Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
غنوة شماس أشجـار الســلام   
نيسان (أبريل) 2005 / عدد 85
 ونغاراي ماتاي أول امرأة افريقية تفوز بجائزة نوبل للسلام لسنة 2004. أسست عام 1977 حركة الحزام الأخضر النسائية التي زرعت أكثر من 30 مليون شجرة في كينيا، متخذة الشجرة شعاراً للسلام ووسيلة لحل الخلافات العرقية وارضاء الاطراف المتنازعة. وتنفذ الحركة أهم مشروع للتشجير في افريقيا يعمل على تشجيع التنوع البيولوجي وايجاد فرص عمل للنساء. لكن نظرياتها حول مؤامرة غربية على الأفارقة ما زالت تثير جدلاً حول استحقاقها الجائزة.
زرعت الكينية ونغاراي ماتاي ونساء ''حركة الحزام الأخضر'' 30 مليون شجرة في كينيا منذ العام 1977. بدءاً ببذور أشجار حديقة منزلها، لتحصد جائزة نوبل للسلام سنة 2004. وتشكل تلك الحركة نموذجاً عن تأثير انسان واحد على حياة الآلاف، بل الملايين، وهي مصدرالهام يسعى آخرون الى تطبيقه على محيطهم.
ماتاي أول امرأة أفريقية تفوز بهذه الجائزة منذ منحها للمرة الأولى عام 1901. وقد نافست 194 مرشحاً، بينهم شخصيات معروفة عالمياً مثل مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي وفاضح أسرار الترسانة النووية الاسرائيلية موردخاي فعنونو. وبررت لجنة نوبل اختيارها بأن السلام ''يعتمد على تأمين بيئة سليمة ونظيفة وعلى حمايتها''، وأن ماتاي معروفة بنضالها الدؤوب من أجل محاربة الفساد وحماية الديموقراطية وتحسين وضع الفقراء ووضع المرأة في كينيا، وهي تتقدم المعركة من أجل التشجيع على التنمية المستدامة على الصعيد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.
للمرة الأولى توضع الشؤون البيئية على جدول جائزة نوبل للسلام. وقد نافستها قضايا هامة تشغل بال العالم اليوم، كالارهاب والتسلح النووي ونزاعات الشرق الأوسط. وقد اعتبرت ماتاي أن لجنة نوبل تتطلع الىتشجيع السبل لتفادي الحروب، لذا وسعت مفهوم السلام التقليدي الذي حدده ألفرد نوبل سنة 1895 ليشمل الشؤون البيئية المتعلقة بالأرض. وقد اتخذت ماتاي الشجرة شعاراً للسلام في كينيا، حيث استخدمت حركة الحزام الأخضر الأشجار لحل الخلافات العرقية وإرضاء الأطراف المتنازعة. كما زرعت ''أشجار السلام'' في أرجاء كينيا إثر تعديل نصوص الدستور إحياءً لتقاليد أفريقية قديمة.
علمت ماتاي بفوزها بالجائزة وهي تتابع نشاطها اليومي في حماية الغابات ومساعدة السكان الفقراء في قرية ايهورورو على سفح جبل كينيا الشامخ الذي طالما اعتبرته ملهماً لها. وهي دعت الكينيين جميعاً للانضمام الى حملتها فيزرع كل واحد شجرة بمناسبة فوز كينيا بالجائزة.
بيئة تديرها النساء
تشغل ماتاي، البالغة من العمر 64 عاماً، منصب نائب وزير البيئة والموارد الطبيعية والحياة البرية في كينيا. وهي ترى أن عملها تحت اشراف شخص آخريجعلها لا تملك الحرية المطلقة لتفعل ما تريد، لكنها تحاول دائماً أن تكون مقنعة. وهي كانت أول امرأة تحوز درجة دكتوراه في أفريقيا الوسطى والشرقية عام 1971. وقد رأست منظمة الصليب الأحمر خلال السبعينات. وهي عالمة أحياء وترأس قسم التشريح البيطري في جامعة نيروبي. كما أنها عضو في المجلس الاستشاري للأمم المتحدة حول نزع السلاح، وفي مجالس ادارة منظمات دولية مختلفة تعنى بالبيئة. انتخبت عام 2002 نائباً عن دعاة حماية البيئة في البرلمان الكيني. وترى أن وجودها في البرلمان فرصة للتأثير على الأجيال المقبلة من خلال صياغة القوانين. وقد حصلت على جوائز عدة من السويد والنروج خلال السنوات العشر الماضية، لذلك تعتبر مشهورة في المنطقة الاسكندينافية على رغم كونها غير معروفة عالمياً.
