Wednesday 24 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
ميشيل بشير وكريم الجسر خبرات عربية ناجحة في ادارة المياه  
شباط (فبراير) 2005 / عدد 83
 تلاحظ في البلدان العربية سيادة الاتجاه التقليدي نحو المشاريع الضخمة من أجل سد الطلب المتزايد على المياه. لذلك تنصرف الاهتمامات والموازنات غالباً نحو إنشاء السدود لحبس المياه السطحيّة، أو ضخّ المياه الجوفيّة، بدل ترشيد الاستخدام، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد المائيّة والماديّة معاً.
في هذا الإطار، لا بدّ من النظر في سياسات بديلة لإدارة الموارد المائيّة ومحاولة تبادل الخبرات بين الدول العربية. وقد نظم المكتب الإقليمي لمركز بحوث التنمية الدوليّة (IDRC) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالتعاون مع شركة إيكوديت للاستشارات ثلاث زيارات عام 2004 لتبادل خبرات إدارة الطلب على المياه بين ستة بلدان عربيّة، ثلاثة مضيفة هي مصر وتونس والأردن وثلاثة زائرة هي سورية ولبنان والجزائر.
جمعيّات مستخدمي المياه في مصر وتونس
الإدارة اللامركزيّة للموارد المائيّة تجربة ناجحة تشرك القاعدة في إدارة توزيع المياه على المستخدمين المحليين. وقد أنشئت في بعض البلدان العربية جمعيات تضم مستخدمي المياه في منطقة معيّنة، يديرون الجمعية بهدف التوزيع العادل والمتساوي على جميع المنتسبين الى الجمعية.
في مصر، يعود تاريخ "روابط مستخدمي المياه" إلى بضعة عقود. ففي العام 1981، أنشأت وزارة الري والموارد المائيّة جمعيّات لادارة المياه على مساحة 90 ألف فدّان، أي ما يقارب 36 ألف هكتار. وفي أوائل التسعينات، أطلق البنك الدولي والحكومة المصريّة مشروعاً واسعاً لتأهيل نحو مئة ألف هكتار من الأراضي المرويّة. هَدَفَ هذا المشروع إلى تأهيل "المساقي"، أي القنوات الصغيرة في أدنى مستوى شبكة الري، في حين بقي تأهيل القنوات الأصغر المعروفة بـ"المراوي"، والتي تؤمّن مياه الري على مستوى الحقل الفردي، ضمن مسؤوليّة المزارعين. وساهمت وزارة الري والموارد المائيّة في إنشاء "روابط مستخدمي التِرَع" و"مجالس مستخدمي التِرَع" لإدارة المياه على مستوى التِرَع، أي قنوات الري الثانويّة.
ومع تزايد أعداد جمعيّات مستخدمي المياه في مصر، ساعدت الوزارة في إنشاء "مجالس المياه الإقليميّة"، التي تتألّف من ممثلي الفلاحين ومستخدمي المياه والمجالس المحلية وممثل جهاز البيئة على مستوى إقليم الري، وتهدف إلى تسهيل التحول إلى اللامركزية ورفع الأعباء عن كاهل الوزارة في ما يتعلّق بإدارة المياه بين المزارعين.
أمّا تونس، حيث تُعرف جمعيات مستخدمي المياه بمجامع المصالح المشتركة، فتعود خبرتها إلى أكثر من عشرين عاماً. وهي نوعان: تلك التي توزّع مياه الري ضمن مناطق مرويّة محدّدة ومستحدثة من قبل الدولة، وتلك التي توزّع مياه الشرب في المناطق الريفيّة ذات الكثافة السكانيّة المنخفضة. وتتولّى هذه الجمعيّات مسؤوليّات تشغيل وصيانة البنى التحتيّة المائيّة في منطقتها. وقد بدأت على شكل مجموعات غير رسميّة خلال الستينات، وتحوّلت إلى جمعيّات ذات أنظمة وتشريعات واضحة. وبحسب القواعد التنظيميّة، تتولّى الجمعية أربع مهمات: تشغيل واستخدام نظام المياه داخل المنطقة المرويّة، بناء وصيانة واستعمال أنظمة المياه، ري الأراضي، وتشغيل نظام مياه الشرب.
تتألّف جمعية مستخدمي المياه في تونس من مزارعي المنطقة الذين ينتسبون إليها بموجب عقد اتفاق سنوي، وتتراوح أعدادهم من مئة إلى أكثر من ألف. وتديرها هيئة من ثلاثة أو ستّة أو تسعة أعضاء يشغلون مناصب رئيس وأمين صندوق وأعضاء في الهيئة. أمّا أعمال الجمعيّة فتتلخّص بتوزيع المياه بشكل منتظم وعادل وتحسين فعاليّة الري في منطقتها باستعمال طرق حديثة للري. وتوظّف هذه الجمعيّات حرّاس ماء، بمعدّل حارس لكلّ 100 هكتار. كما يمكنها، ضمن إمكاناتها، أن تستعين بموظّف إداري أو أمين سرّ أو كليهما.
