Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
وسيم حسن (الرياض) القصيبي: أزمة مياه قد تتحول الى كارثة  
نيسان (أبريل) 2003 / عدد 61
 إقرار سياسة استراتيجية لإدارة متكاملة للمياه وتنفيذها، بما في ذلك إدارة العرض وتنمية الموارد المائية وحمايتها وإدارة الطلب وترشيد الاستهلاك، هي أبرز ما خلص إليه مؤتمر الخليج السادس للمياه والندوة الثانية لترشيد استهلاك المياه في السعودية، اللذان عقدا في الرياض بين 8 و12 آذار (مارس) الماضي. كما أكد المؤتمر على ضرورة إعادة النظر في السياسات الزراعية لخلق توازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي على قاعدة الاستدامة.
فيما كان مؤتمر الخليج السادس للمياه والندوة الثانية لترشيد استهلاك المياه ينهيان أعمالهما في الرياض، كان ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن العزيز يفتتح المرحلة الثانية من مشروع محطة التحلية في الشعبية على ساحل البحر الأحمر، وهي واحدة من ثلاثين محطة تحلية تغذي أكثر من 50 مدينة ونقطة توزيع ساحلية وداخلية بالمياه، بما يمثل 50 في المئة من احتياجات المملكة من المياه البلدية. ورغم ذلك توقعت دراسة حديثة للمؤسسة العامة للتحلية أن تبلغ نسبة العجز في توفير المياه المحلاة أكثر من 83 في المئة سنة 2022، حيث سيتجاوز الطلب على المياه 11 مليون متر مكعب يومياً، مع تقدير بلوغ عدد السكان آنذاك 38 مليون نسمة.
تناولت نقاشات المؤتمر والندوة عروضاً للمشاكل والحلول، المعروفة أساساً، ولكن التحدي يبقى: كيف ومتى يمكن تطبيق هذه الحلول، وما هي آلية تطبيقها؟ وقد تعهد وزير المياه الدكتور غازي القصيبي للمؤتمرين بالعمل فوراً على تطبيق الحلول المقترحة، حين قال في كلمته: "حينما ينتهي دوركم في المؤتمر يبدأ دورنا". كما أكد وكيل وزارة المياه ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر والندوة الدكتور علي الطخيس لـ "البيئة والتنمية" التزام الوزارة تنفيذ التوصيات، "التي حرصنا على أن تكون عملية وواقعية ليسهل اقرارها وتطبيقها".
ذكريات البئر والريّ
أفتتح المؤتمر، نيابة عن ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، بحضور أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز ووزير المياه الدكتور غازي القصيبي وأمين عام مجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية ولفيف من الوزراء والمسؤولين السعوديين والخليجيين ومندوبون من المنظمات الإقليمية والدولية المختصة. وأكد الأمير سلطان بن عبد العزيز اهتمام الحكومة السعودية بالموارد المائية منذ قيام الدولة، مشدداً على "أن للمياه في هذا الجزء من العالم وضعاً خاصاً، ولقد أملى ذلك علينا حكومة ومواطنين أن نجتهد في ترشيد استهلاكنا له". من جهته أكد وزير المياه أن "أزمة المياه حقيقية وطاحنة، وإذا عجزنا عن اتخاذ القرارات الشجاعة والضرورية ستتحول الى كارثة تأكل الأخضر واليابس ولا تبقي لأولادنا وأولادهم سوى بئر معطلة وذكريات الري الذي ذهب ولن يعود". وذكر أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية في كلمته أن المجلس الأعلى أوصى بإعداد دراسة جدوى للربط المائي بين الدول الأعضاء، والعمل جارٍ على تحويل مركز الجبيل لأبحاث وتطوير تحلية مياه البحر في السعودية ليكون مركزاً إقليمياً لدول المجلس".
