زحفت الجرافات على الشاطئ الرملي الجميل في شمال صور، وراحت تنبش الرمل وتفرغه في شاحنات نقلته إلى منطقة تجميع. هناك كانت تنتظر شاحنات أخرى لتحميل "البضاعة" المشتراة.
قطعة الأرض تلك، التي نبشت رمولها فباتت "تحت سطح البحر"، تقع في النطاق العقاري لبلدة العباسية. وفي اتصال لـ"البيئة والتنمية" مع رئيس البلدية عباس فردون، قال ان المالك فضل زيدان حصل على رخصة استصلاح أرض لتحويلها إلى بستان، وليس على رخصة لنقل الرمول وبيعها. وأشار إلى ان البلدية أبلغت المستثمر (المقاول جميل منانا) بضرورة وقف نقل الرمول، إلا انه واصل العمل خلال الليل مستغلاً العطلة الرسمية. وقال فردون ان "الشغلة أكبر منه"، والجهتان المعنيتان بهذا الأمر هما وزارة النقل ووزارة البيئة، وانه ليس قادراً على أخذ أي إجراء إلا استيفاء الرسوم البلدية على الرمول التي تم ترحيلها، وقد وجه كتاباً رسمياً بهذا الخصوص. وتساءل عن سبب غياب عناصر حماية الشواطئ أثناء العملية.
المحامي عبدالله زخيا، الخبير بالقانون البيئي، قال ان الشاطئ ملك عام كان يتم تحديده بالخط الذي يصل إليه البحر في أعلى فترة خلال شهر شباط (فبراير). خط "فقش الموج" هذا هو الفاصل الطبيعي بين الملك العام والملك الخاص. والحفاظ على الملك العام هو مسؤولية وزارة النقل، التي يتوجب عليها أخذ احتياطات كي لا يحصل ضرر عليه. وإذا أراد صاحب عقار على الشاطئ أن يستثمر أرضه، فثمة شروط (كإجباره على بناء حائط فاصل)، يأتي دائماً برمل جديد ويعيد توزيع الرمول على الشاطئ، والرياح التي تذريها لا تعرف حدوداً، ولا يجوز أن ينصب أحدهم فخاً للرمل العام فيجمعه ويبيعه.
مدير عام وزارة النقل عبد الحفيظ القيسي، الذي علم بالحادث من اتصال أجرته معه "البيئة والتنمية"، أشار إلى أن هناك حالياً خرائط عقارية ترسم حدود الأملاك العامة والخاصة. وأكد أن نقل رمل البحر يحتاج إلى إذن من وزارته، وأن ثمة غرامات شديدة على المخالفات. وأوضح أن على من يريد استصلاح أرضه يحق له أن ينبش رملها، بشرط أن يبقي على الرمل الشاطئ، ويشتري رملاً زراعياً يغطي به أرضه بحيث يرجعها إلى مستواها الطبيعي. وبذلك يبرهن أن ليس لديه نية سرقة الرمل العام الذي يجدده البحر والريح. وأكد القيسي أن مفرزة الشواطئ ساهرة على الملك العام، ووعد بتقصي الحقائق وملاحقة المتجاوزين.
شاطئ صور كان من أجمل الشواطئ اللبنانية. الأوتوستراد الجديد أكل معظمه، وسُرق الكثير من رموله في السنوات الماضية. فهل تسرق رموله الباقية "بالتقسيط" وفي غفلة العيون الساهرة؟
|