انطلقت ماتاي في نشاطها البيئي من اعتبارها أن ندرة الموارد الطبيعية تتسبب في الكثير من النزاعات نتيجة تقاتل الناس للحصول على الموارد القليلة المتبقية كالماء والطعام والوقود. وأسست حركة الحزام الأخضر برعاية المجلس الوطني للنساء في كينيا. وتنفذ الحركة أهم مشروع للتشجير في أفريقيا يعمل على تشجيع التنوع البيولوجي وايجاد فرص عمل للنساء. ففي مقابل كل شجرة تثبت جذورها في التراب، تتلقى المرأة التي زرعتها مبلغاً من المال، كما تتلقى مبلغاً آخر لقاء بيعها للبذور التي تشتريها حركة الحزام الأخضر.
أرادت ماتاي من خلال ذلك أن تظهر كيف يمكن لبيئة مدارة جيداً أن تدعم مستوى حياة أفضل. وقد واجهت صعوبة في بادىء الأمر لاقناع الناس أن ذلك ممكن من دون اللجوء الى التكنولوجيا المتطورة أو الكثير من المال. لكن على رغم كل جهود التشجير، فان المشكلة لا تزال خطيرة، إذ لا تغطي الغابات سوى 1,7 في المئة من مساحة كينيا، في حين توصي الأمم المتحدة بنسبة 10 في المئة على الأقل. وكانت الغابات تغطي 30في المئة من الأراضي الكينية، لكن هذه النسبة تضاءلت بحدة لاعتماد الكينيين على الحطب في التدفئة وطهو الطعام. وبما أن مهمة جمع الحطب تقع على عاتق النساء، فان قطع الأشجار لم يسفر عن التصحر فحسب بل بات يضطر النساء الى القيام برحلات أطول فأطول للحصول على الحطب، مما يقلل من وقت تواجدهن في المنزل مع الأولاد ويضيع الوقت الثمين الذي يمكن استثماره للتعلم والتطور. لذلك فإن النساء في كينيا هن أول من يلاحظ الأضرار البيئية حين تتضاءل الموارد الأساسية لبقاء عائلاتهن على قيد الحياة. وفيما يهدد التصحر بالامتداد، فان الحل هو مشاركة الشعب في التصدي لهذه الظاهرة، خاصة أن الدولة عاجزة عن هذه المهمة بسبب الفساد المتفشي في ادارتها.
تجييش المجتمع في مشاريع تفيده
حركة الحزام الأخضر منظمة غير حكومية تركز على حماية البيئة وتعزيز التنمية الاجتماعية وتنمية القدرات، وتتطلع الى خلق مجتمع يعمل باستمرار على تحسين بيئته وعلى جعل كينيا أنظف وأكثر خضاراً. ومن خلال زرع الأشجار كنقطة بداية، ارتكزت مهمة الحركة على قيم التطوع وشغف الحماية والإندفاع الى تحسين الذات والشفافية والمسؤولية. ثم تفرع عملها ليشمل التربية وسلامة الطعام ومساهمة النساء في التغيير. وقد نشأت الحركة من دواعي حاجات النساء القرويات التي تمثلت في الحطب والمياه النظيفة ونظام الأكل المتوازن والملجأ والدخل. وهي تعمل على تحقيق تطلعاتها من خلال برامج أساسية تتناول زرع الأشجار، والتربية والتثقيف البيئي، والدعوة والتواصل، وورش العمل التدريبية الأفريقية، وبناء قدرات النساء للتغيير، وتعريف مجتمعات بلدان أخرى على الحزام الأخضر من خلال تنظيم زيارات.
تعمل الحركة على حماية البيئة من خلال زرع الأشجار، وبالتالي الحد من انجراف التربة والمحافظة على التنوع البيولوجي والعنصر الجمالي. فمع أن كل شجرةإفرادية قد لا تعتبر مفيدة للبيئة بشكل عام، الا أن تجمع الأشجار يشكل مناخاً مصغراً يؤثر إيجاباً على كينيا وعلى أفريقيا بأسرها. وعممت الحركة إنشاء السدود الرملية لحبس المياه في فترات الوفرة واستعمالها في وقت الجفاف. ونفذت مشاريع تربوية لتوعية الشعب الى ضرورة حماية البيئة والتصويت في الإنتخابات للمشاركة في صقل السياسات. وقد تدرب أكثر من عشرة آلاف شخص في مركز الحركة التعليمي في نيروبي على الحكم الصحيح والثقافة والعدالة البيئية. وعندما اعترفت الدولة الكينية بسوء الإدارة البيئية، حولت الحركة جهودها الى المحاماة عن الغابات ضد الزوال، وعن حقوق الإنسان ضد التعديات كالفساد وصراع القبائل.
