في هذه المنطقة الرائعة التي تعرف بـ «أرض الثلج»، يبقى البساط الأبيض من تشرين الثاني (نوفمبر) الى نهاية آذار (مارس). هنا، حيث دارت أشرس معارك الحرب الكورية، تستثمر الحكومة أكثر من بليوني دولار في مرافق جديدة للرياضات الشتوية، ضمن جهود الترشح لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية سنة 2018 في بيونغ تشانغ.
خسرت كوريا الجنوبية محاولتين سابقتين لاستضافة الأولمبياد الشتوي، أمام فانكوفر الكندية لدورة 2010 وسوتشي الروسية لدورة 2014. لذا يعتبر الكوريون ترشحهم لدورة 2018 أكثر من تحدٍ لكبريائهم الوطني. فهم يريدون إقرار دول العالم بأن الرياضات الشتوية ليست حكراً على أوروبا وأميركا الشمالية، وأن بإمكانهم التنافس مع الأفضل ما داموا يعملون بشكل صحيح.
اللوحات الإعلانية التي تحمل شعار «بيونغ تشانغ 2018: آفاق جديدة» تطالع الزائرين إذ تنعطف حافلاتهم عبر الريف المؤدي الى المنحدرات الشاهقة التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن العاصمة سيول. لقد أُنجزت غالبية البنية التحتية الرياضية وفق المعايير الأولمبية، بانتظار إعلان اللجنة الأولمبية الدولية من سيفوز باستضافة الأولمبياد في تموز (يوليو) المقبل.
لقد أخذت اللجنة الكورية في الاعتبار كل الأمور التي تحتاج اليها بيونغ تشانغ للفوز، لكنها تواجه منافستين أوروبيتين عريقتين في الرياضات الشتوية: مدينة ميونيخ الألمانية التي توفر الثلج والجليد في غارميش المجاورة، وبلدة أنيسي الفرنسية الخلابة قرب مون بلان أشهر قمة في جبال الألب.
فريق التقييم في اللجنة الأولمبية الدولية، الذي يضم 14 عضواً، زار بيونغ تشانغ في شباط (فبراير) 2011 حيث استقبل بحفاوة بالغة: مواطنون مبتهجون، وفرق موسيقية تعزف عند سفح كل منحدر، وتغطية حية على التلفزيون الكوري. هذا ترك انطباعاً قوياً لدى اللجنة التي قالت رئيستها غونيلا ليندبرغ بعد تمضية يومين هناك: «لقد حقق الكوريون تقدماً كبيراً هذه المرة بعد محاولتيهم السابقتين، فضلاً عن تقدمهم في الرياضات الشتوية الكورية خلال السنوات الأربع الأخيرة».
التقدم ماثل للعيان. ففي متنزه بوغان، الذي ستنظم فيه مباريات تكون حصيلتها 12 ميدالية ذهبية، حلت منحدرات جديدة للتزحلق على الثلج (snowboarding) مكان منحدرات اعتبرتها اللجنة الأولمبية سابقاً غير مناسبة لدورة 2014. لكن أكبر التغيرات حدثت في ألبينزا، وهو مجمع أولمبي يبعد نحو 30 كيلومتراً الى الشرق، حيث تحولت حقول البطاطا الى منتجع تزلج مترف ينتظر الإشارة النهائية للشروع في بناء مرافق متطورة لسباقات المزالج (luge).
التزمت كوريا الجنوبية في طلب ترشيحها لاستضافة الألعاب الأولمبية الشتوية سنة 2018 في بيونغ تشانغ بتطبيق خطة إدارة بيئية شاملة. ومما تتضمنه الخطة استغلال مصادر الطاقة المتجددة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وخضوع جميع المنشآت التي يتم بناؤها لأغراض الدورة لمعايير الريادة في استهلاك الطاقة والتصميم البيئي، واتخاذ إجراءات صارمة للاقتصاد بالماء والموارد وتقليل النفايات وإعادة تدويرها. ويشارك خبراء بيئيون ومنظمات غير حكومية في صياغة خطط شاملة لتقليل البصمة البيئية للألعاب وإحداث تأثير بيئي إيجابي واسع المدى.
منذ استضافت ناغانو اليابانية الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1988، لم تفز مدينة آسيوية بعرض لاستضافة هذه الألعاب. ومنذ استضافت سيول الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1988، يقول الكوريون الجنوبيون إنهم واثقون من قدرتهم على استضافتها حتى بشكل أفضل على الثلج. وسوف يستفيدون أيضاً من تجربة استضافة الألعاب الأولمبية الخاصة (للمعوقين) سنة 2013، التي سيشارك فيها 2500 رياضي في مباريات تتنوع من التزلج الى التزحلق على الجليد.
لقد أعلنت اللجنة الأولمبية الكورية أنها تتوخى استضافة «أول حلم أخضر: ألعاب أولمبية شتوية بأوكسيجين إضافي». وأكد مسؤول اللجنة المنظمة جاي يونغ، حين التقته «البيئة والتنمية» في الدوحة خلال المؤتمر الأولمبي العالمي حول الرياضة والبيئة، أن كوريا تطمح لأن «تكرس معياراً بيئياً عالياً للرياضات الشتوية المستقبلية». فهل يلتقي المتزلجون في جبال كوريا سنة 2018؟