Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
آن الأوان لادخـال الكلفـة البيئية في الموازنة العامة  
نيسان (أبريل) 2009 / عدد 133
 نجتمع اليوم للمشاركة في إطلاق تقرير ''البيئة العربية: تحديات المستقبل''، الذي أعده المنتدى العربي للبيئة والتنمية. لقد استمعنا سوية إلى العرض الذي قدمه الأمين العام السيد نجيب صعب وما أضافه الصديق الدكتور عبدالرحمن العوضي. إن ما شاهدناه يمثل لي، وأعتقد لكم أيضاً، صفعة على وجوهنا جميعاً، لعلنا نستيقظ على ما أحدثناه من ضرر في بيئتنا وما تأخرنا في معالجته على مدى سنوات ماضية، كل لأسبابه وكل يعطي تبريراته. لكننا نجد أنفسنا اليوم أمام هذه الحقيقة وامام هذا الوضع الذي لم يعد يقبل الانتظار ولا التسويف، بل يحتاج منا جهداً حقيقياً من أجل التواصل بعضنا مع بعض، وبين مواطنينا، للتحول في جهودنا نحو المعالجة. فكل يوم يضيع الآن سيكون مكلفاً في المعالجة، وفي النتائج التي سوف تترتب على نوعية الحياة، وحتى بعض الأحيان على استمرار الحياة.
 
نجتمع اليوم للمشاركة في إطلاق هذا التقرير الهام، الذي اطلعنا منه على بعض الإحصاءات، ونلحظ جميعاً ما هي التحديات. نرحب بهذا التقرير الذي أعده المنتدى العربي للبيئة والتنمية، ليس فقط لأن بيروت تحتضن مقر هذه المنظمة ذات الصفة الدولية، بل تعبيراً عن اهتمامنا كمجتمع مدني وكدولة لبنانية بما يمثله موضوع البيئة، باعتباره كما ذكرت قضية حياة بالنسبة الينا جميعاً. فمهما ثقلت واشتدت هموم السياسة والاقتصاد، لا يجوز أن تصرفنا عن النظر وبشكل جدي في قضية البيئة، التي لا تقتصر آثارها على نوعية عيشنا في حاضرنا، بل لها دور كبير في تقرير نوعية هذا العيش في المستقبل. فالنقاشات والنزاعات على مكاسب من هنا وهناك لصالح مواقع زائلة لا توقف حاجة الناس إلى التنفس وإلى المياه والشراب والطعام والتمتع بموارد الطبيعة من دون استنفادها. ليس مسموحاً إذاً أن تمنع السجالات والخلافات عن أجيال الوطن المقبلة الحق في هواء عليل وماء نقي وتراب نظيف، وهي كلها عناصر أساسية تمثل حقنا كبشر وكمواطنين في الحياة.
 
نحن نؤمن أن الإدارة البيئية السليمة يجب أن تكون جزءاً متكاملاً في خطط التنمية، ضمن ترتيب صحيح ومتوازن للأولويات، يبدأ بالحد من النشاطات التي تسبب ضرراً في البيئة لا يمكن إصلاحه، وصولاً إلى تنمية الموارد المتاحة على نحو متوازن يلبي متطلبات الاقتصاد ولا يدمّر البيئة.
 
انطلاقاً من ذلك، أعتقد انه آن الأوان لأن نعمل على إدخال باب خاص يمثل كلفة معالجة الشأن البيئي في حسابات الموازنة العامة في لبنان وفي كل بلد عربي، كي يتوقف فعلاً التلويث وهدر الموارد الطبيعية، التي يعتقد الكثيرون أنه يمكن أن نستهلكها أو نستعملها كسلعة مجانية. إن هذا يعني فرض قيود على النشاطات والسلع الملوثة، وليس في ذلك قيود على العمل والإنتاج. لقد أصبح واضحاً اليوم أن حسن استخدام الموارد وحماية الطبيعة وترشيد أنماط الاستهلاك، وتعميم الصناعات النظيفة التي يصدر عنها مقدار أقل من المخلفات والملوثات، كلها تقود إلى نوعية حياة أفضل. وقد ثبت أن الكفاءة البيئية لا تتعارض مع الجدوى الاقتصادية. فحماية البيئة تؤدي إلى خفض كلفة الفاتورة الصحية، وتساهم في استقطاب الاستثمارات واجتذاب السياح، فضلاً عن كونها تؤمن حقوق الأجيال المقبلة في العيش بصحة وأمان.
 
ولا تنحصر الإدارة البيئية السليمة بالتدابير الرادعة فقط، بل تتعداها إلى الشؤون المحفِّزة على تشجيع تطوير أنماط استهلاكية رشيدة لدى الجمهور، وأساليب إنتاجية ذات كفاءة لدى المؤسسات.
 
