آيسلندا، أرض الثلج والنار. هذه الجزيرة العائمة فوق المحيط الأطلسي في الطرف الشمالي لأوروبا مقابل الدول الاسكندينافية، قد تبدو خارج العالم. أرض الثلج والجليد هي، لكنها أرض البراكين أيضاً. وقد تكون آخر ما تبقّى من الطبيعة العذراء في أوروبا.
مساحة جمهورية أيسلندا 103 آلاف كيلومتر مربع، يعيش عليها 279,000 نسمة، معظمهم في العاصمة ريكيافيك.
تقبع آيسلندا على مرجل من المواد التي تغلي في أعماق الأرض تحت المحيط الأطلسي. وفي حين يشكل الجليد 11 في المئة من مساحتها، فهي أغنى مناطق العالم في مصادر الحرارة الجوفية وينابيع المياه الحارة. وأشهر مناطق الينابيع الحارة في آيسلندا تدعى "خيزر" (Geyzir)، وهي أعطت اسمها في لغات كثيرة ليعني "النبع الحار" أو جهاز تسخين المياه. خزانات الحرارة الجوفية تنفجر في استمرار، فتطلق البخار في السماء على ارتفاعات عالية. وتؤدي انفجارات البخار إلى ظهور مستنقعات الوحول والترسبات الكبريتية. وأكبر الينابيع الساخنة ينتج 250 ليتراً من المياه المغلية كل ثانية واحدة.
وتؤدي الانفجارات البركانية أحياناً كثيرة إلى انكسار قطع ضخمة من جبال الجليد. وقد تكوّنت بحيرة آسكيا في وسط آيسلندا، التي يبلغ عمقها 220 متراً، من انفجار بركاني. أما الهزات الأرضية، فهي شبه يومية، لكنها غالباً ضعيفة ولا تؤدي إلى أضرار.
آيسلندا أرض فريدة بتنوعها البيولوجي، لموقعها وسط المحيط الأطلسي شمال غرب اسكوتلندا، وغرب النروج وجنوب شرق غرينلاند. إنها أرض بركانية يرتفع نصفها فوق علو 400 متر، لتصل أعلى قمة فيها إلى 2119 متراً. ولا تتجاوز مساحة الاراضي الصالحة للزراعة 21 في المئة من مجمل آيسلندا، تقع كلها قرب السواحل. ومعظم مساحة المناطق المأهولة والمزروعة تتركز في الجنوب الغربي للجزيرة. والبلاد غنية جداً بالطيور، خاصة البحرية منها، التي تتخذها ممراً وملجأ. وتتكاثر الطيور حول شلالات المياه وأنهار الجليد.
وإلى حفر البخار الملتهبة، تتميز آيسلندا بشلالات كثيرة، معظمها حول الشريط الساحلي. وهذا يفسّر اعتمادها كلياً في توليد الطاقة على المصادر المتجددة، موزعة بنسبة 90 في المئة من المياه و10 في المئة من الحرارة الجوفية. وهذا لا يشكل إلا جزءاً بسيطاً من الامكانات المتاحة لانتاج الطاقة المتجددة.
رحلتنا من الشاطئ الشرقي إلى وسط البلاد فسواحلها الشمالية الغربية، أخذتنا عبر مشاهد مثيرة لأنهار جليد وبحيرات وشلالات وينابيع حارة وانفجارات بخارية. وشاهدنا "بحيرة البعوض" (Myvatn) في الشمال، التي أخذت اسمها من وجود آلاف الملايين من أسراب البعوض في منطقتها، وهي تشكل غذاء محبباً للطيور التي تتوالد هناك بأعداد كبيرة.
في أرض الثلج والنار الآيسلندية، تنسى أنّك ما زلت في أوروبا.
|