أحمد محمود الشريدة (عمّان)

على امتداد جبال ومروج لواء الكورة في شمال الأردن بساط أخضر جميل من النباتات والأعشاب البرية النادرة. وتتلألأ الأزهار في رحلة موسمية تبدأ في كانون الثاني (يناير) وتستمر حتى حزيران (يونيو) من كل عام، في تألق قلّ نظيره في البلاد.

وتطل من بساط الأزهار الربيعية السوسنة السوداء (Iris Nigricans)، زهرة الأردن الوطنية التي تتواجد في معظم مناطق لواء الكورة، خصوصاً بين الصخور والتلال والمنحدرات الجبلية.

هذه النباتات بصلية معمرة ذات "ريزوم" (ساق شبيهة بالجذر). ترتفع نحو 30 سنتيمتراً. الأزهار سوداء أو بنفسجية داكنة. وتزهر السوسنة في شهري آذار (مارس) ونيسان (ابريل) من كل عام.

وتحتضن أرض الكورة الخضراء أنواعاً كثيرة أخرى من الأزهار البرية، منها السوسن الأزرق (Iris Sysyrinthium) والدلبوث والزعفران والترمس البري وقرن الغزال والتوليب وبخور مريم وشقائق النعمان والأوركيديا وعرف الديك والنرجس والقرنفل البري والأقحوان والعضيد والضبح ولبلاب الحقول والحلبلوب والزعفران والثلجية والعنصل والزعيتمان والعطعاط والكتان والخشخاش وأبو قرن والجربوح والحرمل والروبينيا.

ومما يزيد من جمالية الأزهار البرية الكورانية تواجدها في أحواض الأودية الدائمة الجريان، وفي حوض وادي زقلاب بشكل خاص. هذا الوادي كان في الماضي ممراً للفاتحين يربط الساحل الفلسطيني ببر الشام. وفيه عدة شلالات تتزحلق على الصخور الملونة كأنها لوحة بديعة رسمت بتدرجات الألوان الطبيعية. ويكتمل المشهد بأشجار الرمان والنخيل الوافرة في الموقع. وثمة سحر خاص لوعورة المكان والمسلك الصعب الى مواقع السوسن.

الأهالي المضيافون يسعدهم أن يروا أعداداً متزايدة من الزوار يقصدون كورتهم الخضراء للتمتع ببيئتها البكر وغاباتها الغناء وجبالها الشاهقة وآثارها العريقة وبساتينها وأوديتها الوارفة المياه والظلال. لكن الجميع مدعوون الى المحافظة على الأزهار البرية، ولا سيما السوسنة السوداء، زهرتنا الوطنية.

تقع الكورة، وهي أحد ألوية محافظة إربد، في أقصى شمال غرب الأردن. وتبلغ مساحتها 210 كيلومترات مربعة. معظم أراضيها مرتفعات جبلية تتخللها مساحات من السهول الخصبة، حيث تغطي شجرة الزيتون معظم المناطق القابلة للزراعة. ويخترق الكورة عدد من الأودية الجانبية التي تتجه من الشرق نحو غور الأردن، وهي اليابس (الريان) والجرم وأبو زياد زقلاب والطيبة. وأعلى منطقة فيها رأس برقش الذي يرتفع 875 متراً عن مستوى سطح البحر. وتتدرج الأراضي بالانخفاض من الشرق نحو الغرب حتى تصل الى 60 متراً تحت مستوى سطح البحر في طبقة فحل. هذا التباين في الارتفاع والانخفاض أعطى الكورة مناخات مختلفة وتنوعاً مميزاً في الغطاء النباتي والغابي.

وتشرف الكورة على المنطقة الممتدة من محافظة درعا السورية وهضبة الجولان وجبل الشيخ (حرمون) في لبنان شمالاً الى قلعة عجلون جنوباً. وتطل غرباً على وادي الأردن ومدينة جنين وسهل مرج بن عامر والعفولة وبيسان والجليل الأسفل والأوسط والناصرة وصفد في فلسطين المحتلة.