كما ذكر الأخ الصديق نجيب صعب حول ما تم إقراره في القمة العربية الاقتصادية، فالحقيقة أن هذه القمة ولأول مرة تبنت توصيات المؤتمر العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، حيث اعتبر ''إعلان الكويت'' أن المحافظة على البيئة والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية شرطان أساسيان لتحقيق التنمية، كما أوصى بالعمل على ''الحد من آثار التغيرات المناخية وتداعياتها على المجتمعات العربية''. وقد سمعتم نبذة هي غيض من فيض من الآثار التي يمكن أن تلحق بنا وبشواطئنا على مدى العقود المقبلة. ان الخطة التنفيذية التي اعتمدتها قمة الكويت تتضمن أيضاً دعوة إلى تطوير المؤسسات والتشريعات والسياسات لحماية البيئة العربية، وتعزيز دور الهيئات البيئية الحكومية والأهلية ودعم الاعلام البيئي. وهو أمر يجب علينا جميعاً أن نمارسه ونعممه، لكي ننقل هذه الافكار والتحديات التي تدق أبوابنا بعنف يوماً بعد يوم الى ضمائر أبنائنا وأجيالنا القادمة ليتحسسوا عمق المشكلة ويتعاملوا معها.
 
لدينا الكثير من القضايا التي تحتاج الى المعالجة، ان كان في موضوع المياه أو موضوع الغطاء النباتي الذي نخسره. وكنت قد أشرت في أكثر من مناسبة إلى انه في العام 2007 خسر لبنان في ليلة واحدة من الحرائق أكثر بكثير مما استطاع أن يزرعه على مدى 17 عاماً. كذلك علينا معالجة موضوع النفايات الصلبة، والصرف الصحي، والصناعات الملوثة.
 
إن التقرير الذي نستعرضه اليوم لا يكتفي بأن يدق ناقوس الخطر، بل يقرع أبواب المستقبل. إنه يضع الإصبع على الجرح، حين يستعرض أوجه التدهور والقصور في ثماني عشرة قضية بيئية تواجه العالم العربي. لكنَّ الخبراء الذين وضعوه ينطلقون إلى اقتراح حلول ومعالجات لم يعد ممكناً تجاهلها إذا أردنا الحفاظ على وطننا وعلى بيئة صحية وسليمة وقابلة للاستمرار في بلداننا وعلى تمكيننا من ولوج المستقبل كشركاءَ في صنع عالم أفضل.
 
غير أن البعض ما زال يجد في تدمير البيئة وهدر الموارد أرخص طريق إلى الربح السريع، وما زال البعض يعتبر أنه يحوز على رضى الناخبين أو رضى بعض أصحاب المصالح إذا عمل على حماية مقلع صخور ومخالفة بناء هنا والتعدي على شاطئ أو غابة هناك. لهذا أتمنى أن يكون للرأي العام صوت مسموع لدعم تدابير حماية البيئة والمطالبة بها من الجميع، من الحكومة ومن المجلس النيابي ومن القطاع الخاص، والإصرار على عدم القبول بالمكاسب الصغرى على حساب المستقبل. في هذا المجال، أتمنى أن تقوم الجمعيات والهيئات في المجتمع المدني، وهي كثيرة والحمد لـله، بإعلان برامجها وإسماع صوتها لمن يُفترض بهم تمثيل الشعب في الندوة النيابية، وكذلك لدى السلطة التنفيذية، حتى يصبح الصوت عالياً ويصل إلى ضمائر الجميع والى إراداتهم وقراراتهم.
 
وأنا على اعتقاد راسخ أننا في لبنان لم يعد بإمكانِنا الاستمرار من دون معالجة المشكلات البيئية المتفاقمة التي تهدد ثروتنا الوطنية والسياحية، وتدمر جوهر وجود لبنان وميزته في أنه كان يشكل المساحة الخضراء والبيئة النظيفة في هذا الشرق. لم يعد مقبولاً ان عدد الأشجار في لبنان يكاد يصبح أقل مما هو في أي منطقة من مناطق الخليج الصحراوية، فلنتصور ماذا ألحقنا ببيئتنا على مدى هذه السنوات. وهذا يتطلب جهداً متواصلاً وبرامج تنفيذية قريبة ومتوسطة وبعيدة المدى، على أن يتم بناء على ذلك وضع استراتيجيات وموارد وجهود واصطفافها جميعاً من أجل تحقيق هذه الأهداف.
 
أود أن أعرب عن تقديري لهذا الجهد الكبير الذي بذله المنتدى، ونرجو منه أن يستمر في هذه العملية، كي لا نلجأ الى النوم مرة ثانية والى تناسي المشكلة، وكي لا نندم. وأود أن نعتبر هذه الدراسة وكل الجهود البيئية التي يمكن أن تبذل في المراحل المقبة دافعاً من أجل تفعيل عملنا وجهدنا للمحافظة على بيئتنا وجعلها مكاناً صحياً نستطيع أن نسلمه الى أولادنا. فهناك مسؤولية أخلاقية علينا أن نقر بها تجاه أجيالنا القادمة ولا يمكن لنا أن نفرط بها.
 
وأنا على قناعة أنكم تدركون جميعاً معنى هذا، وأتمنى أن يكون هذا الموضوع دائماً في ضمائركم وأذهانكم وحركتكم نحو ترجمة ما أنتم مقتنعون به إلى عمل يمكن أن تقوموا به.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.