Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
اسطنبول - "البيئة والتنمية" المؤتمر البرلماني العالمي للمياه  
أيار (مايو) 2009 / عدد 134
 ركز المؤتمر الخاص بالبرلمانيين، الذي انعقد يومي 18 و19 آذار (مارس) 2009 خلال المنتدى العالمي الخامس للمياه، على أهمية ترسيخ الحق الدستوري للإنسان في الماء، كحقه المشروع في الحياة، وتوفير الموارد المائية قطرياً وعبر الأقطار، وإدارتها والمحافظة عليها من التلوث لتوفيرها كسلعة عامة لجميع المواطنين، وتوفير التمويل الدولي لتدريب الكوادر الوطنية لإدارة الموارد المائية واستخداماتها بشكل أفضل.
وتم تكليف عضو مجلس الأعيان في الأردن الدكتور عدنان بدران التحدث في الجلسة الافتتاحية، ممثلاً دول الشرق الأوسط وشمالأفريقيا العربية. وهو ركّز في كلمته على ضرورة إعداد المعاهدات الدولية والاتفاقيات المتعلقة بتوزيع عادل وشفاف للأحواض المشتركة بين دول هذه الأحواض، كحوض الفرات ودجلة بين تركيا وسورية والعراق، وحوض النيل بين الدول الأفريقية، لمنع أي نزاعات إقليمية أو حروب قد تظهر مستقبلاً، واستخدام هذه الأحواض كقاعدة مشتركة لبناء اقتصاد مشترك بين هذه الدول يساهم في بناء السلام الإقليمي والعالمي.
وأشار بدران الى أهمية هذا التشريع في مواجهة التغير المناخي الذي بدأت تداعياته تظهر في المنطقة العربية، مما يتطلب اتخاذ الاحتياطات المبكرة وقيام المجموعة الدولية بتقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه الغاية. وأشار الى أهمية دعم مشروع ''قناة البحرين'' بين البحر الأحمر والبحر الميت لتوفير مياه الشرب والطاقة الكهربائية وإنقاذ البحر الميت من الانكماش. (النص الكامل لكلمة بدران ص 9).
دعا المؤتمر، الذي حضره نحو 300 من البرلمانيين في العالم، إلى تضامن برلماني عالمي حول وضع سياسات مائية وطنية تؤمّن العيش الكريم والمياه الصالحة لكل مواطن. وأكد على ضرورة الادارة الكفوءة، خصوصاً أن فاقد المياه نتيجة التسرب أو السرقة يبلغ 15% في الولايات المتحدة، و13% في أوروبا، و25% في تركيا، ونحو 35% كمعدل في البلدان العربية.
ويتوفر في العالم نحو بليوني متر مكعب من الماء العذب لكل فرد، إلا أن سوء التوزيع والإدارة والتلوث حرمت الأفراد من الوصول إلى مياه صحية. ومع ازدياد سكان العالم الذين بلغوا 6,8 بليون نسمة، بيّن تقرير الأمم المتحدة أن ثلثي سكان العالم سيتعرضون لنقص حاد في المياه خلال العشرين عاماً المقبلة، وهناك حالياً 2,5 بليون نسمة من دون مياه صحية مناسبة، كما يموت نحو مليوني نسمة سنوياً بسبب شربهم مياهاً ملوثة. وفي حين يقول البعض إن كمية الماء التي يجب توفيرها لكل مواطن هي 20 ليتراً يومياً، ويقول آخرون إنها 50 ليتراً يومياً، فان الفرد في الدول الصناعية يتمتع بـ200 ليتر من المياه يومياً. وترى الأمم المتحدة أنه يمكن تصنيف الدول الغنية بالمياه تلك التي توفر للفرد 8000 متر مكعب سنوياً، وتصنيف الدول الفقيرة مائياً تلك التي توفر أقل من 1000 متر مكعب للفرد سنوياً.
