تهريب الكافيار القزويني عبر الامارات تسبب بتعليق عضويتها في اتفاقية السايتس التي تنظم التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات المعرضة للانقراض. لكن الاسراع في اتخاذ إجراءات قانونية رادعة أدى الى رفع الحظر بعد نحو سنة، وباتت الامارات تعتبر في مصاف الدول الرائدة في تطبيق بنود الاتفاقية.
هنا عرض لوضع التجارة بالأنواع الحية النادرة في الامارات.
أسفرت حملة قامت بها عناصر أمنية في آذار (مارس) 2004 عن مصادرة حيوانات برية كانت معروضة للبيع في محلات الحيوانات المدللة في سوق الميناء في أبوظبي. ومن تلك الحيوانات المصادرة قردة الفرفت الصغيرة والأصلة الملكية الجنوب افريقية والسلحفاة الأفريقية الشائكة. وقامت السلطات المختصة، وفق الاتفاقية الدولية للاتجار بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض (السايتس)، بتسليم تلك المحلات رسالة تفيد بمخالفتها أحكام المادة 27 من القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2002، بعرض حيوانات مهددة بالانقراض للبيع من دون شهادات أو تصاريح.
وتتضمن المادة المذكورة عقوبتي الحبس لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف درهم ولا تزيد على ثلاثين ألف درهم (الدرهم 0,27 دولار)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من حاز أية عينة من الأنواع المهددة بالانقراض المدرجة في ملاحق السايتس، أو كان حارساً لها أو عرضها للبيع أو باعها أو عرضها للجمهور من دون تسجيل النشاط التجاري لدى السلطات المختصة.
تقدر التجارة الدولية بالحياة الفطرية ببلايين الدولارات سنوياً، وتتضمن ملايين الأنواع النباتية والحيوانية. وهي تجارة متشعبة تتراوح من حيوانات ونباتات حية الى عدد كبير من المنتجات المشتقة منها، ومن ضمنها منتجات غذائية وبضائع جلدية استوائية وآلات موسيقية خشبية وتحف سياحية وعقاقير. وتهدف اتفاقية السايتس الى تقليل مستويات استغلال بعض الأنواع الحيوانية والنباتية لدعم الجهود الأخرى الرامية الى المحافظة على الأنواع البرية والبحرية، مثل إيقاف تدهور البيئات الطبيعية وإعادة التوطين والإكثار في الأسر.
وكانت الامارات العربية المتحدة وقعت الاتفاقية عام 1990. لكن عدم التطبيق الكامل لبنودها خلال العقد الذي تلا التوقيع أبقى التجارة بالأحياء الفطرية في البلاد غير منضبطة الى حد كبير. وبالنتيجة، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2001، عُلقت شراكتها التجارية مع الاتفاقية. وحدث التعليق أساساً بسبب دور الامارات كنقطة عبور رئيسية لشحنات الكافيار غير المشروع من منطقة بحر قزوين، أكبر جسم مائي داخلي على الأرض ومهد انتاج الكافيار في العالم.
لقد استغل تجار جشعون ثغرات في القانون المحلي، فاتخذوا الامارات نقطة لعمليات تهريب الكافيار القزويني. وباستعمال مستندات مزورة وتقديم بيانات ملفقة الى المسؤولين، استطاعوا أن يحصلوا من السلطات المحلية على شهادات اعادة تصدير بموجب السايتس. وكان الكافيار يشحن عندئذ الى آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية حيث يباع كما لو أن منشأه قانوني. وقد كشف تحقيق أجرته أمانة الاتفاقية أن كمية من الكافيار قيمتها 40 مليون دولار مرت عبر الامارات لتدخل في التجارة الدولية بصورة غير مشروعة. ومُنعت سفن عديدة من مغادرة الامارات، أو احتجزتها بلدان مستوردة، بعد تشاور مع أمانة السايتس في جنيف.
ويعني تعليق التجارة بموجب السايتس أن الدول الأعضاء مطالبة، حتى إشعار آخر، برفض استيراد أي عينات من الأنواع المدرجة على قائمة الاتفاقية من الامارات، وكذلك رفض تصدير أو اعادة تصدير أي من هذه العينات الى الامارات. وقد استجابت الامارات سريعاً لمتطلبات رفع الحظر، متخذة اجراءات علمية وقانونية وادارية للتقيد بشروط الاتفاقية. ورفع الحظر عام 2003.
