خلفت الأحداث التي استمرت نحو ستة عشر عاماً أضراراً شديدة أصابت موارد لبنان الطبيعية من مياه وتربة وهواء وغابات وبحر وتنوع بيولوجي وسواها. ومع ازدياد عدد السكان وما رافقه من نمو في القطاعات الزراعية والصناعية والتجارية والسكانية، ازداد الضغط على موارد البلاد المحدودة. ومن أكثر الهموم البيئية الحاحاً في لبنان الآن: تدهور البيئتين الساحلية والبحرية ومواردهما، تدهور الأراضي والتصحر، امدادات مياه الشرب ونوعيتها، التمدد العمراني العشوائي، التلوث الصناعي، النفايات المنزلية والنفايات الكيميائية السامة والخطرة.
«وضع البيئة في لبنان 1998» تقرير أعدته مجموعة من الخبراء استنادا الى استطلاعات ميدانية في كل لبنان قام بها آلاف الطلاب وأساتذتهم، ضمن مسابقة نظمتها مجلة "البيئة والتنمية". وهو أول تقرير ميداني عن وضع البيئة في المناطق اللبنانية، كما يظهر اتجاهات الرأي العام في شؤون البيئة.
أعدت التقرير شركة «المهندسون الاستشاريون للشرق الأوسط» وراجعه الدكتور جورج طعمه والمهندس نجيب صعب.
النشاطات البشرية هي المصدر الأساسي للأضرار التي تلحق بالبيئة ونوعية الحياة في جميع المناطق اللبنانية، وهي تشكل خطراً متزايداً على الصحة العامة. والضغط البيئي الرئيسي في لبنان هو نتيجة سوء ادارة التنمية المدينية في المناطق الساحلية، وتدهور الأوضاع البيئية نتيجة الضرر الذي ألحقته الأحداث بالبنى التحتية، والادارة غير الكافية للنفايات، وازدياد تلوث الهواء من استعمال السيارات الخاصة ومحركات توليد الكهرباء والصناعات، وتدهور الأراضي والمياه. ومن أشد الضغوط على الموارد الطبيعية التمدد العمراني في الأماكن المكشوفة والأراضي الزراعية والحرجية في المناطق الساحلية التي تشكل 16 في المئة من المساحة السطحية للبنان وتضم حوالى 70 في المئة من سكان البلاد. كما تشهد الأراضي الجبلية تدهوراً حاداً حيث أدى الزوال الكثيف للغابات وانجراف التربة الى تدهور الغطاء النباتي والحاق الضرر بالتنوع البيولوجي.
والقصور في توفير الخدمات البيئية مثل امدادات المياه والنظافة الصحية وادارة النفايات الصلبة هو سبب رئيسي للمشاكل الصحية وتلوث المياه. فقد تأثر الشريط الساحلي والمياه الساحلية بالتلوث الى حد كبير. وبالنسبة للأوضاع المناخية والطوبوغرافية في لبنان يتوقع أن يشكل تلوث الهواء أيضاً خطراً رئيسياً على الصحة العامة. وتمثل السيارات حالياً المصدر الرئيسي لتلوث الهواء في البلاد.
هنا عرض لحالة البيئة في لبنان وفق قطاعات مختلفة، ورأي الطلاب المشاركين في مسابقة «وضع البيئة في لبنان 1998» فيها، والاقتراحات والحلول التي يرتأونها:
الزراعة
ان اعتماد أساليب زراعية حديثة على نطاق واسع، مبنية على استعمال الأسمدة الكيميائية والمبيدات، خصوصاً منذ الستينات، أدى الى استنزاف التربة وتدهورها. فقد زال كثير من الممارسات الزراعية التقليدية السليمة وحلت مكانها «الأساليب الحديثة» التي حققت في البداية معدلات انتاج عالية، لكنها أدت مع الوقت الى انتاج أنواع قليلة من المحاصيل ومنافسة شديدة وفوضى في التسويق، بالاضافة الى اضطرابات كبيرة في النظم الايكولوجية وفقدان تنوع الحياة البرية.
