Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
رأي
 
عبدالرحمن العطية دول مجلس التعاون والاهتمام البيئي  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2006 / عدد 100-101
 لعل من المصادفات الجميلة أن يوافق صدور العدد 100 من مجلة "البيئة والتنمية" احتفال الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بيوبيلها الفضي. فقد صادف يوم 25 أيار (مايو) 2006 مرور خمسة وعشرين عاماً على إنشاء المجلس. وبهذه المناسبة أسأل الله العلي القدير لهذه المجلة، الرائدة في مجال التوعية والإعلام البيئي، مزيداً من التقدم والازدهار مع تمنياتي لها دوام التوفيق والنجاح.
لا يخفى على القارئ الكريم أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية شهدت خلال العقود الثلاثة الماضية تنمية عمرانية وصناعية وزراعية كبرى، تمت بمعدلات نمو سريعة لعبت فيها عائدات النفط دوراً كبيراً وهاماً. وشهدت تلك الدول تطوراً في مجال الصناعة واستغلال الموارد الطبيعية بفضل أحدث أساليب العلم والتقنية. غير أن هذه النهضة كان لا بد لها من أن تفرز بعض الأضرار المتعددة والمتباينة على الأنظمة البيئية في منطقة دول مجلس التعاون، نجمت عنها مشاكل بيئية جديدة وتفاقمت بسببها مشاكل بيئية كانت موجودة أصلاً. وقد زاد من حدة تلك الأضرار آنذاك ضعف العلاقة بين التنمية والبيئة وعدم اكتمال السياسات والخطط الوطنية في القطاعات كافة. وبالتالي، فإن إدخال المكونات البيئية في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقييم الآثار البيئية لم يكن ممارساً ولم يكن من الإلزاميات الرسمية على صعيد المنطقة كلها.
وتحقيقاً للأهداف الأساسية لمجلس التعاون في التكامل التنموي بين الدول الأعضاء في جميع المجالات، ومنها مجال حماية البيئة والمحافظة عليها وعلى مواردها الطبيعية، وإحساساً بما تحتاجه دول المنطقة من تنسيق خططها التنموية في مجالات الصناعة والزراعة والعمران وغيرها مع ما تطلبه حماية البيئة والحفاظ على توازنها، وإدراكاً للتشابه في المشكلات والظروف التنموية والبيئية التي تعاني منها دول المجلس نتيجة للتجاور الجغرافي ومستوى التنمية الذي وصلت إليه، فقد صادق المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السادسة في قمة مسقط (1985) على الإطار الإستراتيجي للعمل البيئي على المستوى المحلي والإقليمي، ممثلاً بالسياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة التي انعكست آثارها الإيجابية على تنشيط عمل أجهزة حماية البيئة في دول مجلس التعاون، مما زاد من فعاليتها على الصعيد البيئي. وكثمرة لتلك السياسات، أقر الوزراء المسؤولون عن البيئة في دول المجلس خطة عمل أساسية عملت الأجهزة المعنية بالبيئة في الدول الأعضاء على تنفيذها بالتنسيق مع الأمانة العامة، من أجل إيجاد صيغة مناسبة علمية متفق عليها لحماية البيئة وصيانة مواردها الطبيعية، بشكل يتفق مع أهداف التنمية الشاملة المستمرة وتحقيقاً للاستفادة القصوى من إمكانات الدول الأعضاء بشرياً ومادياً وتطويراً لقدرات كل منها في العمل المحلي المشترك.
وفي ما يتعلق بخطة العمل البيئي المشترك التي أقرها الوزراء المسؤولون عن شؤون البيئة في دول مجلس التعاون، عملت الأمانة العامة من خلال التنسيق مع أجهزة حماية البيئة في الدول الأعضاء على بلورة جميع الجهود الفردية وتنسيقها ووضعها في قالب مشترك. وقد خرجت بالكثير من الأعمال المشتركة في المجالات المختلفة الخاصة بالبيئة، ومنها تنسيق السياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة وإستراتيجيات العمل البيئي. فصادق المجلس الأعلى في دورته السادسة المنعقدة في مسقط عام 1985 على الإطار العام للسياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة في دول المجلس، لتكون هي المنطلق ولبنة الأساس في وضع الاستراتيجيات والمشاريع المشتركة للعمل البيئي في المستقبل.
ولقد أجملت تلك السياسات في ثلاثة عشر بنداً غطت كل المجالات المختلفة التي تخدم البيئة وتراعي المردود البيئي وتمنع التأثيرات السلبية لمشروعات التنمية والتصنيع التي تقوم بها إحدى الدول على البيئة في الدول المجاورة. ولقد أكد البيان الختامي للدورة الرابعة عشرة للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون، المنعقدة في الرياض عام 1993، على أهمية مواصلة العمل المشترك لتقريب السياسات وتوحيد الأنظمة والتشريعات البيئية وتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية وتدريب الأطر البشرية ورفع مستوى الوعي البيئي بين المواطنين والحفاظ على الموارد الطبيعية.
