منظمات المجتمع المدني، التي عقدت اجتماعاً في البحرين منذ أيام لاعداد بيانها إلى المنتدى البيئي الوزاري العالمي الذي يلتئم في دبي في شباط (فبراير) المقبل، قد تفاجئ المجتمعين بأفكار جديدة لم تعتد الحكومات على سماعها. فالبيان، الذي اتفق عليه ممثلون للهيئات الأهلية من جميع أنحاء العالم، يعيد التوازن بين دول الشمال والجنوب، ويطرح التحدي أمامها لتثبت مدى جديتها في الكلام على التنمية المستدامة ورعاية البيئة.
المنتدى البيئي الوزاري العالمي يتزامن مع الدورة الخاصة للمجلس التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. والمواضيع الرئيسية المطروحة على هذه الدورة هي ادارة المواد الكيميائية والطاقة والسياحة. والمجتمع المدني، الذي يعقد منتدى خاصاً به في دبي يسبق مجيء الوزراء، سيقدم لهم أفكاره ويعمل لحثهم على تبنيها في مقرراتهم. هذه الاجتماعات تعقد عادة في نيروبي، المقر الرئيسي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. غير أن انعقادها في ضيافة دبي هذه السنة سيتيح لعدد كبير من منظمات المجتمع المدني العربي الحضور، والتفاعل مع المجموعات الأهلية من الدول الأخرى، والعمل كقوى ضاغطة بين الوزراء والمسؤولين الحكوميين المشاركين.
ماذا ستقول منظمات المجتمع المدني في بيانها؟
قد يكون أهم ما ستدعو اليه المنظمات الأهلية هو اقتطاع جزء من عائدات النفط لاستثماره في تطوير تكنولوجيات الطاقة المتجددة والنظيفة. وليس على الدول المصدّرة للنفط أن تخاف من أن يكون هذا المطلب موجّهاً إليها وحدها. فبيان المنظمات الأهلية سيطرح معادلة جديدة، توازي بين ما تحصل عليه الدول المصدّرة من زيادة في عائدات النفط، وما تحصل عليه الدول المستوردة من زيادة في الضرائب المفروضة على الأسعار. وهي بالتالي تدعو الطرفين إلى المساهمة الفعلية في استخدام العائدات الاضافية للتحول إلى الطاقة النظيفة وتمويل برامج مكافحة الفقر.
والطاقة النظيفة قد تعني أيضاً الاستخدامات الأكثر فعالية والأقل هدراً للنفط نفسه، بما فيها التكنولوجيات الواعدة لجمع ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه. كما أنها تعني، بالتأكيد، مصادر الطاقة المتجددة، خاصة من الشمس والرياح. وقد أكدت المنظمات الأهلية العربية المجتمعة في البحرين على ضرورة استثمار جزء كبير من عائدات النفط العربية المتزايدة لامتلاك تكنولوجيات الطاقة المتجددة، خاصة أن الدول العربية، غنيها وفقيرها، تقع جميعها في نطاق الحزام الشمسي الأمثل لتوليد الطاقة النظيفة من الشمس.
بيان المنظمات الأهلية سيطرح فكرة جديدة في مجال الطاقة، وهي الحاجة إلى إعادة النظر في آلية تركيب أسعار النفط والضرائب المفروضة عليه، باعتباره مورداً معرّضاً للنضوب، مع أخذ الثمن البيئي في الحسبان. وهو يدعو الدول المستوردة للبترول إلى حفظ الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للدول المنتجة.
كما سيدعو البيان إلى تعاون اقليمي في مجالات أبحاث الطاقة وانتاجها وتوزيعها، لتأمين أعلى درجات الفعالية. وهذا يتضمن ''حرية'' مرور الطاقة عبر الحدود، فيتمكن لبنان، مثلاً، من الاستفادة من فائض الكهرباء المصرية المنتجة من الغاز الطبيعي. وأهم ما سيدعو إليه البيان في موضوع المواد الكيميائية هو منع الشركات المتعددة الجنسية من انتاج وتسويق مواد خطرة في البلدان النامية، إذا كانت محظورة في البلدان التي تقع فيها المراكز الرئيسية لهذه الشركات.
أما في موضوع أثر السياحة على البيئة، فسيدعو بيان المنظمات الأهلية إلى اعتماد الشفافية في دراسات الأثر البيئي، باشراك جميع الفئات المعنية في مراحلها المختلفة، واعطاء المجتمع الأهلي حق الاطلاع والاعتراض والمقاضاة. وتكتسب هذه المسألة أهمية خاصة مع انعقاد المنتدى في منطقة دهمتها مؤخراً عشرات المشاريع السياحية العملاقة، التي تجاوزت كثيراً من القواعد الأساسية في التعامل مع موارد الطبيعة.
منتديات دبي البيئية في شباط (فبراير) ،2006 الدولية والوزارية والأهلية، إنتظروها. فهي قد تأتي إلى قلب المنطقة العربية بخطاب لم تعهده من قبل.
|