تساهم شركة أميركية لبيع الهدايا والحلي المصنوعة يدوياً في النهوض بحياة آلاف النساء في الهند. وتعتمد MatrBoomie، أي «الأرض الأم» باللغة الهندية، نموذج العمل الذي يحدث أثراً اجتماعياً، للارتقاء بنحو 2000 امرأة يزاولن أعمالاً حرفية في أنحاء الهند، من خلال تسويق منتجاتهن الأنيقة التي باتت تشهد رواجاً في الأسواق الغربية.
أصبح لهذه المبادرة أثر مضاعف في تمكين النساء في الأرياف الهندية، حيث يعتمدن على الرجال لتأمين معظم حاجاتهن الأساسية. يقول مؤسس الشركة مانيش غوبتا: «عندما نذهب الى قرية، نبحث عن نساء ليعملن معنا كحرفيات. فجأة تصبح النساء هن المطلوبات، فيتحول احترام المجتمع إليهن».
تساعد «ماتر بومي» النساء على استخدام الفنون التقليدية التي تعلمنها من أمهاتهن وجدّاتهن لصنع هدايا وحلي تباع في دول العالم. ويضيف غوبتا: «عندئذ تصبح النساء صاحبات أعمال، ويمكنهن العمل معنا أو مع أي شركة أخرى. هذا نموذج مختلف تماماً عن نهج المنظمات الخيرية، وهو مثال على الاختلاف بين الاستدامة الطويلة الأجل والصدقة».
يحمل كل منتج بطاقة تروي قصة النساء اللواتي صنعنه. ويقول زبائن «ماتر بومي» إن هذه الرسائل الملهمة هي جزء أساسي من جاذبية المنتجات.
هذه القفزة باتجاه عمل تجاري تديره امرأة أفرزت حاجة الى تعلم القراءة والكتابة للاحتفاظ بسجلات الطلبات والإمدادات. لذلك أسست الشركة «ذراعاً» غير ربحية مهمتها إرسال معلمات الى القرى لتعليم النساء القراءة والكتابة والحساب باللغتين الهندية والانكليزية. ولهذا أثر يتعدى العمل. قالت إحدى النساء المتعلمات حديثاً بفخر: «يمكنني الآن قراءة الجريدة مثل زوجي، وأحتفظ بسجل للمدخرات».
وتشرح روشي غوبتا، زوجة مانيش وشريكته في العمل: «تقليدياً، كان على النساء الاعتماد على الرجال في كل شيء يتعلق بالكتابة، بما في ذلك التعامل مع المصرف وجميع الأعمال الورقية. ولكن عندما تمتلك النساء قدرة القراءة والكتابة، فيمكنهن ليس فقط تدبير أمورهن المالية، بل تدبير حياتهن».
العمل مع الحرفيّات كشف عوامل أخرى تؤثر في الفتيات والنساء. تقول روشي غوبتا: «الهند مجتمع تقليدي جداً، وفيها كثير من الطقوس والقوانين التي تحكم كل شيء. على سبيل المثال، لا يسمح للمرأة أثناء الدورة الشهرية بأن تطبخ أو تدخل المعبد أو تغادر الى أي مكان، فتعامل كما لو انها منبوذة». وهذا الوضع يتغير عندما تحصل النساء على الفوط الصحية التي هي في أحيان كثيرة غير معروفة في القرى الريفية أو غير متوافرة أو غالية الثمن.
قرر الزوجان غوبتا التصدي لهذه المسألة كعمل آخر ذي أثر اجتماعي وصحي على النساء اللواتي يعملن مع شركتهما. يقول مانيش: «هناك منظمة في الهند تنتج آلة صغيرة يمكنها صنع فوط صحية غير مكلفة ومن نوعية جيدة. نحن نكفل شراء الآلة للقرية، ونحضر من يتولى تركيبها وتدريب نساء محليات على تشغيلها. ومن ثم تتولى النساء عملية إنتاج الفوط وبيعها ضمن مجتمعهن بربح صغير».
هذه التغييرات تحدث أثراً حقيقياً لدى النساء الهنديات ولدى المستهلكات الغربيات. فالفنون التقليدية اليدوية الجميلة التي أوشكت أن تضيع في الهند باتت متوافرة للبيع داخل متاجر أنيقة في أميركا وأوروبا وأوستراليا ونيوزيلندا، وفي الوقت نفسه باتت نساء محرومات في الأرياف الهندية يتمتعن بفرص للعمل والتعلم مثل نساء المدن.
تقول روشي غوبتا: «الحلقة انكسرت. فبدلاً من سماع قصص عن نساء يقبلن وضعهن كمواطنات من الدرجة الثانية، نراهن يشعرن بالثقة لقيامهن بعمل تجاري. هذه الثقة تدفعهن للمشاركة أكثر في القرارات المنزلية، ومن ثم في قرارات مجتمعهن وفي الانتخابات وفي السياسة. نرى أن التغيرات تأتي أسرع فأسرع في المجتمع، والنساء يبنين في الوقت ذاته حياة أفضل لبناتهن».