابادة الحشرات الى المنزل فقد تؤثر في صحة ساكنيه.
وعن كيفية انتشار هذه الحشرات في أنحاء سلطنة عمان، قال الدكتور فريد تالكودر انه في حالة النمل الأبيض تحت الأرضي، وفي مواسم معينة من كل عام، يطير مئات من الملوك والملكات المجنحة من المستعمرات القديمة بحثاً عن مناطق جديدة لإقامة مستعمرات. وعندما تجد مكاناً ملائماً، يقطع كل ملك وملكة أجنحتهما ويشرعان في بناء مستعمرة جديدة. أما في حالة النمل الأبيض الذي يعيش في الأخشاب الجافة، مثل الأثاث وألواح الأبواب والإطارات الخشبية وغيرها، فإنه يحصل على مساعدة الناس للانتقال من مكان إلى آخر ومن بلد إلى بلد ويثبت أقدامه في مناطق جديدة.
النمل الأبيض يشكل أحد أهم تجمع حشرات في العالم، وثمة علماء عديدون يعملون على مستوى العالم لتطوير أساليب جديدة لمكافحته والمحافظة على سلامة البيوت والأثاث. أما في سلطنة عُمان فأبحاث النمل الأبيض جديدة نسبياً، وقد قامت جامعة السلطان قابوس بعدة أبحاث أكاديمية بالتنسيق مع بعض المؤسسات الدولية، ومنها جامعة كوينزلاند في اوستراليا وجامعة الامارات.
|