وأهم المشاكل البيئية في القطاع الزراعي، انجراف التربة بفعل الأمطار والرياح والتصحر وسوء الادارة الزراعية. وهذه أثرت كثيراً في البيئة المحلية وأدت الى افقار القطاع الزراعي والمجتمعات الريفية. وأثر الافراط في استعمال المبيدات والأسمدة الكيميائية والمياه على الموارد المائية الجوفية والتنوع البيولوجي في البلاد، مما أثر على صحة الناس أيضاً. وأدى التمدد العمراني العشوائي الى تضاؤل الأراضي الزراعية.
الاقتراحات والحلول
- دعم المزارعين لاستصلاح الأراضي وتشجيع الزراعة العضوية.
- متابعة الأمراض التي تصيب الأشجار والنباتات الأخرى والمساعدة في تقديم العلاج المطلوب لها من قبل وزارة الزراعة والتعاونيات الزراعية.
- مساعدة المزارعين في تصريف الانتاج.
- توفير مصادر لمياه الري واقامة القنوات والسدود والخزانات.
- تطبيق تقنيات ري حديثة للحفاظ على المياه.
- زراعة مساحات واسعة بالأشجار لصدّ الرياح ولانتاج العلف والخشب والفواكه وسواها.
الصناعة
الصناعة من القطاعات الحيوية في الاقتصاد اللبناني. وفي 1994 ساهم القطاع الصناعي بنحو 20 في المئة من الاقتصاد الوطني. لكن هذا القطاع لا يتقيد عموماً بمقاييس الحد من تلوث الهواء والماء والتربة. وتعتبر الصناعات الصغيرة والمتوسطة السبب الرئيسي للتلوث الصناعي في البلاد لأنها تستعمل تكنولوجيات متخلفة تصعب مراقبة الملوثات الصادرة عنها.
وقد جرى مؤخراً تصنيف الصناعات والمناطق الصناعية. لكن الاتجاه الى الحد من الملوثات الصناعية ينحصر في اجراءات تحسينية لخفض الانبعاثات وتطبيق الأنظمة وفرض الغرامات. ويبدو أن الحلقة المفقودة هي غياب التدابير الوقائية التي يمكن تحقيقها بوضع برنامج سليم للحد من التلوث والتوصل الى انتاج أنظف مما يمثل حلاً مستديماً. واذا واصل القطاع الصناعي العمل بتكنولوجيات متخلفة بدلاً من اعتماد المقاييس الدولية الجديدة، مثل ايزو 14000 و14001 اللذين يعالجان نظم الادارة البيئية، فان معظم الصناعات اللبنانية قد تصبح غير قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية. ويؤدي وجود أكثر من 2100 محطة وقود الى تسرب الزيوت والوقود التي تلوث الأماكن المحيطة بها. كما أن تسرب زيوت المحركات المستعملة، اضافة الى القاء علب الزيوت الفارغة ومصافي الزيوت المستعملة والملوثات السائلة الناتجة عن محطات غسيل السيارات، يؤدي الى تلويث التربة والموارد المائية السطحية والجوفية.
وأجمع الطلاب على وجود ملوثات صناعية كالزيوت المستعملة والضجيج والغبار والغازات الناشئة عن مختلف المنشآت الصناعية ومحركات توليد الكهرباء ومحطات الوقود ومحطات غسيل السيارات ومحلات تغيير زيوت السيارات وورش حجار الباطون والبلاط والأفران وأماكن تعبئة الغاز ومحلات اصلاح اطارات السيارات والحدادة والبويا المنتشرة في المدن والقرى. ولاحظوا ان الزيوت المستعملة والعلب الفارغة تلقى في الأودية والحقول فتتسرب الملوثات الى الأرض، كما لاحظوا انتشار الاطارات المستعملة التي يتم التخلص من بعضها بواسطة الحرق.
الاقتراحات والحلول
- تخصيص مناطق لاقامة المنشآت الصناعية تضم كل المصانع والمعامل والمشاغل والمرائب خارج المدن والقرى لتفادي الضجيج والتلوث الناتجين عنها.
- الزام محطات الوقود ومحلات تغيير زيوت السيارات بالعمل على تجميع الزيوت المستعملة وارجاعها الى الشركات المختصة لاعادة تكريرها أو لتصريفها بوسائل علمية لا تضر بالبيئة.
- الزام الشركات المسؤولة عن جمع النفايات بالعمل على جمع علب الزيت والاطارات المستعملة وفرزها لاعادة تصنيعها أو اتلافها بوسائل علمية.
- مراقبة أماكن تعبئة الغاز، واقفالها في حال عدم توافر الوسائل العلمية المتطورة الآمنة.