وقد سجلت عشرات المصادرات لأحياء فطرية تم الاتجار بها بصورة غير مشروعة في الأشهر الأخيرة. على سبيل المثال، في كانون الثاني (يناير) 2004، صودرت شحنة مكونة من 177 أفعى و22 سحلية عند وصولها الى مطار العين، وتم نقلها الى حديقة الحيوان في المدينة. وفي الشهر نفسه، خلال مهرجان التسوق في دبي، أوقفت جمارك دبي شخصاً قادماً من أفغانستان ومعه شحنة من جلود حيوانات وملابس معظمها من أنواع حيوانية مهددة بالانقراض، بينها نمر الثلج وهو من "القطط الكبيرة" الأكثر تعرضاً للانقراض في العالم. حاول الرجل التملص من الادانة مصراً على أن بضاعته هي فراء أرانب تمت دباغتها، لكن المسؤولين لم يقتنعوا بكلامه. وتم الاتصال بوزارة الزراعة والثروة السمكية، التي هي السلطة الادارية للسايتس في دبي والامارات الشمالية، لاتخاذ الاجراء المناسب.
وقبل شهر من ذلك، في كانون الأول (ديسمبر) 2003، اخترقت السلطات الاماراتية شبكة كبرى لتهريب طيور الحبارى. فقد ضبط رجال أمن من أبوظبي والشارقة، ارتدوا ملابس مدنية وتظاهروا بأنهم زبائن، عدداً من المهربين وصادروا 267 طائر حبارى. كما شملت العملية منازل مشبوهين في عجمان، وأتت عقب تحريات دامت أسبوعاً حول أشخاص اشتبه بتهريبهم الحبارى من ايران. وقد أودعت جميع الطيور المصادرة في المركز الوطني لأبحاث الطيور في سويحان.
وأثبتت المصادرات والاعتقالات والغرامات التي فُرضت فعالية التنفيذ. وينص القانون الاتحادي رقم 11 بشأن تنظيم ومراقبة الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض على عقوبة قصوى هي الحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر و/أو غرامة لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تزيد على 150 ألف درهم، لمخالفات تصدير واستيراد واعادة تصدير الأنواع المدرجة في الملحق رقم 1 لاتفاقية السايتس.
آليات تنفيذ السايتس هي الآن قيد التشغيل في الامارات، بما فيها التدابير القانونية والادارية والعلمية وبناء القدرات ورفع الوعي. الهيئة الاتحادية للبيئة هي نقطة اتصال الاتفاقية في الامارات والسلطة الادارية المعنية بتطبيقها في امارة أبوظبي. ووزارة الزراعة والثروة السمكية هي السلطة الادارية في دبي والامارات الشمالية. وهيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها هي السلطة العلمية المعنية في الدولة. وتقدم البلديات وهيئات محلية واتحادية أخرى المساعدة في تطبيق الاتفاقية.
يقول ماجد المنصوري أمين عام هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها: "في قيادة رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وضعت الامارات العربية المتحدة الحفاظ على البيئة في طليعة اهتماماتها. والهيئة تفخر بأنها تؤدي دوراً حيوياً في تنفيذ اتفاقية السايتس، بصفتها السلطة العلمية في البلاد المفوضة تنسيق العمل باحدى أكبر اتفاقيات الحماية في العالم".
ويعمل الصندوق العالمي لصون الطبيعة في الامارات على مشروع بناء القدرات الوطنية لتطبيق الاتفاقية ونشر الوعي البيئي في مختلف قطاعات المجتمع، من خلال تدريب المسؤولين الحكوميين المعنيين، بالتعاون مع أمانة الاتفاقية والسلطات الاماراتية. وقد نظمت أربع ورش عمل، بينها ورشة لتدريب المدربين، وشملت نحو 50 مسؤولاً. كما تم اصدار وتوزيع عدد من منشورات السايتس، تتضمن معلومات عن الحيوانات والنباتات ومشتقاتها المدرجة في الاتفاقية والأكثر تداولاً في الامارات، وبنود القانون الاتحادي رقم11، مع قرص مدمج CD حول السايتس. ويتم إعداد تقارير صحافية ومواد اعلامية بشكل منتظم.
