Friday 19 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
سليمان الحربش المسار الرشيد لبيئة أفضـل  
كانون الثاني (يناير) 2010 / عدد 142
 صندوق أوبك للتنمية الدولية (أوفيد) منظمة تنموية تساهم فيها سبع من الدول العربية هي الجزائر والعراق والكويت وليبيا وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة. يمتد فيء نشاطها إلى دول العالم النامي قاطبة، ما عدا الدول الأعضاء. ويستأثر العالم العربي، منذ التأسيس عام 1976، بخُمس تعهدات ''أوفيد''، وللدول العربية الست الأكثر فقراً عناية خاصة. وفي كل ما نموله من مشروعات، فإن سلامة البيئة هي قطب الرحى.
سوف أركز في ما يأتي على ثلاثة محاور. أولاً، إننا في ''أوفيد'' ننظر الى البيئة على أنها أحد الأركان الثلاثة للتنمية المستدامة. فهي من حيث الأهمية تتساوى مع الركنين الآخرين، وهما النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي. لذا، فإن هذه الأركان يجب أن تتكامل من حيث النتيجة، وأن لا يؤثر أحدها سلباً على الآخر.
من جهة أخرى، نرى أن معالجة المشاكل البيئية المحلية يجب أن تحظى بالأولوية لما لها من تأثير مباشر وكبير على حياة الفرد العربي وصيرورته. فمنطقتنا العربية تعاني من ندرة المياه وزيادة معدلات التصحر، لذلك فإن مسألة معالجة تلوث المياه والإدارة الرشيدة لموارد المياه، بالإضافة إلى وقف التصحر والحفاظ على التنوع البيولوجي، تستحق أن تأتي في أولوية الجهد العلمي والاستثمارات المالية. يجب أن تتساوى هذه الأمور مع زيادة الاستثمار في التعليم ونوعيته ومواكبته لحاجة السوق، والتوعية، وميزانيات البحوث لاستخدام الموارد المائية، وزيادة الاستثمار في القطاعات الصحية الوقائية، وتوفير المياه الصالحة للشرب.
وهنا لا بد لنا من وقفة عند التغير المناخي، أسبابه ونتائجه. فهو يعزى الى تراكم انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون. وحسب إحصاءات المعهد الدولي للموارد (World Resources Institute) فإن مجموعالتراكمي لانبعاثات هذا الغاز من منطقتنا العربية للفترة بين 1900 و2005 يبلغ نحو 23 بليون طن، أي ما يعادل 2,3 في المئة من المجموع العالمي، في حين أن شعوبنا ستتحمل تبعات ذلك من تصحر ونقص مياه وكل ما يعنيه ذلك من نفقات واستثمارات تتواءم مع هذه التبعات. وهذا يقودني إلى المحور الثاني:
إن منطقتنا العربية غنية بمصادر الطاقة، الأحفورية والمتجددة، وعلى رغم ذلك فإن استهلاكنا للطاقة يعتبر متواضعاً جداً بالمقارنة مع الدول الصناعية. فعلى سبيل المثال، يستهلك الفرد في الدول المتقدمة 6 أضعاف معدل استهلاك مثيله العربي من الطاقة الكهربائية، علماً أن الكهرباء تولد في بعض الدول الصناعية من الفحم، الذي يعتبر أكثر إضراراً بالبيئة (من ناحية أكاسيد الكبريت والكربون) من بديليه النفط والغاز اللذين يستخدمان في الدول العربية.
