Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
عماد فرحات علاج في كهوف الملح  
كانون الثاني (يناير) 2009 / عدد 130
 منذ روما القديمة، آمن الناس بقدرة ينابيع المياه الحارة على شفاء الاضطرابات الجسدية والعقلية. وفي القرن الماضي راجت حمّامات الطين فباتت مقصداً للسياح وطالبي الراحة. ثم أتت مغاطس المياه الحارة والحمامات البخارية (السونا) الى المنازل. والآن جاء دور كهوف الملح للاسترخاء.
كان الأوروبيون الشرقيون يعتقدون أن مجرد الجلوس في كهوف ملح طبيعية يخفف بعض الاضطرابات الصحية. وقد بدأوا مؤخراً بناء كهوف مماثلة في الولايات المتحدة.
وسر الشفاء في كهف الملح بسيط. فالهواء في داخله مشبع بميكرونات (microns) وأيونات الملح الطبيعي الذي يحتوي على كثير من المعادن والعناصر النزرة الفعالة في تخفيف أمراض الحساسية ونوبات الربو واضطرابات نفسية أخرى، اضافة الى تلطيف تهيج البشرة واستعادة التوازن الأيوني داخل الجسم. ومن خلال المكوث في الكهف، يمتص الجسم العناصر الضرورية لأحد الأعضاء كي يؤدي وظيفته كما ينبغي، فيعود الجسم الى توازنه.
يحتوي الملح في الكهف على الصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم والكلسيوم والحديد والبروم واليود. فالصوديوم له تأثير ايجابي على وظيفة القلب وضغط الدم ويحسن حالة البشرة. وهو يدخل مع الكلور في تركيبة ملح الطعام الذي يحافظ على التوازن الحمضي القلوي في الكائن الحي، كما أنه ضروري لوظيفة الكلية.
والبوتاسيوم له أيضاً تأثير ايجابي على وظيفة القلب، ويحسن وصول الدم الى البشرة. وهو يخفض ضغط الدم، ويحمي من أمراض القلب، وله تأثير مدر للبول، ويساعد في اخلاء المواد السامة من الأيض (metabolism).
المغنيزيوم عنصر مضاد للاجهاد، يساعد الجهاز القلبي الوعائي، ويلطف نوبات الربو والحساسية والتعبالمزمن، والتوتر العصبي، ويخفض ضغط الدم المرتفع. أما الكلسيوم فيقوي مناعة الجسم وينظم وظيفة الجهاز الدموي الوعائي. وهو مادة تركيبة العظم.
الحديد عنصر أساسي في الهيموغلوبين. وهو يشفي فقر الدم، ويقوي عمل العضلات، ويحسن التركيز، ويخفض التعرض للأمراض المعدية. والبروم يخفض ضغط الدم، وينظم وظيفة الجهاز العصبي. أما اليود فهو مسؤول عن سلامة الغدة الدرقية التي تتحكم بالأيض والنمو والوزن.
المناخ داخل كهف الملح الغني بجميع هذه العناصر هو في الغالب موقع مثالي للاستنشاق. انه في حالات كثيرة علاج تكميلي يسرّع الشفاء ويساعد الجسم لبلوغ التوازن المرغوب. وقد أثبتت الأبحاث الفوائد العلاجية لكهوف الملح في تخفيف الكثير من الأمراض، مثل الحساسية والربو والاكزيما وضغط الدم المرتفع والتقرحات والاجهاد.
أما الأمراض المعدية الحادة التي تصاحبها حمى، مثل الانفلونزا والزكام والخناق والتهاب القصبة الهوائية والتدرن الرئوي (السل)، فمن الأفضل للمصابين بها البقاء بعيداً عن كهف الملح. ولكن فور التخلص من الحمى، يصبح اللجوء الى كهف الملح وسيلة للعلاج النهائي والتماثل.
والمكوث في كهف الملح ليس مفيداً للاشخاص الذين يعانون من فرط نشاط الغدة الدرقية. كما أن زيارته ليست مناسبة في حالة الأمراض النفسية. ولكن ينصح به أحياناً بعد المعالجة الكيميائية من السرطان.