جوازات سفر للصقور
من الأمور التي أوليت عناية عاجلة مراقبة حركة نقل الصقور عبر الحدود، اذ لم يعد يسمح بادخالها واخراجها من البلاد بحرية. ولا يستطيع الصقّارون السفر الى الخارج مع صقورهم الا ومعهم مستند خاص يصدر في دولة الامارات، هو جواز سفر الصقور، الذي يتم اصداره بعد تسجيل الطائر في الدوائر المختصة. ولا يسجّل الصقر الا في حال الحصول عليه واستيراده الى الامارات بصورة مشروعة. وقد تم تسجيل معظم الصقور المستعملة للصيد في الامارات حالياً وأصدرت لها جوازات سفر. أما الصقور المستولدة في الامارات فتثبت في قوائمها حلقات مقفلة لتحديد هويتها.
ويقول محمد البواردي، نائب رئيس الهيئة الاتحادية للبيئة، ان "الجهد المركز للامارات في تنظيم التجارة بالأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض كان ناجحاً للغاية، ومن ثماره الكثيرة اعتماد نظام تسجيل الصقور في الدولة وإصدار جوازات سفر لها. ولا تخفى القيمة الحمائية لهذا النظام في التحكم بتأثيرات الصقارة على أعداد الصقور البرية. وهو في الوقت ذاته يحمي تراثاً محبباً هو الصيد بواسطة الصقور. وهذه الخطوة هي الاولى من نوعها في شبه جزيرة العرب".
كذلك، يتم التحكم بتجارة الكافيار غير المشروعة بعد اختيار خمس شركات هي وحدها مخولة باستيراد الكافيار، وسمح لواحدة منها فقط باعادة التصدير. كما نظمت تجارة الحيوانات المدللة بتسجيل المحلات التي تبيعها، وقد تم تسجيل جميع المحلات في دبي لدى السلطات البلدية وهي تعمل تحت إشراف مختصّ. وتحذو أبوظبي حذو دبي، حيث صادرت السلطات مراراً أنواعاً مهددة بالانقراض ثم اقتناؤها بصورة غير مشروعة، وهذا يشكل رادعاً لمتاجر الحيوانات المدللة.
يقول الدكتور فريدريك لوني، مدير مكتب الصندوق العالمي لصون الطبيعة في الامارات: "ما فعلته الامارات خلال ثلاث سنوات فقط هائل بالتأكيد. فقد تحولت من عضو علقت تجارته بسبب عدم تنفيذ اتفاقية السايتس لتحتلّ موقعاً مرموقاً بين الدول الأعضاء التي تملك أفضل تشريع وآلية للتنفيذ. حالياً، الامارات هي احدى الدول الرائدة في التطبيق القانوني للسايتس".
وتمنع الاتفاقية التي تضم 166 عضواً استيراد أو تصدير أي من الحيوانات التي تأتي تحت القائمة المهددة بالانقراض الا من دولة عضو في الاتفاقية، على أن تكون الحيوانات مصحوبة بشهادة السايتس والشهادات الصحية الأخرى، إضافة الى تفاصيل تتعلق بشركة الطيران التي تنقلها والشروط الواجب توافرها أثناء نقل الارساليات.
في ما يلي نبذات عن حيوانات ونباتات برية ومشتقاتها، مدرجة في اتفاقية السايتس، وهي الأكثر تداولاً في الامارات وتركز الحملات التوعوية على حمايتها.
الصقور: "بنادق" الصيد العربي
الصقر طائر هام في التراث العربي، استخدمه البدو في الماضي لمطاردة الطيور والحيوانات الأخرى. والقنص بالصقور رياضة ضاربة في القدم، وهنالك أدلة على وجودها في الشرق الأوسط منذ القرن الثامن قبل الميلاد. والجزيرة العربية واحدة من الأماكن الأخيرة في العالم التي ظلت تحافظ على تراث هذه الرياضة القديمة. ويتم نصب الشراك لأسر الصقور العابرة منذ قرون، إلا أن ذلك النشاط كان مستداماً ولا يؤثر على بقاء الأنواع... حتى عهد قريب، حين أدى استنزاف الطبيعة للأغراض التجارية الى التقليل من مقدرة الكائنات الفطرية على البقاء، فتدهورت أعداد بعض الصقور.