- فرض استعمال الأجهزة الوقائية في المصانع والورش والمشاغل للمحافظة على سلامة العمال.
- تدريب العمال على أساليب سليمة بيئياً.
التخطيط المديني
أدى الضغط السكاني والتوسع العمراني العشوائي خلال الأحداث الى انتشار المباني والمجمعات السكنية والمرافق الترفيهية في مناطق حساسة من الناحية الايكولوجية. وقد تحولت المنطقة الساحلية الممتدة من صيدا الى طرابلس الى حزام من المباني حتى أصبح يتعذر التفريق بين المدن والبلدات. وحالت المباني المنتشرة على طول الطريق الساحلية الرئيسية دون التمتع بمناظر البحر والجبال. وأصبح الوصول الى الشواطئ متعذراً في معظم الأماكن. وألحقت بعض المشاريع الساحلية الكبيرة أضراراً بيئية شديدة بالمواطن الطبيعية والكائنات.
ولاحظ الطلاب في مختلف المناطق توسعاً عمرانياً عشوائياً وانتشاراً مكثفاً للمنشآت الخرسانية وأعمال حفر وردم وطمساً لمعالم الطبيعة وتخريباً للغطاء النباتي. ووجدوا أن من أسباب ذلك قوانين البناء التي تشجع حدوداً قصوى من الاستثمار، والسماح بالبناء في معظم الأماكن مما يؤدي الى فقدان الغابات والأراضي الزراعية، وغياب رقابة محلية موجهة وتوافق أهلي محلي على الدور المستقبلي داخل النطاق الجغرافي، وغياب مخططات توجيهية حديثة تراعي التطورات والاحتياجات المحلية، وعدم الاهتمام الكافي بالحفاظ على البيئة وانسجام التصميم الهندسي والمعماري معها، وغياب التنشئة والتوعية البيئيتين في حلقات المجتمع. وأجمع الطلاب في المدن الكبرى على ملاحظة الافتقار الى الحدائق والمساحات الخضراء.
الاقتراحات والحلول
- ضرورة التنسيق بين المؤسسات الرسمية (التنظيم المديني) وشبه الرسمية (نقابة المهندسين) والبلديات المانحة لرخص البناء، ومراعاة الظروف والشروط العامة والخاصة للمناطق، والتشدد في عمليات الرقابة ومنع التحايل على القانون.
- وضع مخططات عمرانية تجمع بين جمال الطبيعة والهندسة المناسبة.
- اتباع مفاهيم الهندسة البيئية لتخفيف الأضرار والتلوث وعدم جعل البناء عبئاً على البيئة.
- وضع مخطط تنظيمي لشق الطرقات الزراعية والعامة بشكل لا يؤذي المساحات الخضراء.
- انشاء الحدائق العامة وغرس الأشجار على جوانب الطرقات.
- تجهيز الشوارع وانشاء الأرصفة.
- حماية الآثار وتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ عليها.
الطاقة
معظم الطاقة المستوردة الى لبنان هي من المشتقات النفطية. وليست هناك حتى اليوم حوافز كافية للاقتصاد في استهلاك الطاقة واستعمال مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية. ونتيجة لذلك يزداد استهلاك المشتقات النفطية بنسب مرتفعة. وتستهلك السيارات الخاصة أكثر من 50 في المئة من الطاقة مما يؤدي الى تلوث الهواء.
ولبنان ليس بلداً منتجاً للنفط. وهو يستورد معظم الوقود الذي يستهلكه. ففي 1994 استهلك لبنان من أنواع الوقود ما يعادل 3,5 مليون طن من النفط كطاقة أساسية، و97 في المئة من مصادر الطاقة هذه هي مشتقات نفطية ملوثة كالبنزين بالرصاص والمازوت والكاز وغاز البروبان وغاز البوتان. أما النسبة الباقية من استهلاك الطاقة وهي 3 في المئة فهي طاقة متجددة نظيفة تشمل توليد الكهرباء بالطاقة المائية، التي ترتفع معدلاتها شتاءً وتنخفض صيفاً.