 
كهوف أوروبا الشرقية
المعالجة في الكهوف هي أكثر شعبية في بلدان الكتلة السوفياتية السابقة، مثل ألمانيا الشرقية ورومانيا وأرمينيا وأوكرانيا، لأسباب عدة. ففي البداية، لم يكن لدى أطباء الصحة والمستوصفات الطبية في أوروبا الشرقية الموارد المالية اللازمة لشراء الأدوية الغربية الغالية الثمن، لذلك تحولوا الى الطرق التقليدية القليلة الكلفة، بما في ذلك المعالجة في الكهوف. وتشتهر المناطق الجبلية في أوروبا وآسيا بوجود أفضل مناجم الملح القديم، فضلاً عن كونها المصادر الرئيسية للأملاح البلورية. هذه البلورات الطبيعية التي تكونت منذ آلاف السنين تصنع منها يدوياً مصابيح ملح جميلة المظهر تطلق أيونات سلبية لها خصائص علاجية فريدة.
هناك وسائل متعددة يستعملها أطباء المعالجة في الكهوف. فعلى سبيل المثال، يقدم المستشفى الأوكراني لأمراض الحساسية على سفوح جبال كربات الأوكرانية ثلاثة أنواع من المعالجة: المناخ الصحي في عمق مناجم الملح، والماء من هذه المناجم، والماء والطين من البحيرة المالحة القريبة. ويستخدم المستشفى علاج الكهوف للمرضى الذين يعانون من الربو المزمن والصدفية والالتهاب الجلدي العصبي وحالات ما بعد الحروق واختلالات الجهاز العصبي وبعض الاضطرابات الجنسية والأمراض الرئوية المزمنة غير المحددة. وخلال أكثر من 30 عاماً، شفي نحو 60 ألف مصاب عولجوا في كهوف الملح.
ونتيجة معرفة الناس في أنحاء العالم بفوائد المعالجة في الكهوف، تقوم مستوصفات خارج أوروبا الشرقية بمحاكاة البيئات المحلية داخل الكهوف العميقة، ما يوفر معالجة ملحية في حجرات طليت جدرانها وسقوفها بملح طبي. واستعيض عن التأيين الطبيعي للهواء بهباء ملح الطعام. وميزة مستوصفات المعالجة الملحية الاصطناعية هذه أنها متاحة للناس الذين يعيشون خارج أوروبا الشرقية، كما أن المرضى لا يتعرضون إلا للأيونات الصحية أثناء وجودهم فيها.
مصحات في المناجم
مصح منجم بوشنيا للملح في بولندا يقع في حجرة على عمق 250 متراً تحت سطح الأرض. وهو ذو مناخ فريد وجو مثالي لمعالجة الأمراض التنفسية والحساسية. واضافة الى تسهيلات طبية، مثل معدات الاستنشاق، يوفر المصح للزائرين فرصة للترفيه بوجود حجرة ألعاب رياضية وكراسي طويلة للتمدد وكافيتيريا.
أما منجم ويليكخا للملح الذي يعمل منذ القرن الثالث عشر فهو أقدم مشروع لصناعة الملح في بولندا، وكان مورداً للخزانة البولندية وأساساً مادياً للتراث. وهو الآن أهم موقع للسياح في بولندا. وقد شكل استخراج الرسوبيات الملحية منه طوال أكثر من 700 عام البنية التنقيبية للتعدين الحيزي المعاصر. هذا المنجم المحتجب تحت المدينة يقع على تسعة مستويات يصل عمقها الى 327 متراً تحت سطح الأرض، وفيه 300 كيلومتر من الدهاليز ونحو 3000 حجرة. الطريق التي تجتازه تمتد 3,5 كيلومترات وتقع على عمق يراوح بين 64 و135 متراً تحت سطح الأرض، وهي متاحة للسياح. الكنائس الصغيرة الرائعة والبحيرات الجوفية الفاتنة والأدوات وآثار أعمال التنقيب في حناياه تحكي كفاح الأهالي ضد العوامل المناخية القاسية، وأعمالهم ومعتقداتهم.
وفي رومانيا، نتيجة للاستخراج المكثف للملح من منجم بريد، تكونت قاعات جوفية كبيرة أوجدت مناخاً ملحياً فريداً وحرارة ثابتة نسبياً تراوح بين 14 و16 درجة مئوية، ورطوبة منخفضة نسبتها 66 ـ 70 في المئة، وضغطاً أكبر مما على السطح معدله 735 ـ 738 مليمتراً زئبقياً. والهواء مؤين الى حد بعيد وفعال جداً في معالجة الأمراض التنفسية. وقد أنشئت هنا مصحات، وأجريت أول معالجة ''جوفية'' في أوائل ستينات القرن العشرين.
فهل تنتقل مصحات كهوف الملح الاصطناعية الى منطقة الشرق الأوسط، حيث الاجهاد والتوتر على أشده؟
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.