في ستينات القرن الماضي بدأت شعوب كثيرة حول العالم تواجه مشاكل بيئية ملحة: غابات يدمرها المطر الحمضي، وأنهار تسممها النفايات الصناعية، ومدن تخنقها ملوثات السيارات والصناعة، ومزارعون تضربهم المجاعات، واحتياطات ثروات طبيعية تضمحل. وشرعت قلة من العلماء تتحدث عن ترابط هذه المشاكل على الصعيد العالمي. وحذرت من أننا نحن البشر نتحول بسرعة الى ضحايا للنجاح الذي حققناه، اذ أصبحت لدينا القدرة على أن نسلب الأرض التي تعيلنا جميع خيراتها.
عام 1972، في مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية في استوكهولم بالسويد، التقى مندوبون من أنحاء العالم لدراسة هذه التحذيرات. وعلى رغم أن المؤتمر أصدر عدداً من التوصيات لكي تعمل الحكومات بموجبها، فان الاضطراب البيئي لم يتوقف.
بعد عشرين عاماً، في قمة الأرض التي عقدتها الأمم المتحدة في ريو دي جانيرو عام 1992، أصدرت الجمعية الملكية في لندن والاكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة، وهما من أبرز الهيئات العلمية في العالم، بياناً مشتركاً يدعو الى العمل: "ان مستقبل كوكبنا على المحك. والتنمية المستدامة يمكن تحقيقها، لكن بشرط أن نتمكن في الوقت المناسب من وقف التدهور البيئي الذي لا يمكن عكسه. والسنوات الثلاثون المقبلة قد تكون حاسمة".
استمر تنامي تحذيرات العلماء شدة وإلحاحاً. لكن التقدم في إحداث تغيير منذ مؤتمر استوكهولم بقي بطيئاً على رغم الجهود التي بذلت. وها هي التحديات العالمية الجديدة، من هجمات ارهابية وردود عسكرية وتصاعد للتوترات حول العالم، تهدد بتنفيس الزخم المتنامي لمعالجة المشاكل البيئية المزمنة.
في قمة جوهانسبورغ العالمية المقبلة، سيكون هدف البيئيين اعادة تركيز اهتمام الدول على بعض الاخطار الأكثر الحاحاً التي تهدد الأمن العالمي. وهذا يعني الاستجابة جدياً للمآسي البيئية، والبناء سريعاً على المكاسب التي أحرزت بالكد والاجتهاد في العقود الأربعة المنصرمة، التي يلخصها تسلسل الأحداث الآتي.
1960
عالمة الأحياء البحرية راشيل كارسون تصدر كتابها الربيع الصامت، الذي يحذر من خطر المواد الكيميائية السامة على الناس والبيئة.
ناقلة النفط توري كانيون تجنح وتسرّب 117.000 طن من النفط في بحر الشمال على ساحل كورنوول في بريطانيا. ويساعد التلوث الضخم في تعجيل إدخال تغييرات قانونية تجعل أصحاب السفن مسؤولين عن جميع التسربات.
خبراء من أنحاء العالم يجتمعون لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة للمحيط الحيوي لمناقشة مشاكل بيئية عالمية، منها التلوث وخسارة الموارد وتدمير الأراضي الرطبة.
1970
يوم الأرض الأول يقام في الولايات المتحدة. ملايين الناس يجتمعون في انحاء البلاد للتظاهر ضد المساوئ البيئية، مما دفع الى وضع قوانين بيئية أحدثت تحولات جذرية، منها قانون الأنواع المعرضة للخطر وقانون مياه الشرب المأمونة.
نحو 2200 عالم يحضرون مؤتمراً في منتون بفرنسا، ويوجهون كتاباً الى الأمم المتحدة يشددون فيه على الحاجة الى العمل البيئي: "ان ايجاد حلول للمشاكل الحقيقية، الناتجة عن التلوث والجوع والتزايد السكاني والحرب، قد يكون أسهل من وضع صيغة للجهد المشترك الذي يفترض من خلاله البحث عن الحلول. لكن ينبغي علينا أن نبدأ".
