Sunday 13 Oct 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
 
مقالات
 
عمار شيخاني (مجموعة البنك الدولي) ثلاث مدن عربية يهددها تغير المناخ الإسكندرية وتونس والدار البيضـاء  
تموز - آب2011 / عدد 160-161
 

تواجه ثلاث مدن كبرى في شمال أفريقيا، هي الإسكندرية وتونس والدار البيضاء (كازابلانكا)، خسائر تتعدى بليون دولار لكل منها خلال العقدين المقبلين، نتيجة اشتداد مخاطر الكوارث الطبيعية مع بدء تغير المناخ. فقد أظهرت دراسة للبنك الدولي ازدياد التهديدات البيئية التي تتعرض لها المدن الثلاث، مثل الفيضانات والعواصف وتآكل السواحل. وعلى سبيل المثال، قد يواجه وادي بورقراق في المغرب، الذي يشهد تنمية عمرانية سريعة، مخاطر كبيرة ما لم يعتمد صانعو القرار خططاً ذكية تتصدى للمناخ، خصوصاً عندما تبنى منشآت سكنية وتجارية في مناطق منخفضة معرضة لخطر الغرق مع إرتفاع مستوى البحر.

أجريت الدراسة، وعنوانها «التكيف مع تغير المناخ والاستعداد للكوارث الطبيعية في المدن الساحلية في شمال أفريقيا»، بين حزيران (يونيو) 2009 وحزيران (يونيو) 2011، ونفذها كونسورتيوم شركات استشارية فرنسية بالتشاور مع شركاء محليين وبدعم من منظمات ووكالات دولية. وساهم في دعمها المرفق العالمي لتخفيف أخطار الكوارث، وصندوق الائتمان للتنمية المستدامة بيئياً واجتماعياً، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في الاسكندرية، ووكالة الفضاء الأوروبية، ومركز التكامل المتوسطي في مرسيليا.

 

منطقة شديدة التأثر

يقول منسق الدراسة أنطوني بيجيو، وهو اختصاصي بالحضرنة في البنك الدولي وعضو الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، إن هذه المدن تتعرض حالياً لخسائر كبيرة نسبياً نتيجة الكوارث الطبيعية، وسوف يزيد تغير المناخ هذا التعرض وفق أي سيناريو مطروح.

وصنفت الهيئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كثاني أكثر منطقة تعرضاً لتأثيرات تغير المناخ في العالم. والمخاطر التي تواجه المدن الثلاث وفق الدراسة مماثلة لتلك التي تواجه مدناً أخرى كثيرة على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط. ومع ارتفاع مستويات التمدن والنمو السكاني تزداد الأخطار، ما يعرض مزيداً من الناس والمنشآت وسبل العيش للخطر نتيجة الأحداث المناخية المتطرفة. في العام 2010، كان نحو 60 مليون نسمة يقطنون المدن الساحلية في شمال أفريقيا، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم الى 100 مليون بحلول سنة 2030. ومن هؤلاء كان أكثر من 9,5 مليون نسمة يقطنون الإسكندرية والدار البيضاء وتونس، حيث يتوقع أن يصل العدد الى ما مجموعه 15 مليون نسمة بحلول سنة 2030. كما يتوقع قدوم أكثر من 140 ألف الى وادي بورقراق.

ويُبرز التمدن السريع الدور المهم جداً للمدن الساحلية في المنطقة، اقتصادياً وثقافياً وسياسياً. لذلك سوف ينعكس الضرر والدمار الناتجان من الكوارث الطبيعية على نطاق وطني في جميع البلدان.

 

مستوطنات عشوائية في الإسكندرية

تشترك المدن الثلاث في عدد من الصفات، لكن الدراسة تظهر أن كلاً منها تواجه مجموعة مميَّزة من إمكانات التأثر والأخطار. فالإسكندرية تتوقع زيادة سكانية بنسبة 65 في المئة بحلول سنة 2030، من 4,1 الى 6,8 مليون نسمة، ما يزيد الكثافة السكانية في مناطق منخفضة معرضة أصلاً لأخطار تغير المناخ. ومع احتشاد المزيد من الناس في أبنية متهالكة في الأجزاء القديمة من المدينة، يتوقع تمدد المستوطنات العشوائية التي تؤوي حالياً ثلث سكان المدينة. وينتظر إقامة المزيد من المستوطنات في الأراضي الرطبة المجاورة وفي مناطق منخفضة معرضة أخرى. في هذه الأثناء، تزداد أخطار الانجرافات الساحلية والفيضانات بشكل ملحوظ خلال العقدين المقبلين.