تنسيق وتعاون وتكامل
حيث أن المشاكل البيئية والملوثات لا تعترف بالحدود الطبيعية أو السياسية، فان دول المجلس، الى جانب تنسيقها وتعاونها في إطارها الإقليمي، تؤمن أيضاً بأن لتوحيد مواقفها تجاه المنظمات الإقليمية والدولية مردودأ إيجابياً في دفع مسيرة العمل البيئي. وقد شاركت دول المجلس في التجمعات البيئية العالمية، وساهمت في التصدي الإيجابي لقضايا البيئة من خلال انضمامها الى العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية، لعل من أبرزها: اتفاقية الكويت لحماية البيئة البحرية من التلوث، واتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبوتوكول مونتريال وتعديلاته، واتفاقية الصندوق الدولي للتعويض عن الأضرار الناجمة عن التلوث بالنفط، واتفاقية حفظ أنواع الحيوانات البرية المهاجرة، واتفاقية الاتجار الدولي بالأحياء الفطرية المهددة بالانقراض، واتفاقية ماربول الخاصة بمنع التلوث البحري الناتج عن السفن. واتفاقية بازل بشأن النفايات الخطرة وتحركها عبر الحدود، واتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، واتفاقية الملوثات العضوية الثابتة POPs، واتفاقية اجراءات الموافقة المسبقة عن علم PIC، واتفاقية الكويت والبروتوكولات الملحقة بها، واتفاقية المحافظة على الحياة الفطرية بدول المجلس.
وفي ما يتعلق بالإجراءات التنفيذية للسياسات والمبادئ العامة لحماية البيئة، سعت دول مجلس التعاون لتحقيق التنسيق والتكامل في ما بينها، وتم إقرار العديد من الأنظمة والتشريعات والقوانين البيئية الموحدة، لعل من أهمها: النظام الموحد للتعامل مع المواد المشعة، النظام الموحد للتقويم البيئي للمشاريع، النظام العام للبيئة، النظام الموحد لإدارة النفايات، النظام الموحد لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بدول المجلس، المعايير والمقاييس البيئية في مجال الضوضاء والهواء والمياه العادمة، النظام الموحد لإدارة المواد المشعة، النظام الموحد لإدارة نفايات الرعاية الصحية، النظام الموحد لإدارة المواد الكيميائية الخطرة، إجراءات التنسيق بين دول المجلس في ما يخص عمليات نقل النفايات الخطرة عبر الحدود بينها.
في مجال وقاية صحة الإنسان من زيادة نسبة الجرعات الإشعاعية التي يحصل عليها من مصادر متعددة، بما في ذلك المواد الغذائية، تم إقرار الحدود المقبولة للتلوث الإشعاعي في المواد الغذائية والأعلاف الحيوانية، ويتم تطبيق تلك الحدود الآن من قبل أجهزة المراقبة في كل دولة. وفي مجال حماية صحة الإنسان وبيئته من أخطار المواد الكيميائية السامة والخطرة، تسعى الأمانة العامة مع دول مجلس التعاون لإنشاء نوذج لجهاز وطني لمراقبة وفسح إنتاج وتصريف ونقل تلك المواد.
كما اهتمت دول المجلس برفع مستوى الوعي البيئي لدى الفرد والمجتمع من أجل التصرف السليم تجاه البيئة ومقوماتها والحرص على حمايتها من الأخطار التي قد تلحق بها نتيجة السلوك غير الواعي تجاهها. فقد تم بالتعاون مع مؤسسة إنتاج البرامج المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية إنتاج 30 حلقة تلفزيونية خاصة بالتوعية البيئية، وذلك كخطوة أولى لسلسلة من برامج توعية أخرى مكثفة. وحرصاً على نشر الثقافة والوعي البيئي وتحفيز الأفراد والمؤسسات على الابتكار والابداع والتنافس في مجال حماية البيئة وتنميتها، تم تخصيص جائزة دورية لأفضل الأعمال البيئية.
وتم إعداد دليل متكامل عن الخبرات البيئية المتوفرة في مجال حماية البيئة في دول المجلس، ودليل عن الأجهزة التنسيقية والأجهزة التنفيذية لحماية البيئة فيها.
وتحقيقاً للتوافق والتكامل بين التنمية الشاملة والحفاظ على البيئة من ناحية ووضع رؤية واضحة وبعيدة المدى لصيانة الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة لضمان استمرار التنمية المتوازنة اقتصادياً واجتماعياً من ناحية أخرى، تعكف الأمانة العامة بالتعاون مع الدول الأعضاء على إعداد الإستراتيجية الإقليمية لحماية البيئة وموارها الطبيعية في دول المجلس.