خبيرة الاقتصاد باربرا وارد وعالم الأحياء الدقيقة رينيه دوبو يصدران كتاباً بعنوان أرض واحدة فقط بمناسبة مؤتمر استوكهولم. ويحذر الكتاب من أن أعمال الانسان تقوّض قدرة الأرض على إعالتنا.
مشاركون من 114 بلداً يأتون الى استوكهولم بالسويد لحضور مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة البشرية. يحضر وزير بيئة واحد فقط، ومعظم البلدان لم يكن لديها هيئات بيئية بعد. ويصدر المندوبون مجموعة من 109 توصيات محددة لكي تعمل الحكومات بموجبها، ويضغطون لانشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
منتدى روما، وهو مجموعة من خبراء الاقتصاد والعلماء ورجال الأعمال من 25 بلداً، يصدر كتاباً بعنوان حدود النمو، يتكهن بأن قدرة الأرض على اعالة سكانها ستبلغ حدودها الدنيا في غضون 100 سنة اذا استمرت المعدلات الحالية للنمو السكاني واستنفاد الموارد وانتاج الملوثات.
يفيد باحثون أن ثلاثة أرباع المطر الحمضي الذي يسقط في السويد سببه ملوثات صادرة من بلدان أخرى.
اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع الحيوانية والنباتية المهدد بالانقراض (CITES) تمنع الاتجار بنحو 5000 نوع حيواني و25.000 نوع نباتي توشك أن تنقرض أو هي مهددة بالانقراض. وعلى رغم احتواء الاتفاقية على نصوص ملزمة، فان عدم تطبيقها بالشكل المناسب في السنوات التالية سمح بازدهار سوق سوداء للاتجار بالأحياء البرية، حجمها بليون دولار.
اتفاقية منع التلوث من السفن (ماربول) تقيّد تسريب الملوثات من السفن العابرة للمحيطات، وتنظم إلقاء النفط والقمامة والنفايات البلاستيكية ومياه الصرف الصحي وحوادث تسربها.
الكيميائيان شيروود رولاند وماريو مولينـا يكشفـان أن مركبـات الكلوروفلوروكربـون (CFCS) يمكن أن تدمر جزيئات الأوزون وقد تهدد بتأكل طبقة الأوزون الواقية للأرض.
مؤتمر الأمم المتحدة حول المستوطنات البشرية في مدينة فانكوفر الكندية يصدر 65 توصية حول أفضل الطرق لتوفير المسكن. ويوافق المشاركون في المؤتمر على أن توفير مسكن ملائم هو حق أساسي للانسان.
قلب المفاعل في محطة ثري مايل آيلند للطاقة النووية في ولاية بنسلفانيا الأميركية يذوب ويطلق اشعاعات في الاحياء السكنية المجاورة.
اتفاقية تلوث الهواء عبر الحدود على المدى الطويل تساعد في مكافحة المطر الحمضي وتنظم انتقال الملوثات عبر الحدود الوطنية. وقد أضيف عدد من البروتوكولات الى هذه الاتفاقية "الاطارية" التي تنظم انبعاثات أكاسيد النيتروجين والكبريت والمعادن الثقيلة والملوثات العضوية الدائمة الأثر وعدد من الملوثات الأخرى.
1980
فيروس مرض نقص المناعة المكتسب (الايدز) يكتشف في دراسات سريرية، وينتشر بسرعة في أنحاء العالم خلال العقدين التاليين مودياً بحياة ملايين الناس ومقوضاً جهود التنمية في بلدان كثيرة.
قانون البحار يوفر اطاراً شاملاً لاستغلال المحيطات، وفيه نصوص حول المحافظة على المحيطات ومنع تلوثها وحمايتها وردّ أعداد الأنواع الى أوضاعها الطبيعية.
برنامج الأمم المتحدة للبيئة ينظم مؤتمر استوكهولم +10 في نيروبي. ويوافق الحاضرون على اعلان يعبر عن "قلق كبير حول الوضع الحالي للبيئة"، ويشكلون هيئة مستقلة لاعداد "أجندة دولية للتغيير" تمهد الطريق لاصدار تقرير "مستقبلنا المشترك" عام 1987.