هنالك ثلاثة أنواع من الصقور أوسع استخداماً في التجارة مع الجزيرة العربية وأكثر تعرضاً للمخاطر، هي الحُر والجير والشاهين. وتنظم السايتس الآليات القانونية للتجارة في هذه الأنواع بهدف حمايتها والتأكد من أن التجارة فيها لن تهدد بقاءها وتوصلها الى حد الانقراض. وهنالك شروط ومتطلبات محددة للحصول على الرخص اللازمة لنقل وتبادل الصقور من هذه الأنواع.
الحبارى: ضحية الصقّارين
الحبارى طائر صحراوي خجول وحذر، يفضل العيش بعيداً عن الانسان. وتمثل هذه الطيور الطريدة المفضلة لرياضة الصيد بالصقور. وقد أصبحت الآن مهددة بمخاطر متزايدة نتيجة للدمار الذي يلحق ببيئاتها الطبيعية والصيد الجائر.
ويمكن أن تزول الحبارى من الوجود خلال 15 ـ 25 عاماً إذا استمرت التجارة غير المستدامة والصيد الجائر لهذا الطائر النادر. ويعجل بهذا المصير الاستخدام المكثف لهذه الطيور في الصقارة، أي الصيد بالصقور وتدريبها، ونصب الأشراك غير القانونية، بالاضافة الى خسارة الطيور لبيئاتها الطبيعية بسبب زحف الأنشطة التنموية والصيد.
وتكفل اتفاقية السايتس حماية هذا الطائر قانوناً من الأنشطة التجارية، فتحصر تبادله على الأغراض غير التجارية وبموجب تراخيص مسبقة للاستيراد والتصدير، وتحرم الاتجار به أو إزعاجه أو التسبب في تهديد بقائه في البرية. كما تحرم نقل الحبارى عبر الحدود لاستخدامه في رياضة الصيد بالصقور. ويعتبر أسر الحبارى البرية نشاطاً غير قانوني بموجب الاتفاقية.
المها العربية: جميلة الصحراء
تنتمي المها العربية الى فصيلة بقر الوحش، وتتمتع بجمال وتناسق جعلا منها كائناً محبوباً يضرب به المثل. وتعرف أيضاً بالوُضَيْحي وابن سولع، وهي ظبي متوسط الحجم أبيض اللون مع بقع سوداء على الوجه والقوائم، له قرنان طويلان بهما انحناء طفيف الى الخلف. ولا يوجد هذا النوع خارج الجزيرة العربية التي تعتبر موطنه الوحيد في العالم.
كانت المها العربية موجودة في الماضي في أجزاء مختلفة من الجزيرة العربية، إلا أنها انقرضت من البرية في سبعينات القرن الماضي. فمع توافر الأسلحة النارية والمركبات ذات الدفع الرباعي، تعرضت هذه الكائنات الوديعة للصيد المكثف حتى اختفت قطعانها تماماً من البرية. وبمبادرة وطنية وعالمية كبيرة، تمت إعادة توطين قطعان برية في سلطنة عُمان في البداية، ثم في المملكة العربية السعودية والامارات.
الكافيار: اللؤلؤ الأسود
يعد الكافيار من الأطباق الفاخرة، ويسمى أيضاً "اللؤلؤ الأسود". انه البيض غير المخصب لسمكة الحفش البدائية التي تعيش في المناطق الشمالية من أوروبا وفي آسيا وأميركا الشمالية، ومن بين أنواعها أسماك بحرية يعيش بعضها في المحيط الأطلسي، ويصعد بعضها الى الأنهار للتفريخ، كما يوجد البعض الآخر في البحيرات. وهناك ثلاثة أنواع من أسماك الحفش تنتج أجود أنواع الكافيار هي البيلوغا والاوسييترا والسفروغا. ويتحدد لون الكافيار وحجمه بعمر إناث الحفش وغذائها.
تقدر قيمة التجارة العالمية السنوية بالكافيار بنحو 77 مليون دولار لما يعادل 450 طناً بسعر 170 دولاراً للكيلوغرام. وتصل قيمتها الى نصف بليون دولار في تجارة التجزئة. وتعتبر روسيا وإيران أكبر المصدرين في العالم. وقد أصبحت أسماك الحفش، التي كانت مزدهرة في الماضي، معرضة للانقراض لكثافة صيدها وعدم المقدرة على التحكم بتجارة الكافيار. وقد عمد أرباب التجارة غير المشروعة الى تهريب كافيار بحر قزوين الى دبي بعبوات مزورة، ليعاد تصديره الى العالم، مما ساهم في إصدار اتفاقية السايتس حظراً على الامارات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2001 تم إلغاؤه عام 2003.