ويولد استهلاك منتجات الطاقة سنوياً أكثر من 14 ألف طن من ثاني اوكسيد الكبريت وستة آلاف طن من اوكسيدات النيتروجين و2,8 مليون طن من ثاني اوكسيد الكربون و13 ألف طن من الجسيمات الملوثة للهواء. وتشكل انبعاثات الرصاص من عوادم السيارات خطراً صحياً جسيماً في المدن. ويتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة سنة 2005 الى ضعفين مما يؤدي الى مضاعفة انبعاثات الملوثات الهوائية.
وقد رصد الطلاب في مختلف المناطق مصادر رئيسية لتلوث الهواء هي حركة السير، ومحطات ومحركات توليد الكهرباء، والقطاع الصناعي وخصوصاً الصناعات الكبيرة كمعامل الاسمنت والأسمدة، وحرق النفايات الصلبة، والمقالع والكسارات، والعمليات الزراعية، وتطاير الغبار من الطرقات الترابية.
الاقتراحات والحلول
- تشجيع وسائل النقل المشترك وخصوصاً داخل المدن.
- فرض شروط صارمة لصيانة السيارات عن طريق المعاينة الدورية.
- منع استعمال السيارات القديمة التي لا تتوافر في عوادمها الشروط الصحية.
- تشجيع استعمال البنزين الخالي من الرصاص، وفرض وجود المحول الحفاز في كل سيارة لخفض الانبعاثات الضارة.
- تشجيع استعمال مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية، الرياح، الغاز الحيوي).
- اعتماد سياسات تؤدي الى خفض استهلاك الطاقة على أنواعها لأنها تعني خفض احتراق الوقود وبالتالي خفض التلوث.
- فرض استعمال تكنولوجيات حديثة تحد من انبعاثات المصانع والمعامل.
- امكانية انشاء شبكة قطار نفقي (مترو) تحت الأرض.
- انشاء شبكة نقل بواسطة المراكب بين المدن الساحلية.
المياه المبتذلة
معظم النفايات السائلة المنتجة في البلاد تصرف من دون معالجة. لذلك يتم تصريف السوائل الناتجة عن المصانع بطرق غير سليمة. ولا توجد معامل لاعادة تدوير النفايات الخطرة أو معالجتها باستثناء بعض الجهود الفردية لجمع زيوت المحركات وتكريرها.
ان 50 في المئة من سكان لبنان، وغالبيتهم في المدن، مزودون بشبكات مجارير عامة. ويستعمل 42 في المئة من السكان حفر الصرف، بينما يستعمل 8 في المئة فقط من سكان الأرياف في بلدات يقل عدد سكانها عن 10 آلاف شبكات مجارير. وبتحديد أكثر، تخدم المجارير بيروت الكبرى بكاملها و90 في المئة من سكان طرابلس، بينما لا تخدم الا 30 تجمعاً سكانياً من أصل 500 تجمع في شمال لبنان. وفي جبل لبنان يستفيد من المجارير حوالى 20 في المئة من التجمعات السكنية، أي 54 في المئة من السكان، وفي الجنوب 21 في المئة وفي البقاع حوالى 28 في المئة.
وحالياً لا تتوافر معالجة عملية للمياه المبتذلة لأن محطات المعالجة الأربع الموجودة في مدن صغيرة غير شغالة. وبسبب ذلك تصب مياه المجاري مباشرة في البحر والأنهار وقنوات الري والجداول والأودية والآبار. وفي بيروت الكبرى تصب مياه المجارير في البحر عبر 22 مصباً على مسافة قصيرة من الشاطئ ومصبين يتجاوزان الشاطئ بمسافة أطول. وتنطبق هذه الحالة على جميع المدن والبلدات الساحلية.
وقد أشار الطلاب الى تلوث مياه الشرب بسبب قدم الأنابيب ومرورها قرب المجارير وحفر الصرف الصحية، وتلوث مياه الري والأنهار بسبب مياه المجارير أيضاً، وتلوث المياه الجوفية بسبب النفايات المنزلية والمبيدات والحفر الصحية. ولاحظوا فيضان الحفر الصحية على الطرقات في كثير من المناطق وانبعاث الروائح منها.
الاقتراحات والحلول
- تأمين شبكات صرف صحي للمياه المبتذلة، خصوصاً في المناطق الريفية التي لا تزال تعتمد على الأساليب الفردية البدائية التي لا تراعي الشروط الصحية في أكثر الأحيان.
- تكرير المياه المبتذلة أو معالجتها معالجة أولية قبل التخلص منها في البحر.
