|
|
|
|
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA |
Leading Arabic Environment Magazine |
|
|
|
|
|
المجلة البيئية العربية الاولى |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
مقالات |
|
نبيل زغدود (تونس) |
في السنة الدولية للغابات اغتيال غابة تونسية ايلول 2011 / عدد 162 |
|
|
|
فضّل عدد من التونسيين، الذين رفعوا شعار الثورة يوماً واحداً فقط، أن يحتكموا إلى قانون الغاب لتسوية ما لهم من إشكاليات عقارية مع الدولة. وخير دليل على ذلك الجريمة البشعة التي تعرّضت لها غابة دار شيشو التابعة إدارياً لمعتمدية كركوان من محافظة نابل، على بعد نحو 90 كيلومتراً جنوب شرق العاصمة تونس.
لوحة غابية فريدة حولتها النيران إلى أرض جرداء تُحزن الناظرين. فالحرائق التي اندلعت في 14 تموز (يوليو) الماضي، ولم تتم السيطرة عليها إلا بعد أسبوعين من الجهود المضنية، حوّلت 590 هكتاراً من شجر الصنوبر والكلتوس هباء منثوراً، تتطلّب أكثر من نصف قرن لإعادتها إلى ما كانت عليه.
تحوم الشكوك حول «مواطن» كان قد ورث نحو 128 هكتاراً مؤجّرة للدولة منذ العام 1961، بمقتضى عقد استغلال ينصّ على إعادتها إلى مالكها الأصلي بعد 30 سنة شريطة أن تسترجع الدولة مصاريفها. لكن مماطلة النظام السابق في تمكينه من أرضه رغم رغبته في استغلال هذه المساحة، التي تقع على بعد عشرات الأمتار من أجمل شواطئ تونس، جعلته يلجأ إلى قانون الغاب لحلّ هذا الاشكال العقاري. فقام بدفع المال لمجموعة من الشبان كي يضرموا النار في هذه الجنة التي تطلّ على مدينة قليبية في مشهد بانورامي خلاّب وتمتدّ إلى المنطقة الأثرية في كركوان.
وما يؤكّد هذه الفرضية اندلاع النيران من خمس جهات وفي التوقيت نفسه تقريباً، وهو ما أثبتته الصور الجويّة. كما أنّ العميد المختار بن نصر من وزارة الدفاع رجّح فرضية العمل الاجرامي في هذا الحريق.
فرضية الجريمة تثبتها أيضاً الانتهاكات التي سجلتها الإدارة العامّة للغابات ضدّ هؤلاء المالكين الحالمين بتنفيذ مشاريع عقارية من شأنها أن تدرّ عليهم عائدات مالية كبيرة، ولو كان الأمر على حساب ثروة طبيعية لا يعوّضها «مال قارون». فتلك الغابة تحتوي على مخزون حيواني ونباتي فريد، محمي منذ سنة 1929 بمقتضى أمر صادر عن السلطات الفرنسية لحماية الجهة من الكثبان الرملية المتحوّلة وحماية المناطق الفلاحية المجاورة من التملح وحماية حقول البندورة (الطماطم) والفلفل والبطاطا وغيرها من المزروعات. وهي تحتوي على نحو 12 ألف هكتار من الصنوبر الحلبي والكلتوس والأكاسيا، تدرّ على ميزانية الإدارة العامّة للغابات مئات الملايين.
من حسن الحظّ أنّ النيران لم تمتدّ الى مركز لإكثار ثلاثة أصناف نادرة من الحيوانات البرية، هي سلحفاة البركة والقضاعة ونوع من السحالي، بقصد إطلاقها في مناطق غابية، إلى جانب منبت غابي عصري تم إحداثه قبل 10 سنين ضمن تعاون تونسي كندي.
تحت شعار «هو يحرق وأنا أغرس» نظّم عدد من المتطوّعين حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي موجّهة «إلى كلّ الذين يحملون حسّاً بيئيّاً جماليّاً» للمساهمة في إحياء الغابة المقتولة حرقاً. وذلك بزرع شجيرات، دلالةً على تمسُّكِنا بالغابة وإعادتِها إلى ما كانت عليه.
لاقت هذه الحملة صدى طيباً لدى العديد من محبي البيئة، الذي قاموا بمساندة قوات الدفاع المدني والجيش والحرس الوطني في اخماد الحرائق. كما طالبوا بمحاسبة كلّ من سيثبت البحث تورّطه في هذه الجريمة البشعة التي تزامن تنفيذها مع الاحتفال بالسنة الدولية للغابات». ويبدو أنّ «مافيا» الأزمات اختارت هذه السنة التي تشهد فيها تونس تغيّرات على جميع الصُعد.
الدعوة موجهة الى الحكومة الانتقالية لتشديد العقوبات على كلّ من تسوّل له نفسه انتهاك حق المواطن في بيئة سليمة، والمسّ بما تبقّى من المخزون البيئي الذي أنقذته الثورة من جشع بارونات كانوا يعملون على تدمير الشريط الساحلي والمخزون الغابي لجهة الوطن القبلي وخاصّة لمدينة قليبية. والطريق لضمان الحقوق البيئية يمرّ حتماً عبر إدراج البيئة في الدستور الثاني للجمهورية التونسية.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
اضف تعليق |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
|
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.
|