ظبي التيبت: شالات الشاهتوش
الشاهتوش هو أنعم صوف وأنفس المنسوجات الطبيعية في العالم، ومبتغى عدد كبير من الأغنياء والمشاهير. يؤخذ من ظبي تيبتي صغير يعرف باسم الشيرو. وبسبب ارتفاع الطلب عليه والأرباح الضخمة التي تدرها تجارته، تعرضت أعداد هذا الظبي لتناقص مريع. فبعد أن كانت في الماضي عدة ملايين، وصل العدد الآن الى ما يقل عن 75 ألفاً. فمنذ نهاية ثمانينات القرن العشرين، أحدثت صرعات الموضة العالمية ارتفاعاً كبيراً في الطلب، مما شجع الصيد غير القانوني لنحو 20 ألف ظبي منذ تسجيل هذا النوع في ملاحق اتفاقية السايتس عام 1979.
تصنع شالات الشاهتوش من صوف ناعم يوجد في الفرو الداخلي للظبي التيبتي. وبعكس الاسطورة التي تدعي أن الصوف يجمع من الأشجار والشجيرات التي يتمسح بها الشيرو، فإنه لا بد من قتل هذا الحيوان النادر للحصول على الصوف. ويحتاج الشال الواحد إلى 3 ـ 5 جلود. وبذلك تم دفع الشيرو إلى حافة الانقراض.
ولم يؤثر ذلك على الطلب عليه بين أغنى الأغنياء. وما زالت الشالات تصنع في ولاية جامو وكشمير الهندية. ويبلغ حجم تجارة الشاهتوش 160 مليون دولار سنوياً.
القطط الكبيرة: قتل وطب صيني
تصنف القطط الكبيرة في العائلة الفرعية Pantherinae. ويشمل هذا المصطلح أيضاً نمر السحاب ونمر الثلج والقطط الرخامية. وقد تم تسجيل جميع النمور وغيرها من القطط الكبيرة في آسيا في الملحق رقم 1 لاتفاقية السايتس. ويشكل الصيد غير القانوني والتجارة غير المشروعة في أجزاء ومشتقات هذه الحيوانات تهديداً أساسياً لبقاء معظم أنواعها.
ومن أسباب اختفاء القطط الكبيرة في آسيا دخول الانسان الى البيئات التي تعيش فيها، مما يؤدي إلى تدميرها وقتل الحيوانات دفاعاً عن النفس أو عن الماشية. ومع ذلك، تظل القوة المحركة للقتل غير القانوني والتجارة المترتبة عليه هي الكسب المادي من الاتجار بالحيوانات الحية وأجزائها ومشتقاتها.
ولا يزال البيع العلني لأجزاء النمور والفهود مسموحاً به في كثير من البلدان، من الجلود غير المدبوغة الى معاطف الفرو والأحزمة والعظام والأعضاء المختلفة المستخدمة في الطب الصيني التقليدي. وحتى لو لم تعرض هذه السلع بشكل علني، فإنها تكون متوفرة في السوق السوداء.
الزواحف: حيوانات "مدللة"
للزواحف أشكال وأحجام وألوان متعددة، والجامع بينها ازدياد الطلب عليها كحيوانات منزلية. ويشكل هذا الطلب المتصاعد تهديداً خطيراً يجعل وجودها في البرية تحت الخطر الداهم، وينذر بانقراضها تماماً، فضلاً عن الطلب المتزايد على منتجاتها الجلدية.
وتضم الزواحف المهددة بالانقراض العديد من أنواع السلاحف البرية والبحرية والسحالي والثعابين والحرباء. ولا تستطيع الزواحف التأقلم مع ظروف الأسر، فيموت معظمها مبكراً بسبب الاجهاد والجروح والأمراض والاهمال والتربية الخاطئة التي تؤدي الى سوء التغذية أو ارتفاع الحرارة والرطوبة. وللحصول على جلودها، تصاد بوحشية وقبل التأكد مما إذا كانت تنتمي إلى نوع مهدد بالانقراض أو نوع مسموح بصيده بطريقة مستدامة.
وتخضع السايتس هذه التجارة الى رخص استيراد وتصدير وإعادة تصدير. ولا تسمح القوانين المحلية والدولية بشراء أو بيع هذه الحيوانات أو منتجاتها إلا بعد استخراج المستندات المطلوبة.