- منع التخلص من النفايات الصناعية كالزيوت والنفايات المنزلية برميها في مجاري الأنهار.
- انشاء محطات صغيرة لمعالجة المياه المبتذلة في المناطق.
- تشجيع استعمال الحفر الصحية الملائمة.
- تشجيع استعمال المراحيض غير المائية والتي لا تنبعث منها روائح في المناطق الريفية.
النفايات الصلبة
انتج لبنان عام 1997 حوالى 3500 الى 4000 طن من النفايات المنزلية في اليوم، أي حوالى 0,8 كيلوغرام لكل شخص في اليوم. وأنتجت بيروت الكبرى أكثر من 1200 طن من النفايات الصلبة في اليوم. وتقدر النفايات الصلبة الناتجة عن العمليات الصناعية بنحو 325 ألف طن في السنة.
وتشكل النفايات الصلبة أخطاراً جدية تهدد البيئة. فعلى طول الشريط الساحلي تجرف الأمواج أكوام النفايات الصلبة الملقاة عشوائياً، فتحمل محتوياتها من نفايات غذائية وبلاستيك وورق الى داخل البحر أو نحو الشمال بمحاذاة الشريط الساحلي، مما يؤثر تأثيراً كبيراً على البيئة الساحلية. وقد أضرت هذه الملوثات بالشواطئ ومصائد الأسماك. وتؤدي النفايات الصلبة الى تلويث مصادر مياه الشرب السطحية والجوفية. وهي تلقى عشوائياً في أراض مكشوفة وفي مجاري الأنهار والأودية وعلى جوانب الطرق. وهذا يسبب مشاكل صحية وحرائق في الغابات ويشوه المناظر الطبيعية.
وعلى رغم ما تم مؤخراً من وضع خطط رئيسية للتخلص من النفايات في لبنان فان بعض المسائل لم تحل بعد. ومنها وضع تصور متكامل لادارة النفايات وامكانات التقليل منها وزيادة تدوير بعض المواد كالورق والزجاج والبلاستيك، ضمن برنامج عملي قابل للتطبيق.
وترتكز المسألة الرئيسية المتعلقة بادارة النفايات الصلبة على معالجة النفايات والتخلص منها. وتثير هذه المسألة كثيراً من الجدل. وتشكل المطامر المكشوفة الوسيلة الرئيسية حالياً للتخلص من النفايات الصلبة، لكن هناك جهوداً جدية لتحسين الوضع. وبعد تأهيل محرقة العمروسية ومحطة التسميد في الكرنتينا، التي اشتملت على محرقة، بدأ تشغيل الأولى في 1993 والثانية في 1996. لكن المحرقتين أقفلتا، الأولى في حزيران (يونيو) 1997 والثانية في تشرين الأول (اكتوبر) 1997، بسبب تذمر السكان من التلوث والرائحة.
وفي بيروت، أقفل مكب برج حمود الساحلي في تموز (يوليو) 1997. وفي غضون ذلك تم تحويل موقعي العمروسية والكرنتينا الى محطتين لفرز النفايات تستخلص فيهما المواد القابلة للتدوير. وتبلغ القدرة الاجمالية لكلتا المحطتين 1700 طن في اليوم. أما النفايات الباقية (حوالى 45 في المئة من المجموع) فيجري حزمها في بالات تطمر في أول مطمر صحي من نوعه محلياً أقيم في الناعمة. ويجري تسميد النفايات العضوية المفروزة من محطتي العمروسية والكرنتينا في معمل جديد أقيم في منطقة الكرنتينا بالقرب من مصب نهر بيروت. لقد تحسنت كثيراً تكنولوجيا التسميد الهوائي في العالم خلال السنوات العشرين الأخيرة، لكن حتى الآن لم يتم انتاج سماد عالي الجودة في موقع الكرنتينا. وتعاني هذه العملية من مشاكل تسويقية، كما يشكو سكان الجوار من الروائح.