تعاني منطقتنا في بعض أطرافها من فقر في الطاقة، حيث يصل استهلاكالفرد للطاقة الكهربائية إلى 150 كيلوواط / ساعة مقارنة مع 10,000 في الدول المتقدمة. هذه الفجوة الشاسعة في فرص النمو بين دول العالم كانت هاجساً رئيسياً لدى ملوك ورؤساء دول أوبك في قمتهم الثالثة التي استضافتها المملكة العربية السعودية عام 2007، إذ نص بيان الرياض الصادر عن القمة على ضرورة اجتثاث فقر الطاقة، وأنيطت هذه المهمة بصندوق ''أوفيد'' وبقية صناديق التنمية التي تمولها دول المنظمة. ومع أن ''أوفيد'' يخصص نحو 20 في المئة من تعهداته لقطاع الطاقة، فإنه ينوي زيادة تلك الفعاليات تجاوباً مع مبادرة ''الطاقة للفقراء'' التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين في جدة عام 2008 تمشياً مع مقررات قمة أوبك، وقد باركتها مجموعة الثمانية وقمة العشرين. وستشمل فعالياتنا كما في السابق مصادر الطاقة كافة، الأحفورية منها والمتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة المياه وسواها. وهذا يقودني إلى نقطةالأخيرة، وهي كيف نوازن بين كل هذه المتطلبات.
نحن نؤمن بأن الطاقة الشمسية، وفي منطقتنا بالذات، توفر امكانات لا حدود لها من الطاقة. إلا أن واقع التكنولوجيا والبنى التحتية لن يمكنها من احتلال حجم كبير في مزيج الطاقة في المستقبل المنظور (العقود الثلاثة المقبلة) حيث أن نسبتها الحالية متدنية جداً لا تتجاوز نسبة الطاقات المتجددة بجميع أشكالها ـ المائية، الشمسية، الرياح، البيولوجية ـ 5 في المئة في مزيج الطاقة الحالي.
وعلى رغم أن المواد الهيدروكربونية أثمن بكثير من أن تحرق، اذ بالإمكان تحويلها إلى العديد من المنتجات العالية القيمة، إلا أن واقع التكنولوجيا اليوم يحتم وجودها بشكل أساسي في خدمة قطاع النقل والكهرباء. ومن جهة أخرى، فعلى رغم ما يقال عن التحول باتجاه الاقتصاد الأخضر، فإن التوقعات الحالية لوكالة الطاقة الدولية تؤكد أن نمو استهلاك الفحم (الملوث الأكبر) سيكونضعفي نمو استهلاك النفط للفترة 2006 ـ 2030، وهناك الكثير من الجدل حول هذا الموضوع.
نحن جميعاً مسؤولون عن البيئة، ويجب أن نبذل الجهود بصورة تتكافأ فيها المسؤوليات مع الإمكانات. لذا، فإن رؤيتنا هي في إطار الانتقال المتزن بين أشكال الطاقة، المبني على واقع التكنولوجيا المتاحة والممكنة، بعيداً عن الشعارات والأهداف المسيّسة التي تؤدي الى زيادة الهوة بين الأغنياء والفقراء وإلى المزيد من البطالة والفقر وما ينجم عن ذلك من صراعات دولية وإقليمية.
علينا أن نتذكر أن الطاقة الأحفورية، وخاصة النفط، حملت مسؤولية النموالاقتصادي العالمي خلال مئة عام بأمانة وكفاءة. وهذا يؤكد أن الانتقال منها الى مصادر أخرى ليس مسعى هيناً، وينبغي ألا يكون مادة لخطاب تتلاعب فيه العواطف، وإنما هي رحلة يجب علينا جميعاً أن نقطعها متسلحين بالعلم والمنطق ومن خلال التعاون الدولي الذي يخدم مصالح الجميع. واذا كانت وكالة الطاقة الدولية تتوقع من دول أوبك أن تلبي 86 في المئة من الطلب الاضافي على النفط منذ الآن وحتى سنة 2030، فإن هذا يتطلب ضرورة التحرك بهدوء نحو تنويع مصادر الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة. وعلينا أن نتذكر أن الاعتماد بشكل رئيسي على النفط لم يتم بين ليلة وضحاها، بل استغرق عدداً من السنوات، الأمر الذي ينطبق على أي مصدر من مصادر الطاقة المتجددة من ناحية إعداد البنية التحتية لمواكبة هذا التغيير. بل إن أي تغيير مفاجىء في الأنماط الاقتصادية الدولية يتحمـل عبأه الفقـراء، ولنـا في الأزمة الاقتصادية الراهنة خير دليل.
سليمان الحربش، المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية، ألقى هذه الكلمة في مؤتمر ''أفد'' السنوي الثاني في بيروت.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.