وإثر نجاح حركة الحزام الأخضر في كينيا، طلب من ماتاي مشاركة أساليبها مع بقية البلدان الأفريقية و العالم أجمع. ومع ازدياد الإهتمام الخارجي بنشاطات الحركة، نظمت زيارات تتيح للزوار مشاركة المجتمع الكيني في حياته اليومية وزيارة مواقع المشاريع.
مشروع ''النساء والفتيات'' هو أحدث مشاريع المنظمة. بدأ عام 2003، ويقوم على مساعدتهن لمواجهة تحديات النمو واتخاذ قرارات بشأن صحتهن الجنسية والحصول على المعلومات الكافية لحمايتهن من مرض العوز المناعي المكتسب (الأيدز). وهو يسهل تنفيذ النشاطات الجالبة للدخل، كزرع الأشجار وتربية النحل، كي تصبح النساء مستقلات اقتصادياً. ويشجع على عادات الأكل الصحية من خلال إنتاج الطعام وتحضيره.
وقد حققت حركة الحزام الأخضر خلال 30 سنة انجازات كثيرة، منها تجييش المجتمع الكيني للعمل، وإعادة التشجير، ونشر المعرفة عن البيئة وتشجيع العمل في سبيلها، ومشاركة الخبرات والوسائل على صعيد عالمي، وبناء القدرات وجلب الدخل من خلال نشاطات محلية تتماشى مع التنمية المستدامة.
ضمير مناضلة
لم تخل مسيرة ماتاي من عوائق مستمرة. فقد تعرضت في سياقنشاطاتها لمضايقات، وسجنت في ظل النظام السابق برئاسة دانيال أراب موي بسبب قيادتها للتظاهرات وتصديها لعمليات ازالة الغابات. وضربتها الشرطة حتى فقدت الوعي خلال تظاهرة لمنع انشاء مبنى ضخم يقضي على ثلث احدى الغابات المتبقية في المنطقة. وتلقت تهديدات كثيرة بالقتل. أسست حزب الخضر في كينيا. وحين ترشحت للانتخابات الرئاسية عام 1987، فوجئت بسحب حزبها ترشيحها قبيل الانتخابات. أما على الصعيد الشخصي، فقد طلقها زوجها السياسي بعدما أنجبت منه ثلاثة أولاد، لأنه اعتبر أنها ''ذكية جداً، وقوية جداً، وناجحة جداً، وعنيدة جداً، ومن الصعب جداً السيطرة عليها''. لكن ماتاي لم تستسلم أمام أي مشكلة، حتى شبهها البعض بالأشجار التي زرعتها... ثابتة ومستقيمة ولا تقهر.
قالت ونغاراي ماتاي اثر فوزها بنوبل السلام ان ما ساعدها على الاستمرار في نضالها رغم المصاعب هو ضميرها، الذي يملي عليها ضرورةالتصرف لأنها تفهم الصورة الشاملة للبيئة. وهي تحث العالم أجمع، والشباب خاصة، على أخذ العبر من سيرتها والمثابرة على فعل الصلاح، وأن الصحيح يصحّ حتى لو كان الشخص يناضل بمفرده، لأن خدمة الآخرين تجلب مكافآت مميزة. وهي تؤمن بأن الحلول ينبغي أن تأتي من الداخل، لأن كل إنسان يعتبر خبيراً في بيئته ولذلك يستطيع طرح حلول عملية لمشاكل البيئة في محيطه.
وفي خطابها لدى تسلمها الجائزة في أوسلو، قالت ان من الضروري تحميل الحكومات المسؤولية، ولكن ضروري أيضاً أن يجسد أفراد الشعب في تعاملاتهم اليومية بعضهم مع بعض قيم القيادة التي يتمنون أن تتحلى بها حكومتهم، ألا وهي العدل والإستقامة والثقة.