الببغاوات: نكبة الغابات المطيرة
تتعرض عائلة الببغاوات التي تصنف تحت رتبة Psittaciforms إلى مخاطر تزيد على ما تتعرض له أية عائلة أخرى من الطيور. وهناك نحو 335 صنفاً منها، بدءاً بالببغاء الصغيرة مروراً بالبراكيت (الببغاء الاوسترالية) وانتهاء الى ببغاء ماكاو الأميركية الكبيرة. وهي تتضمن أيضاً طيور الحب وببغاء كوكتيل الاوسترالية والببغاء ذات العرف وببغاوات الأمازون والببغاوات الافريقية الرمادية وأنواعاً أخرى.
التدهور شامل وكبير في أعداد الببغاوات حول العالم. وتتضمن "القائمة الحمراء" للاتحاد الدولي لصون الطبيعة 94 نوعاً تعتبر حالياً في وضع حرج أو معرضة للانقراض أو تواجه مخاطر شديدة تدفعها الى الزوال. وهنالك أنواع فرعية كثيرة معرضة لخطر الاختفاء الأبدي. والسبب الرئيسي تدمير الغابات المطيرة وأسر أعداد كبيرة من الببغاوات البرية لتصديرها والاتجار بها والاحتفاظ بها في المنازل.
جميع أصناف الببغاء محمية باتفاقية السايتس، ما عدا الببغاوات العشبية والصقرية. وتنظم السايتس تجارة جميع الأنواع برخص استيراد وتصدير أو إعادة تصدير.
القرود: انقراض خلال جيل
تشابه القرود الانسان في كثير من النواحي، مما جعلها موضوعاً للكثير من الدراسات العلمية وحقلاً لبعض التجارب العلاجية. وقد ارتبط الانسان بعلاقة خاصة بهذه الحيوانات دون غيرها لكونها كائنات اجتماعية مرتفعة الذكاء. لكن ذلك لم يشفع بها، ولم يمنع الانسان من دفعها الى حافة الانقراض.
أكثر من 130 نوعاً من القرود مهددة بالخطر في 92 دولة. وبحسب تقرير صدر عام 2000، فان خمس أنواع القرود قد تنقرض خلال جيل واحد فقط.
التجارة الدولية التي تشمل مختلف أنواع القرود، مثل الشمبانزي وإنسان الغابة، تتسبب في الانخفاض السريع لأعدادها في الطبيعة وتدفعها بقوة نحو الزوال. وقد أدى صيد الصغار لتربيتها في المنازل وقتل الكبار لأكل لحومها، بالاضافة الى تدمير البيئات الطبيعية مع تزايد الزحف السكاني، إلى استفحال الخطر وإيصال القرود الى وضع حرج للغاية.
الأوركيديا: زهرة الحسن
هنالك اليوم نحو 250 ألف صنف من النباتات الزهرية على الأرض، 60 ألفاً منها قد تنقرض بحلول سنة 2050، وأكثر من 19 ألف صنف مهددة أو رازحة تحت وطأة الانقراض.
وتقدر الاوركيديا، أو السحلبيات بنحو 25 ألف نوع من النباتات الزهرية التي ينحصر معظمها في الغابات المطيرة وغيرها من البيئات المتدهورة. يضاف الى ذلك أن أكثر من مليون نبتة من هذه السحلبيات تقتلع سنوياً من البرية للاتجار فيها، مما يعني أن بعض هذه الزهور الجميلة ذات القيمة الاقتصادية العالية تواجه مخاطر جدية متزايدة، علاوة على أن ثلث أنواعها باتت بالفعل في دائرة الانقراض.
العود: عطر الجزيرة العربية
تتم المتاجرة بالعود منذ أقدم العصور لأغراض دينية وعطرية وطبية. وهو خشب ثمين يستخرج من شجرة آسيوية ضخمة تنتمي الى جنس أكويلاريا (Aquilaria). وعبر التاريخ، كان لا يستطيع شراء هذا الخشب إلا الملوك والأثرياء. وكان العود سلعة نفيسة لدرجة أنها استخدمت في الهدايا التي تتبادلها الشعوب للأغراض الديبلوماسية. وقد تعرضت أشجاره للاستنزاف، نتيجة للقطع الجائر والتجارة غير المشروعة.
