Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
مايكل بويد (لندن) ديموقراطية الحيوانات  
شباط (فبراير) 2005 / عدد 83
 عندما ينتصب غزال أو ترقص نحلة، يظن كثيرون أن الغزال يشد عضلات قوائمه أو أن النحلة تبلغ رفيقاتها عن مكان أفضل رحيق. لكن الحقيقة أكثر غرابة. فالغزال بوقوفه يصوِّت حول ما اذا كان يريد أن يتحرك في مجموعة الى مراع جديدة، والنحلة برقصتها تصوت حول ما اذا كانت تريد الانتقال في مجموعة الى حقل مزهر أغنى بالرحيق. والاثنان يصوِّتان بأقدامهما!
يبدو أن غالبية الحيوانات البرية تمارس "سياسة شفافة" تتخذ قرارات جماعية حول ما ينبغي القيام به وفي أي وقت. وهذا كله يتقرر من خلال تصويت ديموقراطي يتم الامتثال لنتيجته بدقة. هذه المعلومات الاستثنائية أتت ثمرة دراسة معمَّقة أجرتها الدكتورة لاريسا كونراد والدكتور تيم روبر من معهد علوم الحياة في جامعة ساسكس البريطانية. وهما يواصلان اختباراتهما حول القرارات الجماعية التي تتخذها الحيوانات، كما يستفاد من بحوثهما حالياً لتحليل عمليات أخذ القرارات البشرية. ويفترض عملهما الدقيق أن مجموعة يساهم جميع أفرادها في اتخاذ قرار، هي أكثر حظاً في البقاء من مجموعة يسوسها حاكم مستبد، حتى لو كان هو العضو الأكثر خبرة في المجموعة، "فلن يستفيد الأعضاء الآخرون من قبول قراره الا عندما يكون حجم المجموعة صغيراً والاختلاف في المعلومات كبيراً".
يصعب أن نتخيل كيف تتخذ الحيوانات قرارات ديموقراطية من دون أن تكون قادرة على الادلاء بأصواتها واحتساب هذه الأصوات. لكنها، على رغم هذا النقص في التجهيزات، تعبر عما تريد بطريقة تثير الاعجاب، من خلال وضعيات الجسم والحركات واطلاق أصوات مميزة. فعلى سبيل المثال، يتحرك قطيع من الغزلان الحمر عندما ينتصب ما معدله 62 في المئة من أفراده. أما النحل فيفصح عن آرائه برقصات معقدة. والاناث البالغات في قطعان الجواميس الافريقية هن اللواتي يتخذن القرارات من خلال التصويت بتوجيه نظراتهن الى اتجاه معين. والاوز يصوت بحركات الرأس، وينتقل عندما تبدي الأكثرية حركات خفيفة أو عندما تقوم الأقلية بحركات قوية.
يقول الباحثان إن اتخاذ قرارات ديموقراطية لا يتطلب سلوكاً متقدماً أو قدرة عقلية استثنائية. العملية "لا واعية"، فليس من غزال يحصي عدد الأصوات أو نحلة تتفقد أوراق الاقتراع. ولكن لا غزال أو نحلة أو جاموس يقرر بمفرده متى تتحرك المجموعة. واذا كانت الديموقراطية تعني أن القرارات لا تتخذ بناء على أفضلية أحد الحكام، وانما بناء على أفضليات الأغلبية، فان لدى الحيوانات ديموقراطية.
ولا عجب أن القرارات المبنية على خيارات الأغلبية تميل الى الانسجام مع ما يريده معظم أفراد المجموعة. ويؤكد الباحثان أن هذا ليس مجرد حشو كلامي. فقد أظهر تحليل لبعض النماذج الحسابية الدامغة التي طوراها أن الديموقراطية في مجموعات الحيوانات يمكن أن تكون أوفى حظاً بالبقاء من الحكم الاستبدادي.
ينطوي الجانب الأكثر تعقيداً في البحث على نماذج حسابية طورها الباحثان لتحليل الفوائد التي تجنيها مجموعات حيوانية من وسائل ديموقراطية أو استبدادية لصنع القرارات. وتقارن النماذج التكاليف التي يتكبدها أفراد لعدم تمكنهم من القيام بأعمال عندما يريدون ذلك. واضطرارهم الى الانتظار أو السرعة يعتبر كلفة. وبالنسبة الى الحيوانات، كما الناس، الوقت مال أو غذاء أو شيء مهم آخر للبقاء قيد الحياة.
السؤال الذي يتلهف كثيرون لطرحه هو طبعاً ما اذا كان هذا البحث يقدم أي معلومات حول تصرف بشري مماثل. لكن الباحثين يؤكدان حالياً رغبتهما في اجتناب أي استقراء للميدان السياسي. فعادات التصويت لدى القردة والجواميس لم تُقصد مقارنتها بسياسات الوصاية أو الاعلانات الهجومية على التلفزيون أو الحملات السلبية التي تتجاهل القضايا الأساسية. يقول الدكتور روبر:"هناك حالات بشرية لصنع القرار قد ينطبق عليها نموذجنا، مثل اتخاذ مجموعات صغيرة لقرارات بسيطة". ويقدم مثالاً على ذلك: "افترض أن لديك بضعة أصدقاء يريدون الالتقاء في مطعم مساء. لكي يكون الجميع في المكان ذاته في الوقت ذاته، عليهم أن يتحدثوا في الأمر". لكن الغزلان والأوز لا "تنقّ" احتجاجاً بمقدار ما يفعل البشر، أو تهدد بالانضمام الى قطيع أو سرب جديد اذا استمر الجميع في الذهاب الى "المطعم" ذاته.
يقول روبر وكونراد ان القصد من الدراسة كان اقتراح وسيلة جديدة "حية" للنظر في صنع القرارات وفتح مجال جديد للبحث، وان النماذج تنطبق فقط على الحيوانات التي تتخذ قرارات جماعية. فبعض الحيوانات، القطط المنزلية مثلاً، قد لا تصوت ولا تهتم بالتصويت وليس لها مصلحة في أي نوع من النشاط الجماعي. وهذه لم يتم التطرق اليها في الدراسة، التي أوردت نماذج عن الديموقراطية والتسلط ولم تبحث في الفوضوية أو اللاحكم.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
ابراهيم عبدالجليل المصابيح العالية الكفاءة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
أمجد البطاينة وأحمد الشريدة (الكورة، الأردن) طواحين الحبوب في وادي الريان
رضا عبدالحكيم اسماعيل رضوان (القاهرة) النهر الذي كان
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.