جنون الاضطهاد؟
نالت ونغاراي ماتاي جائزة نوبل للسلام تقديراً لانجازاتها البيئية وعملها لتمكين النساء الافريقيات. ولكن من المؤسف أن لها أيضاً آراء لافتة حول بعض المواضيع الأخرى. فخلال مؤتمر عقد في آب (اغسطس) 2004 قالت انها على قناعة بأن فيروس الايدز طوره أولاً عالم مهووس في مختبر غربي ومن ثم أرسل الى افريقيا ''كسلاح بيولوجي لمعاقبة السود''. وهي لم تستطع أن تقدم برهاناً على ذلك، لكنها اعتبرت أن موت السود بهذا المرض بأعداد أكبر من البيض ليس محض مصادفة.
ومن يصغي الى بعض تصريحات ماتاي يتبين أنها ترتاب في كل ما هو غربي. ففي العام 1998، أثناء أحد المؤتمرات في نيروبي، ادعت أن الغذاء المعدل وراثياً، الذي ثبت أنه غير مأمون في الغرب، اكتسح الأسواق الافريقية من أجل القضاء على سكانها الفقراء. وفي مناسبة أخرى قالت انها ضد استعمال اللغات الأجنبية في بلدها، لأن النخبة فقط سوف يتكلمونها وسوف يعتبرون أنفسهم أفضل من عامة الناس.
ماتاي ضد استعمال الواقي الذكري، فهي تعتقد أنه غير مأمون كفاية ولذلك فان الامتناع عن الجنس هو الوسيلة الفعالة الوحيدة لمكافحة الايدز. وبحسبمنطقها: ''عندما يستعمل الجراح ثلاثة أزواج من القفازات المطاطية لاجراء جراحة لأحد المصابين بالايدز، هل يكفي استعمال واق واحد لصدّ الفيروس؟''
الفائزة بجائزة نوبل للسلام ليست الوحيدة التي تؤمن بنظريات التغطية الغامضة، فهناك علماء دوليون على اقتناع بأن فيروس الايدز يستعمل لضبط الشعوب الأفريقية. وكثيراً ما نُسب الاجرام الطبي الى الولايات المتحدة والصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية وجهات أخرى. ومن النظريات أن منظمة الصحة العالمية اضافت فيروس الايدز الى لقاح شلل الأطفال الذي استخدمته في افريقيا، ولذلك فان بعض المناطق الاسلامية في نيجيريا ترفض الآن تلقيح أطفالها.
تقليدياً، لدى الأفارقة اعتقاد عميق الجذور بأن الغرب مسؤول عن كل بؤسهم، وهم يؤمنون بسهولة بنظريات المؤامرة. ويعتبر البعض أن تلك وسيلة لترويع الناس مثلما يروع بوش الاميركيين بنظرية الارهاب.
ماتاي تستحق بالتأكيد جائزة السلام التي نالتها تقديراً لجميع انجازاتها الايجابية. لكن وضع نظرية مؤامرة الايدز على الأجندة الدولية قد يسبب أضراراً لم يحسب حسابها ولن يساعد في مكافحة المرض. وقد قالت ماتاي لاحقاً ان ملاحظاتها تلك كان القصد منها إضفاء نكهة على الجدل القائم وإنعاشه. لكن يبدو أنها ليست من الذين يرتدعون عن نشر الآراء المثيرة للجدل.
مقابلة
ماتاي لـ "البيئة والتنمية":
وضعتُ ثقتي في نساء كينيا وحماية البيئة تكسرحلقة الفقر
في مقابلة خاصة مع ''البيئة والتنمية''، قالت ونغاراي ماتاي انها تعمل على إنشاء مؤسسة لتوسيع نطاق حركة الحزام الأخضر في أفريقيا وامتداداً الى أنحاء العالم. وأكدت على ضرورة تولي النساء أدواراً قيادية في حماية البيئة، التي اعتبرتها جزءاً من مهمة أكبر لخلق مجتمع يحترم القانون وحقوق الانسان، بما فيها حقوق المرأة.
في ما يلي جوانب من الحوار مع ماتاي.