ويتوزع استهلاك المياه عالمياً بين القطاعات الرئيسية كما يأتي: 70% للزراعة، 20 للصناعة، 10 للاستهلاك المنزلي. وهنا تبرز أهمية حوكمة المياه وإدارتها بشكل عصري، إذ تستهلك تركيا مثلاً 74% من مواردها المائية في قطاع الزراعة، فيما تستهلك الدول الصناعية (OECD) 40% لأغراض الزراعة. وباستخدام التكنولوجيات العصرية يمكن اقتصاد 60% من المياه المستعملة في الزراعة مع إنتاج أفضل. وتحتاج السلع الغذائية الرئيسية الى الكميات الآتية من المياه: 1000 ليتر لكل كيلوغرام من القمح، و1400 ليتر لكل كيلوغرام من الرز، و13000 ليتر لكل كيلوغرام من اللحوم الحمراء.
وركّز المؤتمر على استخدام التقنيات الحديثة في ري المزروعات لتوفير المياه، خصوصاً أن الطلب على المياه سيزداد مستقبلاً لإنتاج الوقود الحيوي في البلدان التي تفتقر إلى الوقود الأحفوري. كما تطرّق إلى أهمية إدارة المياه بشكل أفضل، كمنع تلوث المياه واستخدام المياه العادمة بعد معالجتها.
بحث المؤتمر البرلماني العالمي للمياه النقاط الرئيسية الآتية:
أولاً: حق الإنسان في مستوى معيشي مناسب يتضمن هذا الحق الطعام والملبس والموئل. فقد أقرّت الأمم المتحدة عام 2002 مؤشرات حق الإنسان في الماء والصحة (right to water and sanitation) وهي:
- مياه كافية لحاجة الإنسان المنزلية، بما في ذلك شرب ماء صحي وغسيل ثيابه ونظافة موئله وتحضير طعامه، وهذا يتطلب 50 ـ 100 ليتر يومياً، وكحد أدنى يجب ألا يقل عن 20 ليتراً يومياًللفرد.
- مياه نظيفة وصحية، خالية من الشوائب والمواد الضارة.
- مياه سهل الحصول عليها وفي مكان آمن، من دون أن يبذل الإنسان جهداً كبيراً ويقطع مسافات طويلة للوصول إليها.
- مياه لا تشكل عبئاً مالياً، يستطيع الإنسان تحملها ضمن دخله العادي لعيش كريم.
- مياه متاحة للجميع من دون تمييز للجنس أو العمر أو الاعاقة أو الدين أو العرق أو تهميش الأقليات.
- بث المعلومات للناس حول المياه وحالتها البيئية والصحية.
- الشفافية والمحاسبة والمصداقية بشأن المياه المتوفرة للمواطن من حيث الكم والكيف، لتأمين حاجاته الأساسية.
هذه النقاط، المتعلقة بحق الإنسان في الماء والصحة، دعا المؤتمر البرلمانات الى وضعها في إطارها القانوني، وإصدارها في قوانين لضمان حقوق الإنسان حيالها، مع التفريق بين الحق في المياه (right to water) وحقوق المياه (water rights) التي تتعلق بالأراضي والزراعة والمياه الحدودية السطحية في الأنهر والبحيرات والأحواض الجوفية.
ثانياً: المياه الحدودية
هذه المياه، أكانت سطحية لأنهر وبحيرات مشتركة أم حصاداً مائياً لمناطق حدودية مشتركة أم مياهاً جوفية مشتركة، تشكل مناطق نزاع مستقبلية للدول التي تتقاسمها. ويجب إيجاد هياكل قانونية لتوزيع عادل ومشترك، إذ لا تعرف المياه حدوداً سياسية جغرافية، وخصوصاً في ظروف الشح نتيجة الزيادة السكانية وامتداد المدن والنمو الصناعي والتغير المناخي. وقد شهد العالم خلال القرن العشرين استهلاكاً للمياه المتاحة يساوي ضعفي نسبة النمو السكاني. لذا تعتبر المياه سلعة استراتيجية خلال القرن الحادي والعشرين، يجب على جميع الدول اتخاذ الإجراءات والاحتياطات والإدارات المناسبة بشأنها.