استراتيجيات الإدارة المتكاملة
ناقش المؤتمرون استراتيجيات وسياسات الإدارة المتكاملة للمصادر المائية، فتحدث الدكتور محمد الأرياني من الأسكوا حول "نضوب المياه الجوفية وتحدي الاستدامة الاجتماعية في بلدان غرب آسيا"، مشدداً على موازنة السحب من هذه الخزانات غير المتجددة وترتيب الحياة الاجتماعية على أسس ومتطلبات الاستدامة. وقدم الدكتور علي الطخيس دراسة عن إدارة الطلب في المناطق القاحلة، داعماً كلامه بعدد من الأمثلة الفعلية عن تخفيض الاستهلاك نتيجة إجراءات ترشيد اتخذت، "كما في معهد الإدارة في الرياض الذي أنخفض استهلاكه من 236 متراً مكعباً إلى 102 متر مكعب في اليوم، وفي مكتبة الملك عبد العزيز حيث أنخفض الاستهلاك من 9000 إلى 7000 متر مكعب في اليوم، وخفضت شركة مكة للإنشاء والتعمير في مجمعها السكني استهلاك المياه بنسبة 43 في المئة نتيجة إعادة تدوير مياه الصرف الصحي. وخفض مجمع سكني آخر في الرياض استهلاكه من 370 متر مكعب إلى 78 متراً مكعباً نتيجة استخدام أدوات مرشدة".
الدكتور رضوان الوشاح مستشار المياه في مكتب الأونيسكو الإقليمي في القاهرة عرض للبرنامج الهيدرولوجي الدولي والدراسات التي يقوم بها لتقييم حالة المياه العربية ووضع الخرائط الهيدرولوجية. وفيما شرح الدكتور عبد الله عبد السلام أحمد مدير كرسي الأونيسكو للمياه في الخرطوم تجربة السودان في إدارة المياه والتنسيق بين دول حوض النيل، تناول الدكتور عبد الوهاب بلوم مدير إدارة الموارد الطبيعية والبيئة في المنظمة العربية للتنمية الزراعية دور مستخدمي المياه ومشاركتهم في الإدارة المائية المتكاملة. وكان وكيل وزارة الشؤون الأسلامية والأوقاف في السعودية الدكتور أحمد عبد الله الصبان تحدث عن الجانب الديني في إدارة المياه. وبرز في المناقشات اقتراح بتخصيص واحد في المئة من مداخيل الدول لدراسات وأبحاث المياه.
مياه الري
المياه السطحية والجوفية والمياه المحلاة كانت مواضيع جلسات طرحت فيها أوراق عمل وتقارير عن دراسات ميدانية. وهي بحثت في مجملها متكونات وأوضاع المياه الجوفية في عدة مناطق، ونسبة تجددها أو تعرضها للتملح أو التلوث، وكيفية استخدامها على أسس الأستدامة. كما نوقشت أوراق حول التحلية وتقنياتها المختلقة مثل التناضح العكسي وتقنية الأغشية، وطرحت مسائل حماية وحدات التحلية من التآكل وتأثير الملوثات في مياه البحر مثل ظاهرة نفوق الأسماك والتلوث بمياه الصرف الصحي والصناعي. وأكدت ورقة من الكويت أن ضخ مياه الصرف الصحي في البحر كان أحد أسباب نفوق الأسماك في الكويت، الذي أدى بدوره الى تعطيل عمليات التحلية في بعض المواقع.
وكانت مياه الري محوراً أساسياً في المؤتمر لأن الزراعة هي المستهلك الأكبر للمياه، فعرضت الأوراق لتقنيات ري مرشّد ولاستخدام المياه المعالجة وأهميتها على هذا الصعيد، وتطوير الزراعات في المياه المالحة. وطرحت مشاكل شبكات الري ووسائل اكتشاف التسرب ووقفه. وشددت المناقشات على أهمية مراجعة السياسات الزراعية ووضع استراتيجية زراعية واضحة تعتمد اختيار نوع الإنتاج وتقنيات الري ونوعية المياه المناسبة، لتحقيق التوازن بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات الزراعية. وركزت أوراق أخرى على استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة لري الحدائق العامة ومغاسل السيارات وغيرها.
