لو لم تجد الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي، صاحبة أشهر الروايات البوليسية، ما يشدها الى مدينة عامودة، لما أصرت على تكرار الزيارة اليها كل عام في الثلاثينات، وكان من نتيجة ذلك أن وصفتها وصفاً رائعاً في كتاب شائق وجميل في أدب الرحلات عنوانه "هكذا أحيا".
والحقيقة أن عامودة تستحق ذلك. فهي بلدة جميلة هادئة في أقصى شمال محافظة الحسكة السورية. أهلها كرماء مضيافون، وتتميز بنشاطها الثقافي. وقد اشتهرت بالحريق الهائل الذي منيت به في الماضي فصار حدثاً تاريخياً فاصلاً، اذ يقال "سنة حريق عامودة". وقد أهلها موقعها، المتوسط بين مدينتي القامشلي والدرباسية بمسافة تقارب 30 كيلومتراً، لتكون محطة هامة للقوافل المتجهة شرقاً أو غرباً. ويؤكد رئيس مجلس المدينة عبدالعزيز المسلط أن الحركة العمرانية والاجتماعية والاقتصادية أخذت بالنمو والتطور بشكل متسارع بعد العام 1970، حين بدأت خطط التنمية تأخذ بالحسبان تنفيذ العديد من المشاريع في هذه المدينة النائية، كشق الشوارع وتزفيتها ومد شبكات الكهرباء ومياه الشرب والهاتف والمجاري. ونتيجة لذلك توسعت المدينة شرقاً وغرباً الى أن بلغت مساحة المخطط التنظيمي فيها 650 هكتاراً. وحلت الابنية الاسمنتية محل الابنية الطينية، ونفذت فيها مشاريع للبنية التحتية، وشقت الشوارع وعبّدت. ومع ازدهار الزراعة أنشئت مصلحة زراعية ومصرف زراعي في عامودة، بالاضافة الى عدة وحدات ارشادية ومخبز آلي ومركز ثقافي ومرافق أخرى.
وخلال العام الحالي حصل مجلس المدينة على اعانات مالية من أجل تنفيذ مشروع إبعاد مصبات المجرور الصحي عن المدينة مع اقامة أحواض ترسيب، وتعبيد شوارع المدينة وتنظيم مجرى النهر الذي يخترق وسطها، بالاضافة الى اعتمادات صرفت على مشاريع الأرصفة والشوارع والحدائق والمجاري.
تعاني مدينة عامودة حالياً من قدم شبكة الصرف الصحي وقلة عمال النظافة وعدم وجود مطمر للقمامة. لكن المشكلة الأكبر التي تواجه سكان المدينة هي مجرى النهر الذي يقسم عامودة الى نصفين، وقد تحول الى موقع للأوساخ ومصدر للروائح الكريهة. ولهذا يطالب السكان بتغطية هذا المجرى في أسرع وقت ممكن.
خليل اقطيني
("تشرين"، دمشق)
|