ويؤمل أن تعتمد الإسكندرية خطة مُدُنية استراتيجية، من شأنها توجيه النمو الحضري في المستقبل وتبيان حدود المدن ووضع خطة لاستعمالات الأراضي. ويجب أن تحدد الخطة قواعد للاكتظاظ وارتفاعات الأبنية والمساحات المفتوحة، وأن تعكس تقييمات محددة للمواقع من حيث تعرض الإسكندرية لأخطار الكوارث الطبيعية وتأثيرات تغير المناخ.

ومن التوصيات الأخرى التي أوردتها الدراسة إقامة أنظمة متطورة للإنذار المبكر تغطي جميع أنواع الكوارث، والإدارة النشطة للمناطق السياحية، وتحسين التواصل بين الهيئات المعنية بمنع الكوارث والاستجابة لها. وسوف تؤدي إدارة موارد المياه دوراً مهماً مع اتضاح أثر تغير المناخ. ومن الأهداف المحددة كفاءة أكبر في استهلاك المياه، وتحكم أفضل بجريان مياه الأمطار ومصادر التصريف، والصيانة المنتظمة لشبكة الصرف الصحي. في غضون ذلك، قد تستثمر المدينة في نظم مستحدثة ومضخات مياه متنقلة لمواجهة فترات الفيضانات.

 

تخطيط مُـدُني في الدار البيضاء

يتوقع أن يزداد عدد سكان الدار البيضاء 55 في المئة، من 3,3 مليون نسمة عام 2010 الى 5,1 مليون نسمة بحلول سنة 2030. وتواجه هذه المدينة أيضاً مشاكل الانجراف الساحلي والفيضانات. ويحتل الزحف العمراني مساحة 10 كيلومترات مربعة سنوياً، مع ما يستتبع ذلك من نتائج لا يستهان بها تتعلق بقدرات امتصاص المياه وتصريفها. في هذه الأثناء، تتمدد بعض أطراف المدينة داخل مناطق منخفضة معرضة للغرق بفعل ارتفاع مستوى البحر أو ارتفاع أمواجه. وإذ تتركز منشآت هامة اقتصادياً على الخط الساحلي للمدينة، يشكل الانجراف هماً جدياً. ويواجه الآن جزء ساحلي، يمتد 10 كيلومترات بين الطرف الشرقي للمدينة ومحطة الطاقة في المحمدية، خطراً قوياً بحدوث انجراف أو غرق. كما تعتبر أجزاء ساحلية أخرى يتراوح طولها بين 30 و40 كيلومتراً في خطر. وبما أن تغير المناخ يرفع مستويات البحار، تزداد إمكانات التأثر نسبياً.

تدعو الدراسة الى منهج متكامل للتخطيط المدني في الدار البيضاء، يجمع بين المقتضيات الديموغرافية والنمو والنشاط الاقتصادي والبيئة. وعملياً، سوف تحلل هذه الخطة إمكانات التأثر المتعلقة بالمناخ، وتطرح للمدينة بدائل للأراضي غير المأهولة أو تحدد مناطق لمنشآت سكنية جديدة. وسوف تحتاج أحياء البؤس والمناطق المكتظة الى استراتيجية لإزالة الاكتظاظ.

يمكن للمؤسسات المغربية زيادة فاعلية مبادراتها بإلغاء الوظائف الوزارية المتداخلة وتبسيط العمليات. كما أن نظماً معلوماتية حديثة، بما فيها نظم لتنبيه المواطنين والشركات الى ظروف سريعة التغير، سوف تؤدي دوراً مهماً في تخفيف الأخطار. وقد أوصت دراسة البنك الدولي باستعمال نظم مستحدثة للمراقبة والإنذار المبكر.

 

التصدي لتهديدات الخط الساحلي في تونس

شددت الدراسة على الحاجة الملحة الى التصدي لحالات التعرض لتأثيرات تغير المناخ على الخط الساحلي، خصوصاً على امتداد نحو 40 كيلومتراً معرضة أصلاً للانجراف وارتفاع مستوى البحر.

بالنسبة الى مدينة تونس، اشتدت المخاوف من الكوارث الطبيعية عام 2003، حين أحدثت عاصفة مدمرة فيضانات لا يستهان بها في أنحاء العاصمة التونسية، وبلغت الخسائر مئات ملايين الدولارات. واتخذت المدينة خطوات لتحسين الاستعداد للكوارث. لكن وفقاً لمعظم سيناريوهات تغير المناخ، يجب فعل المزيد.

