نيوزيلندا بلد يتميز بمفاتن طبيعية، تتراوح من سلسلة جبال شامخة وأراض زراعية الى شواطئ رملية دافئة وأنهار جليدية رائعة لم تطلها يد التلوث.
تقع نيوزيلندا في جنوب المحيط الهادئ، على بعد 1500 كيلومتر من شرق أوستراليا، يفصلها عنها البحر التسماني. وهي تتألف من جزيرتين كبيرتين وعدة جزر صغيرة.
هذه الدولة الجبلية ذات السهول الخصبة تتميز بمناخ معتدل. ففي الشتاء تتساقط الثلوج والأمطار بغزارة، وتسطع الشمس الذهبية صيفاً. وتشكل الزراعة وتربية المواشي، خصوصاً الغنم، عماداً رئيسياً لاقتصادها.
التنوع البيولوجي الغني وابتعاد براثن العمران عن أجزاء كبيرة من نيوزيلندا أتاحا لها الحفاظ على أنواع فريدة من النباتات والحيوانات الآتية من قارة «غوندوانا» الضخمة القديمة، حيث تطورت بعزلة في ظاهرة دعاها عالم الطبيعة الشهير ديفيد بيلامي «قوس الموا»، نسبة الى طائر الموا العملاق المنقرض في نيوزيلندا. لكن مع امتداد العمران والتنمية في العقود القليلة الماضية، ازدادت الحاجة الى حماية ما تبقى من أنواع ونظم بيئية. لذلك أنشئ 13 متنزهاً وطنياً ومئات المحميات البرية والبحرية.
وتشكل المحميات الطبيعية نحو 30 في المئة من إجمالي مساحة نيوزيلندا البالغة 268 ألف كيلومتر مربع. وفيها برامج بحوث وإدارة متخصصة في حماية التنوع البيولوجي وأنواع نادرة ومعرضة للخطر.
تنوع حيواني فريد
اعتمدت نيوزيلندا طائر الكيوي العاجز عن الطيران كرمز وطني للبلاد، وهو نشيط ليلاً يقيم في جحر يحفره في الأرض. لدى هذا الطائر الفضولي شاربان طويلان، وريشه أشبه بالشعر. ومقارنة بوزن جسمه، تعتبر بيضته الأكبر حجماً نسبياً بين الطيور إذ تبلغ 15 في المئة من وزن جسم الأنثى. ومن الطيور الأخرى الموجودة العاجزة عن الطيران: الويكا المائي والكاكابو الذي هو أكبر ببغاء في العالم. أما الكيا، الذي يعتبر من أذكى الطيور، فهو ببغاء يعيش في مناطق مرتفعة من الجزيرة الجنوبية، وتقدر أعداده بين 1000 و5000 طائر.
وثمة حمامة مستوطنة معروفة باسم كيريرو هي الموزع الوحيد لبذور أشجار الكاراكا والتارير المتوطنة، ما ساعد في بقاء غاباتها الطبيعية. وفي نيوزيلندا أنواع من البطريق أكثر من أي مكان آخر في العالم.
وفي نيوزيلندا نوع من الزواحف القديمة النادرة بقي على حاله منذ ملايين السنين، وهو يدعى «تواتارا» ويوصف بـ «المتحجّر الحي». فجميع أنواع هذه الفصيلة انقرضت قبل نحو 65 مليون سنة. ويعيش نحو 30 ألفاً من التواتارا على جزيرة ستيفنز في مضائق مارلبورو، وينمو ليصل طوله الى 24 سنتيمتراً. ويؤكد العلماء أنه قد يعيش مئة عام.
وتفتقر نيوزيلندا الى الحيوانات الثديية البرية. ويعتبر الوطواط الكائن الوحيد من هذه الفئة المستوطن هناك. لكنها غنية بالثدييات البحرية، ففيها نحو نصف المجموع العالمي من الحيتان والدلافين، إضافة إلى الفقم، مما جعلها مركزاً للسياحة البحرية، حيث يستمتع السياح بمراقبة الحيتان والسباحة مع الدلافين. والدلفين الصغير من نوع «هكتور» ، الذي يصل طوله الى 1,4 متر، هو أصغر وأندر دلفين في العالم، ولا يوجد منه إلا 55 دلفيناً بالغاً في مياه نيوزيلندا.
حماية الغابات
تغطي الغابات حالياً نحو ربع مساحة نيوزيلندا، بعدما كانت تغطي نحو 80 في المئة منها، متحدية ألف سنة من التعرية الناتجة عن تعديات البشر، خصوصاً منذ بدء وصول الأوروبيين إليها في منتصف القرن السابع عشر. وغالبية هذه المساحات في المناطق المرتفعة محمية حالياً بإقامة متنزهات وطنية.
وتتميز غابات نيوزيلندا بتنوعها البيولوجي الذي عززه مناخها المعتدل. وتحتوي على نباتات السرخس والكرمة والابيفايت التي تتسلق الأشجار العملاقة. أما شجرة كوري فهي من أكبر الأشجار في العالم. وتنحصر حالياً في جيوب غابية صغيرة نسبياً في شمال البلاد وعلى شبه جزيرة كوروماندل. ويعتقد أن عمر بعضها يفوق 2000 سنة، حيث يزيد ارتفاعها عن 51 متراً ويتعدى محيط جذعها 13 متراً.
نيوزيلندا واحدة من أجمل البلدان في العالم. ويعود الفضل في ذلك الى تنوعها البيولوجي والحفاظ على طبيعتها. لكن الاندفاع العمراني والإنمائي قد لا يبقيها كذلك.