وكالة حماية البيئة والاكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة تصدران تقارير تفيد بأن تراكم ثاني اوكسيد الكربون و"غازات دفيئة" أخرى في الغلاف الجوي للأرض سيؤدي الى احترار عالمي.
يقدر أن 10.000 شخص قتلوا وأصيب كثيرون غيرهم عندما سرّب مصنع يونيون كاربايد للمبيدات في بوبال بالهند 40 طناً من غاز مثيل الايزوسيانيت وأرسل غيمة من السم الى المدينة المجاورة التي يقطنها مليون نسمة.
العلماء يكتشفون "ثقباً" في طبقة الاوزون، بعدما أظهر مسح بريطاني للمنطقة القطبية الجنوبية أن مستويات الاوزون في كانون الثاني (يناير) هبطت 10 في المئة عن مستوياتها في السنة السابقة.
أحد المفاعلات الأربعة في مصنع الطاقة النووية في تشيرنوبيل، في الاتحاد السوفياتي السابق، ينفجر وينصهر تماماً بعد "اختبار أمان" فاشل. ويطلق الانفجار جزئيات مشعة تبلغ اوروبا الغربية وتعرض مئات آلاف الأشخاص لمستويات عالية من الاشعاعات.
الهيئة الدولية للبيئة والتنمية تصدر "مستقبلنا المشترك" (تقرير برونتلاند) الذي استنتج أن المحافظة على البيئة والتصدي للظلم العالمي ومكافحة الفقر من شأنها أن تنشط النمو الاقتصادي، لا أن تعوقه، وذلك بتعزيز التنمية المستدامة. وجاء في التقرير: "ان محاولات الحفاظ على استقرار اجتماعي وايكولوجي من خلال مقاربات قديمة للتنمية وحماية البيئة ستزيد حالة عدم الاستقرار".
بروتوكول مونتريال، الذي قوي منذ انطلاقه، يلزم البلدان الصناعية أن توقف، على مراحل، انتاج عدد من المواد الكيميائية التي تستنزف طبقة الاوزون بحلول عام 1996، والبلدان النامية بحلول 2010.
اتفاقية بازل تضبط انتقال النفايات الخطرة عبر الحدود. وهي الآن تحظر تصدير النفايات من البلدان المتقدمة الى البلدان النامية للتخلص منها هناك.
بحّار غير متمرس يقود ناقلة النفط إكسون فالديز الى حيد مرجاني في مضيق الأمير وليم في ألاسكا، فيؤدي اصطدامها الى تسريب 76.000 طن من النفط الخام. وتغطي بقعة النفط، الأكبر من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة، خطاً ساحلياً من الطبيعة البكر يزيد طوله على 5100 كيلومتر، وتقتل أكثر من 250 ألف طائر.
1990
حرب الخليج لانهاء احتلال العراق للكويت تؤدي الى تدمير ناقلات نفط وموانئ تحميل النفط وآبار نفطية أضرمت النيران في الكثير منها. وأدى القتال الى تسرب نحو 1.25 مليون طن من النفط الى مياه الخليج، في أسوأ تسرب نفطي في التاريخ.
"اتحاد العلماء القلقين" يجمع 1575 عالماً من 69 بلداً ويصدر تحذيراً من علماء العالم الى البشرية، ينص على أن "البشر والعالم الطبيعي على طريق تصادم".
اتفاقية التنوع البيولوجي تلزم البلدان الأعضاء بوضع استراتيجيات لحماية التنوع البيولوجي، والبلدان الصناعية بمساعدة البلدان النامية على تنفيذ هذه الاستراتيجيات.
معظم بلدان العالم و117 رئيس دولة يشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة التاريخي حول البيئة والتنمية (قمة الأرض) في ريو دي جانيرو بالبرازيل. ويقرّ المشاركون "أجندة 21"، وهي برنامج ضخم للعمل يدعو الى تحسين نوعية الحياة على الأرض باستخدام الموارد الطبيعية بشكل أكثر كفاءة، وحماية المصالح العالمية المشتركة، وادارة المستوطنات البشرية بطريقة أفضل، وخفض الملوثات والنفايات الكيميائية.