تقييم تجربة سورية في مصر وتونس
اعترافاً بالحاجة لدعم إدارة الطلب على المياه وحسن استخدام الموارد الجوفيّة من خلال زيادة كفاءة الري، شكّلت الحكومة السوريّة لجنة وزاريّة تضم وزارات الزراعة والري والعدل والماليّة والبيئة، لإعداد قانون يفسح المجال أمام إنشاء وتطوير وتنظيم أعمال جمعيّات مستخدمي المياه. وقد رفعت هذه اللجنة إلى مجلس الوزراء في أوائل العام 2004 مسوّدة القانون للمراجعة والموافقة عليها.
في مصر، زار الوفد السوري جمعيّات مستخدمي المياه في مقاطعتي البحيرة والمِنية، واستنتج أنّ المقاربة المصريّة في تطوير الري تختلف عن المقاربة السوريّة. فالمقاربة المصريّة تعمل على "التوزيع العادل" للمياه على المزارعين وتقليص الهدر في شبكات توزيع المياه، أي "إدارة الموارد المائيّة خارج الحقل"، بينما تتوجّه المقاربة السوريّة نحو "تحسين كفاءة الري" على مستوى الحقل من خلال تقليص استهلاك المياه واستخدام تقنيات ري حديثة، أي بالتركيز على ترشيد استهلاك المياه "داخل الحقل". كما تختلف مصادر الري بين البلدين، إذ تعتمد مصر كليّاً على نهر النيل في حين يلجأ عدد كبير من المزارعين السوريين إلى المياه الجوفيّة.
أمّا في تونس، فاطلع الوفد السوري بشكل دقيق على الدور المتكامل للمؤسسات في إدارة المياه وكيفيّة إدارة جمعيّات المستخدمين، من خلال زيارة نحو عشر جمعيّات في محافظات نابل وباجه وبنزرت في شمال تونس. يبدأ عمل الجمعية داخل منطقة زراعيّة محدّدة بعد تأهيلمنشآت الري من قبل وزارة الفلاحة، ويعود خيار الانضمام إليها إلى المزارع نفسه. وقد ساهمت هذه الجمعيّات بتخفيف استهلاك المياه الجوفيّة من خلال تأمين المياه للمزارعين من مصادر سطحيّة، في حين حافظت على حريّة استخراج المياه من الآبار الجوفيّة غير العميقة. وتقوم حسابات الجمعيّة السنويّة على خطّة ماليّة عشريّة تخطّط لاسترداد كلفة التشغيل وتنظيف قنوات الري وكلفة تجديد بعض المنشآت، كتغيير العدّادات، بعد عشر سنوات. وتعتمد عائدات الجمعيّات على اشتراكات المزارعين السنويّة وهي نحو 20 ديناراً تونسياً للهكتار في السنة وعلى فواتير المياه التي تراوح بين 60 و140 ملّيماً للمتر المكعب حسب مصدر ونوعية المياه ( الدينار التونسي 0,81 دولار أميركي ويساوي 1000 مليم).
استعمال مياه الصرف والمياه الرماديّة في الأردن
تساهم إعادة استعمال مياه الصرف الصحي والمياه الرماديّة المعالجة في تخفيف استهلاك الموارد المائيّة وتدهور نوعيتها، نتيجة التلوّث الحاصل من تسرّب مياه الصرف الصحي إلى المياه الجوفيّة وانسيابها في مجاري المياه السطحيّة. وتتكوّن المياه الرماديّة من مياه الصرف الصحي المنزليّة، باستثناء المياه "السوداء" أي مياه المراحيض. وهي أخفّ من مياه الصرف الصحي بالطلب على الأوكسيجين الحيوي (BOD) وبالتالي تكون معالجتها أسهل بكثير.
ويعرض الأردن مثالاً ناجحاً لكيفيّة المحافظة على الموارد المائيّة المحدودة من خلال إعادة استعمال مياه الصرف الصحي والمياه الرماديّة المعالجة بشكل يراعي مستلزمات الصحة والبيئة. وقد أنشئت 19 محطّة لمعالجة مياه الصرف الصحي عالجت 76 مليون متر مكعّب من المياه المبتذلة خلال العام 2003 وأمّنت 14 بالمئة من حاجات الري في الأردن. تدير هذه المحطات سلطة مياه الأردن، وتقوم وزارة البيئة بمراقبة نوعيّة المياه المعالجة.
أمّا المياه الرماديّة فتُعالج في وحدات صغيرة في كلّ منزل، حيث تؤمّن الري لبعض الزراعات كالزيتون والصبّار والخضر. وفي الأردن حاليّاً نحو 750 وحدة منزليّة لمعالجة المياه الرماديّة، يتراوح سعر الواحدة منها بين 300 و500 دولار. ولا تزال معالجة المياه الرماديّة تقنيّة جديدة نسبيّاً في الأردن ومحصورة بمشاريع المنظمات والجمعيّات، وفي طليعتها "الشبكة الاسلاميّة لتنمية وإدارة مصادر المياه" ومبادرات فرديّة.
وقد حظيت مشاريع معالجة وإعادة استعمال المياه المبتذلة والمياه الرماديّة في الأردن بالدعم المادي من عدّة جهات مانحة دوليّة، وذلك بفضل جهود وزارة التخطيط والتعاون الدولي المسؤولة عن تنسيق وتوجيه التمويل الخارجي نحو المشاريع المختلفة حسب الحاجة.