وفي مجال مكافحة التصحر واستصلاح الأراضي ومقاومة آثار الجفاف، يجري العمل للاستفادة من خبرات الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية، لا سيما سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، من أجل إعداد البرامج سواء التدريبية أو العملية من أجل وقف الزحف الصحراوي. كما حرصت دول مجلس التعاون على التواصل مع المجموعات الاقتصادية، فقد تم التعاون مع الاتحاد الأوروبي في إنشاء محمية للحياة الفطرية في الجبيل بالمملكة العربية السعودية، بالإضافة الى تبادل الزيارات وعقد ورش عمل في مجال التخلص السليم من النفايات الخطرة ومنع التلوث النفطي.
وتحرص الأجهزة المسؤولة عن البيئة في دول المجلس على الاستفادة من قدرات جامعات المنطقة، سواء الخبرات أو الإمكانات، لتوظيفها ضمن إطار الإستراتيجيات البيئية المتفق عليها ووضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تعاني منها دول المجلس، وذلك من خلال إقامة الندوات والبرامج التدريبية وإعداد الدراسات المعنية بالبيئة.
وتعمل دول المجلس بالتعاون مع المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية لإقامة محطات مرافق استفبال مياه التوازن بغرض الانضمام الى اتفاقية ماربول وجعل الخليج منطقة بحرية خاصة. كما يتم في الوقت الراهن إعداد البروتوكول الخاص بإنشاء المحميات الخاصة والمحافظة على التنوع البيولوجي.
هموم بيئية عربية وعالمية
تواجه دول المجلس، كغيرها من الدول، العديد من المشاكل البيئية التي هي في حاجة لحلول ونظرة جادة للتغلب عليها ووضع لبنة متينة لحماية البيئة. وهذه المشاكل ذات طبيعة متشابهة ومتداخلة بين دول المجلس، ومن ضمنها النفايات الصناعية السامة والخطرة والإدارة المتكاملة للموارد المائية والتلوث الصناعي والتصحر والمشاكل التي تعاني منها التربة والبيئة البحرية وتدهور المناطق الساحلية الطبيعية، والتوعية البيئية وتدريب الكوادر الفنية. كما تشارك دول مجلس التعاون بقية دول العالم في تأثرها بالمشاكل العالمية، كالاحترار العالمي وتآكل طبقة الأوزون والمخلفات السامة والتنوع البيولوجي وانقراض الكائنات الحية والتلوث الصناعي وتلوث المياه الصالحة للاستخدام والتصحر والجفاف.
وقد شاركت دول المجلس في التجمعات البيئية العالمية، وأخذت بوجهة النظر العالمية حيال التصدي والتعاون تجاه القضايا البيئية، خصوصاً التي طرحت في مؤتمر قمة الأرض للبيئة والتنمية (ريو دي جانيرو 1992). ودعمت دول المجلس التوجه العالمي في العديد من الاتفاقيات وبنود جدول الأعمال الخاصة بالمؤتمر، إذ أن النظرة المستقبلية في الدول متفقة مع التوجهات العالمية حيال القضايا الملحة على ساحة البيئة اليوم، ومن خلال تنفيذ ما أمكن من برنامج القرن الحادي والعشرين.
أما بالنسبة الى الهموم البيئية العربية، التي هي أيضاَ متماثلة من حيث التلوث والمياه والتصحر وغيرها من القضايا التني تخص الإقليم العربي، فإن دول المجلس لم تغفل هذا الجانب، وذلك من خلال البيان العربي عن البيئة والتنمية وآفاق المستقبل الصادر عن المؤتمر العربي الوزاري للبيئة والتنمية.
من خلال ما سبق، نجد أن المشاكل متشابهة بين الأقطار والأقاليم. ومن أجل أن نضع لبنة قوية لحماية البيئة وصيانة مواردها في دول مجلس التعاون، من الواجب أن نبدأ بضم الجهود وعدم ازدواحية العمل سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي. أن كل جهة من الجهات، سواء كانت منظمة إقليمية أو عالمية، ما هي إلا مكملة للبنية الأساسية، وهي جهات حماية البيئة في الدول. وبالتالي، فإن هذه الأجهزة ستكون عليها مشؤوليات أقل في متابعة القضايا الإقليمية والدولية، كما أن الدور المطلوب منها لمعالجة المشاكل يكون واضحاً، والتوجهات لجميع المؤسسات البيئية تكون واحدة، وقوة هذه المؤسسات تجاه الجهات المختصة بالبيئة تكون مركزة ومؤثرة.
وعليه، لا بد من التنسيق التام في جميع المشاكل البيئية بين هذه المنظمات والهيئات الدولية أيضاً بما يعود بالنفع على حل هذه المشاكل وتنمية البيئة الى الأفضل في طريق التنمية المستدامة.
إن التوجه السليم في معالجة القضايا البيئية المشتركة هو ضم جميع هذه الجهود ـ جهود الدول والمنظمات الإقليمية والدولية ـ في بوتقة واحدة تضع على عاتقها وضع استراتيجية لحماية البيئة في دول مجلس التعاون تتضمن خطة عمل شاملة للتصدي للمشاكل البيئية.
بقلم عبدالرحمن العطية، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.