البيئة والتنمية: يرى البعض أن استئصال الفقر في البلدان النامية يجب أن يتقدم على العناية بالبيئة. بناء على تجربتكِ، كيف يمكن لمكافحة الفقر وحماية البيئة أن تسيرا معاً؟
ونغاراي ماتاي: العناية بالبيئة التي نعيش فيها بحيث توفر الغذاء ومنافع أخرى، وتأمين العدالة والانصاف لجميع المواطنين، هما عاملان أساسيان لا بد من ضمانهما ليصبح استئصال الفقر حقيقة. لا نستطيع تخفيف الفقر ما لم نجد وسيلة لادارة مواردنا الطبيعية بانصاف واستدامة. فعندما يكون الناس فقراء، لا يفكرون بالتأثيرات البعيدة المدى لأفعالهم على غابة أو مجرى ماء أو حقل أو نوع حيواني أو نباتي. وعندما يتدهور ذلك المورد أو يفقد، يصبح الفقير أفقر. أعتقد أن ''حركة الحزام الأخضر'' توفر حلاً لمعالجة قضية الفقر بطريقة شاملة ومستدامة. الأشجار تحيي الأرض، وتوفر مصدراً للوقود، ومواد للبناء والتسييج، وثماراً، وعلفاً، وظلاً، وجمالاً طبيعياً. وبذلك تساعد في كسر حلقة الفقر والجوع. وهذا مهم بنوع خاص للنساء اللواتي يقع على عاتقهن عبء التغلب على نقص الموارد، من خلال السير مسافات أطول، مثلاً، لايجاد الحطب اللازم للطبخ والتدفئة والماء النظيف، والاضطرار الى زراعة أو جني مصادر جديدة للغذاء بسبب اختفاء المصادر القديمة. ثم ان الأشجار والغابات تحافظ على جودة التربة، وتمنع الانجراف، وتحمي الأنهار والمجاري المائية التي تعتبر مصادر أساسية ثمينة للماء النظيف، وتعزز الهطول المطري المنتظم مما يبعد موجات الجفاف.
بعد منحكِ جائزة نوبل للسلام، هل لديك خطط لتوسيع نشاطات حركة الحزام الأخضر عالمياً؟
نعم، أريد أن أركز على تقوية وتوسيع عمل حركة الحزام الأخضر في كينيا وافريقيا وأبعد منهما. أريد أن أساعد جمهوراً أكبر من الناس ليعملوا على حماية البيئة والتنوع البيولوجي. وأريد أيضاً تعزيز التنوع الثقافيالأحيائي وتشجيع الناس على تعميق التزامهم بالديموقراطية والتعايش السلمي. أنا أعمل الآن على إنشاء ''مؤسسة ونغاراي ماتاي'' لتقوية عملي وتوسيعه. لقد فعلنا الكثير خلال السنوات الماضية، ويبقى علينا أن نفعل الكثير أيضاً.
أسلوب حركة الحزام الأخضر اعتُمد في بلدان أخرى. ففي العام 1986، شجعنا برنامج الأمم المتحدة للبيئة على أن نتقاسم خبراتنا مع منظمات ذات تفكير مماثل في أنحاء أخرى من أفريقيا. فأنشأنا ''مبادرة الحزام الأخضر عبر افريقيا'' التي نظمت دورات تدريبية مدة الواحدة اسبوعان، لمندوبين من 30 منظمة في 15 بلداً افريقياً. يزور المتدربون مواقع مشاريع ميدانية ويكتسبون خبرة عملية في جميع مجالات برنامج حركة الحزام الأخضر. وقد أدخلت منظمات في عدة بلدان أسلوب الحركة في عملها، ومنها اثيوبيا وتنزانيا واوغندا ورواندا وموزمبيق وزامبيا. ان رؤية هذا العمل ينمو تمنحنا زخماً معنوياً كبيراً. سوف نستمر في تقاسم خبراتنا، وعلى نطاق أوسع، في افريقيا وخارجها.
بصفتك نائبة في البرلمان الكيني عن حزب الخضر، هل نجحتِ في تحويل البيئة الى قضية سياسية ووضعها في مكان متقدم على الأجندة الوطنية؟
أقول بكل ثقة ان لحركة الحزام الأخضر فضلاً كبيراً في وضع القضايا البيئية على الأجندة الوطنية. فمن خلال برنامج التثقيف المدني والبيئي، حشدت الحركة ألوف المواطنين لتحدي الممارسات الظالمة واستصلاح الأماكن العامة والمطالبة بحكم ديموقراطي. ومن خلال التزامنا بهذه المبادئ استطعنا رفع درجة الاهتمام بالقضايا البيئية في كينيا.
ما زال هناك قلق لدى الكينيين حول حالة غاباتنا. فقد تراجع الغطاء الغابي بسرعة كبيرة، ونسبته حالياً نحو 1,7 في المئة، في حين ينصح برنامج الأمم المتحدة للبيئة بغطاء نسبته 10 في المئة. اننا بلد زراعي، وثلثا أرضنا قاحلة وشبه قاحلة وصحراوية، ونحن معرضونكثيراً لتأثير الصحراء الكبرى. نحتاج الى زيادة غطائنا الغابي، والوسيلة الواقعية الوحيدة هي من خلال اشراك الناس. كنت أدعو الى تحريج الجبال بأشجار محلية، من خلال اشراك المجتمعات التي تعيش قرب الغابات، وكثير منها ناشطة في حركة الحزام الأخضر. ومن خلال اعادة تأهيل المناطق الغابية المتدهورة، نحمي مستجمعات المياه وتنوع النباتات والحيوانات. آمل أن أتمكن من القيام بأكثر من ذلك في المستقبل، وداخل الحكومة أيضاً.