معالجة مياه الصرف في الجزائر ولبنان
بالمقارنة مع خبرة الأردن، تعتبر خبرات لبنان والجزائر في موضوع إعادة استعمال مياه الصرف الصحي والمياه الرماديّة غير ناضجة. فعلى رغم تشييد 45 محطّة تكرير لاستيعاب الانتاج الكامل للجزائر، أي 600 مليون متر مكعّب من مياه الصرف في السنة، إلاّ أنّ غياب الموارد الماديّة والبشريّة يعيق أعمال هذه المحطات كما هو ملحوظ من خلال عمل 16 محطّة فقط. وتبقى إمكانيّة استعمال المياه المعالجة غير مدروسة بعد.
أمّا في لبنان، فعلى رغم ارتفاع منسوب الأمطار نسبيّاً (معدّل 800 مليمتر على السواحل و1400 في الجبال) فإنّ نسبة التلوّث واستنزاف المياه الجوفيّة أثّرت سلباً على الموارد المائيّة في البلد. وتنحصر المحطات "الكبرى" لمعالجة مياه الصرف الصحي بمحطّة واحدة للمعالجة الأوليّة جنوب العاصمة بيروت، وأخرى كاملة التجهيز في بعلبك شرق البلاد ولكنها لا تعمل لانها غير موصولة بعد بشبكة الصرف الصحي التي ما زالت قيد الانشاء. وفي السنين الأخيرة، بادرت بعض المنظمات والجمعيات بإنشاء محطات معالجة صغيرة في المناطق الريفيّة بتمويل من جهات مانحة دوليّة. ولا جهود رسميّة لإعادة استعمال مياه الصرف المعالجة، التي تنتهي في مجاري المياه وفي البحر من دون مراقبة فعالة لنوعيتها.
زيارة الفريقين اللبناني والجزائري الى الاردن سمحت لهما بالاطلاع على تقنيات مختلفة لمعالجة المياه المبتذلة وإعادة استعمالها، إضافةً إلى أنواع النباتات المرويّة. كما عرّفتهم على مفهوم إعادة استعمال المياه الرماديّة التي هي مصدر مهمّ للمياه في المناطق الريفيّة المحرومة والنائية غير المزوّدة بشبكات الصرف الصحي. واطلع الفريقان أيضاً على الأدوار المختلفة والمتكاملة التي تلعبها كلّ من وزارة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة المياه والري ووزارة البيئة في مجال إعادة استعمال مياه الصرف الصحي.
برهنت هذه الزيارات عن أهمية نقل الخبرات بين الدول العربيّة، إذ مكّنت مندوبي الدول الزائرة من الاطلاع على تجارب الدول المضيفة من النواحي الفنيّة والمؤسساتيّة والماليّة ومدى إمكانيّة نقل الخبرة والاستفادة منها.  كما مكّنت الدول المضيفة من تقييم مشاريعها من خلال تعليقات وملاحظات مندوبي الدول الزائرة، وعرّفت المشاركين بعضهم ببعض فاتحةً أمامهم مجالاً للتواصل والتعاون في المستقبل.
لذلك قرّر مركز بحوث التنمية الدولية عقد المزيد من هذه الزيارات وتوسيع المواضيع المطروحة ضمن برنامج وادي مينا الذي انطلق في تموز 2004 (يوليو) ويستمر حتى صيف 2008.
ميشيل بشير وكريم الجسر باحثان في "ايكوديت للاستشارات" في لبنان
كادر
IDRC تبادل الخبرات ألمانية بين الدول العربية
منذ التسعينات، حذر مركز بحوث التنمية الدولية (IDRC) من أن أزمة المياه في المنطقة العربية ستتفاقم اذا استمرت البلدان في التركيز حصراً على زيادة الامدادات ضمن خططها لادارة الموارد المائية. وفي مسعى لإحداث تحول نموذجي لدى صناع السياسة، أطلق مكتب IDRC في الشرق الأوسط وشمال افريقيا برنامج "إدارة الطلب على المياه"، ونظم من خلاله أربعة منتديات (2001 – 2004) بهدف تسهيل الحوار حول إعادة استعمال مياه الصرف الصحي، وتعرفة المياه، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، واللامركزيّة والمقاربة التشاركيّة في الري. ثم أسس المركز "مرفق التبادل الاقليمي" للمهارات والخبرات والمعارف في ادارة الطلب على المياه.
وفي تموز (يوليو) 2004 أًطلق المركز المرحلة الثانية لبرنامج ادارة الطلب على المياه تحت شعار وادي ميناWaDImena  لتقوية تبادل الخبرات بين دول المنطقة. ويهدف هذا البرنامج إلى تعميم سياسات وممارسات إدارة الطلب على المياه وتفعيل تطبيقها بين دول البرنامج، أي الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وفلسطين وسورية وتونس واليمن. ويمكن الاطلاع على المزيد عنه من موقعه على الانترنت www.idrc.ca/waterdemand
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.