القطاع الخاص، التعرفة، الترشيد
هل المياه سلعة اقتصادية وكيف يمكن رفع التعرفة بشكل عادل لجميع فئات المجتمع في دول الخليج؟ تم طرح هذا السؤال خلال حلقتي نقاش حول الخصخصة وتعرفة المياه وترشيد الاستهلاك. والموضوعان يتقاطعان عند مسألة التعرفة بشكل مباشر. فرفع تسعيرة المياه يدفع المواطن إلى ترشيد استهلاكه ويشكل في الوقت نفسه حافزاً مهماً للقطاع الخاص.
وقد أجمع المنتدون على أن المياه ليست سلعة اقتصادية إنما سلعة اجتماعية لها قيمة اقتصادية، وأن هدف التعرفة هو استرداد تكلفة الحصول على المياه. كما ركزوا على استبدال كلمة "الخصخصة" بعبارة "مشاركة القطاع الخاص"، كونها أكثر تعبيراً عن واقع الحال. وأكد البعض أن الخصخصة "لا تعني بالضرورة رفع الدعم".
وتداول المنتدون الوسائل الأنجع للترشيد، واتفقوا على أنه يجب أن يطول كافة مستخدمي المياه من مؤسسات وأفراد على مختلف مستوياتهم في جميع القطاعات، مع تنظيم صارم للزراعة يأخذ في الاعتبار استدامة الموارد المائية المتاحة. ويجب أن يترافق ذلك مع قوانين وإجراءات ملزمة وضابطة لاستعمالات المياه، إضافة إلى استخدام الأدوات والمعدات المرشّدة، ورفع التعرفة لتعكس التكلفة الحقيقية لخدمة انتاج المياه وتوصيلها.
وأعتبر بعض الحضور أن حملات الترشيد لا تؤتي نفعاً مباشراً، بدليل عدم انخفاض الاستهلاك بالشكل المطلوب، مطالبين باستخدام الأموال التي تصرف في هذا الشأن على تطوير مصادر مياه جديدة. لكن المداولات أظهرت أن أثر حملات التوعية يكون عادة بعيد المدى، والأهم تأثيرها في الأجيال الجديدة. لذلك يجب الاستمرار بحملات التوعية لترشيد استهلاك المياه. واتُّفق على أهمية التنسيق بين حملات التوعية وخطط التسعير.
بماذا أوصى المؤتمر؟
خرج المؤتمر بتوصية رئيسية هي ضرورة تبني استراتيجيات الإدارة المتكاملة للمياه على المستويات المحلية والإقليمية، المتمثلة تحديداً في مجموعة من الإجراءات والتدابير المؤسساتية والتشريعية الكفيلة بتحقيق التوازن بين موارد المياه المتاحة من جهة والاستهلاك من جهة أخرى، بما يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. ولتحقيق ذلك أوصى المؤتمر بتبني تدابير مختلفة، أولها الأخذ بمبادئ التنمية المستدامة والإدارة المتكاملة عند أعداد الخطط والسياسات المائية، وإيجاد آلية وبيئة ملائمة لمشاركة القطاع الخاص مع تطوير الكفاءات الوطنية والقدرات المؤسسية لقطاع المياه. وشدد على تفعيل آليات الترشيد لوقف الهدر والتسرب والإسراف لدى الأفراد والمؤسسات، وتفعيل دور مستخدمي المياه وإشراكهم في القرارات. كما أوصى بالتوازن بين الأمن المائي والأمن الغذائي على أسس مستدامة، وتوطين تقنيات التحلية ودعم الأبحاث  والدراسات وتبادل الخبرات، ودعا الى التوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الري، واستخدام التقنيات الحديثة لتقدير الاحتياجات المائية وضرورة مراعاة القيمة الاقتصادية للمياه في القطاع الزراعي.
وفي معرض تقييمه للمؤتمر والتوصيات، قال الدكتور علي الطخيس: "حرصنا على أن نختار من مجمل التوصيات المقترحة تلك القابلة للتنفيذ، آملين أن يكون ذلك في المصلحة العامة وان يؤدي إلى التوازن المائي بين العرض والطلب على أساس التنمية المستدامة". وأضاف أن "الوزارة ماضية في حملات ترشيد الاستهلاك، ولكن قبل انطلاق المرحلة الرابعة نجري دراسة دقيقة للحملات السابقة لتحديد السلبيات والإيجابيات وللتركيز على النواحي الأكثر فعالية وتأثيراً".