عندما تصاب شجرة العود بفطر معيّن تنتج مادة راتنجية عطرية تؤدي الى تكوين العود، وهو خشب داكن اللون وثقيل الوزن ولذلك أسماه الصينيون "الخشب الغاطس". ولا يعرف بوجود العود داخل لب الشجرة الا بعد شقها، علماً أن نحو 10 في المئة فقط من هذه الأشجار تنتج المادة الراتنجية، ولكن يتم قطع الأشجار بلا تمييز والبحث داخل لبها عن العود، مما أدى الى تدهور مريع لأعدادها البرية.
ويستخدم العود في صناعة بعض المنتجات الطبية التي أشارت اليها بعض الأحاديث النبوية، كما ورد ذكره في كتب الطب الهندي القديم. وتشمل التجارة الدولية فيه الرقائق الخشبية والبودرة والدهن ومنتجات صناعية مثل العطور والبخور والأدوية.
وتعتبر ماليزيا واندونيسيا المصدرين الرئيسيين لهذه التجارة، بعد نضوب المخزون الطبيعي للهند نتيجة الاستنزاف.
وتعود التجارة الدولية المنتظمة للعود الى القرن الثالث عشر، مع النشاط الملحوظ لتجارة دهن وبخور العود في الشرق الأوسط. ومن الأقطار الرئيسية المستوردة للعود هونغ كونغ وتايوان والسعودية والامارات. وتصنف عدة دول في الشرق الأوسط كمستهلكة رئيسية لأجود أنواع العود، وتوضح الدراسات أن هذه المنطقة تستهلك الكمية الأكبر من جميع أنواعه. لكن التجارة المنتظمة أصبحت الآن تهدد بقاء ستة أنواع من أشجار العود التي تقدر بـ15 نوعاً.
كادر
ما هي السايتس؟
اتفاقية التجارة الدولية في أنواع النباتات والحيوانات البرية المعرضة للانقراض (السايتس) هي اتفاقية عالمية بين الحكومات، هدفها الضمان بأن التجارة الدولية بعينات من حيوانات ونباتات برية لا تعرض بقاءها للخطر.
وتقدر هذه التجارة ببلايين الدولارات سنوياً وتشمل 350 مليون عينة نباتية وحيوانية. وهي متنوعة، تراوح من حيوانات ونباتات حية الى تشكيلة واسعة من المنتجات المشتقة منها، بما في ذلك منتجات غذائية وسلع جلدية وفراء وأدوات موسيقية خشبية وتحف سياحية وأدوية. ويتم استغلال بعض الأنواع الحيوانية والنباتية بشكل جائر. وفضلاً عن عوامل أخرى كفقدان الموئل، فان الاتجار بها قادر على استنزاف أعدادها. وكثير من الأنواع المتاجر بها ليست عرضة لخطر الانقراض، لكن وجود اتفاقية تضمن استدامة هذه التجارة أمر هام من أجل حفظ هذه الثروات للمستقبل.
أُقرت الاتفاقية عام 1973، وأصبحت سارية عام 1975، وتتقيد بها الدول طوعاً. ورغم انها ملزمة للأطراف التي أبرمتها، فانها لا تحل محل القوانين الوطنية، وانما تشكل اطاراً ينبغي احترامه من قبل كل طرف، اذ عليه اقرار تشريع محلي خاص به يضمن تنفيذ الاتفاقية على المستوى الوطني. وتضم الاتفاقية حالياً 166 عضواً.
تحمي اتفاقية سايتس نحو 5,000 نوع من الحيوانات و28,000 نوع من النباتات من الاستغلال المفرط في التجارة الدولية. وهي أُدرجت في ثلاثة ملاحق. يضم الملحق 1 نحو 600 نوع حيواني و300 نوع نباتي، وهي نادرة ومهددة بالانقراض، ويمنع الاتجار بها في حالة السعي أصلاً الى تحقيق مآرب تجارية. ويشمل الملحق 2 نحو 4,100 نوع حيواني و28,000 نوع نباتي، وهي ليست نادرة ولا مهددة بالانقراض في الوقت الراهن، ولكن يمكن أن تصبح كذلك ما لم ينظم الاتجار بها. أما الملحق 3 فيضم أكثر من 290 نوعاً غير مهددة بالانقراض، ولكنها تخضع للحماية داخل حدود بلد عضو.