وفي أجزاء أخرى من البلاد، ستكون المطامر الصحية الخيار الرئيسي للتخلص من النفايات الصلبة. وقد سبق للبنك الدولي أن منح الحكومة قرضاً بقيمة 55 مليون دولار لهذا الغرض. ويتوقع الانتهاء قريباً من تأهيل مطامر خاضعة للمراقبة في طرابلس والمدن الرئيسية الأخرى. وهناك خطط لاقامة 16 مطمراً صحياً ومحطتي تسميد في مناطق مختلفة من لبنان. وتجدر الاشارة الى أن النفايات في المناطق الرئيسية تلقى في مكبات غير مراقبة وتصاحبها عمليات حرق مكشوفة. وأحياناً تسوى النفايات بواسطة الجرافات لتسهيل وصول الشاحنات. وكثيراً ما تمزج نفايات المستشفيات بالنفايات الصلبة الأخرى عند القائها في المكبات. ويجري اعداد دراسة جدوى لمعالجة نفايات المستشفيات.
ويحصل تدوير النفايات على نطاق محدود من قبل مؤسسات خاصة. أما المواد التي تفرز في محطتي الفرز فتباع للمصانع أو تصدر. وتشمل المواد التي يجمعها أشخاص متجولون من المكبات أو الشوارع البلاستيك والورق والكرتون والمعادن والزجاج. وليس هناك تدوير لاطارات السيارات القديمة الا لاستعمالات محدودة مثل اعادة التلبيس.
وفي لبنان ثلاثة معامل رئيسية لتدوير الورق والكرتون وكثير من الورش الصغيرة التي تصنِّع البلاستيك المستعمل. ويتولى معملان تدوير الزجاج المفروز.
وقد أجمع الطلاب على أن النفايات في مختلف المناطق ترمى في مكبات مكشوفة وتحرق، أو تلقى في السواقي ومجاري الأنهار والأودية، أو تكوم على جوانب الطرقات وفي مداخل القرى أو في الأحراج، أو ترمى في مستوعبات مكشوفة من دون أن توضع في أكياس.
الاقتراحات والحلول
- تنظيم عمليات جمع النفايات الصلبة والتخلص منها وعدم ترك النفايات متراكمة لمدة طويلة.
- تشجيع فرز النفايات في المنازل قبل وضعها في مستوعبات خاصة أسوة بالبلدان المتقدمة.
- استخدام مستوعبات مغطاة لمنع الحيوانات من بعثرة النفايات.
- فرز النفايات الصلبة بهدف اعادة تصنيعها.
- تشجيع التسميد المنزلي للنفايات العضوية، خصوصاً في المناطق الريفية والزراعية.
مياه الشرب والينابيع والأنهار
المياه من أثمن الموارد الطبيعية في لبنان. ففي 1995 بلغت حصة الفرد 2600 متر مكعب سنوياً (استهلاك الفرد الفعلي للمياه 407 أمتار مكعبة في السنة للزراعة والصناعة والاستعمال الشخصي) مما يعتبر الأعلى في المنطقة. غير أن معظم التجمعات السكنية تعاني من نقص في المياه العذبة خلال فصل الصيف. وتستهلك الزراعة أكثر من 60 في المئة من الموارد المائية في البلاد. ويبلغ الاستهلاك المنزلي نحو 34 في المئة.
وقد لاحظ الطلاب أن القاء النفايات بصورة عشوائية والتخلص من المياه المبتذلة واستعمال المبيدات بطرق بدائية تؤدي الى تلوث مياه الشرب والينابيع والأنهار والمياه الجوفية. ولاحظوا تكون برك مكشوفة يتوالد فيها البعوض، ونقصاً في مياه الشرب والري، وتدهوراً في نوعية المياه الجوفية على طول الساحل بسبب الافراط في استغلال الآبار الجوفية مما أدى الى تسرب مياه البحر اليها.
الاقتراحات والحلول
- الكشف الصحي الدوري على مياه الشرب والينابيع والأنهار والخزانات ومعالجة حالات التلوث.
- معالجة البرك الموسمية والقضاء على البعوض.
- صيانة شبكات مياه الشرب لتفادي تسرب مياه الحفر الصحية والمجاري اليها.
- بناء سدود على مجاري الأنهار ومحاولة الاستفادة القصوى من المياه الجارية للشرب والري.
- تأمين مياه الشرب للمنازل والشقق السكنية في جميع المناطق على مدار السنة.
- ترشيد استهلاك المياه وضمان عدم تلويث مصادرها بالنفايات ومياه الصرف الصحي أو سقي المواشي.
