عرف الانسان السدود الصغيرة منذ نحو 5000 سنة. واليوم يوجد في العالم نحو 800,000 سد، منها 45,000 سد ضخم يتجاوز ارتفاعه 15 متراً.
منافع السدود معروفة. فالطاقة الكهربائية المائية تشكل نحو 20 في المئة من الامداد الكهربائي العالمي. كما أنها تنظم الفيضانات وتؤمن مياه الشرب والري، إضافة الى ما تشكله من مناطق استجمام وتسلية.
لكن جشع الانسان ومتطلباته قادته الى بناء سدود ضخمة، وصل ارتفاعها الى 335 متراً (سد روغان في طاجكستان). ونتيجة لذلك، بدأت الآثار السلبية بالظهور، وبدأت حملات عالمية معارضة لبناء السدود.
ينقل النهر الرواسب من أعلاه الى مصبه. لكن السدود تحتجز وراءها الرواسب، خصوصاً الحصى، فيصبح النهر بعد السد محروماً منها، ويتآكل قاعه، فينخفض مستواه. فبعد تسع سنوات على بناء سد هوفر الشهير في الولايات المتحدة، انخفض قاع النهر أربعة أمتار. هذه الظاهرة تؤدي الى تآكل التربة عند أساسات الجسور والمنشآت على طول النهر، وانخفاض مستوى المياه الجوفية في ضفافه، مما يؤثر على النباتات. إضافة الى ذلك، فان حرمان النهر من الحصى يؤدي الى تهجير جماعات الأسماك التي تضع بيوضها بين الحصى.
أما الفيضانات السنوية التي كانت تغطي ضفاف النهر بالطمي والماء، والتي تعتمد عليها الحيوانات والنباتات للتكاثر والهجرة وغير ذلك، فتوقفت مع بناء السدود. فقبل بناء سد أسوان في مصر، كان نهر النيل ينقل 125 مليون طن من الطمي الى البحر سنوياً، وينشر منها 10 ملايين طن على ضفافه. أما اليوم، فيحتجز السد 98 في المئة من الطمي، ما أدى الى ضعف انتاجية الأراضي وأجبر المزارعين على استعمال المخصبات الكيميائية.
وتشكل مصبات الأنهار الطبيعية، حيث يختلط ماء النهر العذب بماء البحر المالح بكميات معينة وأوقات معينة من السنة، إحدى أكثر الأنظمة الايكولوجية تنوعاً. لكن السد يقلل من كمية المياه العذبة الواصلة الى البحر، وهذا ما أدى الى انخفاض صيد الأسماك في خليج المكسيك مثلاً بدرجة كبيرة.
ولقد تم التأكد من دور السدود في تأمين موطن مهم للبعوض الناقل للكوليرا في المناطق الاستوائية والذي يحب العيش فوق المياه الراكدة.
وثمة نظريات غير مثبتة تدّعي أن السدود الكبيرة تسبب الزلازل وتحرك الصفائح الأرضية نظراً لوزن الماء الضخم المحتجز في بقعة محددة.
وللسدود الضخمة تأثير اجتماعي، خصوصاً نتيجة إجلاء أهالي القرى في حوض السد التي ستغمر تماماً. فمثلاً، تبلغ مساحة حوض سد الممرات الثلاثة في الصين 1050 كيلومتراً مربعاً، وقد تم إجلاء مئات القرى واقتلاع مجتمعاتها ونقلها الى أماكن أخرى. وغالباً ما يحرم هؤلاء الناس من تعويض لائق، ناهيك عن ضياع تراثهم.
وهناك اثباتات متنامية تؤكد أن السدود الضخمة لا تحقق وعودها الاقتصادية: فهي تكلف أكثر من المتوقع، وتمتلئ بالوحول في وقت أبكر من المتوقع، وتعطي طاقة أقل من المتوقع.
هناك اتجاه عالمي للاستعاضة عن السدود الضخمة بعدة سدود أصغر حجماً، بحيث يكون تأثيرها أقل وطأة على النظام النهري. وهناك اتجاه أيضاً لازالة السدود القديمة للسماح للأنهار والنظم البيئية بأن تستعيد وضعها الذي كانت عليه. ففي الولايات المتحدة، حيث يتحتم تجديد ترخيص العمل بسدود توليد الطاقة الكهربائية المائية كل 30 الى 50 سنة، تجاوزت معدلات إزالة السدود معدلات بنائها خلال العقد الماضي. وبعد سنتين من إزالة سد إدواردز في ولاية ماين، ارتفع معدل عودة مجموعات الأسماك والطيور، وتحسنت تهوئة المياه بحيث أصبحت قادرة على التنقية الذاتية. ولكن تنبغي الاشارة الى أن إزالة السدود قد تؤدي الى مشاكل مثل إطلاق رواسب سامة، أو غزو لبعض أنواع الأسماك الدخيلة.
خلاصة القول إنه ينبغي دراسة الجدوى الاقتصادية والأثر البيئي والاجتماعي للسدود الضخمة، ودمج عملية الإزالة في التصاميم الأصلية للسدود المستقبلية.