وأعرب الدكتور وليد الزباري، رئيس جمعية علوم وتقنية المياه في البحرين والرئيس المشارك للجنة العليا للمؤتمر، عن ارتياحه لنجاح الاجتماع، موضحاً أنه "منذ المؤتمر الأول نحن نطرح مسألة الإدارة الشاملة للمياه، حتى تطورت الفكرة خلال هذه السنوات وأصبحت آليات تطبيقها أكثر وضوحاً، خصوصاً مسألة توحيد الجهات المسؤولة عن المياه، التي هي الخطوة الأولى للإدارة المتكاملة". وأعتبر الزباري أن المؤتمر كان ناجحاً، "خصوصاً أنه كان يُنتظر حضور 300 مشارك، فحضر أكثر من 500 ونوقشت أوراق مهمة طرحت المشاكل في العمق". وأثنى على جهود "مجموعة المختص" التي تولت ادارة تنظيم المؤتمر والندوة.
وقال الدكتور زهير سراج ان نجاح مؤتمر الرياض سيعطي دفعاً لنشاطات أخرى تعدّ لها المجموعة، في طليعتها الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للمياه في الدول العربية، التي تعقد الصيف المقبل في بيروت.
كادر
جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه
دعا الدكتور عبد الملك آل الشيخ أمين عام جائزة الأمير سلطان بن عبد العزيز العالمية للمياه جميع المهتمين إلى الترشيح للجائزة. وتهدف الجائزة العلمية إلى تقدير جهود وبحوث العلماء والمبدعين والمؤسسات العلمية والتطبيقية في مجال المياه في شتى أنحاء العالم على إنجازاتهم المتميزة التي أسهمت في إيجاد الحلول العلمية الكفيلة بتوفير المياه الصالحة للاستعمال والتقليل من ندرتها والمحافظة على استدامتها، وخاصة في المناطق الجافة. وتشتمل الجائزة على خمسة فروع هي: الطرق الفعالة للتحكم في الفيضانات والتغذية الاصطناعية للمياه الجوفية والتقنيات الاقتصادية لتحلية مياه البحر وأساليب حديثة وفعالة لترشيد استهلاك مياه الري وحماية المياه الجوفية من الملوثات الزراعية.  وأوضح الدكتور آل الشيخ أن الترشيح بدأ في تشرين الأول (أكتوبر) 2002 للدورة الأولى سنة 2004. وتمنح الجائزة كل سنتين.
ويذكر أن مجلس الجائزة يترأسه الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز ويضم وزير المياه ومدير جامعة الملك سعود ومحافظ المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وثلاثة خبراء محليين وثلاثة خبراء دوليين وأميناً عاماً.
كادر
صندوق تضامن عالمي للمياه
كشف الدكتور فداء العادل، مندوب المملكة العربية السعودية لدى منظمة الأونيسكو في باريس والرئيس الحالي لمجموعة الدول العربية، في تصريح لـ "البيئة والتنمية" أن المجموعة العربية تقدمت بمشروع إلى المجلس التنفيذي للمنظمة لإنشاء "صندوق تضامن عالمي في مجال المياه"، في إطار البرنامج الهيدرولوجي الدولي لدى الأونيسكو، الذي يشكل أحد أهم الأطر العالمية لخدمة قضية المياه. ويأمل الدكتور العادل أن تتخطى الفكرة عقبة التمويل بحيث ينطلق الصندوق قريباً.
كادر
معرض تقنيات المياه
أقيم على هامش المؤتمر معرض حول تقنيات المياه، نظمته شركة رامتان للمعارض، وشاركت فيه عشرون شركة تختص في تقنيات نقل المياه وصناعة الأنابيب وأجهزة الري ومعالجة المياه، وشركات مقاولات للسدود والمنشآت المائية. كما ضم المعرض منصات لوزارة المياه وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية وجمعية المهندسين السعوديين. وقد رعت المعرض شركة اميانتيت السعودية، التي أنبثقت عنها شركة أمي واتر (AMI Water) المتخصصة في تقنيات استخراج وتحلية ومعالجة ونقل وتوزيع المياه.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.