اتفاقية تغير المناخ تنص على أهداف غير ملزمة للبلدان الصناعية لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون (حتى مستويات عام 1990 بحلول عام 2000). وتدعو الاتفاقية النهائية الى اجتناب تغيير المناخ من قبل الانسان، لكنها تبقى قاصرة عن تلبية ما كان متوقعاً منها، وذلك يعود أساساً الى عدم دعمها من الولايات المتحدة.
ممثلو من 183 بلداً يجتمعون في مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة، حيث يضعون خطة يستغرق تنفيذها عقوداً، لتثبيت النمو السكاني وخفضه، تشدد على أهمية تعليم النساء وتأمين عناية صحية إنجابية لهن.
الهيئة الحكومية المشتركة لتغير المناخ، وهي مجموعة من مئات علماء المناخ البارزين جمعتهم الأمم المتحدة عام 1988، تصدر تقريراً يستنتج أن "توازن الأدلة يوحي أن هناك تأثيراً بشرياً ملحوظاً على المناخ العالمي".
مندوبات ومندوبون من 180 بلداً يجتمعون في مؤتمر المرأة في بيجينغ بالصين لوضع مسودة أجندة لتحسين حياة النساء والبنات. ويشمل القرار الصادر عن المؤتمر دعوات لاتخاذ اجراءات للحد من انجراف التربة وقطع الغابات وأشكال أخرى من التدهور البيئي كثيراً ما تترك النساء وعائلاتهن في حالة من الفقر.
حرائق الغابات حول العالم تأتي على أكثر من 5 ملايين هكتار من الغابات والأراضي الخضراء. وقد احترقت عام 1997 غابات استوائية أكثر من أي سنة أخرى في التاريخ المسجل.
بروتوكول كيوتو يقوي اتفاقية تغير المناخ الصادرة عام 1992، بالزام البلدان الصناعية خفض انبعاثاتها في الفترة من 2008 الى 2012 بنسبة تراوح بين 6 و8 في المئة عن مستويات عام 1990. لكن برنامج مقايضة الانبعاثات المثير للجدل الذي تضمنه البروتوكول، والنقاش الدائر حول دور البلدان النامية، يجعلان مستقبله موضع ريبة.
ثقب الأوزون فوق المنطقة القطبية الجنوبية يتسع الى 25 مليون كيلومتر مربع (الرقم القياسي السابق الذي سجل عام 1993 كان 3 ملايين كيلومتر مربع).
احتجاجات عنيفة وكثيفة في سياتل توقف مفاوضات التجارة الدولية وتسلط الضوء على الهفوات والنواقص البيئية والاجتماعية لمنظمة التجارة العالمية.
2000
بروتوكول السلامة الحيوية يفرض أسلوباً أكثر وقائية للاتجار بالمحاصيل والكائنات المعدلة وراثياً، ويلزم المصدّرين الحصول على موافقة مسبقة من البلدان المقصودة قبل شحن محاصيل معدلة وراثياً اليها.
معاهدة الملوثات العضوية الدائمة الأثر تقضي بالتوقف التام، على مراحل، عن استعمال تسعة مبيدات عالية السمية ودائمة الأثر، وتحد من استعمال عدد من المواد الكيميائية الأخرى مثل مركبات الديوكسين والفوران وثنائيات الفنيل المتعددة الكلور.
الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش يعلن أن الولايات المتحدة لن تصدق على بروتوكول كيوتو، قائلاً إن بلاده لا تتحمل خفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون.
الهيئة الحكومية المشتركة لتغير المناخ تصدر تقريراً يعلن أن هناك "دليلاً جديداً أقوى على أن معظم الاحترار الذي شهدناه في السنوات الخمسين الأخيرة يعزى الى انشطة بشرية". وتتوقع الدراسة الجديدة أنه، بحسب المعدلات الحالية، سترتفع درجات الحرارة بمقدار 1.4 الى 5.8 درجات مئوية بحلول سنة 2100.