"المدن الخضراء" موضوع يوم البيئة العالمي لهذه السنة. وقد تكون أبوظبي، التي حوّلها الشيخ زايد الى واحة عصرية غناء وسط الصحراء، أكثر حاضرة عربية تستحق وصف "المدينة الخضراء". كل قطرة ماء تستخدم في أبوظبي، اذ تتم معالجة مياه الصرف لاستعمالها في ري الحدائق العامة وزرع الأشجار التي تتصدى لزحف الرمال.
نجيب صعب
بعدما كانـت مدينة أبـوظبـي محطة حضرية وسط صحراء شاسعة، أصبحت واحة غنّاء آخذة في الاتساع، وواحدة من أجمل المدن العصرية في العالم. وباتت الكيلومترات المئة والسبعون التي تفصلها عن مدينة العين، وهي المدينة الثانية في إمارة أبوظبي، تحفّ بها غابات خضراء كثيفة ذات أهمية جمالية وبيئية عظيمة.
تعود المسيرة الخضراء إلى العام 1946مع تعيين الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً لمدينة العين والمنطقة الشرقية، ثم تولّيه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي عام 1966. فالراحل الكبير، منذ فتوّته، كان شغوفاً بالبيئة في مختلف وجوهها، وضعها في رأس اهتماماته، واكتسب لقب «صاحب القدَم الخضراء». وأقام مشاريع طموحة، رغم شحّ الامكانات المادية في البداية، للتنمية الزراعية ونشر الخضرة وتوفير مصادر الماء وحماية النبات والحيوان. وصارت البيئة تمثل هدفاً دائماً لديه. وعمم خبرته في أبوظبي على دولة الامارات العربية المتحدة مع تولّيه رئاستها بدءاً من العام 1971. وهو أشرف شخصياً على أدقّ مشاريع التخضير، وكان ينظر إلى الغابات والمزارع كمصدر ثروة متجددة.
حصلت على جوائز تقدير متعددة لخضرتها وحسن تنظيمها المديني، منها جائزة مسابقة «ازدهار الأمم»، بين 21 مدينة عالمية وصلت إلى التصفيات النهائية، بعدما خضعت، طوال ثلاثة عقود، لحملة تخضير وتحديث منهجية جبارة: خططت الشوارع بدقة، صممت المباني، وبعضها ناطحات سحاب، على طراز عصري يراعي التراث، أنشئت الحدائق العامة والفسحات الخضراء والمتنزهات على امتداد الشاطئ، زُرعت جوانب الطرق، أُقيمت البحيرات الاصطناعية والقنوات ومجمَّعات الماء ومحطات التحلية والتكرير وشبكات الري بالتنقيط من مياه الصرف المعالجة، أُطلقت الأسماك في الماء، أتت العصافير من كل صوب وعششت في الأشجار وحلّت طيور الماء على الضفاف ووجدت الطيور المهاجرة استراحة آمنة، احتلّت الغابات ما كان بحراً لا ينتهي من الرمال وامتدّت ملايين الأشجار الكبيرة والصغيرة في ترتيب هندسي متناسق، أنشئت محميات طبيعية برية وبحرية مع مراكز لإكثار النبات والحيوان. صُمِّمت برامج التعليم لترفع الوعي البيئي لدى المواطن. حتى المناخ تحوَّل إلى اعتدال خلال هذه السنوات.
فهل يكون الشيخ زايد، بتخضيره أبوظبي وتعديل مناخها نحو الأفضل، قد سبق تدابير بروتوكول كيوتو للحد من تدهور المناخ؟
|