عثر في قبور مصرية تعود الى أكثر من 4000 سنة على نقوش لأشجار قزمة زرعت في أوعية واستعملت ربما لأغراض تزيينية. وكانت القوافل المرتحلة في أنحاء آسيا تنقل أشجاراً صغيرة في أوعية كمصادر لمواد "طبية" استعملها مداوون في القوافل وفي المناطق التي كانت تعبرها.
فن "البونزاي"، أي تربية الأشجار "القزمة" بالمفهوم الشائع حالياً، نشأ في الصين قبل أكثر من ألفي سنة. ووصل الى اليابان منذ نحو ألف سنة مع البعثات "الديبلوماسية" الى الصين في عهد سلالة تانغ. وطوره اليابانيون حتى باتوا هم الأكثر شهرة بهذا الفن.
البونزاي ليست شجرة مقزمة جينياً. فهي نوع من الأشجار أو الشجيرات التي تنمو بنشاط، لكن يحتفظ بها صغيرة بتقليم تاجها وجذرها. ويراوح ارتفاع معظمها بين خمسة سنتيمترات ومتر مهما عمَّرت. والأشجار الأكثر استعمالاً في اليابان هي أنواع مقزمة من الصنوبر والازالية والكاميليا والقيقب والزان والخيزران والخوخ. وهي تزرع عادة في الخارج وتجلب الى المنازل في مناسبات خاصة وفي فصول الازهار أو الإثمار أو التوريق.
وفي المعتقدات اليابانية، تتضافر ثلاث قوى في البونزاي: "شين ـ زن ـ بي"، أي الحقيقة والجوهر والجمال. هذه الشجرة، بوعائها وتربتها، منفصلة طبيعياً عن الأرض لأن جذورها ليست مغروسة فيها. انها كيان مستقل ومكتمل في ذاته، انما جزء من الطبيعة. وهذا هو القصد من وصفها الياباني المأثور "السماء والأرض في وعاء واحد". ويجب ان يكون موضعها مجانباً لوسط الوعاء، ليس فقط لأن اللاتناسق حيوي للتأثير البصري، بل لأن نقطة الوسط هي رمزياً حيث تلتقي السماء والأرض، ولا شيء يجب أن يحتل هذا المكان. وهناك مبدأ جمالي آخر في البونزاي، هو النمط المثلثي الضروري للتوازن البصري وللتعبير عن العلاقة التشاركية بين الطاقة الكونية والفنان والشجرة.
|