وهناك 260 حوضاً مائياً لأنهر مشتركة بين دول العالم، تغطي نصف اليابسة، متداخلة بين 145 دولة وتغذي 40% من سكان العالم. كما أن هناك 270 حوضاًمائياً جوفياً مشتركاً بين الدول.
لذا فالتنافس على الموارد المائية بين الدول يثير القلق الشديد من حروب مياه مستقبلية ونزاعات إقليمية تهدد السلم الإقليمي والعالمي. إلا أن هذه الموارد المائية المشتركة يمكن أيضاً، من خلال السياسة الحكيمة، أن تشكل عموداً فقرياً أو مساحة مشتركة للتعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين هذه الدول، وبناء قاعدة لشراكة تنموية بينها لتقاسم المياه بشكل قانوني وبتعاون ووحدة اقتصادية، لتوفير فرص عمل وحياة أفضل لمواطنيها. وبذلك يمكن الوصول إلى تنمية مستدامة وتضامن بين دول الأحواض المائية المشتركة. وهناك مثال حي للتعاون المائي والاقتصادي الذي تشهده دول حوض الراين في أوروبا. والأساس أن تتحلى الدول المشاركة في أحواض مائية بالمصداقية والشفافية والعدالة والمساواة، والتضامن والشراكة من خلال الحوار وعقد المعاهدات الدولية حولها.
ويشكل إعلان الأمم المتحدة حول الأنهر والبحيرات والأحواض المائية المشتركة (1997) أرضية صالحة، إلاّ أن قليلاً من دول العالم انضمت الى هذا الإعلان.
ودعي البرلمانيون المجتمعون في اسطنبول الى القيام بوضع الإطار القانوني لتنظيم الأحواض المائية المشتركة وإدارتها وتوزيعها. ويمكن تلخيص ذلك في النقاط الآتية:
- تطوير إطار قانوني محلي لتنمية التعاون بين دول الأحواض المائية الحدودية المشتركة ضمن معاهدات مشتركة.
- تنمية تعاون مستدام لشراكة حقيقة في استخدامات المياه المشتركة، خصوصاً بين الدول الواقعة في أعلى مجاري الأنهر (upstream)  مع الدول الواقعة في أسفلها (downstream).
- عقد معاهدات تضمن احترام الشراكة.
- عقد معاهدات وقوانين محلية لضمان عدم تلوث المياه المشتركة وتنقية المياه العادمة التي تغذي الأحواض المشتركة.
- المساهمة في تطوير العلوم والتكنولوجيا لاستخدام أمثل وأكفأ للأحواض المشتركة.
ثالثاً: التغير المناخي
تشكل المياه القاعدة الرئيسية لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي للقضاء على الفقر والبطالة ودفع عجلة الصحة للجميع. لذا فإدارة المياه بكفاءة عالية تحقق الهدف الرئيسي من أهداف الأمم المتحدة لتحقيق التنمية الشاملة في الألفية الثالثة. والتغير المناخي أصبح أمراً مقلقاً بما سيسببه من عدم انتظام الأمطار وانحباسها عن كثير من مناطق العالم، ولا سيما منطقة الشرق الأوسط التي تعيش على قدر شحيح وأقل بكثير مما تتمتع به الدول الأخرى. كما أن التغير المناخي سيزيد حرارة الجو في المنطقة العربية، وارتفاع منسوب البحار الذي سيغمر مناطق عديدة، ومن المتوقع أن يغمر دلتا النيل بالكامل. فالانحباس الحراري نتيجة انبعاث الغازات وأهمها ثاني أوكسيد الكربون سيؤدي إلى كوارث نتيجة عدم انضباط الإنسان في الحفاظ على التوازن الإيكولوجي العالمي. هذا بالإضافة إلى كوارث الفيضانات وغمرمناطق سكنية مأهولة.