وتتوقع العاصمة نمواً سكانياً أكثر اعتدالاً نسبته 33 في المئة خلال العقدين المقبلين، ليرتفع التعداد الى 3 ملايين نسمة بحلول سنة 2030 من 2,2 مليون عام 2010. لكنها تواجه أخطاراً خاصة بها. ففي وسطها، يؤدي انخساف الأراضي الى ميلان بعض الأبنية على نحو خطير، وتتعاظم الأخطار الزلزالية بسبب سوء نوعية التربة. كما أن الخط الساحلي مهدد على نحو خطير بالانهيار، ما يتطلب دفاعات معززة للشاطئ.

وتظهر بيانات طوبوغرافية أن منطقة منخفضة في وسط المدينة معرضة أيضاً للغرق تحت مياه البحر وفق سيناريوهات عواصف معينة. وبحلول سنة 2030، قد يزداد تكرار هطول الأمطار الغزيرة بنسبة 25 في المئة وفق سيناريوهات تغير المناخ. وقد تواجه تونس تكراراً متزايداً لأحداث مناخية متطرفة في فترات أقصر.

سيكون التخطيط المدني المتكيف مع المناخ ضرورياً لتونس من أجل إدارة الأخطار المتزايدة. وفي المناطق المنخفضة من المدينة المعرضة للفيضانات،يجب إقامة نظم كفوءة لتصريف المياه. ولا بد من احتواء التمدد السكني العشوائي في الضواحي، وتحديد استعمالات الأراضي مع ترك مساحات خضراء وفرض متشدد للمعايير.

 

تخطيط «ذكي مناخياً» للأراضي

يتوقع قدوم 140 ألف مـواطن الى وادي بـورقـراق في المغرب، وتوافر نحو 90 ألف فرصة عمل جديدة في مناطق معرضة لمجموعة من الكوارث الطبيعية والأخطار المناخية. وقد تم التخطيط لإقامة المستوطنات عند مصب النهر، وخُصصت مناطق أخرى معرضة للفيضانات والغرق والانهيارات الأرضية لمشاريع إنشائية. وقد تؤدي خطة التنمية الى تعريض المزيد من الناس والمنشـآت للخطر إذ تتزايد الأخطار الطبيعية مع الوقت. وتسبب تهديدات الفيضانات قلقاً خاصاً، مع ازدياد تصنيف الأخطار من «منخفضة» الى «عالية جداً» خلال السنوات العشرين المقبلة. وسوف يؤدي التخطيط المدني السليم والاستعمال «الذكي مناخياً» للأراضي الى تخفيف هذه الأخطار، باعتماد اجراءات واقية من الفيضانات وتوفير تصاميم مقاومة للزلازل.

بالنسبة الى جميع المواقع الحضرية التي تفحصتها الدراسة في شمال أفريقيا، يتطلب تخفيف الأخطار تدابير في ثلاثة مجالات متداخلة: التخطيط المدني، والإصلاحات المؤسساتية بما فيها تعزيـز القدرات، وتقويـة البنيـة التحتية. وينبغي أن يتجنب التخطيط المدني إقامة الأماكن السكنية أو المشاريع التنموية في مناطق منخفضة، وأن تعمل المؤسسات على مستويات أعلى من الكفاءة والتنسيق لمنع الأضرار وتقليلها. وسوف تحتاج الى نظم محسَّنة للإنذار المبكر، واتصالات فعالة، وتراتبية واضحة للمسؤولية. وسوف تحتاج الدفاعات الساحلية ونظم التصريف وغيرها من البنى التحتية الى تحديث وتعزيز.

وادي بورقراق، الذي يخضع لتطوير عقاري وتنمية على نطاق واسع يشكل حالة خاصة. فالتخطيط الذكي مناخياً، قبل إنشاء الأبنية والشوارع، يحقق وفورات لا يستهان بها، وقـد يخفض إمكانات التأثر إذا لم يتم التصدي للتهديدات في بداية المشروع.

يقول منسق الدراسة أنطوني بيجيو إن نتائج الدراسة هي أدوات فعالة تساعد المدن في تحديد الخسائر المحتملة وفق سيناريوهات مختلفة، بما في ذلك عدم اتخاذ أي إجراء. ويضيف: «لقد وضعت المدن الثلاث برامج عمل لتقليل المخاطر المناخية، والخطوة التالية هي تحديد الأولويات وحشـد الاستثمارات الضرورية للتحـرك قدماً وبدء التنفيـذ».

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
مونتريال ونيروبي ـ ''البيئة والتنمية'' تخزين ثاني اوكسيد الكربون هل يخفف تغير المناخ؟
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.