ما دور النساء على وجه الخصوص في نصرة القضايا البيئية في العالم الثالث؟
وضعت ثقتي في نساء كينيا الريفيات منذ البداية الأولى، وكنَّ مفتاح نجاح حركة الحزام الأخضر. من خلال هذه الطريقة العملية جداً لغرس الأشجار ورعايتها، اتضح للنساء أن لديهن خيارات حقيقية: إما أن يصلحن البيئة، وإما أن يدمرن البيئة. وخلال عملية التثقيف التي تجري عندما ينضم شخص ما الى حركة الحزام الأخضر، باتت النساء يدركن أن غرس الأشجار أو الكفاح لحماية الغابات من الاقتلاع هو جزء من مهمة أكبر لخلق مجتمع يحترم الديموقراطية والآداب والقانون وحقوق الانسان وحقوق المرأة. وتتولى النساء أيضاً أدواراً قيادية، بادارة المشاتل الزراعية والعمل مع مراقبي الأحراج وتخطيط وتنفيذ مشاريع داخل المجتمعات لحصاد الماء والأمن الغذائي. وجميع هذه الخبرات تساهم في اكسابهن مزيداً من الثقة بالنفس ومزيداً من القدرة على توجيه حياتهن. وهذا يصحّ طبعاً على العالم النامي كله، حيث تتوفر للنساء فرصة فينتهزنها.
لقد واجهتِ مقاومة عنيفة من الحكومة والشرطة. كيف انتقلتِ من مبادرة لغرس الأشجار الى حركة سياسية؟
عندما بدأنا تنظيم أنفسنا في مجموعات متعددة، بدأت الحكومة تتدخل. كانت لدينا حكومة شبه ديكتاتورية، خشيت الأسباب التي دفعتنا الى تنظيم صفوفنا. نحن نساء. لم تكن لدينا بنادق، ولم نكن نريد استعمال القوة حتى عندما لجأوا الى القوة في محاولة لوقف تحركنا. أدركنا أن ما علينا القيام به لتمكين أنفسنا هو أن نعي أننا نحن من يستطيع تغيير الحكومة، ونحن من يقدر على تحديد نوعية القادة الذين يجب أن يتبوأوا المراكز المناسبة. لذلك تخلينا عن خوفنا ورفضنا أن نكون ضحايا تهويل الحكومة، وبدلاً من ذلك شاركنا في الانتخابات ونجحنا في تغيير القادة.
ماذا فعلتِ ازاء الانتقاد الذي طاولك عندما تم ترشيحك لنيل جائزة نوبل للسلام؟ الناس لم يستطيعوا رؤية علاقة بين البيئة والسلام حين كان الهم الأكبر الذي يلوح في الأفق هو الارهاب.
كثير من الحروب الدائرة في العالم هي حول الموارد: النفط والمياه في الشرق الأوسط، والمعادن والأراضي الزراعية وغابات الخشب في افريقيا. وقد شهدنا مؤخراً اضراباً في ماليزيا حيث حدثت فيضانات مرعبة نتيجة قطع الغابات ولقي آلاف الأشخاص مصرعهم مما أدى الى صراع ونزاع. وشهدت كينيا واقليم دارفور السوداني قتالاً حول المراعي. ويدور بين الاسرائيليين والفلسطينيين صراع دائم على موارد المياه.
انه لتحدٍ لنا جميعاً أن نغير طريقة تفكيرنا. لقد اختارت لجنة نوبل أن تكرم حركة الحزام الأخضر، وفي ذلك تحدٍّ لنا كي نفهم أن وجودنا برمته يتوقف على الطريقة التي ندير بها بيئتنا. ولكي نستطيع ادارتها على أفضل وجه، يجب أن تكون لدينا حكومة جيدة وأن ننعم بالسلام. ولا يمكننا الحصول على سلام ان لم تتوافر هذه العناصر الأخرى. انها طريقة تفكير معقدة وشمولية، ولن أُفاجأ ان لم يفهمها الجميع على الفور.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.