لذا لا بد أن يأخذ البرلمانيون التغير المناخي بكل جدية، وقد بدأت بوادره بالظهور جلياً، من أجل وضع التشريعات المناسبة لبناء السدود، والاستغلال الأمثل للمياه وخاصة الجوفية وعدم الجور عليها، لأن الحق الإنساني للمياه يعني إدارتها بشكل مستدام لتمكين الأجيال القادمة أيضاً من استخدام حقها في هذه المياه. وفي المناطق الشحيحة، يجب التفكير جدياً في تحلية مياه البحر، خصوصاً أن التكنولوجيا الحديثة تمكنت من تخفيض سعر تحلية المتر المكعب إلى 52 سنتاً. كما يجب استخدام التكنولوجيا الحديثة لاكتشاف مصادر جديدة للمياه.
وعلى البرلمانيين أن ينهضوا بتشريعات مناسبة لتحلية المياه العادمة وإعادة استخدامها في الزراعة، وتطوير البحوث الزراعية لاستخدامات أكثر كفاءة لأساليب الري.
رابعاً: الحوكمة والإدارة الجيدة
اتبعت دول كثيرة الأسلوب اللامركزي لتسديد كلفة المياه على المستوى المحلي، ونهجت في سياساتها المائية لتوفر الكوادر البشرية المؤهلة. إلا أن دولاً أخرى لجأت إلى المركزية لعدم توفر الموارد المالية والكوادر البشرية المؤهلة. وقامت بعض الدول بخصخصة قطاع المياه عن طريق إنشاء شركات خاصة. وفي بلدان أخرى تولت البلديات أو هيئات عامة متخصصة قطاع المياه. ليس المهم أن يفرض أي نوع من السياسات المائية، أكانت تدار من القطاع الخاص أم من القطاع العام، إذ إن الخصخصة لا تنجح إلا بوجود متنافسين في تأمين المياه للمواطن، لتحسين الخدمات وتأمين مياه صحية بسعر معقول وبكفاءة. المهم أن تتوافر التنافسية، فغير ذلك سيؤدي إلى الاحتكار وارتفاع سعر المياه على المواطن. وهنا على الحكومة أن تضع تشريعات نافذة للحيلولة دون ذلك.
ويمكن للقطاع العام والحكومة والبلديات القيام بهذه المهمة، إلاّ أن هناك ضرورة لإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم قطاع المياه وإدارته بشكل متكامل ومتداخل، لتوفير المياه الصحية للمواطنين بسعر معقول. وعلى إدارات المياه مكافحة التلوث وإلزام قطاع الصناعة بعدم إلقاء نفاياته ومياهه الملوثة في الأنهر والسدود والأحواض المائية السطحية والجوفية.
وكانت توصيات الى البرلمانيين لوضع التشريعات المناسبة حول النقاط الآتية:
- تأمين مياه عذبة صالحة للشرب.
- تأمين الأمن المائي من خلال خطة مدروسة للاستهلاك المنـزلي والصناعة والزراعة بكفاءة عالية.
- اللجوء إلى بناء السدود بحيث يتم تخزين جميع مياه الأمطار التي تهطل على البلد.
- منع هدر المياه، ووضع تشريع لتكرير المياه العادمة لاعادة استخدامها.
- إدارة المياه وحوكمتها بشكل أفضل للاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية.
- مواجهة تداعيات التغير المناخي على المنطقة.
- تأمين الموارد المالية لزيادة الموارد المائية وإدارتها.
- الدعوة لمشاركة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في وضع السياسة المائية الوطنية.
- إزالة الغموض في التشريعات المتعددة، وتوحيدها في إطار تشريعي ينظم السياسة المائية الوطنية بشكل شمولي، ليسهل تنفيذها على جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
سارة كوغلر (نيويورك) مدن صديقة للمناخ
أبوظبي ـ ''البيئة والتنمية" استراتيجية بيئية لإمارة أبوظبي
بيروت ـ "البيئة والتنمية" الأمم المتحدة تكرم الفائزين بجائزة Global 500
عمان – باتر وردم وربى صقر الجمعيات البيئية: غياب التنسيق حجَّم الجهود الفردية
محمد الصيرفي "نيروبي"، عماد سعد "أبوظبي" ـ "البيئة والتنمية" المنتدى العربي للبيئة والتنمية يعلن برامجه من أبوظبي ونيروبي
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.