على رغم عدم توافر معلومات بيئية موثوقة، فقد أجري تقدير جزئي أولي للتكاليف الاجتماعية الرئيسية التي يسببها التدهور البيئي في لبنان. ويتوقع أن تزيد التكاليف السنوية لتدهور الموارد البيئية والطبيعية على 300 مليون دولار. وهذا يشمل تكاليف الصحة العامة بسبب الافتقار الى المياه المأمونة والنظافة الصحية في المنازل ومحلات المواد الغذائية والمطاعم والأفران وتلوث الهواء والاكتظاظ السكاني. ولتردي الموارد الطبيعية علاقة بزوال الغابات والتنوع البيولوجي، وتدهور التربة وأثره على الانتاجية الزراعية ونوعية المياه، والتلوث الساحلي وأثره على الموارد البحرية والسياحية.
ولاحظ الطلاب تضرر مواقع أثرية وطبيعية كثيرة. وقد بات وصول الناس الى الشواطئ متعذراً في أكثر الأحيان بسبب الاستغلال الخاص للواجهة البحرية، كما أن القاء النفايات عشوائياً يبعد السياح عن البلاد. ولاحظوا أيضاً وجود مزارع للماشية والدواجن قرب التجمعات السكنية، وانتشار مذابح المواشي بين المنازل في بعض المناطق والقاء بقاياها في الحقول. ووجدوا أن الرعي الجائر ساهم في زوال الأحراج.
الاقتراحات والحلول
- مراقبة المطاعم ومحلات المواد الغذائية والأفران وسواها لضمان التقيد بشروط اعطاء الرخص.
- مراقبة صحية لمحلات بيع اللحوم وتصريف نفاياتها وانشاء مسالخ خاصة بالمناطق يتم الذبح فيها بطرق سليمة وصحية.
- مراقبة مراعي الحيوانات ودراستها من قبل الهيئات المختصة وابعاد مزارع الماشية والدواجن عن التجمعات السكنية.
- تكثيف الدوريات وحراسة الأحراج والسهول والتلال لضمان عدم قطع الأشجار ورعي الماشية في الأحراج.
- منع الصيد في مواسم معينة ومراقبة التنفيذ.
- تشجير الأراضي الجرداء.
- التنبه لعدم التسبب بحرائق الأحراج وتوعية زوارها وتعيين حراس من قبل البلديات لمراقبتها.
- تشجيع السياحة والتصدي لكل ما ينفر السياح.
- تنظيم عمل المقالع والكسارات من حيث سن القوانين وتطبيقها، وحصرها بالمناطق البعيدة عن الأحياء السكنية والمناطق الغنية بالأحراج والمياه.
الادارة والقوانين والتوعية البيئية
ان قدرة المؤسسات على الادارة البيئية ضعيفة في لبنان، وكذلك تطبيق القوانين عموماً، بسبب عدم الوضوح في المسؤوليات وضعف التنسيق. وقد ساهم انشاء وزارة البيئة عام 1994 في تقوية الاطار المؤسّسي المعني بوضع سياسة بيئية وتنفيذها.
والمؤسستان الرئيسيتان المعنيتان بالبيئة في لبنان هما وزارة البيئة ومجلس الانماء والاعمار الذي يقود برنامج الاصلاح والتعمير في البلاد.
ولبنان طرف في عدد من الاتفاقيات الدولية التي تشمل اتفاقية تغير المناخ، واتفاقية التنوع البيولوجي، وبروتوكول مونتريال واتفاقية فيينا لحظر المواد التي تستنزف طبقة الاوزون، واتفاقية مكافحة التصحر، والاتفاقيات الخاصة بادارة ومراقبة البحر المتوسط، واتفاقية برشلونة وبروتوكولاتها الأربعة، واتفاقية ماربول 73/78، واتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحار.
وقد لاحظ الطلاب وجود تقصير في نشر التوعية البيئية بين الناس وقمع المخالفات البيئية.
الاقتراحات والحلول
- نشر التوعية والتثقيف البيئي وحمل الناس على احترام القوانين والأنظمة العامة.
- ادخال مناهج بيئية في جميع المراحل الدراسية.
- ادخال التربية البيئية في تدريب المعلمين.
- تشجيع المنظمات التطوعية المعنية بهموم البيئة.
- تفعيل دور البلديات وأجهزتها لملاحقة المخالفات والتأكد من الالتزام بالقوانين المدنية العامة.
- العمل على تحديث القوانين التي تتناول موضوع البيئة ووضع قوانين جديدة وانزال عقوبات بالمخالفين.